أبتكارات المعرض الدولي للأثاث لعام 2011 في كولون
تقرر شبكة الإنترنت اليوم (التي تندمج بالتلفزيون) ما إذا كان الإنسان سيقضي جل وقته في البيت في غرفة النوم أو في صالة الاستقبال. لكن الظاهر، وفي ظل النزعات الجديدة في عالم الأثاث اليوم، التي يندمج فيها المطبخ في غرفة الاستقبال، والحمام في غرفة النوم، أن الإنترنت سيستقر مؤخرا في المطبخ - الاستقبال. فصالة الاستقبال - المطبخية المستقبلية ستكون أكثر ملائمة للتسلية والطبخ والحديث والاستقبال والقراءة والاتصالات حسب توقعات إدارة المعرض الدولي للأثاث في كولون.
المعرض المقام حاليا تشترك فيه أكثر من 1200 شركة من 54 دولة تغطي فيه المعروضات كافة أجنحة المعرض الـ13. حضره 1200 صحافي من كافة أنحاء العالم للتغطية اليومية، ومن المتوقع أن يرتفع عدد الزوار إلى 120 ألف زائر خلال أيام نهاية الأسبوع. ستغطي المعروضات مساحة 300 ألف متر مربع، وتحتوي على 100 ألف قطعة أثاث، هذا فضلا عن معرض المطابخ «مطبخ المعيشة» الذي يحتل جناحين ويستعرض جديده في 12 ألف قطعة.
مطبخ لتحضير الغذاء والسكن والقراءة والاتصالات هو النزعة الأولى في معرض هذا العام. فصالة الاستقبال تندمج مع المطبخ، وهذا يتطلب بالتأكيد أن تكون قطع وأجهزة المطبخ خفية. ولذلك كانت معظم أجهزته، وخصوصا الطباخ والثلاجة وغسالة الصحون، تغوص داخل قطع الأثاث الخشبية. هذا فرض أيضا على الشركات ظاهرة «التعددية الوظيفية» لقطعة الأثاث، فأصبحت منضدة الطعام متحركة ومتعددة الاستعمال، يغوص الكومبيوتر داخلها كي تستخدم للطعام. وأصبحت كراسي المطبخ أكثر ما تكون مبعثا على الراحة والاستلقاء كي تستجيب لمتطلبات الجلوس لساعات طويلة.
شركة «فارندورف»، التي اجتذبت الكثير من الزوار، عرضت مطبخا للمستقبل يجسد هذه النزعة تماما. فالمطبخ موجود داخل إطار (بوفيه) كبير للكتب والزهريات، المناضد متحركة والكراسي مريحة ومبطنة تصلح للأكل والعمل المكتبي. التلفزيون يختفي خلف لوحة زيتية على الجدار. باختصار، لا يجد المرء أثرا للمطبخ حال الانتهاء من الطبخ والأكل.
إلى ذلك ما انفكت الأجهزة تصبح أكثر ذكاء بفضل التقدم التقني السريع، وهي النزعة الثانية في المعرض. مثال على هذا «الذكاء» الاصطناعي، وعلى التعددية الوظيفية للأجهزة، هو طباخ من تصميم شركة «بوش» الألمانية الذي يحضر الأغذية، شيا وسلقا وخبزا، باستخدام بخار الماء الحار. والطباخ يتضمن 70 برنامجا تضمن عدم احتراق أي وجبة. ولأن الطباخ يعمل ببخار الماء فإن جزءا منه أكثر ما يكون صلاحية لغسل الصحون بعد انتهاء وجبة الطعام.
وعملت بوش على تصميم مطبخها بشكل يختصر الكثير من المكان بفضل الدمج بين الطباخ والغسالة، كما أضافت دواليب عازلة لخزن الخضار والعلب، إلى جانب الطباخ مباشرة، بغية وضع كل مواد الطبخ قرب اليد.
والسؤال الآن: هل يرتطم رأسك بساحبة الهواء عند الطبخ؟ الجواب نعم في أغلب الحالات، لكن شركة «بورا» وجدت حلا لهذه المشكلة. فساحب الهواء الملحق بالطباخ الزجاجي من مادة السيران يقع على جنب وليس في الأعلى، وهذا يعني أنه يسحب الأبخرة المتصاعدة من الطبخ قبل وصولها إلى السقف، كما أنه يمنع التصاق هذه الأبخرة بشعر الطباخ.
الطباخ الذكي جاء أيضا من شركة «ميله» الألمانية، فطباخ الشركة الشهيرة يتعرف بنفسه على مساحة أرض الطنجرة ويشعل بالتالي كهربائية ملائمة لذلك، دون تبديد بالطاقة ودون طغيان المرق من الطنجرة إلى الطباخ. ثم إن هناك «اتصالا» بين الطباخ والطنجرة ويخفض الطباخ درجة الحرارة عند تخطي حرارة الطنجرة الدرجات الحرارية المقبولة.
وقدمت شركة «فيليب ستارك» مطبخا للمستقبل، يجمع الكثير من العناصر التي تحدثنا عنها، وسعره 70 ألف يورو. إيلمار دوفنر، من اتحاد صناعة الأثاث الألماني، قال لـ«الشرق الأوسط» إن الناس مستعدة لدفع مثل هذا المبلغ مقابل مطبخ من هذه المواصفات بعد أن انقشعت غيوم الأزمة الاقتصادية العالمية. مع ملاحظة أن كل مواد صناعة الأثاث شهدت ارتفاعا بنسبة 15 في المائة عام 2011 وهذا سيعني ارتفاع أسعار الأثاث عموما في المستقبل. وهذا سيطرح على الشركات صناعة قطع أثاث متينة تبرر سعرها، وهو ما يحصل في المعرض من خلال طغيان قطع الأثاث المصنوعة من الخشب الحقيقي وخصوصا خشب البلوط والزان.
عموما، وما زلنا في حديث المطابخ، أجرى المعرض استطلاعا للرأي بين المواطنين حول أكثر الأعمال المطبخية إزعاجا. فقالت نسبة 64 في المائة إن أكثر المهام إزعاجا هي تنظيف زجاج الطباخ من بقايا الأكل المحروق. ومنحت نسبة 59,7 في المائة صوتها إلى تنظيف الفرن الداخلي، و53 في المائة إلى تذويب المجمدات، و40 في المائة إلى تجفيف الصحون يدويا و28 في المائة إلى تنظيف وتلميع حوض الغسيل. وتقول إدارة المعرض إن ما هو معروض في كولون يستجيب تماما لهذه المهمات العويصة، فشعار المعرض هو «الراحة».
أقيم معرض المطابخ تحت شعار «في كولون نطبخ الحياة على نار هادئة» وتولى 51 مطعما مشهورا من مطاعم المدنية تقديم الوجبات الخاصة وعرض الأجهزة والدواليب الخاصة بالمطابخ الجديدة.
النزعة المهمة الثالثة هي اندماج الحمام بغرفة النوم رغم أن نسبة معينة من البشر لا تتخلى عن الفراش كصالة طعام ومقعد مشاهدة تلفزيون وقاعة للعب ألعاب الإنترنت. ولهذا فقد شهد المعرض صالات مندمجة بالحمامات بمساحات كبيرة نسبيا، ثم إن أحواض الاستحمام (البانيو) اتخذت تصاميم أخرى كي تلائم ديكور الصالة، فهناك بانيو بشكل حذاء، وآخر بشكل سيارة وغيرهما بشكل قارب. بمعنى أن البانيو قطعة ديكور. وبسبب هذا الاندماج أيضا فقد طغى استخدام عناصر الحديد والزجاج والخشب في صالات - حمامات المستقبل، إضافة إلى الخشب طبعا، وتحولت بعض المرتبات إلى مرتبات مائية يمكن «تعبئتها» بالماء من البانيو القريب. الأسرة هذه المرة أخذت شكل الصالونات فأصبحت مستديرة وذات ألوان جذابة تتراوح بين الوردي والبنفسجي.
النزعة الرابعة عبر عنها رولاند هاغنبورغ، رئيس شركة «سيمنز» الألمانية، بالقول إن مستقبل المطبخ أخضر. فالمعرض مليء بالأجهزة الاقتصادية التي تقلل استهلاك الكهرباء والصابون، وتفتخر شركة «ستارك» بأنها عرضت أكثر غسالة للصحون اقتصادية في العالم بحكم صرفها 0,71 كيلوواط/ساعة.
وغسالة «سامسونج» الجديدة تغسل الملابس بدرجة 20 مئوية كما تغسلها الغسالات التقليدية بدرجة 90 مئوية وتقتصد بذلك الكثير من مسحوق الغسيل والمال. والجميل في هذه الغسالة أنها تشتغل فقط عندما تكون مغلقة على الملابس وبعد أن تختار بنفسها أرخص وقت لاستهلاك الكهرباء. أما غسالة شركة «ميله» الألمانية المعروفة فتعمل بالريموت كنترول، كما أرفقت الشركة بها جهازا يختار أوتوماتيكيا أرخص عرض من شركات الكهرباء ليشغل الجهاز.
على صعيد الاقتصاد بالمواد والتحول إلى المواد التي تقتصد بالخشب، وتقلل بالتالي ظاهرة التصحر وقطع الأشجار، ظهر الأثاث «الفلّيني» بقوة في معرض الأثاث الدولي في كولون 2011. وشمل عرض المواد الفلينية صناعة الكراسي والأسرة والأحذية والقبعات ورفوف الكتب، وهي مصنوعة من مواد فلينية تم ضغطها ومعاملتها بصمغ الراتينغ وتتمتع بصلابة وقلة وزن في آن واحد. لكن هذا الفلين المقوى لم يفقد خواصه الفيزيائية الأخرى فهو عازل جيد للحرارة والبرودة، خفيف الوزن، وعازل نسبي للكهرباء، وعازل للصوت ولا يحترق جيدا. وعرض المصمم الفرنسي المعروف مارتن سيكي مجموعة أثاث، عبارة عن صناديق ورفوف وكراسي وكراسي شاطئ، مصنعة بالكامل من الفلين. وذكر سيكي للصحافة أن الفلين مأخوذ من القلف التي تحمي جذوع الأشجار، وتنزعها الأشجار عنها بعد فترة فهو غير ضار بالبيئة وزائد عن حاجتها، وأن استخدامه في الصناعة والبناء سيضرب عصفورين بحجر.
شركت «كيرشر» عرضت هذا العام جهازا يدويا خاصا بتنظيف زجاج النوافذ. والجهاز محمول، يعمل بالبطارية، وتكفي البطارية لتنظيف 10 - 15 نافذة حسب حجم كل نافذة. وذكر فيلفريد هانز، من شركة «كيرشر»، لـ«الشرق الأوسط» أن الجهاز عبارة عن نموذج مصغر لروبوت صمم خصيصا لتنظيف زجاج قبة مبنى البرلمان (الرايخستاج) من الخارج، فهو يحتاج إلى ماء قليل، لا يستهلك الكثير من مواد التنظيف، ثم إن تنظيفه سهل.
المهم أيضا أن الأثاث أصبح هذا العام «قلابا» أيضا لأن معظم قطع الأثاث متعددة الوظائف وتنقلب منضدة الكومبيوتر بلمسة زر لتصبح مائدة طعام. وينقلب حوض غسيل الصحون إلى داخل خزانات المطبخ ليوفر مكانا للعمل عند الحاجة. الظاهرة «الإلكترونية» الجديدة هي اختفاء كابلات الأجهزة داخل جيوب مخفية داخل قطع الأثاث، وهكذا صارت «سلطة الكابلات» غير مرئية في الصالونات التي تحولت إلى مطابخ. شركة «هوريزونت» عرضت رفا للكتب سمكه 5 سم فقط لكنه يخفي داخله أجهزة لتشغيل الموسيقى مع مكبرات صوت مدمجة وجيوب سرية تخفي الكابلات.
وإذا كان اللون الأبيض يطغى على قطع الأثاث والتصاميم الداخلية والمطابخ، وهي نزعة بدأت قبل سنوات وما زالت سائدة، فإن اللون الأبيض تخلى عن موقعه الرائد على الجدران إلى الألوان الزاهية. وأجرت إدارة المعرض استطلاعا للرأي بين زوار المعرض يكشف أن «باربي» ستهيمن على أجواء السكن في العالم مستقبلا. فاللون المفضل لصبغ الجدران في المعرض كان الزهري يليه الأخضر المزرق ثم الذهبي، الأحمر الداكن، الرمادي، الأبيض، الأخضر، البني والبرتقالي.
وفي الجناح 4 من «مطبخ المعيشة» استعرض اللاعبان الدوليان لوكاس بودولسكي وزميله نيما نوفاكوفيتش، من نادي كولون، مهاراتهما في الطبخ على الأجهزة الحديثة يوم الخميس الماضي. وقال بودولسكي: «بنفس الصورة سنطبخ يوم السبت (أمس) فريق فيردر بريمن».