«الحلبة» .. فيها العجب وفوائد بلا حصر
الحلبة عشبة يتراوح ارتفاعها ما بين 20 إلى 60 سنتيمترا، لها ساق جوفاء تتفرع منها سيقان صغيرة تحمل كل منها في نهايتها ثلاث أوراق مسننة طويلة، ومن قاعدة ساق الأوراق تظهر الأزهار الصفراء الصغيرة التي تتحول إلى ثمار على شكل قرون معكوفة طول كل قرن نحو عشرة سنتيمترات، وتحتوي على بذور تشبه إلى حد ما في شكلها الكلية، وهي ذات لون أصفر يميل إلى الأخضر.
والحبة عبارة عن نبات عشبي حولي صغير يحمل ثمارا على هيئة قرون تحمل كل ثمرة عددا من البذور. ويوجد نوعان من الحلبة؛ الحلبة البلدية العادية ذات اللون المصفر والحلبة الحمراء والمعروفة بحلبة الخيل، وهما يختلفان اختلافا كثيرا.
والحلبة المعنية هنا هي الحلبة العادية الصفراء. وجاء اسم الحلبة من اسم «حلبا» وهو من أصل هيروغليفي ولها أسماء أخرى، والجزء المستعمل من نبات الحلبة هو البذور والبذور المنبتة.
اكتشف العرب فوائد هذه النبتة منذ القدم؛ حيث جاء في «قاموس الغذاء والتداوي بالنبات» أن الأطباء العرب كانوا ينصحون بطبخ الحلبة بالماء لتليين الحلق والصدر والبطن ومداواة السعال ومشكلات التنفس والربو وهي مفيدة كذلك للأمعاء والبواسير، وهي تساهم في جعل الشعر جميلا ومجعدا كذلك إذا غسلت بها بعد غليها.
وفي الطب الحديث تبين من تحليل الحلبة أنها غنية بالمواد البروتينية والفسفور والمواد النشوية وهي تماثل في ذلك زيت كبد الحوت، كما تحتوي أيضا على مادتي الكولين والتريكونيلين وهما يقاربان في تركيبهما حمض النيكوتينيك وهو أحد فيتامينات (ب) كما تحتوي بذورها على مادة صمغية وزيوت ثابتة وزيت يشبه زيت الينسون.
ويمكن أن تؤكل مطبوخة للتغذية وفتح الشهية ولزيادة الوزن، كما أن مغليها يداوي بعض الاضطرابات المعدية والصدرية وكذلك فقر الدم وفتح الشهية. وكان القدماء يمزجونها مع العسل ضد الإمساك المزمن ومعالجة أمراض الصدر والحلق والسعال والربو والبلغم والبواسير والرغبة الجنسية، كما تفيد في إزالة الكلف والحبوب من الوجه.
وتشير دراسات حديثة إلى أن زيت الحلبة يدر الحليب للمرأة المرضعة، ويفتح شهيتها للطعام، ولكن ينصح بالابتعاد عنها في حالة بدء فترة الحمل، لأنها قد تؤدي إلى الإجهاض في الشهور الثلاثة الأولى من الحمل.
بينما ينصح بها بعد الولادة لما لها من مميزات صحية عالية في هذه الفترة. بالإضافة إلى ذلك يستعمل مسحوق بذور الحلبة حيث يوضع مباشرة في الفم، في حجم ملعقة متوسطة قبل الأكل بمعدل ثلاث مرات يوميا لتخفيض نسبة سكر الدم، وتستخدم الحلبة كذلك لتنشيط الطمث وخاصة لدى الفتيات في سن البلوغ وذلك بمعدل ملعقة متوسطة مرتين في اليوم وهي تفتح الشهية إذا أخذ ملعقة من منقوعها مع كوب ماء وتنقع لمدة ساعتين، وتؤخذ قبل الأكل مباشرة مع العلم أن هذا النقيع يقوي المعدة ويسهل عملية الهضم.
ويستعمل مسحوق بذور الحلبة ممزوجا بالعسل بمعدل ملعقة صغيرة من مسحوق الحلبة مع ملء ملعقة عسل ثلاث مرات يوميا لعلاج قرحتي المعدة والاثني عشر، ولمن يعانون أوجاع الصدر وبالأخص الربو والسعال، يستعمل مشروب مغلي بذور الحلبة بمعدل ملء ملعقة من البذور حيث تغلى لمدة عشر دقائق مع ملء كوب ماء وتشرب مرة واحدة في اليوم. وإذا أخذ مقدار كوب من نقيع الحلبة على الريق فإنه يقتل الديدان المعوية بمختلف أنواعها.
وتفيد الحلبة المصابين بالدرن، إذ يستعمل مسحوقها مغليا، وذلك بأخذ ملء ملعقة كبيرة ووضعها في ملء كوب ماء مغلي وتركها لمدة عشر دقائق ثم تصفى ويؤخذ من هذا المحلول ملعقة واحدة كبيرة، ثلاث إلى أربع مرات في اليوم، من أجل تسكين سعال المصابين بهذا المرض.
وظهر من التجارب العملية أنه إذا أعطي للمرضع 20 نقطة ثلاث مرات يوميا فإن حليبها يتضاعف ويزداد حجم الصدر وتنفتح شهيتها للأكل، وبالإضافة إلى الاستعمالات الداخلية فللحلبة فوائد أخرى تتمثل في علاج الحروق، كذلك لعلاج تشقق الجلد وتحسين لون البشرة يستعمل مغلي بذور الحلبة كغسول للأماكن المصابة بمعدل مرتين في اليوم.
وكذا لعلاج الروماتيزم والبرد وآلام العضلات، وتستخدم بذور الحلبة بعد سحقها مع معجون فصوص الثوم وقليل من زيت السمسم وتدلك بها المناطق المصابة. لعلاج الدمامل تستخدم لبخة من مسحوق بذور الحلبة حيث تمزج كمية من المسحوق مع ماء فاتر مع تحريكها باستمرار حتى يصبح المزيج على شكل عجينة متماسكة ثم يوضع على الدمامل ويلف عليه قطعة قماش وتعتبر هذه الوصفة أفضل وصفة ولا يفضل عليها أي علاج لتسريع فتح الدمل وشفائه، يمكن استعمال هذه الوصفة لقروح القولون، وقروح حلمة الثدي.
أجريت على الحلبة دراسات طبية حول تأثيرها على ارتفاع نسبة الكولسترول وأثبتت الدراسات انخفاضا مميزا لكل من سكر الدم والكولسترول، كما قامت دراسة على خلاصة بذور الحلبة من أجل تسهيل الولادة، وكانت النتائج إيجابية للغاية. كما أجريت دراسة علمية على تأثير الحلبة على سرطان بالكبد، وكانت النتيجة تأثيرا كبيرا في الحد من هذا السرطان. كما أن مستخلص بذور الحلبة حقق نتائج إيجابية لكبح الخلايا السرطانية مثل سرطان الرئة والقولون والثدي.
وهناك نوع من الحلبة يختلف عن الحلبة العادية وتسمى حلبة الخيل، وهي ذات لون بنفسجي وبذور أطول من الحلبة العادية ولا تستخدم كغذاء وتختلف اختلافا كليا في الاستخدام عن الحلبة العادية حيث تستخدم لعلاج التهابات أسفل الظهر. ويمكن استخدام بذور الحلبة مع عصير أوراق الصبار كعجينة على فروة الرأس لمنع تساقط الشعر وتأخير ظهور الصلع. ومتى طبخت لوحدها وشربت مع العسل امتصت الغازات والمغص وبقايا الدم الناتج من النفاس والحيض وأخرجت الأخلاط المتبقية.
وهناك محاذير من استخدام الحلبة بحيث يجب عدم استخدام الحلبة للمرأة الحامل لأنها تنشط الرحم ويمكن أن تسقط المرأة عند استخدام الحلبة كعلاج ولكن ليس بكميات قليلة كالتي تضاف لبعض المأكولات أو السلطة، كما لا يمكن استخدامها من طرف أطفال أقل من سنتين. ويشترط عدم استخدام الحلبة لمرضى السكري الذين يستعملون الأنسولين إلا بعد استشارة الطبيب.
والموطن الأصلي للحلبة هو شمال أفريقيا والبلدان التي تقع شرقي البحر الأبيض المتوسط وهي تزرع حاليا في أغلب مناطق العالم، وجربت زراعتها في القصيم في شرق السعودية، ونجحت نجاحا كبيرا.
وينتشر استعمالها في المغرب بشكل كبير خاصة بين صفوف النساء اللائي وجدن فيها دواء لكثير من العلل، وصارت تدخل في إعداد بعض الأكلات منها «الرفيسة» مثلا التي تقدم للمرأة النفساء لمساعدتها على تجاوز آلام الولادة وفتح الشهية وتجنب البرد.
بالإضافة إلى الحساء الأبيض ويتم تحضيره من الشعير والطماطم مطحونة والبصل والبقدونس والتوابل وبعد طهيه في الماء المغلي يقدم وتضاف إليه الحلبة على شكل حبوب أو مطحونة حسب الاختيار وهذا ما يخفف من نكهتها الحارة كما تضفي على الحساء طعما خاصا، ويمكن للحلبة كذلك أن تقدم من الأرز المطبوخ بالحليب وهي وضفة بسيطة حيث يتم طهي الأرز في ماء مغلي أضيف إليه الملح والزيت ونتركه لمدة ثم نضيف الحليب ويقدم وتضاف إليه الحلبة.
من الأمور التي تمنع الناس من استعمال هذه النبتة المفيدة الرائحة التي تسببها على مستوى إفرازات العرق، وخلط منقوع الحلبة بالنعناع من شأنه التخفيف من هذه الرائحة.