رغم مشاركتهم المحدودة في الدراما المصرية .. حظر سعودي للمصريين في الدراما الخليجية
يسود توجه في الأوساط السعودية حاليا من أجل حشد تأييد خليجي لقرار يصدر بتحجيم تواجد الفنانين المصريين في الدراما الخليجية ما لم تتراجع نقابة الممثلين المصريين عن قرارها بتحجيم تواجد الفنانين العرب في الدراما الخليجية.
وبرغم أن الفنانين الخليجيين لم يكونوا المقصودين بالقرار المصري، كما أن مشاركتهم محدودة في الأعمال الفنية المصرية؛ إلا أن المفاجأة جاءت من السعودية بقيام الممثل والمنتج السعودي حسن عسيري بتوجيه نداء عاجل إلى وزير الثقافة والإعلام السعودي، وإلى جمعية المنتجين السعوديين باتخاذ موقف مماثل للقرار المصري.
عسيري طالب في ندائه وزارة الثقافة والإعلام السعودية بمقاطعة إنتاج أي دولة تنتهج الأسلوب الذي اتبعته نقابة الممثلين المصرية، داعيا الوزارة إلى إجبار القنوات المصرية على عرض 10 أعمال سعودية في مقابل 100 عمل مصري يعرض في التلفزيون السعودي.
وقال العسيري -في تصريحات نشرتها صحيفة الرياض-: "نحن كسعوديين نتعايش مع الجميع، وكذلك شعوب الخليج والوطن العربي شعوب منفتحة، وتحب تبادل الثقافة، بينما الإخوة المصريون منعوا في لوائحهم الرسمية مشاركة أي عربي في المسلسلات المصرية".
وأكد أن قرار المنع هذا ليس جديدا كما قد يتوهم البعض، بل هو موجود منذ سنوات، وإن لم يعلن بصراحة. وقال: "أذكر أن زميلنا الفنان ماجد العبيد قد أنتج مسلسلا بعنوان "الثعبان"، وطلبوا منه أن "يمنتج" شخصية السعودي الذي في المسلسل، لكي يعرضوه على الشاشة المصرية، فالقانون متأصل ضد العرب منذ البداية".
وحث عسيري جمعية المنتجين السعوديين على أن تكثف اتصالاتها مع نقابة الفنانين المصريين لإيقاف هذا القرار، مشيرا إلى أنه في حال رفضها الاستجابة فيجب منع أي مصري من العمل في الإنتاج السعودي، سواء دراما أو مسرح.
وطالب وزراء الإعلام العرب بأن يتخذوا الموقف نفسه من التلفزيون المصري، وأن يمنعوا الممثل المصري من العمل في منطقة الخليج في صنوف الفن كافة.
غسان وأيمن ودرة
يأتي ذلك في وقت أعلن فيه الفنان السوري عباس النوري تأييده لقرار نقيب الممثلين المصريين؛ إذ رأى النوري -بطل المسلسل الشهير "باب الحارة"- أنه من حق نقيب الممثلين المصريين الدكتور أشرف زكي أن ينظم عمل الممثلين الأعضاء بها.
وقال -في تصريحات لجريدة "الطريق" الأسبوعية-: إن "القرار جيد، ومعهم حق فيه، لأن أعضاء النقابة لهم حقوق، والممثل المصري بدأ يعاني من توافد الممثلين العرب بكثرة للعمل بالقاهرة، ولكن يجب التفريق بين ممثل وآخر، وهل هناك ممثلون يكفيهم عمل واحد كل سنة أم لا؟".
وفي المقابل، رأت الفنانة التونسية الشابة "درة" في القرار تراجعا عن التعاون الفني العربي الذي شهد ازدهارا في الفترة الأخيرة، والمتمثل في ظاهرة الإنتاج العربي المشترك، وقيام ممثلين عرب من الأقطار العربية كافة بالمشاركة في أعمال فنية بالخليج وبلاد الشام ومصر، وقالت: "كنت أتمنى أن يستمر هذا التعاون العربي، لما يحققه للفن بصفة عامة من ثراء فني".
وأضافت درة: "مصر طوال تاريخها تفتح ذراعيها للمواهب العربية من جميع الأقطار، ولم يقل أحد إن صباح لبنانية مثلا، بل إن عبد الحليم حافظ يُعد من أفضل المطربين لدينا في تونس، ونحن نعتبره تونسيا، والذي يقال دائما الفنان العربي فلان، وهو الأهم فكلنا أمة واحدة ولنا ثقافتنا المشتركة، ونعمل جميعا كفنانين من أجل شيء واحد، وهو إمتاع وإسعاد الجمهور".
وفي حين يتحدث الجميع عن قرار الحظر، وسبل إقناع نقابة الممثلين المصرية بالتراجع عنه لما فيه مصلحة للفن المصري والعربي بشكل عام، كشفت مشاركة الفنان السوري أيمن زيدان في مسلسل "نسيم الروح" عن تحايله على القرار، وذلك بعد أن تعاقد على القيام ببطولة عمل درامي ثانٍ بعنوان "بيت الباشا".
ويظهر زيدان في "نسيم الروح" كضيف شرف فقط -برغم أن العقد لم ينص على ذلك- لكن الاقتراح برره منتج العمل بأنه نوع من التحايل على قرارات أشرف زكي من التعاقد على أكثر من عمل واحد في العام.
ناقد مصري يستشهد بمسعود
من ناحيته، انتقد الناقد المصري طارق الشناوي قرار الحظر، واتهم زكي بأنه "ليست لديه رؤية سياسية، ولا فنية، ولا تجارية، ولا حتى حضارية".
ورأى أن نقيب الممثلين المصريين يرغب في التراجع عن قراره، لكنه يخشى أصوات الناخبين، ويفكر في الانتخابات القادمة، معتبرا أن زكي يبحث الآن عن طريقة لا تظهره، وقد تراجع في قراره بشكل صريح.
الشناوي انتقد بشدة تضمن القرارات الأخيرة اشتراط أن يكون الممثل العربي الراغب في العمل بمصر عضوا في نقابة بلاده، وحاصلا على تصريح منها للعمل في مصر، مؤكدا أنه قرار غير منطقي، ويعقد الإجراءات.
وضرب الناقد المصري مثلا بالممثل السوري "غسان مسعود" الذي أدى دور صلاح الدين الأيوبي في الفيلم العالمي (مملكة الجنة)، وكونه غير نقابي، وليس نجما، لكن شاهده "ريدلي سكوت" المخرج العالمي، واستشعر موهبته، وعرض عليه الدور، ونجح فيه، والآن يشارك في 4 أفلام عالمية، برغم أنه لم ينضم حتى الآن إلى النقابة.
الجامعة العربية تدعو للتدارك
بينما تتباين مواقف الفنانين العرب من القرار، دعت جامعة الدول العربية -بيت العرب- الثلاثاء 29 أبريل/نيسان إلى التعمق في دراسة قرار نقابة الممثلين المصريين بوضع سقف لعمل الفنانين العرب في مصر.
وقال بيان للجامعة: إنها تتابع باهتمام كبير النقاش الجاري حول هذا القرار، وترى أن هذا القرار يتطلب التعمق في دراسته ودراسة آثاره وانعكاساته".
وأشار البيان إلى أن الإجراءات الوقائية لن تساعد في إحياء أمجاد السينما المصرية أو العربية، كما لن تساعد على نمو الإبداع والتجديد، بل ستفتح الباب نحو انغلاق يمس مختلف مجالات الفنون، وهو ما يتطلب حوارا موضوعيا متعمقا، بما يحقق ما تبتغيه للفن والثقافة العربية.
وأعادت الجامعة العربية للأذهان التذكير بأن أمجاد السينما العربية منذ نشأتها تحققت بفعل عناصر عدة، كان من بينها حرية انتقال المواهب العربية السينمائية إلى مصر، مستشهدة بالمبدع بيرم التونسي، وأمثال الفنان القدير نجيب الريحاني، والمسرحي الشهير جورج أبيض، وبالمطربين الممتعين فريد الأطرش، وأسمهان، بالإضافة إلى قائمة طويلة من المواهب في مجال المسرح والسينما والأغنية، من أمثال فايزة أحمد، ووردة الجزائرية، ونجاح سلام، وصباح.
من جهتها أصدرت وزارة التجارة الخارجية المصرية بيانا في وقت سابق، نددت فيه بقرارات نقيب الممثلين، معتبرة إياها "تتناقض مع اتفاقيات وقعتها مصر مع الدول العربية الأعضاء في منظمة التجارة العالمية".