أعاني من مشكلة ترجيع المريء منذ نحو عشر سنوات، بم تنصح؟

هذا ملخص الأسئلة الواردة في رسالتك، وعرضك لمتابعاتك مع الأطباء خلال العشر سنوات الماضية والفحوصات والمناظير التي أجريت لك. والمشكلة الصحية حينما يطول أمد المعاناة منها فإنها تتطلب من الإنسان قراءة هادئة لفهم المشكلة وكيفية التعامل معها وما هي الوسائل المتوفرة لمعالجتها.


وبداية لا يُوجد لدى البشر علاج جذري لأي مشكلة صحية يُزيلها في لحظة، وخاصة حينما يطول أمد المعاناة منها، ولذا علينا أن نتذكر أن المريء هو أنبوب يمر الطعام واللعاب والماء من خلاله في الرحلة من الفم إلى المعدة. وكثيرا ما نبلع قطع الأطعمة، ولذا يتطلب مرورها من هذا الأنبوب الضيق نسبيا، والمغلق في غالب الأوقات، أن نجعل الطعام ممضوغا جيدا وممتزجا باللعاب اللزج، كي يمر بسلاسة ويصل إلى المعدة.

ونحتاج أن ننظم عملية البلع بطريقة تجعل المريء يتحرك كي يدفع الطعام بطريقة مريحة إلى المعدة. ونحتاج أن نتناول الأطعمة غير المؤذية للمريء. ونحتاج أن ندع المريء والمعدة يرتاحان في قيامهما بعملها، بمعنى إبقاء الجسم في هيئة منتصبة نسبيا إلى حين فراغ المعدة من تصريف ما تجمع فيها من أطعمة.

المريء عبارة عن أنبوب عضلي، تتحرك قطع الطعام أو كميات الشراب من خلاله نتيجة لانقباضات وارتخاءات متعاقبة يقوم بها المريء، أي ما يُعرف بالحركة الدودية. هذه الحركة الدودية مكونة من حركات متناغمة تتطلب وقتا. ولا يُدرك المرء أهمية تناغمها إلا حين مواجهة صعوبات في عمل المريء. ولذا نعود إلى التعامل مع المريء برفق كي يقوم بعمله، والأهم كي يتعافى من أي اضطرابات ألمت به.

ما يتجاوز المريء ويصل إلى المعدة يجب منع عودته إلى المريء، وهذا ما تقوم به حلقة من العضلات العاصرة في أسفل المريء، أي في بداية فوهة المعدة. وانقباض هذه الحلقة من العضلات العاصرة هو الضمانة لعدم تسريب محتويات المعدة صعودا مرة أخرى إلى المريء. ومحتويات المعدة حامضية بطبيعتها نظرا لأن المعدة تفرز عصارة حامضية قوية. وبطانة المريء ليس ذات قدرة على مقاومة الأحماض الحارقة هذه، بخلاف بطانة المعدة. ولذا لا نشعر عادة بحمضية عصارة المعدة حينما تكون المعدة خالية من الالتهابات وحينما لا توجد عصارة المعدة في المريء.

ولذا تعود المعالجة لحالات تسريب أو ارتداد الأحماض من المعدة إلى المريء، إلى العمل على عدة جوانب، أولها عدم ارتخاء الحلقة العضلية العاصرة في أسفل المريء. وثانيها تخفيف درجة حمضية عصارة المعدة، وثالثها معالجة الالتهابات التي قد تنشأ في المريء نتيجة للتأثير الحرق لعصارات المعدة. ورابعها تهيئة الوضعية المناسبة لإتمام المعدة والمريء عملهما بُعيد تناول الطعام. وخامسها تناول الأطعمة التي لا تُؤذي المريء.

ولذا تلاحظين أن نصائح الأطباء تشتمل على خفض وزن الجسم، كي يقل حجم البطن الذي يضغط على المعدة ويدفع العصارة للتسريب إلى المريء. وتشتمل على تناول وجبات الطعام المعتدلة الكمية وتقسيم تناول الطعام إلى خمس وجبات بدلا من اثنتين أو ثلاث. وعدم النوم أو الاستلقاء مباشرة بُعيد تناول الطعام. وكل هذا يهدف إلى إعطاء المريء والمعدة راحة لإتمام عملهما في هضم الطعام وتصريفه إلى الأمعاء الدقيقة. وتشتمل كذلك على تجنب تناول الأطعمة أو المشروبات الحارة أو المحتوية على مواد مؤذية لبطانة المريء أو مواد تتسبب بارتخاء العضلة العاصرة في أسفل المريء.

ومن أمثلة المواد التي تتسبب بارتخاء تلك العضلة العاصرة النعناع أو الكافيين أو السكريات وغيرها. ومن أمثلة المواد المؤذية لبطانة المريء الثوم والبصل والحمضيات والكحول والفلفل والتوابل الحارة وغيرها. كما تشتمل على وصف أدوية معينة تُقلل من إنتاج المعدة للأحماض، وأيضا إعطاء راحة للبطن بعدم ارتداء الملابس الضيقة الضاغطة على البطن.