بمناسبة افتتاح معرض «ألكسندر ماكوين» .. متحف متروبوليتان في نيويورك يتحول إلى منصة لعرض الأزياء
أكبر حدث في عالم الأزياء، هذا ما يطلقه العاملون في المجال على الحفل السنوي الذي يقام بمتحف متروبوليتان في نيويورك، ويشهد البساط الأحمر ليلتها تنافسا محموما بين النجوم والنجمات على ارتداء آخر التصاميم والفوز بأكبر قدر من لقطات المصورين. وبالأمس اجتمع بمقر المتحف في نيويورك صفوة مجتمع الأزياء بدءا من كبار المصممين أمثال كارل لاغرفيلد وفالنتينو، إلى جانب آنا وينتور رئيس تحرير مجلة «فوغ» الأميركية، وعدد ضخم من أبرز النجوم السينمائيين والمغنين والعارضات.
وكان الاحتفال مضاعفا هذه المرة، إذ إن المتحف يحتفل أيضا بإطلاق معرض «الجمال المتوحش» والذي يعرض لأعمال المصمم الراحل ألكسندر ماكوين، وبالطبع كانت هناك المصممة سارة بيرتون، التي لا تزال تتلقى التهاني على تصميمها لفستان زفاف دوقة كمبريدج الذي سحر الملايين.
وقالت جانيت ماكوين، شقيقة مصمم الأزياء الراحل ألكسندر ماكوين، معلقة على ثوب الزفاف «عندما شاهدت كيت ميدلتون جالسة في السيارة، عرفت فورا أنه من تصميم ماكوين وللنصف ساعة الأولى لم أتوقف عن البكاء. لقد تذكرت كم أفتقده».
وكان أفراد أسرة ماكوين في نيويورك قد دعوا لحضور الاحتفال الذي أقامه متحف متروبوليتان للفن في نيويورك للاحتفال بحياة المصمم البريطاني الذي صمم فريقه البريطاني بقيادة سارة بورتن ثوب زفاف كاثرين ميدلتون.
لقد كان رقة ثوب الزفاف الدانتيلا أبعد ما يكون من التصميمات التي عرضت في المعرض، الذي يحتفل بخيال ماكوين المتوحش والمظلم، ملابس ترجع للعصر الفيكتوري والقوطي، ملابس ذات ريش أحمر فاقع مزينة بزهور ذابلة أو بقواقع. إن الإكسسوارات الغريبة الرائعة إحداها تؤدي إلى قشعريرة، ولا سيما عندما تظهر قرون من الأكتاف أو تبدو الأحذية المدببة (بلاتفورم) مثل النمو العضوي.
وحتى غلاف كتاب المعرض يحتوي على صور تثير القشعريرة لـ«لي» (اسمه الحقيقي) ماكوين تنزلق بين صور لوجهه وأخرى لجمجمة. وكان ألكسندر قد انتحر في شهر فبراير (شباط) من العام الماضي وعمره لم يزد على 40 سنة.
ومهما كان المعرض مزعجا فإن الحفل الافتتاحي لألكسندر ماكوين «الجمال الوحشي» مناسبة استثنائية. فعشق ماكوين للطبيعة ولجذوره الاسكوتلندية عبر عنها مصمم الزهور راؤول أفيلا الذي نشر زهور الخلنج على جانبي سلالم المتحف الضخمة، كما زين معبد دندور بسياج نباتي وأشجار مصممة على شكل طيور. أما موائد الطعام فقد كانت مصممة على شكل عوارض خشبية موضوعة على جذوع أشجار.
وقد قدم الحفل كل من آنا وينتور رئيسة تحرير مجلة «فوج» وجامعة التبرعات للمتحف التي وصفت الحفل بالمثير، وسلمى حايك وزوجها فرانسوا هنري بينول مالك الشركة التي كان يعمل بها ماكوين. وكولين فيرث نجم خطاب الملك ومصممة الأزياء البريطانية ستيلا ماكارتني وصديقة ماكوين.
وقالت ستيلا ماكارتني إن «لي سيشعر بالفخر، وأراهنكم أنه يتابعنا» بينما أسهمت دافني غينيز التي اشترت مجموعة ملهمة ماكوين من إيزابيلا بلو، في الحفل بارتداء زي يمثل فاترينة محلات بارنيز في نيويورك.
ويبدأ المعرض الذي تولى تنظيمه أندرو بولتون بجوهر أعمال ماكوين وهو «الخياطة». وكان التكنيك واضحا من أول سترة صممها لمجموعة التخرج من كلية سانت مارتين للفن والتصميم. لقد كان بنطلون بامستر الذي أدى إلى موضة عالمية دليلا على مهارته في الخياطة الذي تعلمها في العمل في شارع «سافيل رو».
وكان هدف بولتون هو الوصول إلى جوهر إبداع ماكوين، الجانب الأسود للحركة الرومانسية.
وينظر المعرض، مصحوبا بموسيقى موتسار، بتصاميم فيكتورية الطابع. مثل المشدات المبطنة ذات أسلوب الزواج الملكي التي كانت ذات ألوان مشرقة. وحتى خلفية العرض كانت من تصميم فريق ماكوين المكون من جوزيف بنيت وسام غانسبري، ويعبر عن مناخ ضبابي مصحوب بمرايا رمادية. أما بالنسبة للملابس الاسكوتلندية وعرض الأزياء الذي قدمه عام 1995 بعنوان «اغتصاب في الجبال الاسكوتلندية» من الملابس المقطعة والأجساد نصف العارية فقد كان الديكور عبارة عن أخشاب مكسرة. أما جوهر المعرض فهو عبارة عن خزانه بها الكثير من الإكسسوارات الغريبة، مثل مجوهرات شون. بينما كان يعرض على الحائط فيديوهات من عروض لماكوين مزعجة درامية.
ويمكن القول بوجود نزعة ماسوشية سادية في تصميمات ماكوين. فلا تزال فكرة استخدام عارضة ذات ساقين صناعيتين أو قيام روبوت برش دهان بطريقة شريرة على فستان تبدو مزعجة.
وبغض النظر عن رد الفعل تجاه تلك الفيديوهات، فلا يمكن لأحد أن يشكك في قدراته الاستعراضية وتلك التكنيكية الاستثنائية.
وللاحتفال بالمصمم الراحل ارتدت بعض النجمات تصاميمه المميزة مثل سارة جيسيكا باركر وجيزيل بندتشون اللتين ارتدت كل منهما فستانا من مجموعة ماكوين لخريف 2005 بينما ارتدت سلمى حايك فستانا من تصميم سارة بيرتون لدار ماكوين من مجموعة ربيع هذا العام وارتدت العارضة نعومي كامبل زيا صممته خصيصا لها سارة بيرتون.
ولكن بعض النجمات ارتدين أزياء لمصممين مختلفين وظهرت من بينهم المصممة ستيلا مكارتني التي صممت عددا من الأزياء التي تألقت في تلك الليلة مثل الرداء الذي ارتدته مادونا وزي العارضة إيمان والممثلة إيفا مينديز وبالطبع غوينيث بالترو وهي صديقة مقربة لمكارتني.
أما آنا وينتور، التي تفضل أزياء شانيل، فقد ظهرت في الحفل مع ابنتها التي تألقت في رداء من تصميم بالنسياجا، وظهر المصمم كارل لاغرفيلد مع الممثلة بليك لايفلي التي ارتدت بالطبع رداء من تصميم لاغرفيلد لدار شانيل من مجموعة خريف 2009. ولم تختف أزياء دار بيربيري عن الليلة، فقد ظهرت الممثلة روزي هنتنغتون وايتلي بفستان من الساتان الوردي من تصميم كريستوفر بيلي لدار بيربيري بينما ظهرت العارضة ميراندا كير إلى جانب زوجها الممثل أورلاندو بلوم في زي من تصميم ماركيزا.
الممثلتان جيسيكا ألبا وكيت هدسون استرعتا الانتباه بشكل واضح ليس فقط لملابسهما ولكن أيضا لملامح الحمل الواضحة وإن كان ذلك لم يمنعهما من التألق فارتدت ألبا رداء من تصميم رالف لورين.
وفي إيماءة إلى الأصول الاسكوتلندية لماكوين أقيم حفل عشاء مستوحى من المطبخ الاسكوتلندي.
وكان هولوغرام كعارضة الأزياء كيت موس استثنائيا بنسخته الميني كما كان في نسخة عام 2006 في عرض للأزياء في باريس. كما أن القدرات الحرفية التي ظهرت في أجزاء من العرض أطلق عليها بولتون اسم الغرابة (ذات إشارة يابانية) وبدائية (مثل قلادات الماساي) أظهرت مدى ما تعلمه خلال عمله في دار أزياء جيفنشي في باريس.
هل كان ماكوين فنانا تصادف عمله في دار أزياء؟ ربما ناقش بولتون وضع المصمم في المشهد الفني البريطاني، إلى جوار الإخوة تشابمان، أو قارن حماسه لتدهور الطبيعة بالفنان البريطاني دامين هيرست. وبدلا من ذلك نجد تقليد سارا جيسكا باركر الغبي لأسلوب ماكوين.
قليل من الملابس المعروضة يمكن أن تكون ملابس قابلة للاستخدام. وربما كان العرض أقل دراميا، ولكنه أكثر شمولا لو أن بولتون تابع إمكانية تحول أفكار ماكوين غير العادية إلى ملابس. وربما كان من الأفضل لو أن بولتون ركز أكثر على حداثة ماكوين. فقد جرى بث مجموعة بلاتو أتلانتس لعام 2010 عبر الإنترنت من مصمم، أكد هوسه بالتدوين، رغبته في الحديث بطريقة مباشرة مع جيله.