شائعات الفنانين .. من يصنعها ومن يروج لها ؟
قبل عدة أيام أغلقت الفنانة أنغام هاتفها المحمول لساعات طويلة، كان الهدف من ذلك أخذ قسط من الراحة وقضاء وقت مع ابنيها بعيدا عن إزعاج رنين الهاتف، لكن من دون مقدمات انطلقت شرارة شائعة وفاتها عبر رسالة قصيرة أرسلت من هاتف مجهول إلى أصدقائها في الوسط الفني يقول فحواها: «البقاء لله، توفيت اليوم الفنانة أنغام وتشيع الجنازة غداً»، وواكب إرسال الرسالة إغلاق أنغام لهاتفها المحمول وهو ما جعل من المستحيل التأكد من صحة الرسالة، لتنتشر الشائعة بشدة بين الفنانين.
ولن تكون أنغام أحدث ضحايا شائعات موت الفنانين، بعد ما حدث الشهر الماضي مع الفنان حسن حسني والفنان طلعت زكريا، فالأول اضطر للخروج مع زوجته والظهور في عدد من الأماكن العامة لنفي الخبر بعدما انتشر بشكل كبير، والثاني ظن الكثيرون وفاته بالفعل بعدما أعلنت الممثلة هند عاكف الخبر عبر إحدى المحطات الفضائية التي كانت تجري معها حوارا فنياً، مؤكدة تلقيها الخبر عبر رسالة على هاتفها المحمول.
وقد ساعد مرض زكريا وتلقيه العلاج حتى هذه اللحظة في أحد المستشفيات بالقاهرة، على انتشار الشائعة وتأكيدها، إلا أن زوجة طلعت نفت الفكرة وأكدت استقرار حالته الصحية.
وتختلف شائعات الوسط الفني، التي لا تنتهي، في مصادرها وتأثيرها ومدى تقبل الفنانين لها، البعض يستنكرها ويعلن أنها تضر به أكبر ضرر، والبعض يطلقها كلما اختفى ضوء الشهرة والنجومية من حوله، وآخرون يمتنعون عن التعامل معها أو الرد عليها من الأساس، إلا أنها وفي النهاية تظل ظاهرة يمكن للملاحظ التوقف عندها وتأملها.
في الخليج ايضا الشائعات لا تنتهي، فهي لا تنحصر على الكبار، بل حتى الجيل الجديد يتعرضون للشائعات، مثلا الفنانان أبو بكر سالم ومحمد عبده، اكثر المتعرضين لشائعة الوفاة، ولا تخلو شائعات الطلاق والزواج لاكثر نجوم الغناء خاصة في السعودية، ومنهم راشد الماجد وعبد المجيد عبد الله وخالد عبد الرحمن، حتى أن بعض المجلات تنشر اخبارا مصاحبة بصور توضع على الاغلفة لترويج المجلات، بالاضافة إلى نشر اعلانات مكثفة في الصحف الرسمية.
حتى ان احدى المجلات وضعت على غلاف مجلتها الشهرية زواج راشد الماجد من الممثلة البحرينية زينب العسكري، ناهيك عن الصورة التي تم تركيبها وهي تضم راشد الماجد بكامل اناقته وبالزي التقليدي في مثل هذه المناسبات ممسكا بيد زينب التي ترتدي فستان الزفاف الابيض، والصحافي المجتهد كتب داخل العدد انها مجرد خدعة وسماها «كذبة ابريل».
الغريب في الامر، ان المجالس في الخليج والوطن العربي ومنتديات الانترنت تناقلت الخبر وروجته من دون الالتفات لعدم مصداقيته، مما سبب الضرر لاصحاب الشأن.
الفنانة فيفي عبده التي اشتهرت بصراحتها وجرأة حديثها قالت ان «الفنان لا يغضب من الشائعات إلا في حالة واحدة هي أن تكون الشائعة عن الوفاة أو الإصابة بمرض يمنعه من العمل، لأن هدفها في هذه الحالة يكون تقليل الطلب على الفنان في الوسط الفني، وليقتنع المنتجون أنه مريض لا يمكن المغامرة بالتعاقد معه».
وتضيف: «عدا شائعات الوفاة والمرض، فإن النجمات يفرحن بأي شائعة تطالهن حتى شائعات الزواج والطلاق، لأنها تحقق لهن رواجا على صفحات الجرائد، كما أنها لا تضر بهن إلا في حالات قليلة فقط عندما تدور الشائعة عن علاقة عاطفية برجل أعمال أو زيجة غير رسمية، وكل هذه الأمور يسهل على الصحافيين والجمهور تصديقها».
وعلى الرغم من توجيه الاتهام لبعض الفنانات بترويج الشائعات حولهن لجذب الانتباه إليهن، فإنه ما زال من الصعب حتى الآن تحديد مصدر إنطلاق كل شائعة، لكن الأسهل هو معرفة سبب انتشارها، وهو ما يفسر لماذا تموت شائعة سريعاً، وتستمر أخرى لفترة أطول. مثل شائعة وفاة الفنان الشاب محمد حماقي التي انطلقت عبر مواقع الإنترنت التي يزورها جمهور النجم الصاعد، وهي شائعات انتهت سريعاً بطريقة «داوني بالتي كانت هي الداء»، حيث لجأ حماقي إلى موقعه على الإنترنت لنفي الخبر.
أما الفنانة نبيلة عبيد فكان عليها العودة أولا من أميركا لكي تعلن كذب خبر وفاتها الذي انطلق في الصيف الماضي، فيما عانت ماجدة الصباحي من انتشار خبر يحدد المسجد الذي خرجت منه جنازتها لأن البعض خلط بينها وبين زميلتها الراحلة ماجدة الخطيب.
أما سبب انتشار شائعة وفاة صباح في مصر، فكان طريفاً للغاية، حيث عرضت إحدى المحطات الفضائية بالصدفة برنامجا وثائقيا عن الصبوحة، فظن المشاهدون أن ذلك يعني وفاة نجمة مصر ولبنان، وهو ما تم نفيه.
وعلى الرغم من عبارة «غير مؤكد»، التي تصحب بعض الأخبار التي تنشر عن الوسط الفني في العديد من الصحف الفنية العربية، إلا أن القراء غالباً ما يميلون إلى تصديق تلك الأخبار من باب «لا يوجد دخان من غير نار». وهو ما يجعل تلك الأخبار تندرج تحت قائمة الشائعات التي يتناقلها الناس ويضيفون إليها، بخاصة في ما يتعلق بشائعات الزواج والطلاق والخلع.
وبينما تأكد خبر زواج الفنانة إلهام شاهين أخيراً من رجل أعمال مصري بعد رفضها التعليق على الشائعة، فإن الفنانة بوسي عانت أخيراً من شائعة زواج ثبت عدم صحتها. علماً بأن بعض شائعات الزواج والطلاق تتحول لحقائق بعد فترة، مثلما حدث مع رانيا فريد شوقي التي اعتذرت للصحافة لنفيها المسبق خبر زواجها من الفنان مصطفى فهمي، مبررة ذلك بأنها رغبت في أن يتم الزواج في هدوء وسرية. وهو ما سبق وحدث مع شائعة زواج أصالة وطارق العريان، اللذين نفياها في البداية، ثم عادا واعترفا بها للجميع. أما شائعات الطلاق فقد أصابت الفنانات بالملل على حد قول غادة عادل وياسمين عبد العزيز ومنى زكي، وكلهن تعرضن لها بشكل موسمي غالباً ما يتزامن مع عدم ظهور الزوج في حفلات عامة مع زوجته، أو نشر أخبار عن غضب الزوج من مشهد ساخن لزوجته مع فنان آخر.
ومن بين الشائعات التي لا يمر شهر من دون ظهورها، شائعة حجاب فنانة ما واعتزالها الفن، وهو ما تكرر مع كل الفنانات تقريباً، خصوصاً منى زكي ومي عز الدين، وغالباً ما يستخدم مروج الشائعات صورة من عمل فني تظهر فيها الفنانة بملابس الحجاب لتأكيد الخبر.
على مستوى المطربين عانى عمرو دياب من شائعات عديدة كانت أولاها اصابته بالإيدز، وهو في عز انطلاقه منتصف التسعينات، وآخرها كان الاعتزال والتصوف إثر وفاة صديقه أشرف مسعود المفاجئة، وهو ما تكرر مع محمد فؤاد أيضا بسبب اختفائه الطويل، بينما كانت اغرب شائعة من نصيب بهاء سلطان الذي اتهم بالجاسوسية.
ويصبح السؤال: لماذا يتجاوب الجمهور مع شائعة الفنان أكثر من أي شائعة أخرى؟.. يجيب عن ذلك الدكتور أحمد عبد الله، أستاذ الطب النفسي بجامعة الزقازيق، بقوله إن «الفئات الأقل تعليماً بين الجمهور على استعداد لتقبل أي خبر عن الوسط الفني وتصديقه للوهلة الأولى من دون تفكير، وذلك بسبب تراكمات طويلة متعددة المصادر، أولها حدوث مواقف تشبه تلك الشائعات في السابق، فإذا كانت الشائعة عن زيجة سرية لفنانة، فإن تلك الفنانة أو زميلاتها قد أعلن من قبل أنهن قبلن بزيجات سرية في فترات ماضية، لهذا يصدق الجمهور الخبر الجديد حتى لو كان غير صحيح، وهو ما ينطبق على شائعات الطلاق والخلع مثل شائعة طلب بوسي شلبي الخلع من زوجها محمود عبد العزيز، رغم أنها غير صحيحة، كذلك تتعامل تلك الفئة من الجمهور مع نوعية من الصحف والمحطات الفضائية التي لا تسعى للتأكد من الأخبار المنشورة خلالها، بل ان معظم الصحف الصغيرة تنشر الخبر رغم التأكد من عدم صحته لجذب الانتباه، وعلى اعتبار أن الفنانين نادراً ما يتجهون للمحاكم لرفع قضية ضد ما ينشر عنهم من اخبار كاذبة.
وهو عكس ما يحدث في الغرب، فكل فنان يأخذ حقه من الصحيفة التي تنشر خبراً مغلوطاً عنه من دون دليل.
ويضاف إلى كل ما سبق، انتشار وسائل عديدة وسهلة تمر من خلالها الشائعة، ليس من خلال الانترنت فقط كما يعرف الجميع، لكن هناك وسيط إعلامي خطير هو «شريط الرسائل القصيرة» في المحطات التلفزيونية الفضائية الجديدة، حيث من حق أي شخص إرسال ما يريد طالما لم يتخط الآداب العامة، فماذا لو أرسل شخص يقول «أتمنى الشفاء للنجم فلان»، بالتالي ينتشر خبر مرضه، سواء كان صحيحاً أو لا.