مصمم الأزياء إيرديم يفوز بجائزة الـ200 ألف جنيه إسترليني لعام 2010
فرحة المصمم إيرديم بجائزة الـ200 ألف جنيه التي تسلمها من منظمة «أسبوع الموضة» اللندنية ومجلة «فوج» تفوق الحلم كما قال.
فوزه لم يكن مفاجئا، لكنه كان مدهشا بالنظر إلى باقي المصممين المتنافسين معه عليها، والذين لا يقلون عنه أهمية في ساحة الموضة البريطانية حاليا، من كريستوفر كاين، ريتشارد نيكول، إلى ماريوس شواب، مرورا بمصمم سافيل رو للأزياء الرجالية، إي توتز، ومصمم الأحذية نيكولا كيركوود، ومصمم الإكسسوارات أينغل جاكسون.
ما يحسب لإيرديم، الذي ولد في كندا من أب تركي وأم إنجليزية، أن أزياءه اكتسبت طابعا عالميا في فترة وجيزة، بما في ذلك منطقة الشرق الأوسط، التي قال إنها تعتبر من أهم أسواقه، ويحلم بزيارتها قريبا.
فهو لم يؤسس داره حتى عام 2005 وكانت أول مشاركة له في أسبوع لندن في عام 2006، ومع ذلك فإن لائحة معجباته تضم سيدة البيت الأبيض ميشيل أوباما وسارة براون زوجة رئيس الوزراء البريطاني، غوردن براون، وسامنثا كاميرون، زوجة زعيم حزب المحافظين، ديفيد كاميرون، إلى جانب نجمات من مثيلات كيرا نايتلي وكيرستين دانست وغيرهما.
سر نجاحه يتلخص في قدرته إعطاء المرأة ما تريد من أزياء تجمع القوة والرومانسية في الوقت ذاته، من دون أن يلجأ إلى الدرامية أو الفانتازيا التي يلجأ لها غيره للفت الانتباه، فضلا عن قدرته على إغرائها بتقبل خلطات لم تكن تفكر فيها من قبل أو تتجرأ عليها.
فهو مثلا من المصممين القلائل الذين نجحوا في جعل الدانتيل مثلا والألوان الصارخة والنقوشات الغريبة، مثل الخشخاش والطيور، جذابة ومعقولة.
وعلى الرغم من أن كل مصمم من المرشحين يستحق الجائزة، فإنه عندما أعلن أمس أن الفائز هو إيرديم، عم شعور بالارتياح.
فقد أكد أن قوته تزيد في كل موسم، وكل مجموعة يقدمها تحاكي «الهوت كوتير» في تفاصيلها وتفصيلها المحدد والممزوج برومانسية تنبعث من نقوشات مرسومة باليد أو تطريزات عكفت على تنفيذها متخصصة أياما وليالي.
وعلى الرغم من نجاحه واستقطابه زبونات مهمات، إضافة إلى غرام وسائل الإعلام به وبتصميماته، فإنه كأي مصمم شاب، يحتاج إلى دعم مادي يمكنه من التحليق عاليا، وهذه الجائزة كما قال ستمكنه من توسيع مقر عمله وتوظيف المزيد من الأشخاص، ومن ثم تسهيل مهمته.
ولا شك أن منظمة «أسبوع الموضة» تريده أن يحلق عالميا، من الناحية التسويقية والتجارية، فبموجب هذه الجائزة، سيحصل إيرديم على برنامج مدروس ومفصل حسب احتياجاته من قبل المنظمة لمساعدته على تحقيق أهدافه طوال العام، وأن تكون هذه الدراسة اللبنة التي يمكن أن ينطلق منها إلى نجاح عالمي دائم.
وشرح هارولد تيلمان، رئيس الأسبوع اللندني، أن الاختيار كان صعبا، إلا أن إيرديم برز أكثر لأنه يتمتع برؤية واضحة عن المستقبل والطريق الذي يريد أن يشقه.
كما قالت ألكسندرا شولمان، رئيسة تحرير مجلة «فوج» البريطانية أن أسلوبه أصبح متميزا، ومن الممكن التعرف عليه من بين كثير من المصممين، بنقوشاته من جهة وبمزجه التفصيل المحدد بالرومانسية في فساتين تبدو كأنها لوحات فنية من جهة ثانية. تصميمات أضفت على أسبوع لندن كثيرا من الحيوية، وأكدت أنها لا تزال العاصمة الولود.
فما لا يختلف عليه أي متابع لأحوال الموضة هذه الأيام أن لندن منتعشة ومزهوة بشبابها منذ أن بلغت الـ25 من العمر.
أسبوعها الأخير كان من الأسابيع الناجحة عالميا، إلى حد تفوق فيه على نظيريه النيويوركي والميلاني على حد سواء بعد سنوات من الغبن والركود، وبرهنت فيه أنها قادرة على التحدي وإعادة صياغة نفسها وتلميع صورتها لمواكبة تطورات العصر ومتطلباته الاقتصادية.
وكانت النتيجة أن عرابة صناعة الموضة العالمية ورئيسة تحرير مجلة «فوغ» الأميركية، أنا وينتور، حضرت بضعة أيام منه بعد أن كانت تتجاهله تماما في السابق، في إشارة واضحة إلى أن العاصمة البريطانية اكتمل عودها.
ولم تكتف بهذه اللفتة، بل استقبلت مجموعة كبيرة منهم في نيويورك لتقديم أعمالهم إلى السوق الأميركي في الأسبوع الماضي وأنهته بحفل على شرفهم، ارتدت فيه معظم العاملات في المجلة قطعا من تصميم بريطاني.
لفتة مشجعة عززها أيضا تجاهلها لأسبوع ميلانو الذي قلصت حضورها فيه إلى أربعة أيام فقط، مما خلق بلبلة في برنامجه وكشف ضعفه وعدم تماسكه، عدا أنه كشف أن وينتور تؤمن بأن عالم الموضة يحتاج دائما إلى دماء جديدة وفائرة، وهذا ما لم تقدمه ميلانو منذ سنوات، بدليل أن آخر مرة قدمت فيها شبابا إلى الواجهة كان منذ نحو عشرين عاما في شخص الثنائي «دولتشي آند جابانا» ومنذ ذلك الحين وهي تجتر نفسها وتعيش على مجد الكبار وسمعتهم.
على العكس منها، لم تتوقف لندن حتى في أحلك أوقاتها عن تفريخ مواهب شابة، الأمر الذي أكد جدواه وتجسد في الآونة الأخيرة، بعودة أسماء معروفة إليها من أمثال دار «بيربيري» ودار «برينغل» والمصمم ماثيو ويليامسون وغيرهم.
فرحتها بعودة الأبناء لم تنسها أن قوتها تكمن في توازن القوى بين كل أبنائها كبارا كانوا أم صغارا.
ولأنها تؤمن بأنها يجب أن تزرع لكي تحصد فقد استحدثت، منذ سنوات، برامج مختلفة تستهدف دعم الصغار والمبتدئين ماديا ومعنويا، بدءا من «نيو جين» (الجيل الجديد)، الذي تدعمه محلات «توب شوب» إلى «فاشون فوروورد» (موضة المستقبل) الذي تدعمه شركة المجوهرات «كوتس آند كو» وغيرها من البرامج.
كما أنها في نهاية عام 2008، استحدثت برنامج «منظمة الموضة» ومجلة «فوج» برئاسة الرئيس التنفيذي لمنظمة أسبوع لندن، هارولد تيلمان ومساندة رئيسة تحرير مجلة «فوج» النسخة البريطانية، ألكسندرا شولمان، ويتميز عن غيره بكونه يهتم بالجانبين التجاري والتسويقي في المقام الأول، وهو البرنامج الذي فاز به إيرديم هذا العام.
وتعود مشاركة مجلة «فوج» في المشروع إلى أن فكرته مأخوذة من برنامج مماثل تدعمه «منظمة الموضة الأميركية» ومجلة «فوج» النسخة الأميركية برئاسة أنا وينتور، كان قد انطلق عام 2003، وأكد مدى نجاحه وجدواه.
مصممون من أمثال الثنائي بروانزا شولر، جايسون وو، ألكسندر وانغ، والأختين «رودارت» يدينون بالفضل لهذا البرنامج وما يقدمه لهم من دعم مادي ومعنوي على شكل تغطيات إعلامية وغيرها.
تستهدف الجائزة تمويل مصمم شاب تتوافر فيه مواصفات العالمية والنجاح التجاري، إلى جانب منحه الدعم المعنوي والاستراتيجي حتى يفهم لغة السوق والتسويق، الأمر الذي كان يعاني منه كثير من مصممي بريطانيا، وتحديدا خريجي معهد «سانت مارتنز».
هؤلاء كانوا إلى عهد قريب يستعرضون خيالهم الخصب بكل الطرق والوسائل عدا العقلانية والواقعية، على أساس أن جنون الابتكار هو سلاحهم للفت الأنظار والحصول على تغطية إعلامية مجانية.
لكن مع الوقت فهموا أن اهتمام وسائل الإعلام بصور مجنونة وغريبة لا يترجم في الواقع على شكل أرباح ومبيعات، مما استدعى تدخلا لكبح هذا الجموح من دون قمعه تماما، لأنه هو الذي بنت عليه لندن سمعتها، لكن مع قليل من الواقعية التي يمكن أن يقبل عليها المشترون والأنيقات على حد سواء.