طهي لحم الارانب .. بدأ في فرنسا وأشتهر في مصر .. لكنه لم يدخل المطبخ العربي
باستثناء وجوده على المائدة في مصر وتونس، قلما نجد الأرانب على الموائد في العالم العربي. هذا الكائن الجميل واللطيف، الذي يحبه الصغار والكبار في العالم، ويربى عادة في البيوت من دون أن يحدث أي مشكلات تذكر. ممكن أن يتحول إلى طبق لذيذ في لحظات. في العالم العربي أسهمت السينما المصرية، تقريبا، في شيوع أحد أشهر الأطباق المصرية، وهو الملوخية بالأرانب.
لكن، على الأرجح من دون أن يخرج، هذا الطبق، من مصر. بل بقي طبقا مصريا، داخل مصر، لا يمكن العثور عليه خارجها. أو في أفضل الأحوال من الصعب العثور عليه خارجها بسهولة. وبالطبع دون أن ننسى المطبخ التونسي، الذي يحتوي على عدة أطباق من لحم الأرانب، منها ما هو مشو، ومنها ما يتم توليفه مع بعض الخضراوات.
والحق أن ثمة مبررا لعدم وجود هذا الطبق، في معظم البلاد العربية. حيث إن لحم الأرانب لا يضاهي بالطبع اللحم الأحمر الذي يأتي من المواشي، أو اللحوم البيضاء التي تأتي من الدواجن أو الأسماك.
إضافة إلى أن هذه النوعيات من اللحوم موجودة في الموروث الشعبي، كما أنها تتناغم وتنسجم مع الطبيعة التي تحيط بالمنطقة وتوجد فيها. ولكن مع ذلك، ففي بعض مناطق شمال سورية الكردية، خاصة منطقة عفرين، التي يكثر فيها نوع معين من الأرانب البرية، توجد بعض الأكلات التي تحضر من لحم الأرانب البرية التي يتم اصطيادها في أوقات معينة من السنة. أما باقي المناطق فهي عادة إما صحراوية، تربى فيها الإبل والماشية وبعض الدواجن، وإما أرياف تربى فيها معظم الأنواع باستثناء الأرانب.
في أوروبا، وفرنسا تحديدا، الأمر مختلف جدا. إذ تصل لائحة الأطباق التي تحضر من لحم الأرانب لنحو مائتي طبق. وتحضر بطرق مختلفة وبأشكال متنوعة، منها ما هو سهل وبسيط ولا يستلزم الكثير من الوقت، ومنها ما هو معقد ويحتاج لساعات طويلة، سواء على النار أو في عملية التحضير.
إلا أن ميزتين جعلتا من لحم الأرانب يصل لهذا العدد من الأطباق، أولاهما، أن الأرانب ليست نوعا واحدا، أو نوعين، ذلك الذي يتم اصطياده في الجبال، وعادة ما يكون بريا، أو الذي يربى في المزارع. بل إن عدد أنواع الأرانب يصل لأكثر من خمسين نوعا.
هذه الأنواع لا توجد فقط في فرنسا، بل تختلف بحسب انتمائها لأماكن وجودها في العالم. أما الميزة الثانية، فهي أن طهي الأرانب بدأ في فرنسا، بعد أن تم استحضار التوابل من الشرق الأدنى، والسبب في ذلك أن لحم الأرانب حاد الذوق، ويحتاج لإضافة أنواع كثيرة من التوابل، لكي ينحرف ذوقه في أحيان أو يعدل هذا الذوق في أحيان أخرى.
وقبل ذلك كان يحضر في فرنسا، تاريخيا، طبق واحد من لحم الأرانب، وهو ما كان يتم تحضيره في مدينة ديجون، وجوارها بإضافة الخردل (Moutarde de Dijon) المعروف بإضافته نكهة طيبة إلى اللحوم، بعد أن يضاف إليها.
وعلى هذا، فإن ثمة عدد من النصائح التي تضاف إلى كل طبق يحضر من لحم الأرانب. وهي تتعدد وتختلف باختلاف المنطقة التي ينتمي إليها الطبق، ونصائح في طريقة التحضير وأخرى في كيفية شراء الأرانب ومن أين وطرق تنظيفها، ونصائح لا حصر لها. لكن أهم هذه النصائح هي ألا يكون الأرنب أنثى، لأنها تلد كثيرا، وبالتالي فإن لحمها لا يصلح للأكل، بسبب إرهاقها من كثرة الولادة.
وأيضا ألا يتم طهي لحم الأرانب قبل أن يبلغ عمرها ثلاثة أشهر، كما أنه من الأفضل سلق اللحم قبل طهيه أو نقعه في الخل والتوابل لكي تخف رائحته التي لا يحبذها الكثيرون.
ومن المفيد القول إن لحم الأرانب يحتوي على نحو ثلاثين في المائة من البروتين، متفوقا بذلك على أنواع اللحوم الأخرى. وهو اليوم يعتبر من اللحوم غالية الثمن، مقارنة بلحوم الدجاج أو حتى الأغنام وغيرها.