نصائح طبية للتعامل مع آلام المعدة الشائعة لدى الأطفال
05:39 م - الخميس 17 يناير 2013
وصلت فتاة تبلغ من العمر 9 أعوام إلى عيادتي وهي تشكو من آلام في المعدة. لقد جاءت إلى عدة مرات خلال الاثني عشر شهرا الماضية وهي تعاني اضطرابا في البطن.
وكان الألم مرتبطا أحيانا بالتهاب الحلق، وكان علي التأكد حينها من عدم إصابتها بالتهاب اللوزتين.
وكانت تعاني في مرات أخرى إسهالا نتيجة عدوى فيروسية.
مع ذلك، هذه المرة كانت مختلفة عن المرات السابقة، حيث لم توضح حتى الفحوص والاختبارات سبب ما تشعر به من آلام في المعدة.
وكان كل شيء طبيعيا، ثم نظرنا في اليوميات التي كانت تدونها والدتها بناء على طلبي لرصد كل ما كانت تتناوله ابنتها والعادات المرتبطة بدخولها دورة المياه لمعرفة ما إذا كان هناك أي سبب نفسي للألم أم لا.
وسرعان ما اتضح أن آلام المعدة المتكررة التي كانت الفتاة تشعر بها مرتبطة بالقلق من المدرسة.
وبمجرد إدراك الفتاة لهذه الصلة وتحدثها عن القلق، تراجعت الآلام بشكل كبير ولم أعد أراها كثيرا في عيادتي.
آلام المعدة
من أكثر أسباب زيارة عيادات أطباء الأطفال، حيث كثيرا ما يشعر الآباء بالقلق من إصابة أبنائهم بمرض في الكلى أو التهاب في الزائدة الدودية.
ورغم أن آلام البطن قد تكون ناتجة عن أمراض خطيرة، عادة ما تحدث آلام المعدة لدى الأطفال بسبب أقل إثارة للقلق مثل نوعية الطعام أو الإمساك أو التوتر، خاصة في بداية العام الدراسي.
ويمكن تقسيم آلام البطن إلى نوعين:
الأول:
ألم حاد يستمر لأقل من أسبوع، يمكن أن يحدث فجأة، أو يتزايد تدريجيا على مدار اليوم. ويرى أطباء أطفال أطفالا يعانون هذا النوع من الألم يوميا، وعادة ما تكون المشكلة عدوى فيروسية بسيطة وتكون الحالة أشبه بـ«أنفلونزا في المعدة» أو التهاب في الحلق.
أما الثاني:
فهو الألم المتكرر بشكل متقطع لأسابيع أو لشهور أو لسنوات.
ويتوجه من 10 إلى 15% من الأطفال، الذين هم في سن المدرسة، للحصول على رعاية صحية بسبب هذا الألم.
ويكون السبب في أغلب الحالات هو التوتر أو الإمساك أو عدم تحمل اللاكتوز الذي لا يستطيع خلالها الجهاز الهضمي معالجة السكر الموجود في منتجات الألبان.
وتسبب الأنظمة الغذائية التي تشتمل على الكثير من شراب الذرة، الذي يحتوي على نسبة عالية من الفركتوز، بعض المشاكل في هذا الشأن.
وقد تؤدي بعض العقاقير المضادة للالتهاب، مثل «الإيبوبروفين»، إلى آلام في البطن، رغم أن هذا يحدث أكثر لدى البالغين لا الأطفال. ومن الأسباب الأكثر خطورة التي تؤدي إلى آلام البطن المتكررة مرض حساسية القمح والتهاب القولون التقرحي وداء كرون، لكنها أقل انتشارا.
التشخيص
عندما يفحص الأطباء الأطفال الذين يعانون آلاما متكررة في البطن، يبدأون بالسؤال عن التاريخ المرضي، لأن هذا عادة ما يشير إلى السبب.
وعلى سبيل المثال، من المهم بالنسبة للآباء معرفة معدل قيام الطفل بعملية الإخراج، لأن البالغين عادة لا يدركون ما يحدث عندما يدخل أبناؤهم الحمام بمجرد اعتيادهم قضاء حاجتهم وحدهم.
وعادة ما يكون الألم، الذي يحدث خلال أيام الأسبوع أكثر مما يحدث خلال عطلات نهاية الأسبوع أو الإجازات، بسبب التوتر.
ومع ذلك، قد لا تكون عطلات نهاية الأسبوع بالضرورة خالية من التوتر، حيث يكون على الأطفال ممارسة أنشطة رياضية أو تكون لديهم مشاكل أسرية مثل انفصال الوالدين أو طلاقهما.
الأعراض، التي قد تكون مؤشرا لوجود سبب خطير، هي القيء المستمر أو الإسهال أو فقدان الوزن، أو الألم الذي يوقظ الطفل من النوم، أو الذي لا يكون في الجزء الأوسط من البطن حول السرة.
في هذه الحالات، يطلب الطبيب من المريض إجراء اختبارات دم وبول وبراز وتصوير بأشعة إكس والسونوغرام على البطن. إذا كانت هناك حاجة إلى المزيد من المتابعة، ربما يتم تحويل الطفل إلى اختصاصي.
مع ذلك، يمكن معالجة آلام البطن، التي يذهب بسببها الأطفال إلى عيادة طبيب الأطفال في أغلب الأحيان، بإجراء بعض التغييرات في النظام الغذائي أو الروتين اليومي.
عدم تحمل اللاكتوز
اللاكتوز هو السكر الموجود في الحليب والجبن والزبادي ومنتجات الألبان الأخرى.
أما اللاكتيز فهو الإنزيم اللازم لتكسير اللاكتوز ليصبح هضمه ممكنا ويفرز في الجزء العلوي من الأمعاء الدقيقة، لكن بعض الناس لا يستطيعون إفرازه، لذا فعند تناولهم أي طعام يحتوي على اللاكتوز فإنه يصل إلى الأمعاء الغليظة من دون تفكيكه.
ولذا تستهلكه البكتيريا وتفرز مكونات قد تسبب الشعور بالغثيان لدى الشخص. من أعراض هذا المرض: الغثيان والتجشؤ وألم المعدة والإسهال وزيادة الغازات.
ليس عدم تحمل اللاكتوز ظاهرة تحدث بأعراضها كاملة، فبعض الناس قادرون على تحمل كميات صغيرة من اللاكتوز، في حين يمكن أن يشعر البعض الآخر بالغثيان في حال تناولهم أي قدر من اللاكتوز.
أفضل طريقة للتعامل مع هذه الحالة، هو عدم تناول السكر الموجود في اللبن.
ويقوم أكثر الناس بذلك من خلال تناول لبن خال من اللاكتوز، المتوافر في كثير من متاجر البقالة. ويمكن أيضا تناول مكملات اللاكتيز قبل تناول أي منتج من منتجات الألبان.
ومن الحلول أيضا تناول الآيس كريم أو أي منتج آخر مصنوع من مصادر غير اللبن مثل الصويا أو الأرز أو اللوز.
الإمساك
لقد عملت طبيب أطفال لما يزيد على 25 سنة، ولا تزال هناك ثلاثة أمور تفاجئي.
الأمر الأول: هو عدد الذين يعانون الإمساك.
وحسب بيني كيرزنر، الرئيس الشرفي لطب أمراض الجهاز الهضمي للأطفال في المركز القومي لطب الأطفال، يعاني 25% من الأطفال الذين يتم تحويلهم إلى اختصاصيين مثلي، الإمساك.
والأمر الثاني: هو أن أكثر الناس لا يدركون أن الإمساك سبب شائع لألم البطن.
أما الأمر الثالث: فهو أن الإمساك يعبر عن نفسه بشكل لا يثير الشبهة.
قد تكون حركة الأمعاء لدى الذين يعانون الإمساك بطيئة مرة أو مرتين خلال الأسبوع، أو يكون شكل البراز مثل براز الأرنب يوميا. ويعاني البعض الإمساك بشكل منتظم، في حين يحدث للبعض الآخر هذه الحالة مرة بين الحين والآخر.
في بعض حالات الإمساك، لا تكون هناك أعراض سوى صعوبة في التبرز، في حين يشعر البعض الآخر بانتفاخ أو ألم في المعدة لأيام قبل أن يتمكنوا من التبرز.
ويمكن أن يحدث الإمساك تدريجيا أو مفاجئا إلى الحد الذي يجعل الشخص يشعر بألم مضاعف. وليس من النادر أن يهرع الآباء بأبنائهم إلى غرفة الطوارئ في المستشفى لاعتقادهم أن الألم بسبب التهابا في الزائدة الدودية.
حالات مرضية قليلة جدا هي التي تؤدي إلى الإمساك لدى الأطفال، حيث يحدث في أغلب الأوقات بسبب الغذاء أو عدم تناول قدر كاف من الماء أو مشاكل داخل الأسرة.
من الأطعمة التي تتسبب في حدوث الإمساك، منتجات الألبان والحبوب المعالجة مثل الخبز الأبيض أو المعكرونة أو الأرز.
ويعاني البعض مشاكل في حال تناولهم التفاح أو الموز.
ويقول الكثير من خبراء التغذية، إن الموز غير الناضج يسبب هذه المشكلة أحيانا.
في ما يتعلق بألم المعدة الناتج عن إمساك، فيكون من الجيد تناول أطعمة تحتوي على كمية كبيرة من الألياف أو سوائل كثيرة أو ممارسة التمرينات الرياضية بشكل مكثف، حيث يؤدي ذلك إلى مرور المواد عبر الأمعاء الدقيقة، وعدم التباطؤ في الذهاب إلى الحمام عند الشعور بالحاجة إلى ذلك.
وهناك عدد من العقاقير التي تساعد في حل هذه المشكلة في حال عدم جدوى تغيير النظام الغذائي. وينبغي أن يتحدث الآباء مع الطبيب قبل استخدام أي عقار.
التوتر
على الجميع التعامل مع التوتر. لحسن الحظ، فإن البشر والحيوانات مزودون بوسائل يحتاجونها للمقاومة أو الهروب بحسب ما تقضيه الأحوال.
ويسمى هذا الاستجابة الطبيعية للخوف.
ولا تحدث هذه الاستجابة فقط عندما يقترب حدوث موقف مقلق للغاية، إذ قد يؤدي التوتر اليومي، الذي يعانيه الناس مثل القلق من الفواتير، والتفاعل مع أقرانهم في المدرسة، إلى حدوث أشكال مختلفة من هذه الاستجابة.
إنها أقل حدة، لكنها تدوم لفترة أطول.
ويمكن أن يؤدي رد الفعل البيولوجي، الذي يمنح المرء قوة إضافية في ساعات الخطر، إلى الأعراض نفسها في مواجهة التوتر العادي، ومنها: ارتفاع معدل ضربات القلب، والاضطراب، والشعور بالقلق أو الغثيان، وألم في المعدة، وتعرق في راحة اليد.
من الطرق التي تساعد في تفسير هذه الظاهرة لدى الأطفال، سؤالهم عما إذا كانوا يشعرون بالغثيان قبل مباراة كرة قدم أو عندما يكون عليهم التحدث أمام زملائهم في الحجرة الدراسية.
يحدث التوتر ألما في المعدة عندما يكون رد فعل الأعصاب الموجودة في الأمعاء لعملية الهضم الطبيعية، غير طبيعية، وتدفع الفضلات خارج الجسم.
وهناك حقيقتان أخريان مهمتان في أمر ألم البطن الناجم عن التوتر؛ الحقيقة الأولى: هي أن الموقف الذي يسبب التوتر لا يحدث عادة عندما يشعر المرء بألم.
والحقيقة الثانية: هي أنه رغم أن التوتر هو السبب، يكون الألم حقيقيا.
ان التعامل مع ألم البطن الناجم عن التوتر أصعب من التعامل مع الإمساك أو عدم تحمل اللاكتوز.
والنظام الغذائي الصحي أمر ضروري بوجه عام، ويمكن أن يساعد تناول مكملات غذائية من البكتريا الحية في تخفيف الألم في بعض الحالات.
ويمكن أن تساعد بعض الإجراءات الأخرى في التعامل مع الحالة ومنها تعلم تقنيات التنفس العميق، التي تساعد الناس على الهدوء.
وهناك أسطوانات مدمجة مخصصة للأطفال يمكنها أن تعرفهم على طرق التنفس العميق واسترخاء الجسم.
كذلك يمكن للأطفال الأكبر سنا الاشتراك في دروس اليوغا لتنظيم التنفس.
حاول اكتشاف سبب التوتر من خلال التحدث مع طفلك عن المدرسة والأصدقاء والمنزل أو ما شابه من أمور.
تواصل مع الطبيب المعالج لطفلك من أجل معرفة إرشادات تساعد في التعامل مع المشكلة.
اطلب استشارة من اختصاصي صحة عقلية إذا لم تتبدد آلام المعدة الناتجة عن التوتر بعد تطبيق استشارات طبيب أطفال.