ملكة بريطانيا تطلب مساعدة الدولة المخصصة للفقراء لتدفئة قصرها
يبدو أن الأزمة المالية التي ألقت بثقلها على معظم بقاع العالم وقلبت موازين الاقتصاد العالمي لم تستثن حتى الملوك والأثرياء في أغنى دول العالم.
وهذا ما دفع ملكة بريطانيا إليزابيث الثانية إلى التقدم بطلب رسمي إلى الحكومة البريطانية تطلب فيه من الوزراء مد يد العون لها لمساعدتها في دفع فاتورة الغاز لكي تتمكن من تدفئة قصر باكنغهام (مقرها الرسمي) في لندن. وهذا الطلب يعرف باسم «منحة الفقراء» أو بمعنى آخر، تقدم الدولة هذا النوع من المساعدة للمسنين وأصحاب الدخل المنخفض ويخصص المبلغ لمساعدة هؤلاء في دفع فواتير الغاز التي ارتفعت في الآونة الأخيرة بنسبة 50 في المائة.
يشار إلى أن قيمة فواتير الغاز التي دفعها المواطنون في بريطانيا في موسم الشتاء الماضي كانت محط المناقشة في البرلمان وتصدرت عناوين الصحف بعد أن ارتفعت بشكل كبير، وساهمت الأحوال الجوية الباردة جدا هذا العام في تفاقم المشكلة، فشهد الغاز استهلاكا غير مسبوق في بريطانيا بسبب انخفاض درجات الحرارة وتساقط الثلوج حتى في العاصمة لندن مما أجبر الناس على استعمال التدفئة التي تعمل على الغاز في المنازل بشكل متواصل وهذا ما حصل أيضا مع الملكة إليزابيث التي توجب عليها دفع فاتورة غاز بقيمة أكثر من مليون جنيه إسترليني (في عام واحد)، وهذه الفاتورة كانت بمثابة الشرارة للأزمة المالية داخل القصر الملكي.
وتقدم مساعدو الملكة في قصرها أول من أمس بالطلب بعد أن شرحوا في خطابهم أن المبلغ المخصص للملكة من قبل الحكومة البالغ 15 مليون جنيه إسترليني (23 مليون دولار) في السنة ليس كافيا لسد فواتير ضخمة لا مفر من تكبدها، ويرون أن هذا المبلغ لا يتناسب مع مستوى المعيشة الحالية في بريطانيا والغلاء الفاحش.
والمبلغ الذي تساهم به الحكومة لمساعدة الملكة هو من ضمن مبلغ إجمالي قدره 60 مليون جنيه إسترليني (90 مليون دولار) وهو مخصص للعائلات الفقيرة أو لهؤلاء الذين يعيشون على حافة الفقر وللمستشفيات والمؤسسات التي تعنى بتأمين السكن على حساب الدولة.
وهذه ليست المرة الأولى التي تتقدم فيها الملكة بمثل هذا الطلب، إذ حاولت في عام 2004 طلب المساعدة من الحكومة إلا أنها لم تلق الموافقة التي كانت تتمناها، وسبب الرفض جاء بسبب مخاوف الوزراء من ردة فعل سلبية من المواطنين في بريطانيا ولتفادي تردي العلاقات ما بين الشعب والعائلة المالكة، لأن الملكة في بريطانيا تعيش على حساب الشعب الذي يقدم لها مبلغ 38.2 مليون جنيه إسترليني سنويا من الضرائب التي يدفعها للدولة، ويرى بعضهم أن هذا المبلغ كاف لتأمين حياة تليق بالملكة.
يشار إلى أن الملكة تقدمت بهذا الطلب من جديد بعد أن أجبرت على التوقيع على معاهدة تنص على منح الحكومة الحق في التدخل والرفض فيما يخص إنفاق الملكة. وبهذا تتمتع الحكومة البريطانية بالسلطة المطلقة في التحكم في مصروف الملكة المادي لأنها هي من تقدم المال لها، وبالمقابل يتوجب على الملكة تقديم الفواتير وكشف الحساب بالكامل سنويا.
وبحسب ما نشرته صحيفة «الإندبندنت» فإن نائب أمين الصندوق في قصر باكنغهام بعث برسائل إلى قسم الثقافة والإعلام والرياضة للتبرع بمبلغ مادي بسبب حاجة القصر لتغيير 4 أجهزة تدفئة في كل من قصر باكنغهام وقصر ويندسور.
ومن ضمن مبلغ 38.2 مليون جنيه الذي تحصل عليه الملكة سنويا من قبل الحكومة، هناك مبلغ 7.9 مليون جنيه كمنحة سنوية من خزانة الدولة وهذا المبلغ خاص بنفقات الملكة الشخصية بما في ذلك أجور الموظفين لديها. وإضافة إلى ذلك تحصل الملكة أيضا على مبلغ 19.7 مليون جنيه إسترليني من أقسام أخرى لسد نفقات السفر وإصلاحات البناء في القصر. و400 ألف جنيه إسترليني لتسديد فواتير الهاتف والاتصالات.
وأثار طلب الملكة أول من أمس ردات فعل كثيرة، فهناك من يرى أن الوضع الاقتصادي في بريطانيا لا يتحمل أعباء إضافية، ويرى هؤلاء الذين يرفضون مبدأ النظام الملكي في بريطانيا أن هذه المصاريف غير ضرورية، وفي الوقت نفسه يرى بعضهم أن الملكة هي رمز المملكة المتحدة وهي تملك عدة قصور وهذا الأمر يتطلب الكثير من الإنفاق المادي ويجب على الدولة أن تساند الملكة لأن وجود العائلة المالكة في بريطانيا يشكل جاذبا سياحيا مهما ويدر على الاقتصاد الكثير من المال.