العرق وأثاره .. الطبيعي نعمة والشديد نقمة
التعرق هو إفراز الماء وبعض المكونات الأخرى للعرق مثل الأملاح من مسام الجلد للحفاظ على درجة حرارة الجسم الداخلية ثابتة، أما التعرق الزائد فهو زيادة إفراز العرق عن الحد الطبيعي، وهناك أسبابا كثيرة للتعرق الزائد، منها:
- أسباب فسيولوجية: مثل تعرض الشخص لدرجة حرارة عالية جدا، أو بذل مجهود أو توتر شديد مثل الانفعال العصبي والعاطفي وما إلى ذلك.
- أسباب مرضية: مثل زيادة إفراز الغدة الدرقية ـ أمراض الغدد الصماء ـ انقطاع الطمث ـ استخدام أدوية علاج سرطان البروستاتا ـ وأحيانا شكوى عامة مع زيادة الوزن.
ويجب أن نلاحظ أن التعرق لأسباب فسيولوجية غالبا يكون في منطقة واحدة، إما باطن اليدين أو باطن القدمين أو الإبطين أو الوجه أو الجذع، على عكس التعرق لأسباب مرضية فإن صاحبه يعاني من التعرق في أكثر من مكان، وغالبا في كل هذه الأماكن معا.
حدوث التعرق
أيا كان السبب المؤثر فسيولوجيا أم مرضيا أم نتيجة تعاطي أدوية معينة فإن المحصلة النهائية هي استثارة العصب السمبثاوي الذي بدوره يقوم بتنشيط الغدد العرقية ويحفزها على إفراز المزيد من العرق، الذي تتراوح نسبته ما بين البسيط والمتوسط والغزير، وهنا تحدث المشكلة، وتكون على مستويات ثلاثة:
أولا: عرق الوجه، وهو يبدأ من الجبهة نزولا لأسفل مما يجعل الوجه مبتلا دائما ويسبب حرجا شديدا أحيانا وبخاصة لدى السيدات ورجال الأعمال.
ثانيا: عرق باطن اليدين، وهو ما يمثل مشكلة كبرى وقد يتسبب في ترك بعض الموظفين لوظائفهم كرجال البنوك والمحاسبين، وذلك لعدم قدرتهم على التعامل مع الأوراق، وقد يسبب الإحراج لغير هذه الفئات وتجنبهم مصافحة الغير.
ثالثا: العرق الشديد للإبطين والجذع، يؤدي إلى وجود هالات بيضاء من الأملاح الجافة تحت الإبط نتيجة تراكم هذه الأملاح التي تخرج مع العرق، وقد يتجنب الأشخاص المعانون منه ارتداء الملابس الملونة خوفا من آثار بقع العرق عليها.
علاج التعرق الزائد
التعرق الزائد قد يسبب مشكلة شديدة للشخص الذي يعاني منه، وعليه فهناك طرق مختلفة لعلاج العرق الزائد، نذكر منها:
أدوية التعرق، والعلاج الموضعي، والعلاج الجراحي، والتحلل الأيوني، والبوتكس.
- أدوية التعرق (المتناولة عبر الفم): لا توجد أدوية معينة لعلاج التعرق، ولكن ظهرت هناك أدوية على سبيل التجربة، وبعد تجربتها على بعض الأشخاص وجد أن الآثار الجانبية لها أكثر من فائدتها، لذلك لم تحصل على موافقة هيئة الدواء والغذاء الأميركية، ولم يتم طرحها للجمهور، حيث إنها كانت تؤدي إلى جفاف شديد بالفم والجلد، مع صعوبة في حركة العين.
- العلاج الموضعي: غالبا يكون العلاج الفعال هو الذي يحتوي على مادة كلوريد الألمنيوم بتركيز يتراوح من (15 ـ 25 في المائة)، وهو فعال في الحالات المتوسطة والبسيطة وتدخل هذه المادة في الكثير من الكريمات (الدهونات)، وبخاخات مضادات التعرق الموجودة في الصيدليات ولكن بتركيزات ضعيفة.
- العلاج الجراحي: وهو ببساطة ربط أو قطع العصب السمبثاوي الذي ينشط المكان المصاب بالتعرق الزائد وذلك لتعطيل عمله، ولكن هذه العملية من الخطورة بحيث إن غالبية الجراحين يتجنبونها خوفا من إتلاف عصب آخر وتكون النتيجة أن يفاجأ المريض بعد أن يفيق من التخدير بأن الجزء أو العضلة التي يغذيها العصب الذي تم إتلافه قد أصيب بالشلل.
وهناك عملية جراحية أخرى يتم إجراؤها بسحب الغدد العرقية من الإبطين تحت مخدر موضعي، ولكن هذه العملية غير منتشرة في الشرق الأوسط، رغم أن بعض جراحي التجميل يدعون بأنهم يقومون بإجرائها بنجاح.
- التحلل الأيوني: ويجري باستخدام شحنات كهربائية خفيفة يتراوح مقدار التيار الكهربائي فيها بين من 15 إلى 18 ملي أمبير، صادرة من مولد كهربائي، وتتم هذه الطريقة على جلسات تبدأ بأربع جلسات في الأسبوع الأول، ثم تليها جلستان كل أسبوع، إلا أن هذه الطريقة لعلاج التعرق الزائد لا تصلح في الإبطين ويستحيل استخدامها في الوجه، وتستخدم فقط في الحالات الخفيفة والمتوسطة، وهي مكلفة جدا.
- حقن البوتكس: وهي الطريقة الفعالة والأسهل للمريض، على الرغم من تكلفتها، وتعطى حقنة البوتكس بواسطة إبرة رفيعة جدا وقد تحتاج إلى مخدر موضعي (على شكل كريم) قبل الحقن بربع الساعة، وقد لا تحتاج في بعض الحالات إلى تخدير.
ويتم حقن البوتكس في باطن الأيدي وباطن القدمين والإبطين والوجه، ويستمر مفعول حقنة البوتكس لإزالة التعرق الزائد لعدة شهور تتراوح بين سبعة أشهر إلى عشرة أشهر.
يخف التعرق الزائد بنسبة تصل إلى 70 ـ 80 في المائة، أما التعرق الخفيف والمتوسط فيتوقف فقط أو تزيد نسبة توقفه لتبلغ 90% أو أكثر.
وبعد زوال مفعول البوتكس يحتاج المريض إلى إعادة الحقن مرة أخرى، ولكن مفعول إعادة الحقن يكون أطول زمنا من الحقنة الأولى.
رائحة العرق
قد يعاني بعض الناس من رائحة نفاذة لعرقهم، وهنا يجب أن نفرق بين نوعين من الروائح النفاذة للجسم:
- النوع الأول: وهو المميز لكل شخص عن غيره من الناس وهذه الرائحة مسؤولة عنها الغدد العرقية الموجودة في الإبطين والمنطقة التناسلية والمسماة Apocrine Glands أو الغدد الفاصلة (التي تفرز العرق خلال نمو الشعر في هذه المناطق).
وتفرز هذه الغدد عرقا نفاذا برائحة معينة، إذا لم تتم إزالته وتنظيفه فإن البكتيريا تهاجم هذه الإفرازات وتصدر روائح كريهة.
إذن، فالعلاج هنا هو النظافة المستمرة مع استخدام مضادات التعرق العطرية التي قد تحتوي على مضادات بكتيرية موضعية.
- النوع الثاني: الذي ينتج عن أكل بعض الأكلات التي تؤثر على الغدد العرقية العادية Eccrine Glands والمنتشرة في الجسم عامة التي تفرز إفرازاتها عن طريق المسام، وهذه الأكلات هي الثوم والبصل والبقوليات والكبد والبيض وأحيانا بعض المشروبات مثل الحلبة أو بعض الأدوية.
العلاج ببساطة هو الابتعاد عن استخدام هذه المسببات، والاستحمام اليومي المنتظم لإزالة الترسبات العرقية، وتهوية مسام الجلد، واستخدام مضادات التعرق ومضادات روائح الجلد والمعطرات.