انطلاقة جديدة .. لشبكات إلكترونية منزلية متعددة الوظائف
العالم يتغير باستمرار، وقد أصبحنا اليوم أكثر ما نكون قربا من الوصول إلى شبكات الكترونية منزلية تتكامل فيها جميع الوظائف المطلوبة.
وإن كانت أغلب وظائف الشبكات المنزلية حتى اليوم تنحصر بمهام محددة مثل التسلية، والتوصل بالصوت والصورة والنص عبر الإنترنت، فإنها أصبحت جذابة أيضا عند تطبيقها على النظم المنزلية المتنوعة.
وإن كان تركيب ناقل لإشارة «واي ـ فاي» في منزلك، أمرا جيدا لكي يمكن استخدام جهاز اللابتوب في مدخل المنزل، بسهولة استخدامه في صالة الجلوس، فإن الشبكة المنزلية الكاملة المجهزة بقدرات لاسلكية تقدم أكثر بكثير من مجرد استخدام اللابتوب في جميع أرجاء المنزل..
إذ إنها تخلق عالما جديدا كاملا من المعدات الالكترونية الاستهلاكية المتوفرة لخدمة كل مواقع المنزل.
وبالنسبة إلى العديد من الأشخاص الذين كانوا لا يعرفون في يوم من الأيام كيفية برمجة الساعة في مسجل فيديو الكاسيت العادي، فإنه أضحى بإمكانهم حاليا تركيب ناقل لإشارة «واي ـ فاي» في أي مكان ما في منازلهم، لاستخدام اللابتوب في أي موقع منها
. فإذا كنت من ضمن هذه المجموعة، فقد انضممت فعلا إلى ثورة الشبكات المنزلية.
لكن عددا كبيرا في أي حال قد تخبط في بعض تقنيات الشبكة Web 2.0 وخدماتها التي يجري طرحها يوميا في الأسواق تقريبا، ابتداء من بث الفيديو من مجهزي الخدمة، وصولا إلى أي شيء يستطيع استغلال السرعات العالية لوصلات الانترنت وإشاراتها، سواء الراديو الذي يبث الموسيقى، أو مشغلات أقراص «دي في دي» التي تمكن من مشاهدة الفيديو من «يو تيوب» على جهازك التلفزيوني.
والأكثر من ذلك، استغلال حتى خدمات الهاتف العامل على بروتوكول الانترنت VoIP التي أصبح بعضها من التعقيد بحيث بات يمكن استخدامه في الأعمال والشركات.
والأشخاص الذين يعيشون في منزل بشبكة رقمية على سبيل المثال، يمكنهم مراقبة الفيلم ذاته على الكومبيوتر، أو التلفزيون، أو الهاتف الذكي، أي في أي غرفة يمكن أن يكونوا فيها.
ويمكنهم استخدام هواتفهم للتحكم بضابط درجة حرارة المنزل، أو غسالة الصحون، أو إضاءة الغرف، وهم في مكاتبهم بعيدون عن المنزل. والشبكة المنزلية المثالية هنا هي أداة تحكم عن بعد لتشغيل جميع المعدات المنزلية.
السيارة
تصور أنك تقود سيارتك إلى المنزل وأنت تستمع إلى أغنيتك المفضلة من نظامها الصوتي.
وقد يحدث أن تصل المنزل قبل انتهاء السماع إليها. هنا أمامك حلان، إما الجلوس في السيارة حتى انتهائها، أو إقفال جهاز الاستماع.
ولكن مع الشبكة المنزلية التي سنتحدث عنها هنا، يمكنك تفادي الخيارين، كما يقول البرت تشو نائب رئيس قسم التسويق في شركة «أكسيس» التي تقدم برمجيات تصفح للتطبيقات الشبكية الجوالة، بما في ذلك التقنية المستخدمة في آخر طرز الملاحة في سيارات «إم بي دبليو 7».
وتستخدم هذه التطبيقات متصفح الشبكة للحصول على المعلومات الخاصة بالسير وحركة المرور، فهي تتواصل مع الانترنت عبر شبكة واسعة، وفي بعض الحالات عبر شبكة «3 جي» للاتصالات. ومثل هذا النظام يتيح لك استخدام الهاتف الذكي لتحويل محطة الراديو ذاتها التي كنت تستمع إليها في السيارة، أو من جهاز «إم بي 3»، إلى جهاز الاستريو المنزلي، أو الكومبيوتر، كما يقول تشو في حديث لمجلة «تيك نيوز وورلد» الالكترونية، بحيث يمكنك الاستمرار في الاستماع إلى القطعة الموسيقية من دون أي انقطاع.
وهذا العمل يمكن عكسه عندما تغادر البيت إلى سيارتك، خاصة أن بمقدورك تشغيل محركها سلفا قبل الدخول إليها في الصباح البارد لتكون دافئة جاهزة للانطلاق فورا.
ويمكن تطبيق المبدأ هذا مع أي تقنية رقمية، كأن تكون تشاهد مثلا فيلما سينمائيا في غرفة الجلوس، وترغب بعد ذلك نقله إلى غرفة النوم. وهذا الأمر ينطبق أيضا على الصور العادية التي تلتقطها، وترغب في مشاهدتها هنا وهناك.
صالة الجلوس
يقول جيسون بلاكويل مدير تطبيقات المنزل الرقمي في شركة «إيه بي آي ريسيرتش» إن المستهلكين باتوا معتادين على إنشاء شبكة كومبيوتر منزلية، وباتوا اليوم مهتمين أيضا في وصل أجهزتهم التلفزيونية على الرغم من أن هذه التقنية موجودة منذ عام 2004.
وبحلول عام 2011 سيجري شحن 20 مليون جهاز تلفزيوني بقدرات تواصل لاسلكية إلى مختلف المناطق العالمية وفقا لدراسة جديدة أعدتها مؤسسة «إيه بي آي» ومن المتوقع أن تكون أميركا الشمالية، وأوروبا الغربية، وبعض الأقطار الآسيوية أسواق النمو المقبلة لمثل هذه المنتجات.
ويعتبر موسم أعياد نهاية العام الحالي المحك الحقيقي في انطلاق الشبكات التلفزيونية اللاسلكية.
والسبب الرئيسي الذي حال دون ذلك حتى الآن، كما يعتقد بلاكويل، هو انه لا يوجد سبب وجيه للمستهلك العادي كي يبحث عن تلفزيون يتواصل مع الانترنت.
وأضاف أنه يلاحظ بروز خدمات جديدة وبرمجيات تشجع على إنشاء مثل هذه السوق وتدفعها إلى الأمام، مثل «نيتفليكس» أو «ياهو».
كما يرى في فكرة وجود التلفزيون ومشاهدته في أي مكان، وفي أي وقت، عاملا آخر في دفع هذا الاتجاه أيضا.
ومثال على ذلك ما تقدمه كل من «بارامونت بيكتشرس» و«لايونز غايت»، بحيث أن الأخيرة أطلقت محطة كابلات جديدة دعتها «إيبكس» التي تقدم أيضا بثا فيديويا كخدمة من FiOS التابعة لـ«فيريزون».
ومثال آخر هو مشروع «كينوت» من شركة «والت ديزني» الذي يتيح للمستهلكين شراء الحقوق الرقمية لبعض المحتويات لمشاهدتها على الوسط الذي يختارونه.
مطبخ «لاسلكي»
المطبخ النموذجي ينبغي أن يمتلك موقدا متواصلا مع الشبكة اللاسلكية لينبهك ما إذا كانت ربة المنزل قد نسيت إطفاءه، أو أن الطعام على وشك الاحتراق.
كما أن الثلاجة الذكية قد تبلغك أنه قد حان الوقت لشراء المزيد من الحليب. وينبغي أن يكون سعر هذه المعدات والأجهزة المنزلية الموصولة بالشبكة معقولة وموجهة إلى ذوي الميزانيات المتوسطة، لكي تبيع وتنجح، ولكنها حتى الآن لم تتمكن من تحقيق ذلك.
وكانت الشركات قد حاولت إيجاد فئات من المعدات المنزلية المرتبطة بالإنترنت، لا سيما في ما يتعلق بالمطابخ التي تتواصل مع البريد الإلكتروني، وتتلقى وصفات الطعام، وتقارير الطقس، كما يقول بلاكويل، ومنها شركة «فيريزون هب»، لكنها في نهاية المطاف سحبت منتجاتها من السوق لقلة الإقبال عليها.
والمشكلة هنا أن هناك منافسة شديدة لهذه المنتجات من الهواتف الذكية الاستهلاكية، ومن دفاتر «نيتبوك» المتعددة الأغراض التي لا يتوقف استخدامها على المطابخ فحسب، «إذ يمكن القيام بالكثير مع «نيتبوك»، فلماذا إذن شراء جهاز منزلي موصول بالإنترنت بسعر 300 دولار لا يقوم بأغراض أخرى؟ كما يتساءل بلاكويل.
إطارات صور رقمية
الاستثناء الوحيد هنا في ما يتعلق بتعدد الأغراض، هو إطار الصور الرقمية الذي يتوقع نمو مبيعاته، ولكن على المدى المتوسط، كما ذكرت مؤسسة «آي دي سي».
والمشكلة الوحيدة التي تعترض مسيرة النمو هنا هو النقص في شبكات التوصيل اللاسلكية. غير أن هذا الأمر شرع يتغير الآن، خصوصا مع وصول المزيد من هذه المعدات إلى الأسواق.
والذي يحصل حاليا في عالم التصوير الرقمي هو أن المستهلك يلتقط الصور ويقوم بتنزيلها على الكومبيوتر، وهذا كل ما يحصل.
لكن إطارات الصور الرقمية اللاسلكية ستعيد مثل هذه الصور إلى الحياة ثانية، على حد قول رون غلاس مدير البرامج في «آي دي سي».
المراقبة من بعد
المزايا الأخرى التي توفرها الشبكات المنزلية هي رصد الأمور من بعيد، وتقنين الطاقة، وضمان الأمن، هي الأمور الرئيسية التي تعتمدها نظم الشبكات في المنزل، والتي تذهب أبعد من توافق شبكة «واي ـ فاي» الخاصة بالكومبيوتر، أو مكاسب الترفيه والتسلية المتزامنة داخله.
ومثل هذه النظم لم تعد محصورة بالأغنياء فقط، لكن هناك العديد من المشكلات الأخرى التي تعيق تقدمها مثل عدم وجود مقاييس ومواصفات ثابتة.
وأغلبية وظائف الشبكات المنزلية حتى اليوم هي محصورة بمهام محددة كالتسلية. لكن مثل هذه الشبكات تصبح جذابة فعلا لدى تطبيقها على جميع النظم المنزلية وإمداداتها من الطاقة، كما يقول راؤول ويجر غانغس رئيس تحالف «زي ـ ويف ألاينس».
وهو تحالف من البائعين ومزودي الخدمات الراغبين في تسليم تطبيقات وأنواع مختلفة من المنتجات ذات مهام متعددة، أي أن يكون بمقدور مفتاح مصباح «ليفيتون» مثلا التخاطب مع مصباح «جنرال إلكتريك» وغيره من هذه الأجهزة المختلفة، أو أن يكون بمقدور جهاز التحكم عن بعد، أو الهاتف الذكي، أو الكومبيوتر تشغيل جميع الأجهزة المشابهة الأخرى، كما يقول، طالما أنها ترفع شعار «زي ـ ويف. Z-Wave».
والعديد من التطبيقات هي لأغراض التسلية أو التوافق، لكن غالبية زبائن محلات بيع معدات «زي ـ ويف» يستخدمونها لأغراض مراقبة المنزل، ومسائل الأمن، وتقنين الطاقة. ويمكن تركيبها كقطعة إفرادية، أو كجزء من نظام كامل متكامل.
نظم تحذير
وثمة حلول هناك تتيح لك عندما تغادر المنزل أن تبلغ ذلك إلى هاتفك الجوال ليقوم نظام «زي ـ ويف» بإطفاء جميع الأنوار، وتخفيض درجة الحرارة، وإقفال جميع الأبواب، وتنشيط جهاز الإنذار وبرمجته قبل إرسال تأكيد بذلك إلى الهاتف الجوال هذا. ومثل هذا النظام يجري بيعه بسعر 299 دولارا.
ويتوقع غانغس: «توفر مثل هذه النظم حاليا في المنازل الجديدة، أو تلك التي تخص الميسورين. لكن اعتمادها من قبل المستهلكين على نطاق واسع بات وشيكا، مما سيخفض أسعارها حتما». كما أن الرغبة في الاقتصاد والتوفير سيدفع إلى هذا الاتجاه أكثر فأكثر.
لكن بالنسبة إلى الكثير من المستهلكين فإن مثل هذا السيناريو لن يكون سهل التحقيق، لأن هناك الكثير من التحديات، بما في ذلك وجود الكثير من المواصفات والمقاييس، والكثير من الاختلافات في السبل المعتمدة، وفي قدرات مزودي هذه الخدمات. ومع ذلك يجري حاليا محاولة تذليل كل هذه العقبات.
و«زي ـ ويف» ليس التحالف الوحيد الموجود، بل هنالك أيضا تحالف «ديجيتال ليفينغ نيتوركينغ ألاينس»DLNA الذي يتضمن نحو 5000 منتج إلكتروني مع أجزائها ومكوناتها المرخص لها، استنادا إلى سكوت سمايرس رئيس مجلس إدارة هذا التحالف ونائب رئيس شركة «سوني».
ويسهل بروتوكول DLNA مشاركة المحتويات بين أجهزة التسلية والترفيه المنزلية، مثل الكاميرات وأجهزة التلفزيون وغيرها من المعدات والأجهزة على حد قوله.
ومن شأن «ويندوز 7» ترويج الشبكات المنزلية، لكون نظام التشغيل هذا له مميزات جديدة متعددة، كما يلاحظ سمايرس.
ومثال على ذلك جعل نقل الصور الرقمية إلى أي جهاز، كالتلفزيون مثلا، أو الإطار الرقمي، أو الهاتف الذكي عملية سهلة جدا.
تشبيك منزلي
ويبدو أن مزودي الخدمات شرعوا يفيقون إلى الواقع الخاص بالمنزل المشبك. فالطلب على التسهيلات اللاسلكية وموديم الشبكات، إلى جانب الاستفهامات حول كيفية عمل هذه المعدات، شرعت تزداد تباعا كما يقول ترافس ليو مدير تزويد خدمات الإنترنت ISP السريعة وإدارة منتجاتها.
ويبدو أن «الزبائن يقومون بوصل أجهزة أكثر إلى خدمات الإنترنت، كأجهزة الألعاب، وكاميرات الأمن، وأجهزة التلفزيون، ونظم رصد الطاقة المنزلية.
ويكمن في صلب ذلك كله ضرورة الحصول على نطاق عريض جدا يمكن التعويل عليه» كما يقول ليو. وأضاف أن «الشبكات المنزلية هي الأفضل لدى أخذنا بعين الاعتبار المنتجات الجديدة وخدماتها».
وتشمل عروض منتجات «كويست» لأغراض إدارة شؤون المنزل من بعيد مستشعرات وكاميرات فيديو للتحكم بالإضاءة، ودرجة الحرارة، وبعض المعدات المنزلية المحددة.
كما تقدم حلولا خاصة بالتحذيرات والإنذارات المنزلية في ما يخص تسرب المياه، وانفتاح الأبواب والنوافذ المغلقة، أو أبواب المرائب، أو انقطاع التيار الكهربائي.
وترغب الشركات المزودة لخدمات الإنترنت نقل قاعدة زبائنها كلها إلى الشبكات اللاسلكية التي ستبدأ بالظهور في نهاية العام الحالي.
أما المقاييس والمواصفات فتشكل العقدة هنا على الرغم من العمل الجاري حاليا على مستويات مختلفة نحو توحيدها.
فالاتحاد الدولي للاتصالات ITU مثلا أقر أخيرا مواصفات G.hn كمقياس موحد لدعم منتجات متعددة مثل التلفزيون العالي التحديد والوضوح وتلفزيون بروتوكول الإنترنت الرقمي.
والأجهزة التي تتطابق مع هذا المقياس ستكون قادرة على توفير محتويات الوسائط المتعددة الغنية بالنطاق العريض جدا الذي تصل سرعته إلى غيغابايت واحد في الثانية عبر خيارات التمديدات السلكية بالمنزل، التي تشمل الكابلات المتحدة المحور، والهواتف العادية الأرضية، وخطوط الطاقة.
ويتوقع الاتحاد استخدام أول مقاييس G.hn في أوائل 2010. والقصد من ذلك وضع الوسائط الثلاثة هذه تحت مظلة واحدة.