عرابة صناعة الموضة «أنا وينتور» .. تنتظر وساما من ملكة بريطانيا

مساهماتها تعدت الموضة إلى الأعمال الخيرية والفنية
مساهماتها تعدت الموضة إلى الأعمال الخيرية والفنية

في 1 ديسمبر (كانون الأول) القادم ستقلد ملكة بريطانيا، إليزابيث الثانية، رئيسة تحرير مجلة «فوج» النسخة الأميركية وساما، لمساهماتها وجهودها في مجال الموضة. وهو وسام تستحقه حسب رأي كل من يعرفها من قريب أو بعيد في عالم الموضة لأياديها البيضاء على الكثير من المصممين وتأثيرها الإيجابي على الموضة ككل. 
 
بهذه المناسبة تجول بالبال عدة أسئلة: من هي أنا وينتور، وما سر نجاحها الذي استمر 25 عاما، وكيف حفرت لنفسها تلك المكانة التي حولتها إلى عرابة الموضة التي يحترمها الكل ويخافها الكثيرون لما لها من قوة من شأنها أن تحلق بأي مصمم ينال رضاها، عاليا أو تطيح به أسفل الأرض إذا لم يرق لها أسلوبه؟
 
لا يختلف اثنان أن سر نجاحها يكمن في قدرتها على إدارة المجلة فنيا وإداريا على حد سواء، مما يجعلها سيدة أعمال من الطراز الأول. 
 
يكمن أيضا في برودة أعصابها التي جعلت البعض يطلق عليها لقب المرأة الجليدية والبعض الآخر المرأة الحديدية، وهي برودة تساعدها على الحكم على الأمور بموضوعية، وتتجلى في مظهرها المرتب في كل الأوقات. فهي لا تستغني عن الفساتين المنتقاة بعناية من دار «شانيل»، خصوصا وقصة الشعر الكاريه بغرتها الصارمة، ونظاراتها السوداء التي تخفي ملامحها وبالتالي ما يدور في ذهنها.
 
أنا وينتور، البالغة من العمر 65 عاما، تعتبر من أهم ما صدرته بريطانيا إلى الولايات المتحدة الأميركية، بحكم أنها ولدت في بريطانيا. منذ صغرها كانت محاطة بأجواء صحافية، ويمكن القول إنها تعلمت أصول المهنة على يد والدها الذي كان رئيس تحرير الجريدة البريطانية «إيفنينغ ستاندرد». 
 
وبدأ مشوارها الصحافي وهي في 16 من العمر، فهي لم تحصل على شهادات عالية كما قد يتبادر إلى الذهن، لكنها تعلمت كل شيء من الحياة الميدانية، وساعدها على ذلك شخصيتها القوية وطموحها الجامح.
 
كانت أهم نقلة في حياتها عندما أصبحت رئيسة تحرير مجلة «فوغ» الأميركية عام 1988، ومنذ أن تسلمتها غيرت سياستها وفلسفتها بل وحتى شكلها.
 
أول شيء قامت به هو جعلها في متناول الجميع بعد أن كانت موجهة للنخبة فقط، انطلاقا من قناعتها بأن الموضة تبدأ من الأرض ومن الواقع وليس من برج عاجي.
 
في لقاء أجرته معها جريدة «التلغراف» في ذلك الحين، قالت إن: «هدفها هو أن تجعل المجلة بإيقاع سريع وحيوي، وفي الوقت ذاته مثيرة».
 
وأضافت: «أنا لست مهتمة بمخاطبة الثريات فقط، بل أريد أن تكون قارئتي ديناميكية، وامرأة قوية ومستقلة لأنها تملك ثروة خاصة بها كما لها اهتمام متنوعة».
 
وكان من البديهي أن تتغير نتيجة هذه النظرة طريقة تصوير الموضة.
 
فبعد أن كانت العارضة تظهر في أناقة منمقة من الرأس إلى أخمص القدمين، ارتأت هي أن تجعل الإطلالة أكثر بساطة وأقرب إلى الواقع حتى تعكس صورة امرأة عصرية يمكن التفاعل معها بسهولة، وهو ما كان. 
 
منحت مصممين ومصورين شبابا فرصا من ذهب، وشجعت على تصوير الأزياء بمزج الغالي والرخيص حتى لا تجعل الموضة بعيدة المنال، كما وضعت نجمات مشهورات على أغلفتها بعد ما كانت عارضات الأزياء يحتكرنها من قبل.
 
ومن الروايات التي ما زال يذكرها الكثير ممن عملوا معها آنذاك، أنهم أصيبوا بصدمة عندما كانت تطلب أزياء فاخرة من المصممين لتصويرها، وإذا لم تكن على مقاس العارضة، لم تكن تتورع أو تتردد ولو ثانية في قصها من دون أن تأخذ إذن المصمم، وهو الأمر الذي لا تستطيع أي محررة أزياء أن تتجرأ حتى بالتفكير فيه إلى الآن. زيادة مبيعات المجلة قواها وزاد من سلطتها، لتصبح عرابة الموضة بلا منازع.
 
محطات في حياتها
- في عام 1970 كانت بدايتها في عالم الصحافة مع مجلة «هاربرز» آند كوين.
 
- في عام 1983 التحقت بـ«كوندي ناست» كمديرة فنية لمجلة «فوغ » الأميركية.
 
- في عام 1986 عادت إلى بريطانيا كرئيسة تحرير مجلة «فوغ» النسخة البريطانية.
 
- في عام 1988، التحقت مرة ثانية بمجلة «فوغ» النسخة الأميركية كرئيسة تحريرها.
 
- في سبتمبر (أيلول) من عام 2004 وصلت صفحات المجلة إلى 832 صفحة، الأمر الذي شكل سبقا حطم كل المقاييس بعدد إعلاناته ونتج عنه فيلم خاص عنها وعن إعداد العدد
 
- في عام 2013 تم تعيينها كمديرة فنية في «كوندي ناست».
 
- شعرت بحسها أن ثقافة السوق تغيرت بسبب تغير وضع المرأة واستقلاليتها المادية، لهذا توجهت لهذه الشريحة التي ليس لها وقت للتسوق في كل الأوقات بل لها أعمال أخرى تشغلها وتأخذ حيزا من اهتماماتها، لهذا تريد أن تعرف ما هو مناسب، وأين يمكنها شراؤه وكيف تنسقه.
 
وهذا ما ركزت عليه المجلة في عهدها، ونجحت فيه. نجاحها تجسد في استعادة المجلة رونقها ومكانتها في السوق التي كانت قد تراجعت لصالح مجلة «إيل» من قبل.
 
كانت أول من بدأ تقليد الاستعانة بنجمات هوليوود في أغلفتها بعد أن كانت الأولوية لعارضات الأزياء من قبل.
 
إنجازاتها
المقربون منها يؤكدون أن تحت قناع الصرامة والبرود تكمن إنسانة تحب أن تساعد الآخرين ومخلصة لأصدقائها، وهو الأمر الذي عبر عنه مصمم الأحذية المشهور، مانولو بلانيك، أحسن تعبير في إحدى المقابلات بقوله: «لقد شجعت أفواجا من المصممين الصغار والشباب، فهي تتمتع بحاسة شم قوية جدا تمكنها من معرفة الموهوبين منهم وإبرازهم». 
 
الدليل أن الفضل يعود لها في منح الكثير من المصممين فرصة عمرهم، مثل مارك جايكوبس، ألكسندر ماكوين وجون غاليانو، هذا الأخير، اعترف سابقا بأن «لها توقيتا رائعا في التدخل لتغيير مسار حياة المصمم.. لقد كنت ضائعا في باريس في بداية مشواري، بلا مال ولا أمل في تحسين وضعي، حينها تدخلت لتقدم لي نصائح لا تقدر بثمن، ثم دفعت نفقات سفري إلى نيويورك حيث عرفتني بممول».
 
لها اهتمامات خيرية كثيرة ولعبت أدوارا كبيرة في جمع التبرعات للتوعية بمرض الإيدز والأبحاث المتعلقة به. في عام 1990، مثلا، ساهمت في جمع نحو 20 مليون دولار، أي نحو 12.6 مليون جنيه إسترليني.
 
ولها أيضا اهتمامات بالفنون ويرجع لها الفضل في إعادة البريق لمتحف المتروبوليتان بنيويورك من خلال الحفل السنوي الذي أصبح مناسبة مهمة في أجندة الموضة العالمية، ويستفيد منه المتحف بالتبرعات. في عام 1995، أقامت نحو 6 حفلات لجمع التبرعات لإعادة المتحف إلى سابق عهده، أسفرت في المجموع عن 130 مليون دولار أميركي، أي نحو 82 مليون جنيه إسترليني.
 
في عام 2003 أطلقت مبادرة «سي إف دي آي / فوغ» التي تتلخص في توفير جوائز مالية لدعم مصممين أميركيين صاعدين، وفي عام 2009 ولمواجهة الأزمة العالمية التي أثرت على الموضة، بدأت تقليد «فاشن نايت أوت» لإعادة الثقة إلى السوق بالتشجيع على التسوق.