الأنتهاء من أضخم دراسة سريرية في الخليج لمكافحة أمراض القلب
حذر خبراء طبيون في دبي، من تفاقم مرض ارتفاع مستويات الكولسترول في الدم، الذي يعد أحد أبرز مسببات أمراض القلب والأوعية الدموية، التي تشكل 25 في المائة من نسبة الوفيات في دولة الإمارات العربية المتحدة.
وتبلغ نسبة المصابين بارتفاع مستوى الكولسترول الذين لا تتدنى مستويات الكولسترول في دمهم إلى المعدلات المطلوبة على الرغم من تلقيهم للعلاج، أكثر من نصف المرضى وذلك لعدم كفاية الجرعة المقدمة لهم من الطبيب أو لسوء اختيار الدواء في المقام الأول.
وخلال منتدى طبي انعقد في دبي للإعلان عن إنجاز دراسة «سيفيوس» CEPHEUS في هذا المجال، قال الدكتور عمر كامل حلاق، عضو هيئة في جمعية القلب الإماراتية، استشاري أمراض القلب ورئيس قسم التداخلات القلبية في المستشفى الأميركي في دبي: «لا يتمكن معظم المرضى من تحقيق مستويات الكولسترول المستهدفة على الرغم من خضوعهم للعلاج، مما يجعلهم عرضة للإصابة بأمراض القلب وذلك لعدم اتباعهم الحمية المطلوبة أو لعدم ممارستهم الرياضة».
وأضاف أنه «وللمرة الأولى، ستتيح دراسة (سيفيوس) التي تم إطلاقها في شهر أكتوبر الماضي إمداد المجتمع الطبي في الخليج بمجموعة من المعلومات المهمة التي تعكس الواقع الصحي للمنطقة، التي سوف تساهم في تحديد المستوى الحقيقي للتحكم في الكولسترول والعوامل المختلفة التي يجب أخذها في الاعتبار لحماية الأفراد في الخليج من الخطر المميت لأمراض القلب والأوعية الدموية».
دراسة خليجية واسعة
وتعد دراسة «سيفيوس» برنامج بحث واسع يشمل 5300 مريض من مختلف أنحاء الخليج بمن فيهم 500 مريض من دولة الإمارات الذين يخضعون للعلاج من ارتفاع مستويات الكولسترول في الدم.
وأطلقت «جمعية القلب الإماراتية» بالتعاون مع شركة «أسترازينيكا» هذه الدراسة، التي تهدف إلى رصد النسبة المئوية من المرضى الذين يتمكنون من تحقيق مستويات الكولسترول الطبيعية المستهدفة من خلال تناول أدوية تخفيض معدلات الكولسترول في الدم.
وتم إنجاز دراسة المريض رقم 5300 من الدراسة، حيث ستبدأ مرحلة تحليل الدراسة للوقوف على نتائجها.
وكانت نتائج دراسة مشابهة أجريت في أوروبا قد أظهرت أن 50% من مرضى الكولسترول تمكنوا من تحقيق مستويات الكولسترول المستهدفة خلال خضوعهم للعلاج.
وأضاف الدكتور حلاق في بيان صحافي: «يختلف مرضى منطقة الخليج عن المرضى في الغرب في جيناتهم وطبيعة غذائهم ونوعية حياتهم، مما يحتم الحاجة للبدء في إطلاق دراسات طبية تعكس واقع الحال في المنطقة العربية بدلا من مقارنة حالات مرضانا بدراسات غربية لا تمت إلى المنطقة بصلة بالنسبة للعينات التي تم درسها وتحليل نتائجها.
وننوه في هذا المجال بأهمية دراسة (سيفيوس) التي تعد خطوة هامة في تحسين الوقاية من أمراض القلب من خلال تعزيز معرفة الأطباء بحالات مرضية واقعية تعكس واقع الحال في منطقة الخليج بدلا من الافتراضات القائمة على عينات غربية».
وتكمن أهمية الدراسة في النظر إلى انتشار حالات ارتفاع مستوى الكولسترول في دول الخليج. وتعزى هذه الزيادة إلى انتشار أساليب الحياة العصرية والإكثار من تناول الأطعمة غير الصحية. ويرجع الاهتمام المتزايد بالتحكم في مستوى الكولسترول إلى العلاقة القوية بينه وبين معدلات الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية لأن ارتفاع الكولسترول من أهم العوامل التي تزيد من فرصة الإصابة بهذه الأمراض.
ولا تقتصر مشكلة الكولسترول على المرضى الذين لا يتناولون الأدوية الطبية، بل تتعداها إلى أولئك الذين يأخذون الدواء والذين لا يزالون عاجزين عن تخفيض نسبة الكولسترول إلى الحد المطلوب.
من جهته، قال الدكتور خالد حميد الرصادي، استشاري أمراض الدهون في مستشفى جامعة السلطان قابوس في سلطنة عمان خلال المنتدى: «تعد هذه الدراسة من أهم الدراسات التي تم إطلاقها في الوطن العربي حتى الوقت الحالي. وهي تزودنا بالمعلومات اللازمة لمعالجة مرضى الكولسترول في الخليج. وستلعب الدراسة دورا محوريا في مكافحة المرض، حيث إن العينة كبيرة العدد وأسلوب تعاطي الدراسة مع المرض نوعي وعالي الفعالية. وتعد هذه الدراسة الأولى التي تتطلع إلى عنصر (التحكم) في مسببات الأمراض. ويتشابه الناس في منطقة الخليج، مما يعطي للعينة فاعلية أكبر، حيث إنها تتطلع إلى المرضى موضع الدراسة بمنظار واحد نظرا لتشابه أغذيتهم ومعيشتهم ونوعية حياتهم».
تراكم الدهون
وأضاف د. الرصادي أن «أمراض تراكم الدهون في الخليج تزيد بنسبة 10 إلى 15 في المائة عن مثيلاتها في العالم المتقدم، مع وجود نسبة أكبر لدى الإناث وفقا للتقارير الدورية التي تتم في هذا الخصوص.
وتعد النسبة مرتفعة بسبب قلة الحركة ونوعية الغذاء وانخفاض نسبة التعلم وارتفاع الدخول. من الأولوية بمكان أن نقوم بمكافحة هذه الأمراض المتعلقة بالشحوم والدهون.
وستمنحنا هذه الدراسة أجوبة حول درجة التحكم في الدهون. وعلينا أن نوسع مثل هذه الدراسات إلى أمراض عصرية أخرى مثل ضغط الدم والسكري والسمنة».
وتقوم جمعية القلب الإماراتية و«أسترازينيكا» بالتعاون معا في حملة «سلامة قلبك» لتعزيز وعي المرضى بأهمية التحكم في مستويات الكولسترول في الدم وذلك لمكافحة أمراض القلب والأوعية الدموية التي تتفاقم بشكل كبير في منطقة الخليج.
وقال الدكتور فاضل شاكر، المدير الطبي في شركة «أسترازينيكا الخليج»: «تعد هذه الدراسة الأضخم في منطقة الخليج حتى الوقت الحالي، وهي جزء من دراسة أكبر تشمل 15 ألف مريض تم إطلاقها في أوروبا، التي وجدت أن نحو 55 في المائة من مرضى الكولسترول قد نجحوا في تخفيض مستويات الكولسترول في دمهم إلى المستويات المطلوبة. ووجدت الدراسة أن عدم التقيد بالدواء كان سببه في معظم الأحيان تغيير الدواء من قبل الطبيب أو تعديل الجرعة الموصوفة للمرضى. وأوصت الدراسة الأوروبية بأهمية تقيد المرضى بنظام العلاج بشكل دقيق وإطلاعهم على تقدم حالاتهم بصورة دورية».
وتساهم عملية تخفيض مستوى الكولسترول في الدم بنسبة 10 في المائة في تقليل نسبة حدوث أمراض قلبية إلى النصف، حيث يفيد الباحثون الطبيون بأنه على الرجال الذين تتعدى أعمارهم أربعين عاما أن يخفضوا مستوى الكولسترول بنسبة 10 في المائة لتقليل مخاطر إصابتهم بمرض في القلب بنسبة 50 في المائة.