أسبوع لندن للموضة لربيع وصيف 2010 .. كشف حساب وتقييم
تغيب كل من جون جاليانو وألكسندر ماكوين عن أسبوع لندن، مخلفين بعض التساؤلات عن عدم مشاركتهما له احتفاله بمرور ربع قرن على تأسيسه، لا سيما وأنه أول من اعترف بهما، وأول من قدمهما للعالم، لكن رغم هذا الغياب، فإن العاصمة كانت تضج بالبريق الذي أضفته عليها باقة من نجوم الفن والسياسة والإعلام.
ولعل عرض ماثيو ويليامسون أول من عرف تدفقا كبيرا من قبل نجوم من أمثال تويجي وياسمين لوبون، تلاه عرض المشاكسة فيفيان ويستوود، التي استقطبت مغني الثمانينات بوي جورج، والمغنية الشابة جوس ستون، وعضو فريق «سبايس جيرلز» سابقا، جيري هاليوال، بالإضافة إلى أليكسا تشانغ وعضوي فريق «غيلرز ألاود» سارة هاردينج ونيكولا روبرتس، وغيرهم.
كما شاركت في العرض كل من العارضة العالمية دايزي لو، وفتاة المجتمع البريطانية بيكسي جيلدوف.
في عرض «يونيك» كان يكفي أن تكون فيه كايت موس، التي جاءت مصحوبة بالملياردير فيليب غرين، صاحب محلات «توب شوب»، وهي المحلات التي تصمم لها العارضة منذ عدة مواسم تشكيلة خاصة، كما أنها الداعم للعديد من الأسماء الصاعدة من خلال برنامج «نيو جين».
وفي الساعة الثامنة مساء، وفي «سومرست هاوس» ألهبت العارضة السوبر، ناعومي كامبل، الحضور بظهورها في عرض «إيسا» في ثلاث قطع اختارتها بنفسها، فالمعروف أن هذه العارضة، أصبحت لها الآن القوة الكافية لكي تختار ما تريده هي لا ما يمليه عليها المصمم.
وما على هذا الأخير، خصوصا إذا كان في حجم دانييلا هيلاييل، مصممة بدأت ماركتها منذ بضع سنوات فقط ولا تتمتع بالقوة الإعلانية، إلا الامتثال لرغباتها وهي تشعر في قرارة نفسها بالسعادة.
صحيح أن لائحة زبونات دانييلا هيلاييل تشمل أسماء مثل مادونا وستيفاني جوين، إلا أن اختيار ناعومي لثلاث قطع من مجموعتها وليس قطعة واحدة، كان لفتة رائعة وضربة إعلامية لا تقدر بثمن.
والحقيقة أن مشاركة ناعومي في الأسبوع ككل، من شأنه أيضا أن يعيد الثقة إلى نفوس باقي العارضات، اللواتي رأين مكانتهن تهتز تحت أقدامهن وتحت أجسامهن النحيلة، لصالح نجمات وفتيات مجتمع بدأن يتسللن إلى مجالهن رغم أن مقاييسهن لا علاقة لها بمقاييس العارضات كما نعرفهن، مثل بيكسي جيلدوف، فتاة المجتمع.
لكن ماذا يقول المصممون إذا كانت الثقافة العامة تهلل للنجوم كيفما كانوا؟
فالأسبوع اللندني هذا الموسم عرف سخونة شديدة بمجرد إعلان دار «بيربيري» العرض فيه، لما تعنيه هذه المشاركة من حضور شخصيات مهمة إليه، ومن ثم إلى لندن، مما شجع العديد من المصممين وبيوت الأزياء على اتخاذ نفس القرار، الذي كان في صالح العاصمة.
في عرض «إيسا» أكدت السمراء ناعومي أنها رغم سنواتها الـ39، لا تزال تتمتع بمقاييس عارضة سوبر ويمكن أن تضع في الظل أي عارضة في العشرين من العمر، خصوصا أن القطع التي اختارتها كانت خاصة بالبحر، وكانت تكشف أكثر مما تخفي.
المصممة هيلاييل قالت لوسائل الإعلام الذين التفوا حولها بعد العرض يتلقفون أي كلمة تنطق بها بنهم «ناعومي عاصفة عن حق، فهي أفضل من تتقن المشي على منصات العرض .. إنها الشمس الساطعة بعد العاصفة».
وبهذا الوصف اختزلت المصممة أيضا ردود فعل الحضور، الذي كان يصفق بحرارة كلما أطلت العارضة على المنصة، وكأنهم مسحورون، وإن كان تواجدها، بالإضافة إلى ما قدمته المصممة، يستحق التصفيق. فالمجموعة لم تخرج عما عودتنا عليه دانييلا من أسلوب عملي يجمع بين الانسيابية والتفصيل، ويخاطب المرأة ذات المقاييس العادية كما يخاطب ذوات المقاييس الرشيقة .. وهو ما يحسب لها دائما.
الفكرة نفسها تبنتها فيفيان ويستوود وإن ضمنتها كعادتها رسائل سياسية، كان من السهل على الحضور استشفافها قبل أيام، وبالتحديد منذ تلقيهم بطاقة الدعوة التي جسدت طفلا رضيعا في مهده يبتسم ببراءة لضفدعة كبيرة تظلله.
رسالة المصممة هذه المرة هي زيادة الوعي بالمخاطر التي تهدد الغابات المطيرة، فمجموعتها «ريد لايبل» ركزت على أزياء عملية تغلب عليها الفساتين التي يمكن لأي واحدة منا الاستمتاع بها في يوم صيفي، سواء على شاطئ البحر أو في قرية ريفية، إلا أن المصممة تعمدت أن توقظنا من هذا الحلم بين الفينة والأخرى برسائل تفيد بأن طقس ومناخ الجزيرة البريطانية يمكن أن يتغير قريبا، وليس للأحسن.
ويبدو أن السياسة والموضة بالنسبة لهذه المصممة المشاكسة أصبحتا وجهين لعملة واحدة، فهي، كما صرحت بعد عرضها، لا تستطيع أن تعمل في مجال الموضة وحدها من دون أن تشغل نفسها بشيء فكري، مضيفة «وأظن أن عدم التعامل مع هذه الكارثة البيئية جريمة .. فنحن ندمر الكون».
إلى جانب رسالتها النبيلة، كانت الأزياء أيضا تتمتع بعنصر براءة من الصعب إتقانه إلا من قبل معلم كبير، وهذا ما برهنت عليه ويستوود، التي استقت الكثير من التاريخ أيضا، فهي كما تقول استلهمت خطوطها من قصر «هامبتون» ومعماره، ومن ثم كانت الفساتين التي تلف الجسم بطيات متعددة وجذابة، أبعد ما تكون عن الإثارة التي عودتنا عليها سابقا.
أما أنطونيو براردي، العائد من باريس إلى أحضان لندن بعد غياب طويل، فقد كان له دور مهم في زيادة ارتفاع سخونة الأسبوع، وقدم تشكيلة تحمل كل بصماته الباريسية، التي تتمثل في فساتين قصيرة تعانق الجسم وكورسيهات ضيقة.
بيراردي أبدى سعادته بعودته إلى لندن بقوله إنها المدينة التي ولد فيها، ويعتبرها بيته الأصلي، مشيرا إلى أنه بالنظر لعدم عرضه فيها لعشر سنوات، فإنه شعر بأن عودته هذه مهمة إلى حد أصابه بالرعب، لأنه كان يريدها عودة قوية.
وإذا كان تجاوب الحضور هو الترمومتر الذي يمكن أن نقيس به مدى نجاحه، فإنه حتما لم يخيب الأمل.
على الأقل فإن العديد من الناس هنا ممتنون له مشاركته لأن اسمه ـ إلى جانب جوناثان سوندرز وماثيو ويليامسون وداري «بيربيري» و«برينجل»، نجح في استقطاب الكثير من الاهتمام للعاصمة البريطانية التي كانت تعتمد سابقا على نجوم صاعدين، من أمثال ماريوس سووب، الذي يمكن القول إنه وصل إلى مصاف الكبار الأن.
فقد قدم تشكيلة لربيع وصيف 2010 مثيرة من ناحية فكرتها وتصميمها وإن كان من الصعب فهمها للوهلة الأولى، سووب أرادها، على ما يبدو، أن تجمع الماضي والحاضر والمستقبل في آن واحد، من خلال استعمال ثلاثة أنواع من الأقمشة بطريقة جمع فيها أيضا إيحاءات من القرون الوسطى والعصر الفيكتوري والعصر الحديث.
كل إطلالة كانت تبدو مختلفة عن سابقتها بشكل يجعلك تشحذ كل قواك لفهمها، في نهاية العرض فقط، وعندما تظهر كل العارضات في صف طويل، تتوضح الصورة، لتفهم أن هناك تسلسلا بسيطا وذكيا في طرق المزج بين الحقب والأقمشة والتقنيات.
لكن يبقى أن نقول إن ما طرحه سووب ليس لمن تتوخى الأناقة الهادئة والمضمونة التأثير، بل لامرأة جريئة وشديدة الثقة بنفسها.
أما نقطة الجذب في عرضه فكانت أنا وينتور، رئيسة تحرير مجلة «فوج»، فهذه الأخيرة كانت قد سجلت حضورها للأسبوع، لكنه جاء بعد يومين من بدئه، حيث حضرت أول من أمس حفل العشاء الذي أقامه السير فيليب غرين صاحب محلات «توب شوب» و«أركاديا» في مطعم «دي آيفي» الشهير بالإضافة إلى باقة من النجوم.
والمحظوظ من تحضر عرضه، مثل لويلا وماريوس سووب وكريستوفر كاين، التي كانت قد أبدت تبنيها له منذ أول عرض قدمه في حفل التخرج.