التين الشوكي .. فوائد متعددة جعلته جزءا من الماضي في المغرب
تتعدد أسماء «التين الشوكي» في المغرب، وهي فاكهة كان يطلق عليها، بسبب انتشار شجيراتها في جميع مناطق البلاد ورخص سعرها، «فاكهة الفقراء» وتعرف لدى عامة الناس باسم «الهندية» و«الزعبولا» و«كرموس النصارى».
وخلال هذه الفترة ينتشر الباعة المتجولون بعرباتهم المجرورة في شوارع المدن المغربية لبيع التين الشوكي، وهي الفاكهة التي أصبحت الأسر المغربية تطلق عليها اسم «سلطان الغلال الصيفية»، حيث اعتاد الفقراء تناولها على قارعة الطريق.
وهي تتوافر في الفترة من أبريل (نيسان) إلى أغسطس (آب). وبعد أن كان التين الشوكي، لعقود طويلة، يعد فاكهة الفقراء، حيث تنتشر شجيراته في البساتين والغابات وتنمو دون حاجة إلى رعاية، أضحى الإقبال عليه كبيرا في الآونة الأخيرة، حيث لا تخلو منه موائد الأسرة المغربية سواء كانت فقيرة أو ميسورة، بعد اكتشاف فوائد دون حصر له.
وفي الفترة الأخيرة أصبح في الإمكان تصدير التين الشوكي، خاصة النوع الجيد منه، وهو الأملس، الذي تم تطويره في السنوات الأخيرة، بحيث أضحى ينافس التين الإيطالي الذي يوجد في جزيرة صقلية ويصدر للأسواق الأوروبية بعد أن اكتشف الأوروبيون فوائده الطبية والصحية.
وكان المغاربة منذ القدم ينصحون من يعاني الإسهال أن يتناول التين الشوكي. وفي الآونة الأخيرة بينت بعض الأبحاث الطبية أن التين الشوكي يحتوي على مواد وفيتامينات تساعد على تقوية المناعة المكتسبة للجسم للحد من خطر الإصابة بسرطان المصران الغليظ والبروستاتا خاصة لدى الرجال.
وأشارت الدراسات إلى أن التين الشوكي منعش في الصيف بسبب مكوناته الغنية بالمياه والسكريات وتقدر نسبتها ما بين 6 و14 في المائة، ونسبة 1 في المائة من نسبة البروتينات إضافة إلى الفيتامينات «أ» و«ب» و«ج» ومقادير متوسطة من الأملاح المعدنية، كما تمد هذه الثمرة مستهلكيها بربع ما يحتاجون إليه من البوتاسيوم والمغنسيوم الذي يقي من التوتر وينظم درجة الحرارة ويساعد على بناء وتقوية العظام.
كما أن التين الشوكي مفيد للأشخاص المصابين بقرحة المعدة، حيث يحمي الأغشية المخاطية للجهاز الهضمي من تأثير الأعراض الجانبية لبعض العقاقير، كما يقلل من شعور الفرد بالظمأ في الطقس الحار، كما أن احتواءه على نسبة عالية من البوتاسيوم فإنه يساعد على انقباض العضلات وإحداث حالة من التوازن والهدوء العصبي، بالإضافة إلى تزويد الجسم بعنصر الحديد وفيتامين «س» و«ب1» و«ب2».
كما يحافظ التين الشوكي على رشاقة الجسم باحتوائه على نسبة ضئيلة من السعرات الحرارية، بحيث تعطي الحبة الواحدة من التين الشوكي 30 سعرة حرارية ونسبة من أملاح الصوديوم والبوتاسيوم والكالسيوم والمغنسيوم والحديد والنحاس والفسفور واليود.
ويغسل التين الشوكي وينشط الكلى، ويساعد على إنقاص الوزن والسمنة وتخفيض نسبة سكر الدم والكولسترول. وهو ما أكدته نتائج دراسة حديثة، من أن المرضى المصابين بداء السكري الذين لا يستعملون الأنسولين والذين صاموا لمدة 12 ساعة عندما تناولوا سيقان النبات انخفض لديهم السكر بشكل ملحوظ وارتفع معدل الأنسولين في دمهم.
ويقول الدكتور مروان التازي، الخبير الزراعي في معهد «الحسن الثاني للبحث الزراعي»، إن التين الشوكي نبات من الفصيلة التوتية، ينتمي إلى المناطق الحارة والجافة، تكون أزهاره صفراء ثم يتغير لونها إلى اللون البرتقالي قبل أن تسقط إيذانا بنضج حبة التين الشوكي، وتتميز هذه الثمرة بلون لبها الأصفر، وهو ما يجعلها من الفواكه الغنية بفيتامين «س»، كما تتميز بتعدد حباتها الصلبة، التي تستعمل اليوم في صناعة زيوت التجميل.
ويوضح التازي أن «محصول التين الشوكي يدخل في استخدامات طبية ومواد تسمى بالمواد الصمغية الصابونية التي يحضر منها أرقى أنواع الشامبوهات الطبيعية، إضافة إلى استخراج أدوات تجميل وكريمات طبيعية منه».
ويقول التازي إن شجرة التين الشوكي لها فوائد كثيرة على البيئة، أهمها مكافحة التصحر، واستخدامها كأعلاف للحيوانات. وخاض المغرب تجربة فريدة مع نبات التين الشوكي، إذ تم تكوين مجموعة من التعاونيات تعمل بها نسوة غيرت هذه الفاكهة مجرى حياتهن، فبعدما كن يكتفين بجمع التين لتناول ثماره واستعمال الباقي منه كعلف للماشية، انخرطن في تعاونيات تهتم بزراعة التين الشوكي. بعد أن تحولت هذه الفاكهة إلى عدة استخدامات اقتصادية.
أضحت كل أسرة تمتلك قطعة أرض فلاحية تحيطها بسياج من نبات التين الشوكي، وبدعم من وزارة الزراعة المغربية، أصبحت المناطق الزراعية تشهد تحولا كبيرا على صعيد إنتاج التين الشوكي.
وكانت وزارة الزراعة المغربية تعهدت باعتماد 12 مليون درهم (نحو مليون ونصف المليون دولار) لإقامة مصنع حديث يساعد المزارعين المحليين في تصنيع الثمار الناضجة.
وبسبب اكتشاف الفوائد المتعددة تحولت تلال بلدة «أيت باعمران» في جنوب المغرب إلى نقطة جذب. كانت هذه التلال تبدو جرداء خالية من أي غطاء نباتي ولا تكسوها غير نباتات الصبار التي تنمو بشكل عشوائي، حيث لا يقوم أي أحد لا بزراعتها ولا بسقيها، ولكن حال القرية تغير منذ اكتشف أهلها الفوائد الكثيرة للتين الشوكي. وأصبحت هذه الثمار تدر ربحا وفيرا على سكان البلدة الذين أسسوا جمعية ريفية تعنى باستثمار الصبار وتصدير الإنتاج.
وأصبح في مقدور كل مزارع أن يجمع ما يتراوح بين 30 و50 قفصا من الثمار يوميا خلال موسم جني المحصول، أما البذور فيتم طحنها لإنتاج الزيت، وهي أكثر أجزاء النبات تحقيقا للربح.
وزيت التين الشوكي يستخدم في إنتاج ما يقرب من 40 نوعا من مستحضرات التجميل ويباع بأسعار عالية لتجميل البشرة والحفاظ على نضارتها وشبابها، وإنتاج لتر واحد من هذا الزيت يحتاج إلى نحو طن من البذور.
ويشير أعضاء الجمعيات التعاونية المشاركة في المشروع إلى أن بعض عمليات المعالجة تعتبر من الأسرار الصناعية، ففي مجال صناعات التجميل يحرص المنافسون على عدم تمكين الآخرين من معرفة أسرار صناعتهم، ويؤكدون أنهم يعملون بالتعاون مع عدد من المختبرات الأوروبية لتطوير استخدام التين الشوكي ليدخل في عمليات التخسيس.
ويقول هؤلاء، إنهم سوف يشكلون مجموعة للتنسيق فيما بينهم من أجل حماية صناعة التين الشوكي وتصميم علامة تجارية خاصة بهم وضمان حصولهم على نصيب عادل من المبالغ الهائلة التي تنفقها صناعة التجميل العالمية على الأبحاث والتطوير.
وتتراوح أنشطة هذه الجمعيات من صناعة الصابون إلى تخليل الأوراق بعد تقطيعها إلى شرائح، ومن تعبئة الثمار ذات النوعية الأفضل وتوزيعها في مختلف أنحاء المغرب إلى بيع التين الشوكي في الطرقات والشوارع.
وفي الوقت الحالي لا يتم تصنيع سوى 20 في المائة من الثمار المنتجة للأغراض التجارية في المصانع المحلية. أما الجانب الأكبر من الإنتاج فيشتريه تجار من خارج المنطقة ويحققون من ورائه أرباحا طائلة، حيث يشترون سلة الفاكهة بسعر يتراوح ما بين 20 و30 درهما (ما بين دولارين إلى ثلاثة دولارات) ويبيعونها بمائة درهم (12 دولارا).