الممثلات السعوديات بين سيف التقاليد .. ومطرقة الرقابة
سيف التقاليد والأعراف المجتمعية، ومطرقة قلة الفرص الفنية، بدت الممثلات السعوديات اللواتي يحاولن اختراق تلك القيود في وضع لا يحسدن عليه، مقارنة بنظيراتهن العربيات، ولا يشفع لتلك الممثلات من الخوف من المجتمع دخولهن إلى مجال الفن محجبات.
بيد أن بعض الممثلات السعوديات استطعن لفت الأنظار، وإثبات ما بداخلهن قدرات فنية وإبداعية وينتظرن فرصا حقيقية تضعهم في مصاف المشاهير في مجال الفن في المنطقة العربية.
مريم الغامدي هي إحدى الفنانات السعوديات الموهوبات، التي اتجهت إلى التأليف والإنتاج والإخراج وتحمست بشدة للمسرح النسائي السعودي، ويبقى أن تجد فرصا عديدة لتفجر طاقاتها الفنية عربيا.
وتقول إن الأعمال الفنية، سواء الإذاعية أو التليفزيونية أو المسرحية تمر عبر قنوات رقابية خصصتها الأجهزة والمؤسسات الحكومية المعنية برفض ما لا يتفق مع سياسة الدولة أو يضر بأمنها واستقرارها، وتجيز ما يتوافق مع المصلحة العامة ويسهم في تنوير المجتمع والارتقاء به.
وأكدت على أنه ليس هناك أي مبرر لرفض الأعمال الفنية التي تشارك فيها الفنانات السعوديات، سواء في المسرح أو التليفزيون، وهي تشارك حاليا في بطولة مسلسل "حب في الهايد بارك" أمام عبد الرحمن الخريجي وإبراهيم الحساوي وعبد الرحمن الرقاق ومشعل المطيري وإخراج السوري نزار عواد. وتقع أحداث المسلسل في 30 حلقة، ويتم تصويره بين كل من العاصمة الأردنية عمان ولندن.
أمل حسين وانتشار عربي
أما أمل حسين فحققت نجاحا ملموسا، سواء في السعودية أو الخليج العربي بعد مشاركتها في بطولة 39 مسلسلا منها "خط البداية"، و"طاش ما طاش"، و"حكاية على جدران الزمن"، و"الغاية والوسيلة"، و"مغامرات عائلية"، و"آمال وألام"، ونقاط ملموسة، و"قلوب من ورق"، و"أيام من العمر"، و"مطلع النور"، و"أخوات موسي" وغيرها، إلي جانب عدد من المسرحيات السعودية ومنها "اقبل الخير" و"أخيرا عدنا" و"بيت الوالدة".
ولفتت موهبة أمل الأنظار إليها واستطاعت الخروج من حيز الدراما السعودية والخليجية خلال العام الحالي، حين وقع اختيار الفنان محمد صبحي عليها لتشاركه بطولة المسلسل، الذي لعب بطولته وقام بتأليفه وإخراجه، وعرض طوال شهر رمضان "رجل غني فقير جدا".
وجسدت أمل في الأحداث شخصية فتاة سعودية تتزوج من رجل أعمال مصري وتنجب منه ولدا، ولكنهما ينفصلان ويقرر الزوج بعد فترة أن يجمع زوجاته الأربع؛ الخليجية والمصرية واليابانية والروسية، اللاتي انفصل عنهن؛ ليعيش معهن في بيت واحد، وتحدث بينهم عديد من المواقف والمفارقات الكوميدية، خاصة مع وقوعه في غرام سكرتيرته الخاصة ورغبته في الزواج منها.
كما تشارك أمل في بطولة فيلم "المسافر" أمام عمر الشريف وسيرين عبد النور وخالد النبوي وعمرو واكد، وتأليف وإخراج أحمد ماهر، وتؤدي فيه شخصية الممرضة التي تتولي رعاية عمر الشريف في الأحداث.
وتقول أمل إن الفن ليس له جنسية أو بلد "الدراما الخليجية وخصوصا السعودية، قفزت خلال الأعوام الأخيرة قفزات كبيرة واستطاعت لفت الأنظار إليها ليس على المستوي الخليجي فقط، ولكن على جميع المستويات العربية".
وأشارت إلى أنها محظوظة؛ لكون بدايتها مع الدراما المصرية جاءت مع محمد صبحي، بما له من جماهيرية كبيرة على المستوى العربي، وفي دور كبير يخرج طاقاتها الإبداعية الكامنة بداخلها، وإن كان في نفس الوقت يحملها مسئولية عدم قبول أي دور يقل عنه، سواء من حيث الكيف أو الكم.
أما الفنان محمد صبحي فقال إن اختياره لأمل حسين لم يأت من فراغ، ولكن بعد متابعة لها في عديد من أعمالها السعودية والخليجية، وأنه رشحها للمشاركة في مسلسل "أنا وهؤلاء" الذي قدمه من قبل، ولكن ارتباطها بأعمال في السعودية حال دون مشاركتها، إلى أن جاءت فرصة أخرى مناسبة في مسلسل "رجل غني فقير جدا" فشاركتني البطولة.
وتابع قائلا: "للحق فهي ممثلة على درجة عالية من الكفاءة، واستطاعت كسر حاجز الرهبة من العمل في الدراما المصرية، واكتشفت أن عامل اللهجة لا يمثل لها أية مشكلة، على رغم أنها كانت تؤدي في الأحداث شخصية الزوجة الخليجية، وشجعني هذا الأمر على الاستعانة بها في المسرحية الجديدة، التي سأنتجها وأخرجها وأشارك في بطولتها وتحمل عنوان (خيبتنا)".
أغاريد وشروق.. أعمال مسرحية
أما أغاريد السعيد، التي شاركت في مسرحية "بيت الوالدة" النسائية فتقول، إن هدفها وزميلاتها من العمل بالفن هو مخاطبة المرأة وترجمة أحاسيسها بقصص واقعية. وطالبت بضرورة انتقاء المواد التي تخاطب نصف المجتمع، مشددة على أن تكون المواد تسهم في استنهاض همم النساء نحو وعي بمستقبل أكثر حيوية لهن ولكيان أسرهم.
شروق عبد الله، التي كانت بدايتها الحقيقية مع الدراما التليفزيونية من خلال المسلسلات الخليجية وعبر مؤسسة الصدف للفنان حسن عسيري، الذي منحها الفرصة الأولى من خلال مسلسل "أخوات موسي" وجسدت فيه شخصية الصديقة للفنانة ميساء مغربي في الأحداث.
كما أحدثت مشاركتها في مسلسل "عمشة بنت عماش" نقلة كبيرة في مشوارها الفني، خصوصا وأنها ظهرت منذ الحلقة 16 مع بطلة العمل مروة محمد، وهي ترى أن التمثيل رسالة نبيلة قبل كل شيء، وأن شخصية الممثل في مسلسل لا تعكس شخصيته الحقيقية "في اعتقادي إنها تضحية من الفنانين من أجل المجتمع؛ لأن الفنان يتقمص الألم في دور يجب أن يؤديه بإتقان، وسر الإبداع في التمثيل أن تكون شخصا آخر في أي وقت".
وتؤكد شروق أن للممثلات السعوديات دورا بارزا في كثير من الأعمال الفنية حسب مواهبهن ودراساتهن، التي أتيحت لهن من خلال الأعمال الفنية المتميزة، والتي تحتل مساحات البث الرئيسية في أغلب الفضائيات العربية.
وكشفت عن أنها وجدت في البداية معارضة من جانب أهلها والمقربين منها للعمل بالفن "ولكن لإيماني بسمو الرسالة التي أحملها قررت خوض التجربة ونجحت في إقناع الجميع بأن الإنسان الملتزم في قرارة نفسه بدينه ومبادئه قادر على الوصول إلى مبتغاه وإن طال الطريق أو صعب".
وبعيدا عن هذه الأسماء لفتت هيفاء المنصور، التي درست الأدب الإنجليزي المقارن في الجامعة الأمريكية في القاهرة وتخرجت منها عام 1997 الأنظار إليها بعد إصرارها على العمل كمخرجة سينمائية، وتلقت تشجيعا من أهلها وقدمت عددا من الأفلام منها "من؟ "و "الرحيل المر" و "أنا والآخر" و"نساء بلا ظل" كما قامت بالإشراف على الفيلم السعودي الروائي الطويل الأول "كيف الحال".
أما الممثلتان الصاعدتان منى أول وشعاع توفيق، فقدمتا أعمالا مسرحية وإذاعية كثيرة، منها مسرحية "سبع كفوف" والتي قدم من خلالها المخرج معتز العبد الله سبع فتيات موهوبات تحدث كثيرا عن مواهبهن، وأكد أن الممثلة السعودية قادرة على منافسة الممثل الرجل في القدرة على العطاء والإجادة الفنية.
وينطبق الأمر على نادين حلواني، التي شاركت في مسرحيات خاصة بالنساء وأخرى للأطفال، وهي تطالب باستمرار بتنظيم عروض فنية مسرحية طوال العام، وألا تقتصر على الأعياد فقط، وترى أن المسرحيات النسائية أعطت هوية ووجها جديدا للأعياد سنويا، خصوصا مع سيطرة المواهب الوطنية عليها.
هبة سليمان والخوف من المجتمع
وتشارك وجنات رهبيني في أعمال فنية في الإذاعة والتليفزيون السعودي منذ أكثر من 30 عاما، وجميع أفراد أسرتها يعرفون أنها ممثلة محترفة. وهذا ما يحدث مع شيرين باوزير، التي شاركت في مسلسل "وينك يا درب الغنيمة" كما شاركت ثلاثة فنانات سعوديات، هن: فوزان الحسن وهبة سليمان وإيمان في برنامج "مهن غير" الذي كان عبارة عن كاميرا خفية وشارك معهن محمد الزهراني، وهو صاحب الفكرة وإخراج عمر الجاسر واعتبرت مشاركة هؤلاء الثلاثة بمثابة كسر للممنوع الاجتماعي.
وتقول هبة سليمان أنها ترددت كثيرا قبل قبول العمل خوفا من رد فعل المجتمع، إلى جانب كونها التجربة الأولى لها في مجال التمثيل، وهي تؤكد على وجود ممثلات موهوبات في السعودية، وعلى الدولة أن تقوم بتقديم الدعم لهن.
وكانت المسرحية النسائية السعودية "أخيرا عادوا" عن فكرة وإعداد نورا العبد الله، شاركت فيها عدد من الممثلات منهن الممثلة الإذاعية أغادير السعيد، التي قدمت شخصية "الخادمة ماريا" إلى جانب أمل حسين ونادين حلواني وشيرين حطاب وميرفت المنصوري، التي تولت أيضا إخراج المسرحية التي تناولت العلاقة بين الرجل والمرأة.
أما الممثلة أمل عبد الله فلفتت الأنظار إليها بقوة أثناء مشاركتها في الحلقات الكوميدية المتصلة المنفصلة "طاش ما طاش" وترددت أنباء أنها ابنة الممثل عبد الله السدحان وهما ما نفياه معا، كما تسربت شائعة أخرى بأنها شقيقة المغني عبد المجيد عبد الله، وهو ما تم نفيه أيضا.
وتؤكد أمل، التي شاركت أيضا في مسلسلي "بيني وبينك" و"عمشة بنت عماش" أنها وجدت صعوبة كبيرة في اختراق مجال الفن، خصوصا في إقناع أهلها علي اعتبار أن المجتمع السعودي لا يقبل بحرية الانفراد بالرأي، خصوصا بالنسبة للمرأة، ولكنها استطاعت الحصول على دعمهم فيما بعد.
وتضيف "كنت متوقعة منذ البداية أن يكون العمل بالفن صعب، ولكن مع التجربة العملية الحقيقية وجدت أنه أصعب مما توقعت، فالممثل حين يقوم بتمثيل دوره فلابد أن يحس بالدور وكأنه يعيشه حقيقة لكي يستطيع إقناع المشاهد بما يقدمه، وكذلك ليكون أداؤه مرضيا للجميع بدون أي تصنع زائد عن اللزوم".
وعن إسناد أدوار البطولة إليها، رغم أنها لا تزال في بداية الطريق قالت، إن الظروف ساعدتها في هذا الأمر "فمؤسسة الصدف للإنتاج الفني كان لها دور كبير في تشجيعي والأخذ بيدي بقيادة مديرها حسن عسيري وعمر الديني والطاقم الفني وكذلك لا أنسى الدور المهم والكبير للمخرج سائد بشير الهواري، والذي كان له دور رائع في صقل موهبتي الفنية".