مقتطفات من أسبوع باريس للأزياء الراقية لخريف وشتاء 2010-2011

تغيرت خريطة موسم «الهوت كوتير» بشكل كبير هذه المرة. فقد أصبح أكثر نحافة بعد أن غابت أسماء كبيرة من لائحته، بدءا من كريستيان لاكروا، إلى دار «جيفنشي» التي اكتفت بما يشبه المعرض وبمواعيد خاصة، كما أن عدد الحضور تقلص بتقلص الميزانيات.


عرض «ديور» الذي أقيم في متحف «رودان» مثلا كان أصغر مقارنة بالسابق وغاب عنه الإخراج الدرامي المعهود من البريطاني جون غاليانو، الذي اكتفى في المقابل بدرامية الأزياء، ويا لها من درامية.

خريطة الحضور أيضا تغيرت، فزبونات الـ«هوت كوتير» القديمات اختفت غالبيتهن، لأسباب عدة، منها عامل السن ودورة الحياة، وحلت محلهن شريحة جديدة من الشابات لا يتعدين الثلاثينات، سواء من الشرق الأوسط أو الشرق الأقصى، احتللن المقاعد الأمامية.

ولحسن حظ الـ«هوت كوتير» والمصممين، فإن هذا الجيل الجديد من الزبونات ذواقات كما يتوفرن على الإمكانيات التي تمكنهن من تسجيل طلباتهن مباشرة بعد أي عرض، حتى يتم تنفيذها بعد شهر رمضان، حيث ستقام الكثير من الأعراس.

من جهة أخرى، فإن هؤلاء الزبونات أيضا محظوظات لأن رشاقة الأسبوع لم تؤثر على وزنه ولا على إبداع المشاركين فيه، الذين كانوا يدركون أهمية المحافظة عليه وما يؤججه من حلم هم في أمس الحاجة إليه حاليا.

لهذا كان هناك كم هائل من الفساتين التي ستجد فيها أي امرأة تطمح للتميز والتفرد بغيتها، تلخصت في تصميمات متنوعة أجمعت كلها على الفنية والترف.

ستيفان رولان .. منحوتات فنية
أعاد ستيفان رولان إلى الأذهان معنى «الهوت كوتير» كما أرساها المؤسسون. فنية عالية على كل المستويات، لعب فيها دور نحات ورسام في الوقت ذاته، بحيث رسمها بألوان البحر وتضارب أمواجه وانعكاسات السماء بزرقتها ورماديتها.

إذا كان البعض في السابق ينتقد فنية أزياء هذا الموسم وينعتها بالجنون على أساس أن مكانها الطبيعي هو المتاحف، فإنه حتما سيغير رأيه بعد هذه التشكيلة.

نعم استوحاها رولان من الفنان انيش كابور، ونعم أخذ منه الكثير من التقنيات والأفكار مثل التجاويف الغائرة والانحناءات، لكن كل ما فيها يخاطب امرأة واقعية، لأن كل ما فيها ببساطة يتيح لها حرية الحركة، وسيجعلها تلفت الأنظار أينما حلت.

فإذا كانت أعمال انيش كابور غير متحركة، فلأن أدواته مختلفة تماما عن أدوات ستيفان رولان، الذي جاءت تصميماته ترقص حتى وهي واقفة.

فمع كل خطوة تنبعث حركة سواء من ذيل طويل ملتف، أو تفاصيل على شكل وريقات شجر مصنوعة من قماش الأورغنزا تداعبها نسمات هواء.

«ديور» .. لغة الورود
إذا كنت تعتقدين أن موضة الورود والأزهار التي تكاد تقفز من الفساتين والإكسسوارات وشملت المجوهرات أيضا ستختفي قريبا، ففكري مرة أخرى، فعالم الموضة يبدو كأنه لا يزال واقعا في حبها، ومنهم جون غاليانو، مصمم دار «ديور» الذي قرر أنها ستبقى معك في شتاء 2011.

وإذا كان ما قدمه هو المقياس، فإنك حتما ستعشقين هذه الموجة ولن يصيبك الملل منها، وإن كنت ستحتاجين إلى التخفيف منها قليلا.

ما يشفع لها جرعتها الزائدة أن تقنياتها عصرية تجعل الحرير يتدرج بشكل متماوج وكأن الطبيعة هي التي أبدعته.

غاليانو صرح أنه عاد إلى مدينة غرانفيل، مسقط رأس السيد كريستيان ديور، وتحديدا حديقة بيته، ليقطف منها باقات مشكلة زرعها على فساتين السهرة والمساء كما على فساتين الكوكتيل التي تدرجت فيها النقوشات والألوان.

كل قطعة في هذه التشكيلة درامية وتستحضر أسلوب غاليانو في قمته، أسلوب يشطح فيه قليلا ويحترم فيه إرث الدار قليلا من خلال العودة دائما إلى الجاكيت المشدود عن الخصر والتنورة ذات الأشكال السخية.

«شانيل» .. بريق وحشمة
دار «شانيل» لعبت على قوة الأسد، على أساس أن المؤسسة كوكو شانيل من مواليد هذا البرج، لكنها بدت كما تقول، ولو لا شعوريا، إنها مثل الأسد بقوتها الحالية.

وفي كل الأحوال، يبدو أن مصممها توجه بأنظاره صوب الشرق، ربما لأنه أكثر من يعرف أن خريطة الزبونات تغيرت، وأن عدد الأميركيات اللاتي تعود عليهن في السابق تقلص، وباتت القوة الشرائية في يد العربيات والروسيات.

وهذا ما يفسر، بلا شك، كم البريق الذي رصع به فساتينه وتايوراته بل وحتى أحذيته العالية الرقبة، وأيضا ما يفسر الأطوال التي تبناها. فقد لعب على الطبقات التي تخفي كل الجسم، بما فيها التنورات التي جاءت تغطي نصف الساق، وفي حال لبست المرأة معها حذاء برقبة عالية، فإنها قد تكون قمة الحشمة والأناقة على حد سواء.

وطبعا لأنها «شانيل» فإن البريق والحشمة ترجما بشكل راق ومثير ومناسب لأي أنيقة تريد أن تقول إنها تتمتع بذوق وبرصيد عال. تشكيلة قال عنها المصمم إنها ليست مبهرجة، وإن التطريز فيها ما هو إلا عنوان الترف.

جيورجيو أرماني إغراء الحقائب
لم يخف المخضرم جيورجيو أرماني يوما عشقه لهوليوود. فمنذ أن بدأ خطه الراقي «أرماني بريفيه» بدا كمن يهديه لنجمات هوليوود، وأي امرأة تحلم بعصر السينما الذهبي.

ولم يختلف الأمر في الأسبوع الماضي، حيث خضع التايور الذي أهداه للمرأة العاملة في الثمانينات قويا وناعما لترجمة جديدة تعكس تطوره وتغير الثقافة الاجتماعية والاقتصادية، وبالتالي جاء مترفا يقطر بالبريق والأناقة.

فالمرأة تغيرت من سيدة أعمال تريد أن تثبت أقدامها في عالم الرجال لتنافسهم، إلى سيدة أعمال واثقة تفرض نفسها حتى عندما لا تحاول، مما يجعلها تريد معانقة أنوثتها أكثر.

من هنا تميزت الجاكيت بأكتافها المحددة وخصورها المشدودة، أحيانا بما يشبه الدبوس أو البروش، وتنورات مستقيمة وأخرى ضيقة، ومعاطف تجعل أي واحدة تحلم بقدوم الشتاء قبل الوقت فقط لارتدائها. للمساء، أهداها الكثير من البريق في تصميمات منسابة تعتمد أحيانا على تقنية الـ«درابيه» تجلت في فساتين هوليوودية طويلة تميل إلى الصلابة وعدم الحركة كثيرا.

جون بول جوتييه .. رقصة التسويق
المصمم جون بول جوتييه جمع الإبهار، أزياء وإخراجا. فبعد أن كانت الراقصة العالمية ديتا فون تيس، منذ عدة مواسم تجلس في المقاعد الأمامية ضيفة معززة، قرر المصمم أن يستعين بها لتعرض أحد أزيائه وفي الوقت ذاته تضيف بهارات ساخنة على عرضه.

وهذا ما حدث، فقد ظهرت بفستان أسود طويل بحزام يبرز جماليات خصرها، قبل أن تبدأ الرقص والتخلص من كل قطعة بتأن وحركات مثيرة، لينتهي الأمر بالفستان مرميا على الأرض وظهور كورسيه يختلف عن ذلك الذي لبسته مادونا في الثمانينات وكان له فضل كبير في ارتفاع أسهمه.

للوهلة الأولى، تبادر إلى الذهن سؤال أن الـ«هوت كوتير» تعني أزياء فخمة وأمتارا سخية من الأقمشة تغطي أكثر مما تعري، لكننا نتذكر أن غوتييه ربما يروج لخط الملابس الداخلية الذي طرحه بالتعاون مع «لابيرلا» ويبدأ سعر القطعة منـــها بـ500 يورو.