المرأة الحامل ذات النزعة النباتية المتشددة .. تهدد جنينها بأمراض خطيرة
لا يختلف اثنان على منافع التغذية النباتية وانتشارها الواسع في العالم خلال العقود الأخيرة، إذ ترتفع نسبة النباتيين في ألمانيا مثلا إلى 7 - 10%. لكن المشكلة تتعلق بإصرار المرأة الحامل على مواصلة التغذية النباتية المتشددة رغم مخاطر ذلك على الجنين، فالتغذية النباتية صحية بالنسبة للنساء، لكنها غير صحية بالنسبة للأجنة في أرحام الحوامل كما يقول العلماء.
تأثيرات على الجنين
وفي مؤتمر دولي حول صحة الأطفال في بوتسدام (شرق) كشف فريق من الأطباء الألمان عن ولادة أطفال يعانون من فقر الدم والكساح والتخلف في النمو بسبب تشدد أمهاتهم في مواصلة التغذية النباتية.
وتحدث الأطباء من عيادة ش. ف. جيرا (جنوب) في المؤتمر عن ولادة طفل يعاني من فقر الدم، اتضح بعدها أن أمه نباتية متشددة ترفض كافة أنواع المنتجات الحيوانية، بما فيها البيض والعسل. كان وزن الطفل قليلا، يعاني من ضعف العضلات والعظام، من اضطراب نمو الجهاز العصبي ومن صعوبة بالتنفس نتيجة قلة الأوكسجين.
فضلا عن ذلك فقد كان الكبد والطحال متورمين ولا يخزنان ما يكفي من الحديد والمعادن والفيتامينات.
وأثبت فحوصات الدم معاناة الطفل من نقص في الحديد وفي فيتامين «بي 12» وفيتامين «دي»، وذلك رغم أن أمه كانت ترضعه من صدرها بالكامل. وكان حليب الأم بدوره فقيرا من الحديد والفيتامينات ولا يكفي لتنمية الطفل بشكل صحيح.
وقال الدكتور يورج زايدل، رئيس قسم الأطفال في جيرا، إن الأطباء أوقفوا تدهور حالة الطفل الصحية بواسطة حقن «بي12» والحديد والفيتامينات طوال 4 أسابيع. ولم تتحسن صحة الطفل الحديث الولادة تماما إلا بعد مرور 4 أشهر من العلاج والرعاية.
ويقول زايدل إن نسبة 7 - 10% من النباتيين في ألمانيا تعني ولادة عشرات الآلاف من الأطفال سنويا لأمهات نباتيات. وتزداد مخاطر فقر الدم والكساح على الطفل كلما كانت الأم متشددة أكثر في نباتيتها.
وثبت أيضا أن المضاعفات تنعكس بشكل أقل على الجنين في حالة الأم النباتية التي تسمى (Ovo/Lacto vegetarian)، أي التي تتناول الحليب ومشتقاته والبيض والسمك. فهذه الأغذية تعوض الجنين عن الحديد وفيتامين بي12 اللذين يقلان تماما في المنتجات النباتية ويكثران في المنتجات الحيوانية كاللحم.
هذا يعني أن الحالة تتفاقم، ويعاني الجنين من نقص حاد في الحديد والفيتامينات حينما تكون الأم متشددة في نباتيتها (Lacto Vegetarian). ومثل هذه الأم ترفض تناول السمك والبيض والحليب، بل وحتى العسل. وهناك عوائل ألمانية بأكملها تعتمد الأكل النباتي من هذا النوع ومن المشكوك فيه أن ينجو أطفالهم من فقر الدم والضعف.
أهمية غذاء الأم
توصي الجمعية الألمانية لصحة الطفل بالبدء بتغذية الطفل بعصيدة الحبوب والخضر التي تحتوي على اللحم المثروم منذ الشهر الخامس من عمر الطفل، ومن الشهر السابع في أقصى الحالات، نظرا لضرورة ذلك بالنسبة لنموه الطبيعي. هذا لأن ما يتلقاه الجنين من هذه المواد عبر المشيمة ينتهي بعد أشهر قليلة من الولادة.
ويقول الدكتور برتولد كوليسكو، من عيادة الأطفال في جامعة ميونيخ، إن المصدر الأساسي للحديد في الغذاء هو اللحم. فاللحم يزود الطفل بالهيموغلوبين، بالأكسجين، وبالمايوغلوبين الذي يقوي العضلات. المهم في حديد اللحم أيضا أنه يساعد جسم الطفل على تمثيل الحديد القادم من الأغذية الأخرى، وخصوصا الموجود منه في النباتات.
والحديد الموجود في اللحم يزود الطفل بالطاقة، بالأكسجين ويساعد على تمثيل الفيتامينات. ولهذا نجد الأطفال، الذين يعانون من نقص الحديد، يعانون أيضا من رخاوة العضلات، ومن هشاشة العظام، ومن انتفاخ الكبد والطحال ومن قلة الوزن.
ويأتي الأطفال الذين يولدون لأمهات غير نباتيات إلى الحياة أصحاء، وتحتوي أكبادهم على خزين من الحديد والفيتامينات تكفي لتنميتهم طوال 6 أشهر، يحتاجون بعدها إلى غذاء يعوضهم عن انتهاء هذا الخزين. لذلك تكون مخاطر فقر الدم والكساح كبيرة حينما يولد الطفل خديجا، أو عندما يكون الحمل في جنينين (توأمين) أو أكثر، فهنا لا يكفي خزين الكبد من الحديد لأكثر من شهرين. وغني عن القول إن مثل هذه المخاطر تتضاعف في الحالتين المذكورتين حينما تكون الأم نباتية متشددة.
وعانى الدكتور زايدل، في علاجه للأطفال الضعفاء الذين ولدوا لأمهات نباتيات، من أمرين آخرين. الأول أن هؤلاء الأمهات لا يستمعن إلى إرشادات الطبيب ويرفضن تناول الحليب والبيض والسمك أثناء الحمل، والثاني هو أنهن كن يرفض معالجة أطفالهن بحقن الفيتامينات والحديد بدعوى أنها «مواد كيمياوية».
أخيرا، يمكن للمرأة النباتية الحامل أن تتجنب الكثير من المضاعفات للجنين، وللطفل بعد الولادة، لو أنها عززت وجباتها الغذائية بشيء من السمك والبيض ومشتقات الحليب.