الإمساك عند الأطفال .. الأسباب والعلاج
الأطفال الصغار الذين لا يحبون تناول الخضار والفواكه هم 13 مرة أكثر عرضة للإصابة والمعاناة من الإمساك، مقارنة بأقرانهم الأطفال الذين يقبلون على تناول تلك الأغذية المهمة والمفيدة.
هذا ما توصل إليه الباحثون من سنغافورة ومن هونغ كونغ ضمن دراستهم المنشورة في عدد ديسمبر (كانون الأول) من مجلة «جورنال أوف كلينيكال نيرسينغ» (Journal of Clinical Nursing) المعنية ببحوث الرعاية التمريضية.
وكان الباحثون من الجامعة القومية في سنغافورا، ومن جامعة بوليتكنك في هونغ كونغ، قد تابعوا عن طريق المقارنة، حالة الإخراج لدى نحو 400 من طلاب المدارس الابتدائية في هونغ كونغ، الذين تراوحت أعمارهم ما بين الثامنة والعاشرة من العمر.
إمساك وظيفي
وقال الباحثون ما مفاده أن «الإمساك الوظيفي» (functional constipation) هو نوع من الإمساك الذي ينجم عن العادات الغذائية أو العادات البيئية أو عوامل نفسية - اجتماعية.
وهو مشكلة لدى الأطفال، ذلك أن الدراسات الطبية تشير إلى تسبب «الإمساك الوظيفي» في 95% من حالات الإمساك لدى الأطفال الصغار. ومشكلة الإمساك هذه لدى الأطفال ذات تأثيرات سلبية بالغة على نفسية الطفل وثقته بنفسه وتفاعله في التحصيل الدراسي والمشاركات الاجتماعية، بالإضافة إلى ألم البطن والغثيان والخوف من الإقبال على تناول الطعام.
وتبين للباحثين أن أكثر من 7% من الأطفال يعانون من «الإمساك الوظيفي». كما تبين لهم اختلافات واضحة بين نوعية غذاء الأطفال المصابين بالإمساك مقارنة بغيرهم. وتحديدا كانت الإناث أكثر إصابة بالإمساك من الذكور.
وبالمقارنة مع الأطفال الذين يشربون لترا من الماء يوميا، كان الذين يشربون أقل من 400 ملليلتر من الماء يوميا، 14 مرة أكثر عرضة للإصابة بالإمساك، وبالمقارنة مع من يحبون تناول الخضار والفواكه، كان الذين لا يحبون تناولها 13 مرة أكثر عرضة للإصابة بالإمساك.
والجدير أيضا بالتأمل في نتائج الدراسة، هو أن 9 من بين كل 10 أطفال، أي 90% من كل الأطفال، كانوا يتحاشون استخدام مراحيض المدارس ويفضلون إجراء عملية الإخراج في المنزل. وذلك سواء كان لديهم إمساك أو لم يكن. والأسباب هي عدم نظافة المراحيض وعدم توفر محارم التنظيف.
مشكلة شائعة
إن معاناة الأطفال من الإمساك هي من المشكلات الشائعة، وتشير الإحصائيات في إيطاليا وبريطانيا والولايات المتحدة إلى نسبة مقاربة لحالات الإمساك التي تم رصدها لدى الأطفال في هونغ كونغ، أي 7%.
كما تشير إحصائيات الولايات المتحدة إلى أن نحو 5% من أسباب مراجعة الأطفال للطبيب هي بسبب الإمساك، أي أن هناك حالات كثيرة لا تتعرف فيها الأم على وجود مشكلة الإمساك لدى الطفل، أو لا تعيرها الاهتمام اللازم بمراجعة الطفل للطبيب.
ويضيف الباحثون في «الأكاديمية الأميركية لأطباء الأسرة» (AAFP) بالقول إن «الإمساك مشكلة شائعة بين الأطفال، ولكنها غالبا لا تؤدي إلى تداعيات على المدى الطويل. ومع هذا فإنها تتسبب في تدني نوعية الراحة والسعادة في حياة الطفل، نتيجة لتسببه في مشكلات نفسية وعاطفية، وإثارة التوتر الأسري».
ولفهم مشكلة الإمساك لدى الأطفال، علينا أن نتعرف على ما هو الطبيعي في عدد مرات الإخراج لدى الطفل باختلاف مراحل العمر. وتشير مصادر طب الأطفال إلى أن الطفل من وقت الولادة إلى عمر 3 أشهر، يتبرز ما بين 5 إلى 40 مرة في الأسبوع، حينما يرضع بشكل طبيعي من ثدي الأم. أما إذا كان يرضع من القارورة حليب غير الأم، فإن عدد المرات في الأسبوع الواحد يتراوح ما بين 5 إلى 28 مرة.
ثم يبدأ عدد مرات التبرز الأسبوعي في التناقص، ليصل إلى ما بين 5 إلى 28 مرة في ما بين عمر 6 أشهر وسنة واحدة. وما بين سنة وثلاث سنوات، يصبح العدد ما بين 4 إلى 21 مرة.
وفي سن ما فوق الثالثة، يتراوح العدد ما بين 3 إلى 14 مرة. وهذا التناقص في العدد هو نتيجة للتطور الطبيعي في عمل الجهاز الهضمي وفي قدرات التحكم في التبرز لدى الطفل.
أعراض وأسباب
الإمساك هو حالة غير طبيعية يحصل فيها نقص في عدد مرات الإخراج عن ما اعتاد عليه الطفل، أو إخراج الطفل برازا صلبا وجافا وذا قطع كبيرة غير معتادة، مع مواجهته لصعوبات في إتمام الإخراج وربما ألم خلال ذلك.
وهناك أمور أخرى يمكن ملاحظتها على الطفل، مثل تلطيخ الملابس الداخلية بشيء من البراز، ومثل ملاحظة تحرك الطفل بطريقة غير معتادة، خلال عملية التبرز بأوضاع يريد منها الدفع وتسهيل إتمام الإخراج.
وهناك عدة أسباب لحصول الإمساك لدى الأطفال، منها ما هو وظيفي كما تقدم، ومنها ما هو غير ذلك. ومن أهم الأسباب، التي لا علاقة لها بعدم تناول الألياف في الغذاء أو عدم شرب كميات كافية من الماء، هو عدم تبرز الطفل في الوقت الطبيعي والمناسب.
أي حبس الطفل للبراز (stool withholding) إلى حين وقت يراه مناسبا لذلك. وذلك إما لعدم توفر المرحاض المناسب، خصوصا في الأماكن العامة والمدارس، أو لعدم الرغبة في الانقطاع عن اللعب واللهو، أو لخوفه من الألم والصعوبة في التبرز إذا كان لديه بالفعل إمساك، أو لعدم قدرته على التجاوب والتفاعل المطلوب خلال فترة تعويده على عدم وضع الحفاضات وبدء استخدام المرحاض.
وهذا التأخير للإخراج يؤدي إلى زيادة صلابة وجفاف البراز بفعل عمليات امتصاص الماء من البراز في الأمعاء الغليظة. وبالتالي تزداد المشكلة سوءا لدى الطفل. وربما يظهر تلطيخ الملابس الداخلية بالبراز (soiling) نتيجة للخروج اللاإرادي لتسريب البراز. والمشكلة أن كثيرا من الأمهات يفسرون تلطيخ الملابس الداخلية بالبراز على أنه علامة على الإسهال لا الإمساك.
معالجة الإمساك
تستخدم ثلاثة عناصر في معالجة الإمساك لدى الأطفال. وهي تغيير نوعية مكونات الطعام اليومي للطفل، تناول الأدوية الملينة، وإعادة ضبط عادة التبرز بشكل صحي. وتعتمد نوعية المعالجة بحسب السبب وعمر الطفل وحدة المشكلة.
ويجب بدء الحرص على تناول الطفل كميات وافية من الألياف الغذائية، وهي التي تتوفر في الخضراوات والفواكه بأنواعها والبقول والحبوب كالقمح والذرة. وكذلك عصير الخوخ الطبيعي. وكذلك الحرص على تعويد الطفل شرب كميات كافية من الماء. وذلك أثناء تناول الطعام، وبعده، وأثناء اللعب وغير ذلك من الأوقات.
وربما تعطى أدوية ملينة لتسهيل إخراج ما تراكم من الفضلات في القولون، ولكن هذا يجب أن يكون تحت إشراف الطبيب بشكل مباشر، وعدم التساهل في تكرار إعطاء الطفل تلك النوعية من الأدوية.
ومن المهم جدا الحرص على تعويد الطفل على التبرز بانتظام، وكلما شعر بالرغبة في ذلك. وخاصة بُعيد الفراغ من تناول وجبات الطعام. ويجب إعطاء فرصة للطفل للبقاء على كرسي المرحاض لفترة لا تقل عن 10 دقائق. وتسليته أثناء ذلك إذا رغب في مغادرته دون إتمامه للتبرز، إما بسرد إحدى القصص له أو قراءتها عليه.
علامات الإمساك عند الأطفال
- نقص عدد مرات التبرز إلى أقل من 3 مرات في الأسبوع، أو إلى أقل من المعتاد له.
- إخراج براز صلب وجاف وذي حجم كبير بصفة غير معتادة.
- مواجهة صعوبات في إتمام الإخراج.
- تلطيخ الملابس الداخلية للطفل بالبراز.
- تدني شهية الإقبال على الأكل.
- نقص وزن الجسم.
- ألم أثناء التبرز.
إمساك الأطفال.. متى تجب مراجعة الطبيب؟
- إمساك يستمر لمدة أكثر من أسبوعين.
- إمساك مصحوب بارتفاع حرارة الجسم أو القيء أو انتفاخ البطن.
- نقص وزن الجسم.
- ألم وتشققات جلدية في منطقة الشرج.
- خروج دم مع البراز.