عمري 42 سنة، وأشكو من الإسهال لمدة تزيد على ثلاثة أشهر. راجعت عدة أطباء، وأجري لي منظار للقولون وكانت النتيجة طبيعية، كما أجريت تحاليل الدم للغدة الدرقية ووظائف الكلى والكبد ومؤشرات الأورام وخلايا الد
بداية، فإن إجراء منظار القولون وتحاليل البراز هي فحوصات أساسية في حالات الشكوى من الإسهال، وخاصة إذا طالت المدة عن ستة أسابيع، وعلى الرغم من أن نتائجها كانت سلبية مطمئنة لديك، فإن هناك أسبابا أخرى للإسهال تكون فيها نتائج هذه الفحوصات طبيعية، ويجب التنبه لها ومعالجتها، منها ما هو شائع نسبيا ومنها ما هو نادر.
ومن أمثلة تلك الحالات المرضية الشائعة، التي تتسبب بالإسهال وتكون فيها فحوصات منظار القولون وتحاليل البراز طبيعية، حالات القولون العصبي، ولا يشكو بعض المصابين بالقولون العصبي من الإمساك، بل من الإسهال فقط، وتزيد الأعراض لديهم حال تعرضهم للتوتر النفسي أو تناولهم بعضا من أنواع الأطعمة.
وكذلك هناك حالات من الإسهال المزمن الناجمة عن حصول أحد الآثار الجانبية لبعض أنواع الأدوية، وهناك قائمة غير صغيرة لأدوية قد تتسبب بهذه المشكلة. وكذلك هناك حالات الحساسية من بعض المواد الكيميائية الطبيعية الموجودة في بعض المنتجات الغذائية النباتية، التي تتسبب بالإسهال نتيجة لتلف في بطانة الأمعاء الدقيقة وعدم قدرة الأمعاء الدقيقة بالتالي على امتصاص بعض العناصر الغذائية مثل السكريات والدهون، وهذه العناصر الغذائية حينما توجد في القولون فإنها تتسبب في الإسهال.
كما أن بعض أنواع منها هي ليست حساسية بالمعنى الطبي بل هي حالات عدم تقبل الأمعاء لهضم تلك الأغذية، مثلما يحصل لدى البعض من الحليب ومشتقات الألبان جراء عدم قدرة الأمعاء على هضم سكريات الحليب. والملاحظ في هذه الحالات أن الإسهال لا يحصل عند تناول لبن الزبادي، بل يحصل عند شرب الحليب أو مشتقات الألبان الأخرى غير لبن الزبادي.
والذي يجدر التنبه له أن العمل على تشخيص سبب الإسهال، وخاصة عندما تكون الفحوصات الأولية طبيعية، يتطلب متابعة وعناية من الطبيب وتفاعلا بالاهتمام من المريض. وقد يطلب الطبيب ملاحظة عدة جوانب، مثل علاقة الإسهال بالنوم. وفي حالات القولون العصبي يكون الإسهال حال الاستيقاظ، ولا يحصل الإسهال حال النوم، بمعنى أنه لا يضطر للاستيقاظ من النوم للتبرز، بخلاف حالات أخرى من الإسهال الناجم عن الاضطرابات الهرمونية أو الأورام أو الالتهابات الميكروبية.
كما سيسأل الطبيب ملاحظة ما إذا كان ثمة ارتفاع في الحرارة أو انخفاض في وزن الجسم وغيره، مما قد يُصاحب حالات الالتهابات في الأمعاء سواء كانت ناتجة عن إصابات ميكروبية أو غير ميكروبية. ومن النادر أن يصل الأطباء إلى تقييد الحالة ضد مجهول، أي عدم القدرة على الوصول إلى سبب الإسهال. والمهم هو بذل الجهد في المتابعة الطبية عبر انتقاء الطبيب الفاهم الذي يبذل الجهد في العناية بمرضاه، والمتابعة معه وصولا إلى معرفة التشخيص.