الموجات الكهرومغناطيسية تقي وتشفي .. من مرض الزهايمر
بعد أن ظل الهاتف الجوال قابعا في دائرة الاتهام على مدى ما يقرب من ثلاثة عقود ماضية منذ بدء استخدامه تجاريا، ولاحقته التهم بالتسبب في ضمور خلايا المخ وفقدان الذاكرة النسبي، أنصفته دراسة أميركية حديثة وأثبتت بالتجارب المختبرية براءته من بعض التهم الموجهة إليه؛ وليس كلها!
وذلك بعد أن أشارت التجربة إلى قدرة الموجات الكهرومغناطيسية التي يبثها على حماية المخ، وعلى الشفاء من مرض ألزهايمر.
الدراسة التي أجراها المركز البحثي المتخصص في مرض ألزهايمر بجامعة جنوب فلوريدا، ونشرت في دورية «مرض ألزهايمر» العالمية في عدد السادس من يناير الحالي، كان غرضها الأساسي دراسة التأثيرات السلبية الناجمة عن تعرض مرضى خرف الشيخوخة للموجات الكهرومغناطيسية، ولكن نتائج التجربة أثبتت خطأ سوء ظن العلماء بتلك الموجات.
تجربة رائدة
وحسبما يقول البروفسور جاري أرينداش، أحد المشرفين على التجربة: «لقد أدهشتنا النتائج بحق، فالتعرض لموجات الهاتف الجوال منذ البلوغ قام بحماية ذاكرة فئران التجارب من خرف الشيخوخة، بل إن المدهش أكثر أن الفئران المصابة بالمرض قد تحسنت ذاكرتها كثيرا».
أجريت التجربة على 96 فأرا من مختلف الأعمار، معظمها تم تعديله وراثيا بما يسمح بتكون صفائح المادة المعروفة بـ«بيتا أميلويد» عندما تشيخ، التي يؤدي ترسبها في خلايا المخ إلى الإصابة بخرف الشيخوخة، فيما تركت بعض الفئران من دون تعديل جيني يذكر بغرض المقارنة ودراسة تأثيرات الموجات على الأدمغة الطبيعية.
وأثناء التجربة، تم وضع الفئران في أقفاص منفصلة على مسافات متساوية من جوال يبث موجات كهرومغناطيسية، مشابهة لتلك التي تبثها الهواتف الجوالة أثناء التحدث، لمدة ساعة مرتين يوميا على مدار ما بين سبعة إلى تسعة أشهر.
وبعد انتهاء التجربة تم دراسة الفئران، فوجد أن مجموعة الفئران المعدلة وراثيا، التي تعرضت للموجات في فترة شبابها، لم تتأثر مطلقا بالمرض، وتساوت قدراتها العقلية مع مثيلتها في العمر من الفئران الطبيعية.
أما الفئران التي بدأت التجربة وهي تعاني من مشكلات في الذاكرة، فقد تحسنت حالتها كثيرا وشفيت من الخرف.
بل لوحظ أن الفئران غير المعدلة وراثيا، قد تحسنت قدراتها العقلية إلى مستويات تفوق الطبيعية.
الموجات تزيل الترسبات
ونظرا لاختلاف حجم أدمغة البشر عن الفئران، واختلاف المعدل العمري بينهما، فإن ما حدث للفئران في أشهر يحتاج إلى سنوات في البشر باستخدام تردد الموجات الكهرومغناطيسية نفسه.
ولذلك فإن البروفسور تشوانهاي كاو، الأستاذ المشارك في البحث، يقول إن «التحدي القادم هو العثور على التردد الموجي المناسب لمكافحة والقضاء على صفائح (بيتا أميلويد) التي تترسب في أدمغة البشر».
ويرجع الباحثان ذلك التأثير للموجات الكهرومغناطيسية على الصفائح المترسبة، إلى ارتفاع درجات حرارة أدمغة الفئران المصابة فقط ارتفاعا طفيفا أثناء تعرضها للموجات، ما يشير إلى أن الصفائح المترسبة قد اختزنت الحرارة، التي أدت بدورها إلى ذوبانها وتمكن الخلايا المخية من طردها خارجها.
أما ملاحظة زيادة القدرة العقلية لدى الفئران السليمة، فقد أرجعها العلماء إلى أن التعرض للموجات قد زاد من تدفق الدم وبالتالي رفع معدل التمثيل الغذائي (الأيض) في أدمغة الفئران.
كما تم تشريح الفئران لاحقا والتأكد من عدم إصابة أي منها بالأورام الدماغية أو غيرها جراء التعرض المتكرر لعدة أشهر للموجات الكهرومغناطيسية.
وعلى الرغم من الاتهامات المرسلة التي تطال دائما الموجات الكهرومغناطيسية عالية التردد التي تبثها الهواتف الجوالة، فإن الأبحاث العلمية لم تثبت بشكل قاطع أيا من هذه الاتهامات، التي شملت الإصابة بالأورام الدماغية المختلفة أو تدمير الخلايا المخية بالتأثيرات الحرارية وغيرها.
وبرأت كثير من المنظمات، وعلى رأسها منظمة الصحة العالمية وجمعية أطباء السرطان الأميركية والمؤسسات الصحية الدولية في أوروبا وأميركا، موجات الجوال من التسبب في الإصابة بالسرطان في حدود الاستخدام المتزن للهواتف الجوالة.
وإن كانت الإدانة الوحيدة الثابتة علميا بحق الهواتف الجوالة هي التشتت اللحظي أثناء استخدامه، الأمر الذي دفع معظم دول العالم لحظر استخدامه أثناء القيادة أو أثناء التعامل مع الآلات في المصانع وغيرها.