طرق للتعامل مع الطفل المتذمر بحكمة وهدوء

وكالات
في لحظات التذمر، قد يشعر الآباء وكأنهم في مواجهة مع تحدٍ مستحيل. فكلما زاد صوت الطفل، زاد الضغط النفسي، وقد يصبح الأمر أشبه باختبار قوة تحمل.
لكن هل يمكننا التعامل مع هذه اللحظات بطريقة أكثر هدوءًا وفاعلية؟
بالطبع، الإجابة هي نعم. فالتذمر ليس مجرد سلوك مزعج، بل هو أيضًا رسالة مشفرة عن احتياجات الطفل العاطفية أو الجسدية. وعلى الرغم من أن التعامل مع هذه اللحظات قد يبدو صعبًا في البداية، فإن هناك طرقًا عملية وأسلوبًا متوازنًا يمكن أن يساعد في تخفيف هذه التوترات.
قبل أن نتطرق إلى استراتيجيات التعامل مع التذمر، من المهم أن نفهم السبب وراء هذا السلوك. لا يتذمر الأطفال بدافع التسلية أو لإزعاج الأهل، بل هو في أغلب الأحيان تعبير عن رغبة مكبوتة.
قد يكون الطفل في لحظة من الضياع، يفتقر إلى الكلمات المناسبة للتعبير عن مشاعره أو حاجاته. كما أن التذمر قد يكون استجابة شعورية للشعور بالعجز أو عدم القدرة على الحصول على ما يرغب فيه. هنا، يأتي دور الأهل في توفير بيئة تدعم التواصل الفعّال وتفهم مشاعر الطفل.
كيف تبقين هادئة في مواجهة التذمر؟
أول خطوة في التعامل مع التذمر هي الحفاظ على الهدوء الداخلي. عندما يبدأ الطفل بالتذمر، فإن رد فعل الأهل المباشر قد يكون غريزيًّا: إما الانفعال أو الاستسلام لمطالبه.
ولكن في الواقع، يحتاج الطفل إلى شعور بالأمان والهدوء أكثر من حاجته للاستجابة الفورية. وعليه، من الضروري أن يتحلى الأهل بالهدوء التام حتى يعكسوا هذا الهدوء للطفل، من أجل مساعدته على تنظيم مشاعره.
تذكر أن التذمر ليس معركة لتثبيت السلطة، بل هو بمثابة فرصة لترسيخ حدود واضحة وثابتة. بدلاً من الاستجابة بعصبية أو محاولة تهدئة الطفل بالكلمات التي قد تزيد استياءه، حاول أن تقول ببساطة: "أعلم أنك تشعر بالضيق لأنك لم تحصل على ما تريد، ولكن يجب أن نلتزم بالقواعد."
هذا التوجه يمنح الطفل الأمان ويعلمه كيفية التعبير عن مشاعره بطريقة بنّاءة.
التركيز على الرغبة، لا على التذمر
من الاستراتيجيات الفعّالة التي يمكن أن تساعد على الحد من التذمر هي تحويل التركيز إلى ما يريده الطفل بدلاً من الاستجابة للصوت نفسه.
يمكننا استخدام تقنيات لقراءة ما وراء التذمر ومحاولة فهم الرغبة الحقيقية خلفه.
فعندما يقول الطفل بتذمر: "لماذا لا أستطيع مشاهدة المزيد من التلفاز؟" يمكننا الرد على النحو التالي: "أنت ترغب في المزيد من وقت المشاهدة، أليس كذلك؟"
بهذه الطريقة، لا نركز على التذمر كونه سلوكًا سلبيًّا، بل نوجه انتباهنا إلى رغبة الطفل الفعلية. فالفهم العميق لاحتياجات الطفل يمنح الوالدين فرصة لردود فعل أفضل وأكثر تعاطفًا. كما أنه يعزز مهارات التواصل لدى الطفل، ويساعده على التعبير عن مشاعره بطرق أكثر فاعلية.
نماذج فعّالة للتواصل
من أفضل الوسائل لتقليص التذمر لدى الأطفال هو أن نقدم لهم نموذجًا للتواصل السليم. فإذا كنت تشعر بالإحباط أو التذمر من أمر ما، بدلاً من البقاء في حالة من السلبية، حاول أن تبين للطفل كيف يمكن أن تكون لديك مشاعر مماثلة ولكنك تتعامل معها بطريقة هادئة وفعّالة.
يمكنك أن تري طفلك كيف تتعامل مع المواقف الصعبة، فعلى سبيل المثال، عندما تشعر بالإحباط بسبب شيء ما، يمكنك التعبير عن ذلك بشكل هادئ وواضح: "أشعر بالحزن لأنني لا أستطيع أن أجد ما أبحث عنه، ولكنني سأبذل قصارى جهدي لكي أجد حلاً." هذه الطريقة تعزز قدرة الطفل على التعامل مع مشاعره الخاصة بشكل إيجابي وتقلل من التذمر مع مرور الوقت.
الاهتمام الإيجابي يؤتي ثماره
قد يبدو من الغريب أن تقديم الاهتمام الإيجابي في أوقات التذمر يكون من أفضل الحلول. فحين يشعر الطفل بالاتصال العاطفي مع الوالدين، يقل شعوره بالفراغ أو العجز، وذلك يقلل من فرص التذمر.
تأكد من أنك دائمًا ما تعبر عن اهتمامك بالطفل، حتى في اللحظات التي يبدو فيها أنه يعبر عن استيائه. يمكنك أن تقول له: "أنا هنا معك، وأفهم أنك تشعر بالحزن." هذا الاهتمام يخلق شعورًا بالأمان ويساعد الطفل على تعلم كيفية التعامل مع مشاعره بشكل أفضل.
التعامل مع التذمر ليس مهمة سهلة، ولكنه ممكن. الفهم العميق لسبب التذمر، بالإضافة إلى استراتيجيات التواصل السليم وتأكيد ضرورة الحفاظ على الهدوء، يمكن أن يساعد بشكل كبير في تخفيف هذا السلوك المزعج. تذكّر دائمًا أن التذمر ليس استهدافًا للآباء، بل هو تعبير عن حاجة أو رغبة لم يتم تلبيتها. من خلال التفاعل الإيجابي والهادئ، يمكن لكل من الآباء والأطفال أن يتعلموا كيف يواجهون هذه اللحظات بشكل أكثر توازنًا.