هل تناول أسماك التونة أو الساردين أو السلمون المعلبة، طريقة آمنة لتزويد الجسم بحاجته الأسبوعية من الأسماك؟

إن تعليب الأطعمة، أيا كان نوعها، يمكن أن يكون سببا في مشكلات صحية إذا احتوت عبوات الأطعمة تلك على مواد ضارة ممتزجة بالأطعمة الطبيعية التي تم تعليبها. وبالعموم، فإن مخاطر هذه المواد ليست كبيرة لدرجة تدفع الشخص أوتوماتيكيا للامتناع تماما عن تناول أي أنواع الأطعمة المُعلبة، بل المطلوب أن لا تصبح عادة المرء هي تناول الأطعمة من المعلبات عدة مرات في الأسبوع، ولفترات زمنية طويلة.


وتعليب الأطعمة بالأصل نشأ في فترات متأخرة كإحدى الوسائل التي تمكن من توفير أصناف عدة من المأكولات للناس الذين يتعذر عليهم الحصول على تلك الأنواع من الأطعمة بهيئة طازجة، أي أسوة بالوسائل القديمة، كالتجفيف أو التمليح أو تدخين اللحوم أو غيرها. كما أن هناك وسائل أخرى ظهرت بعد التعليب كالتبريد والتجميد وغيرها.

وفي التعليب، تكون الإشكالية أكبر في الأطعمة التي تكون إما في هيئة سائلة أو هي عالية الحموضة، مثل الطماطم أو صلصة الطماطم. وكذلك الممزوجة بالزيوت، كالسردين أو التونة، والتي يتم طهيها أكثر من مرة خلال عملية التعليب. وللتوضيح، فإن أسماك السردين أو التونة أو السلمون، يتم طهيها جزئيا قبل التعليب، ثم يتم تعليبها، ثم تطهى مرة ثانية بعد التعليب لغايات تتعلق بالتعقيم. وهنا ترتفع احتمالات أن تنتقل بعض المواد من مكونات العلبة المعدنية والبطانة البلاستيكية لها، إلى قطع سمك السردين أو التونة أو السلمون في وجود الزيوت.

والسؤال في حال الأسماك المُعلبة، كالسلمون أو التونة أو السردين، ليس هو: هل تلك المعلبات خالية تماما من أي مركبات كيميائية ضارة؟

لأن الإجابة ببساطة هي «لا». وليس هذا فحسب، بل كلنا يعلم أن هناك مواد كيميائية وميكروبية قد توجد في الأسماك وغيرها من الأطعمة البحرية الطازجة نتيجة لتلوث البيئات البحرية في مناطق مختلفة من العالم بالزئبق أو الفيروسات أو الطفيليات. ولكن السؤال: كم هو مقدار خطورة التأثيرات الصحية السلبية لتناول لحوم الأسماك المعلبة تلك؟. بمعنى، هل فوائد تناول الأسماك، التي ثبتت علميا، والتي تدفع الهيئات الطبية إلى نصيحة عموم الناس بتناول وجبتين أسبوعيا من الأسماك، تفوق تلك المخاطر المحتملة التي توجد في الأسماك المعلبة تلك؟

وبلا شك، فإن تناول الأسماك الطازجة، والتي يتم اصطيادها من مناطق بعيدة عن الشواطئ المتلوثة، هو الأفضل. ولكن هناك دراسات طبية قليلة بحثت في تحديد كمية المواد الناتجة عن تفاعل الحرارة والزيوت مع البطانة البلاستيكية لعلب الأسماك. وتحديدا حول نسبة مادة «بايفيسفينول». وهي مادة سبق الحديث عنها في مقال مستقل في مجلة «صحتك» بـ«الشرق الأوسط» قبل بضع سنوات عند الحديث عن المواد البلاستيكية بالعموم. وهذه الدراسات القليلة، التي تم إجراؤها في الولايات المتحدة وأوروبا، كانت هي الأخرى متضاربة في نتائجها، بعضها ذكر أن الأسماك المعلبة تتلوث بها، والبعض الآخر لم يلحظ ذلك.

ولذا فمن الصعب الجزم بأضرار تناول المعلبات تلك، ويظل الأفضل هو الحرص على تناول الأسماك الطازجة بعد طهيها بطريقة صحية. أي مشوية أو مسلوقة، وبالذات غير مقلية في الزيوت النباتية المهدرجة. ولكن إذا كان الشخص لا يتناول تلك الأسماك، أو يعيش في مناطق لا تتوفر له الأسماك طازجة، فإن الأفضل هو عدم الانقطاع التام عن تناولها، بل تناولها مرتين في الأسبوع حتى لو كانت معلبة.