ألاحظ أن البعض يتثاءب أكثر من المعتاد، ما معنى ذلك؟ وهل كثرة التثاؤب لها علاقة بأي من الأمراض؟
التثاؤب فعل ربما لا يستغرق أكثر من 6 ثوان في الغالب، ولكن يحصل خلاله أخذ نفس عميق ثم إخراج الهواء بسرعة مع شد للذراعين وتحريكهما في الهواء ببطء وعبوس في الوجه وضيق في فتحة العينين وربما خروج قطرة من الدمع، ومع تمدد العضلات تزداد سرعة نبضات القلب.
وبالعموم، فإن غالبية فصيلة الفقريات يتكرر لديها فعل التثاؤب خلال اليوم، وبعضها ربما 10 مرات في الساعة، خاصة في ساعات الصباح الأولى، وقبل فترة النوم. ولدى البشر، يبدأ الطفل الجنين بعمر عشرة أسابيع بالتثاؤب.
وليس من المعلوم هل هو علامة على الإرهاق والتعب أم علامة على الملل أم علامة على النعاس وحلول وقت الخلود إلى النوم أم رسالة يوجهها المرء للغير. والشيء الأكيد، أن التثاؤب ليس بالضرورة مؤشرا على الحاجة إلى النوم، وإلا لماذا يتثاءب البعض بعيد الاستيقاظ وأخذ قسط كاف منه؟ ولماذا يتثاءب البعض في أوقات النهار التي يكون فيها بكامل يقظته؟ ولماذا يتثاءب البعض بمجرد رؤية أحدهم وهو يتثاءب.
ولأن التنفس بعمق، كما يحصل في التثاؤب، يهدف إلى تزويد الرئة بمزيد من الهواء المحتوي على الأكسجين ويخلص الرئة من كمية فائضة من غاز ثاني أكسيد الكربون، فإن البعض يعتقد أن التثاؤب فعل لا إرادي للجسم في محاولة لرفع نسبة الأكسجين في الدم حال انخفاضه أو في محاولة لتخليص الجسم من كمية متراكمة من غاز ثاني أكسيد الكربون.
ولكن هذا أيضا غير صحيح، وهناك تجارب كثيرة لم تلحظ أن نقص أكسجين الدم يعني ارتفاع القيام بعملية التثاؤب أو أن ارتفاع الأكسجين في الدم يؤدي إلى نقص القيام بعملية التثاؤب، وكذا الشيء نفسه بالنسبة لانخفاض أو ارتفاع نسبة غاز ثاني أكسيد الكربون.
كما لا يعرف بشكل دقيق لماذا التثاؤب حالة «معدية» وبمجرد رؤية إنسان يتثاءب ربما تثاءب البعض من حوله. ودون الخوض في عشرات النظريات المطروحة اليوم حول أسباب التثاؤب، التي لم يثبت صحة أي منها، فإن هناك بالفعل عدة أمراض عصبية من مظاهرها كثرة التثاؤب، ومنها مرض التصلب اللوحي المتعدد والتصلب الجانبي الضموري، وبعد التعرض للإشعاعات العلاجية، وبين الأشخاص الذين عولجوا من مرض الشلل الرعاشي، وقبل بدء نوبة الصداع النصفي. ويقل التثاؤب لدى مرضى الفصام العصبي. وأرجو أن يكون هذا كافيا للإجابة عن تساؤلك.