متى لا يكون النسيان علامة على الإصابة بالـ«ألزهايمر»؟
الشكوى من النسيان أحد الأمور الشائعة، والتي تتطلب التوضيح. وبداية؛ فإن كل إنسان عرضة لنسيان أمور متعددة من آن لأخر، وتذكر الأشياء والأحداث من الطبيعي أن يصبح أكثر صعوبة كلما تقدم أحدنا في العمر. ومع هذا، هناك أنواع من النسيان وتدني قدرات الذاكرة التي قد تدل على حدوث شيء غير طبيعي في طريقة عمل الدماغ، مما قد يعني أن ثمة اضطرابا ما فيه. ولذا يبقى التساؤل كما يقال «مشروعا» و«مبررا» حينما يلاحظ أحدنا على نفسه أو لدى أحد ممن حوله تدنيا في قدرات الذاكرة أو تكرار النسيان.
وتذكر المصادر الطبية، في الولايات المتحدة وأوروبا، عددا من العلامات التحذيرية التي متى ما رافقت الشكوى من النسيان أو تدني قدرات الذاكرة، فإنه يجب عدم إهمال الأمر ومراجعة الطبيب لاستشارته حوله. وهي: حدوث نسيان الأمور والأشياء بشكل مفاجئ وبوتيرة أكثر تكرارا مما كان عليه الحال المعتاد للمرء، ومواجهة صعوبات في أداء المهام وتذكر تفاصيل طريقة القيام بها، خاصة المهام التي تعود المرء القيام بها مرات ومرات خلال حياته اليومية وبشكل روتيني متكرر، ثم مواجهة صعوبات في تعلم أداء مهام جديدة، بدرجة لم يعتد المرء عليها من نفسه، وكذلك ملاحظة المحيطين بالشخص أنه أصبح يكرر ذكر أحداث معينة ويخبر عن قصص ويذكر عبارات بشكل متكرر خلال الحديث مع الناس، ومواجهة صعوبات غير معتادة من المرء في التعامل مع المال وكيفية استخدامه أو في اتخاذ القرارات في الحياة اليومية، ومواجهة صعوبات في الحفاظ على التسلسل الطبيعي لذكر الأحداث التي تقع في الحياة اليومية خلال اليوم.
ومن المهم ملاحظة أنه على الرغم من أن هذه العلامات التحذيرية هي بالفعل واضحة في دلالتها على أنه ربما ثمة أمر ما غير طبيعي في احتفاظ الدماغ بقدرات طبيعية للذاكرة وعدم النسيان، فإن تأكيد حدوثها بالفعل لا يجزم به فقط الشخص الذي يعيش مع ذلك الإنسان، بل يتطلب الأمر عرض المشكلة على المختص الطبي كي يراجع الأمر ويتأكد من حقيقة وجود ما قد يتطلب مزيدا من الفحص لقدرات الذاكرة واحتمال وجود اضطرابات في القدرات الذهنية.
إن دماغ الإنسان يعمل بطريقة مشابهة لنظام الكومبيوتر في وضع المعلومات بطريقة تتبع درجة الأهمية في ملفات.. وحين التذكر، تسحب المعلومة من الملف الذي اختزنت فيه، ومن الطبيعي أن ينسى المرء أو يواجه صعوبة في سحب المعلومة من الملف، مثل أين وضع أحدنا مفاتيح السيارة أو متى اشتراها، ولكن نسيان كيفية قيادتها أو كيفية استخدام الهاتف الثابت للاتصال برقم مكتوب أمامه، يدل على مشكلة في الذاكرة. والأسباب قد تكون مرض ألزهايمر أو نوع آخر من مشكلات العته المرتبطة بالشرايين الدماغية، أو ناتجة عن اضطرابات في الحالة النفسية التي لا تعكس وجود اضطراب عضوي في الدماغ نفسه، أو حصول خلل في عمل الغدة الدرقية، أو كنتيجة عكسية لتناول أحد أنواع الأدوية .. أو غيرها من الأسباب. كما تجدر ملاحظة أن التدهور الطبيعي في قدرات الذاكرة مع التقدم في العمر لا يمنع المرء من عيشه حياته بشكل طبيعي ومن قيامه بإنتاجية عالية ومفيدة، بل قد يستغرق المرء وقتا أطول نسبيا في تذكر أسماء الأشياء مثلا.
أما الأشخاص الذين لديهم تدهور في الذاكرة بما لا علاقة له بالتقدم في السن، مثل ألزهايمر أو غيره، فلا يتمكنون من الإنتاج والمشاركة في الأنشطة الأسرية والاجتماعية، وربما يشعرون أن لديهم شيئا ما غير قويم وغير معتاد، ولا يستطيعون تحديد ما هو. وفي ألزهايمر مثلا، لا يقتصر الأمر على الذاكرة، بل هناك أعراض أخرى غير طبيعية مثل تكرار إعادة طرح السؤال نفسه، وصعوبة استحضار كلمات تصف أشياء شائعة خلال الحديث، وخلط أسماء الأشياء مثل استخدام كلمة «قلم» لوصف «نافذة»، وعدم القدرة على إتمام أنشطة أسرية معتادة مثل استقبال الضيوف، ووضع الأشياء في غير موضعها الطبيعي، كوضع محفظة النقود في الثلاجة، وغيرها.