مساحات مفتوحة وقطع أثاث صغيرة وألوان فاتحة
صدق من قال «إن الحاجة أُمُّ الاختراع»، فهي محفز رئيسي للإبداع واستحداث أنماط معيشية أكثر فخامة وتنويعاً مما هو متعارف عليه، ليس فقط في مجالات العلوم والابتكارات، بل أيضًا في مجال الديكور الداخلي، بعد أن أصبحت هذه المقولة شعارًا يرفعه الشباب السعودي عند تصميم بيوتهم، أو على الأصح شققهم.
فالمساحات الضيقة نسبياً للشقق السكنية الحديثة خلال الـ 10 أعوام الأخيرة، فرضت هذه الحقيقة وجعلت الأغلبية يعتمدونها بشكل كبير، كما يقول المهندس باسم يوسف، صاحب مكتب دار الكوادر الوطنية.
ويشير أيضٍا إلى أن تقلص مساحات الشقق السكنية خلال العقد الأخير أَمْر جديد على السعوديين، الذين تعودوا، في السابق، على المساحات الكبيرة والمفتوحة، التي كانت تفرضها الخصوصية الاجتماعية إلى حد ما.
فتصميمها كان يفرض فصل مدخل الرجال عن السيدات، وحتى سكن الشبان ضمن منزل العائلة إلى حين استقلالهم وانتقالهم إلى منازلهم الخاصة بعد الزواج، وهذا يحتاج إلى مساحات كبيرة، لكن الوضع تغير حالياً، إذ أصبحت حاجة الشبان للاستقلالية أكبر، وذلك ما يدفعهم إلى ترك منزل العائلة، والسكن في شقق منفصلة؛ مما رفع الطلب على الشقق السكنية؛ وأسهم في تقلص مساحاتها، نظراً إلى أن ساكنها شخص واحد في الغالب، إضافة إلى أن أسعار الإيجارات ومواد البناء والأراضي ارتفعت كثيراً، ليتوقف حجم الغرف عند 16 مترًا مربعًا، وفق اشتراطات البلدية في مدينة جدة (غرب السعودية) على سبيل المثال.
وهذا التغير في نمط المعيشة، الذي قاد بدوره إلى تغير في النمط العمراني، وضع ساكني الشقق الجدد أمام تحدٍّ لاستغلال المساحات الضيقة بشكل أمثل، ومحاولة جادة لإخفاء ضيق المساحة من خلال الديكور.
وأفضل الطرق لاستغلال هذه المساحة وتصميمها بشكل ذكي وأنيق، بحسب قول يوسف، هو استخدام الألوان الفاتحة، وتركيب المرايات في الحوائط، واستخدام البلاط بأحجام صغيرة وبأشكال معينة تعطي انطباعاً بالاتساع، إضافة إلى استخدام قطع صغيرة من الأثاث، واستخدامها، في الوقت نفسه، كوحدات تخزين ثانوية.
ويضيف يوسف أن الحلول كثيرة، منها التخلص من الحوائط الكثيرة التي لا حاجة لها، واستخدامها كدواليب مشتركة لأكثر من غرفة. وهناك أسلوب جديد، أصبح أكثر ظهوراً للتماشي مع هذا النمط العمراني الجديد، وهو تصميم الشقق السكنية وفق مبدأ المساحة المفتوحة، بمعنى أن تكون مساحة الشقة لا تتجاوز الـ 200 متر مفتوحة بالكامل، وتسلم للساكن بهذا الشكل ليقسمها حسب احتياجاته الخاصة، ومن الممكن أن يتحكم في مساحة الحوائط، وأن يستخدمها كدواليب وكوحدات خاصة بالتخزين.
ويؤكد يوسف على أن التصميم المثالي والمتناسب مع احتياجات صاحب الشقة هو أداة مهمة يمكن تسخيرها لمعالجة مشكلة ضيق المساحة، حتى إنه من الممكن عدم ملاحظة الأمر، خصوصا إذا استخدمت بشكل يتوافق مع الاستخدامات اليومية.
وتوافق مهندسة التصميم الداخلي، سلطانة الشريف، المهندس يوسف الرأي بأن حلول الديكور لها مفعول السحر، وتضمن تصميماً يتمتع بأعلى معايير الفخامة والأناقة والرفاهية، مهما كانت مساحة المكان. وتضيف أن ضيق المساحة لم تعد هاجساً يواجه سكان الشقق الصغيرة في السعودية، بل على العكس.
فإن هناك الكثير من الشبان أصبحوا يرغبون في شقق صغيرة تتلاءم مع دخلهم ومع حياتهم البسيطة. وقد لاقَى هذا التغيير في الأذواق إقبالا ملموسا على الاستشارات الخاصة من المكاتب الهندسية والمصممين الداخليين. وهو أمر إيجابي، بحسب قول سلطانة، لأن العميل الآن أصبح يسكن في بيت مصمم بشكل دقيق يتلاءم مع احتياجاته ورغباته الشخصية، وهو ما يجعل حياته اليومية أكثر رفاهية وأكثر سعادة، ويجعله شريكاً في التصميم، إن لم يكن هو المصمم الحقيقي لمنزله، في حين لا يتعدى عمل المصمم إطلاعه على الحلول والأساليب الموجودة لمعالجة المشكلة، إنْ وجدت، وتحقيق رغبته بدقة؛ ليصبح منزله في النهاية هو منزل أحلامه، مهما صغرت مساحته.