«جوجل» تبتكر نظاما لاتجاهات الإنفلونزا من أجل رصد المعلومات الأولى للمرض

أن هذا النظام يمكن أن يقدم إنذارا مبكرا، حيث إن الناس غالبا ما تبحث عن المعلومة على شبكة الإنترنت قبل الذهاب إلى الطبيب.
أن هذا النظام يمكن أن يقدم إنذارا مبكرا، حيث إن الناس غالبا ما تبحث عن المعلومة على شبكة الإنترنت قبل الذهاب إلى الطبيب.

فكر في إصابتك بالإنفلونزا؟
في بعض الأماكن يمكنك الذهاب مباشرة إلى الإنترنت وذكر الأعراض لمسؤولين متلهفين إلى رصد أماكن اندلاع الأمراض، قل إنك تشعر بالمرض، ولكن قبل أن ترى طبيبا، تبحث على الشبكة الإليكترونية من أجل الحصول على معلومات أو مدونة أو رسالة عبر «تويتر» عن الإنفلونزا، وسوف ترصد مخاوفك هذه شركات تطوف في الشبكة العنكبوتية بحثا عن اتجاهات المرض، وإذا كنت بالفعل مصابا بإنفلونزا، ويريد الأطباء أن يعرفوا من كنت في اتصال مادي معه، يمكن أن يخبرهم هاتفك الجوال الأمين بذلك سريعا.


ويأمل العلماء أن يساعد ذلك على التنبؤ وتعقب وباء الإنفلونزا بالطريقة نفسها التي يتابع بها الخبراء أحوال الطقس، وفي الوقت الذي يستعد فيه مسؤولو الصحة لموسم الإنفلونزا وسط الوباء العالمي «اتش 1 إن 1»، تحول التقنية والأشكال الجديدة من التواصل المجتمعي عبر الإنترنت طريقة لمراقبة تفشي الأمراض.

ويقول إليساندرو فيسبيغناني، أستاذ علوم المعلومات في جامعة إنديانا: «في الواقع، تؤدي هذه الأشياء كافة إلى تغير في الطريقة التي يمكننا أن ندير بها الأمراض، حيث يتعدى الأمر أن يكون مجرد نهج سلبي ننتظر فيه المرض، وبعد ذلك نحاول أن نقوم بشيء».

في الوقت الحالي، يتم تعقب معظم الأمراض من خلال أطباء يوردون حالات المرض التي يرونها، وتعد هذه طريقة يعتمد عليها، ولكنها تستغرق وقتا طويلا يصل إلى أسبوع أو أكثر في عملية كتابة التقرير وتغفل هذه العملية الذين لا يذهبون إلى الأطباء.

وتطرح عمليات المراقبة عبر الإنترنت تساؤلات بخصوص الخصوصية والسرية، ولكن يقول الخبراء إن هذا التطور يعد ثمرة للسرعة، ويمكن أن يعزز من النظام الحالي عن طريق رصد الأشخاص المرضى الذين قد لا يذهبون إلى طبيب.

وعلى سبيل المثال، صمم نظام «جوجل» لاتجاهات الإنفلونزا من أجل رصد المعلومات الأولى عن طريق تعقب وتحليل عمليات البحث من أجل الحصول على معلومات عن الإنفلونزا.

ويقول روني زينجر، مدير خدمة اتجاهات الإنفلونزا: «نتعقب التساؤلات التي تطرح، ومدى تكرارها»، ويضيف أن هذا يمكن أن يقدم إنذارا مبكرا، حيث إن الناس غالبا ما تبحث عن المعلومة على شبكة الإنترنت قبل الذهاب إلى الطبيب.

وخلال موسم الإنفلونزا من عام 2007 ـ 2008 استخدمت شركة «غوغل» إصدارا مبكرا من هذا النظام كان يرصد معدلات الإنفلونزا بصورة مستمرة قبل أسبوع أو أسبوعين من التقارير الرسمية، حسب ما ذكرته الشركة في ورقة نشرت في فبراير، وتقوم شركات وبرامج أخرى بمسح أماكن التحدث الحي على شبكة الإنترنت للوصول إلى معلومات أو تقارير عن الإنفلونزا.

ويقوم نظام أوتوماتيكي تابع لـ«هيلث ماب» في بوسطن باستخدام برنامج كومبيوتر يبحث عن المعلومات ذات الصلة بالإنفلونزا في سبع لغات، وقام مبتكرو هذا البرنامج يوم الثلاثاء، بتدشين تطبيق على شبكات التليفون الجوال، يطلق عليه «وباء قريب مني» يمكن أن ينبه المستخدمين إلى الأمراض القريبة.

ويقول جون برونستين، الأستاذ المساعد في طب الأطفال في مستشفى الأطفال في بوسطن، حيث تقع «هيلث ماب»: «إذا انتقلت إلى منطقة يوجد فيها وباء، سوف ينبهك جهاز الهاتف الجوال الخاص بك، ويتيح هذا التطبيق للمستخدمين إرسال إخطاراتهم الخاصة بوجود إنفلونزا إلى «هيلث ماب»، ومحليا، دشنت ولاية ماريلاند برنامجا لمراقبة الإنفلونزا يقوم فيه متطوعون بكتابة تقارير عن ظروفهم الصحية أسبوعيا عبر الإنترنت.

ويقول مسؤولون في المشروع إنها تعد الولاية الأولى داخل الولايات المتحدة التي تطبق مثل هذا النظام، ويطلق عليه «مسح تتبع الإنفلونزا لسكان ماريلاند».

ويقول رين ناجيرا، وهو عالم أوبئة يعمل لدى إدارة الصحة واللياقة العقلية بولاية ماريلاند: «يقوم المواطنون بالاشتراك عبر الشبكة الإليكترونية ويعطونا عناوينهم على البريد الإليكتروني، ويذكرون المقاطعة التي يعيشون فيها والشهر والعام الذي ولدوا فيه، ولا نتطرق إلى أمور شخصية بدرجة كبيرة معهم، فما نحتاج هو بعض البيانات الديمغرافية الأساسية».

ويقول: «في كل أسبوع نرسل إليهم مسحا، هل تشعر بأي حمى؟ هل لديك كحة؟ هل شعرت باحتقان في الحنجرة خلال الأسبوع الماضي؟»

وإذا كانت الإجابة بالإيجاب تكون هناك أسئلة أكثر تفصيلا، وقد شارك في هذا البرنامج حتى الآن 740 شخصا في الولاية.

ويقول ناجيرا إنه يوم الثلاثاء قامت ولاية ماريلاند بتوسيع النظام ليسمح للمشتركين أن يكتبوا تقارير عن أفراد أسرهم بالإضافة إلى أنفسهم، ويوجد في الكثير من المناطق مشاريع مشابهة.

وقال كرايغ دالتون، الذي يشرف على مشروع تعقب الإنفلونزا بأستراليا، عبر البريد الإليكتروني: «في كل يوم أحد، حصل على إجابة من أكثر من 6000 شخص، ويأتي نحو 3000 رد خلال الساعات الست الأول»، ويقول فيسبيجناني، إنه توجد برامج شبيهة في إيطاليا وهولندا وبريطانيا وغيرها من الدول، مع عشرات الآلاف من المتطوعين

 وفي سنغافورة، ذهب العلماء إلى خطوة أبعد من ذلك، من خلال تجربة نظام يطلق عليه «فلو لوج» يمكن أن يستخدم تقنية البلوتوث في الهواتف الجوالة لتحديد مكان المواطنين، الذين كانوا على قرب من شخص أصبح مصابا، ويقول ميهل موتاني، من كلية الهندسة بجامعة سنغافورة الوطنية، إن ذلك إصدار متقدم من عملية يطلق عليها «تعقب الاتصال».

وأضاف «عندما تكون لديك حالة مشتبه فيها، تقوم بإجراء مقابلة مع الحالة المشتبه فيها، وتسألها، أين كنت؟ من كان على علاقة قوية معك؟ وهذه الفكرة لتحديد أماكن الآخرين الذين يكونون قد أصيبوا بالمرض»، وسوف يضيف برنامج «فلو لوج» تحديثا للعملية من خلال استخدام تقنية تحديد الهوية عبر البلوتوث، وأضاف: «إذا حدث وكنت معك في اجتماع، فسوف يتعرف هاتفي وهاتفك على بعضهما بعضا، وسيتم تدوين هذه الملاحظة وتخزينها في قاعدة بيانات مركزية آمنة، وإذا أصبحت أو أصبحتُ حالة مشتبه فيها، يمكن أن تنظر في قاعدة البيانات هذه ومعرفة الأشخاص الذين يحتمل أن يكون في خطر».

ويقول موتاني، إن النظام سوف يكون طوعيا: «يمكن أن تذهب إلى موقع على شبكة الإنترنت وتسجل نفسك»، وبعد يتم إرسال رسالة لك عبر البريد الإليكتروني، إذا كنت عرضة لإنفلوانزا.

وفي إنديانا، حاول فيسبيجناني أن يحاكي اندلاع وباء، بالطريقة نفسها التي يتم بها محاكاة وقوع إعصار، «يشبه الأمر توقعات الطقس التي تحاول من خلالها أن تحصل على الظروف الأولي وبعد ذلك تدير النماذج الرقمية على الكومبيوتر، وتحاول أن تتوقع ما يمكن أن يحدث في التطور».

وأضاف أن المشكلة هي أن المرض ينتشر في منظومة اجتماعية مائعة أكثر تعقيدا من المناخ، ولذا فإن «هذه النظم يصعب تتبعها مقارنة بالطقس».

ويؤكد الخبراء أن أيا من هذه الوسائل لا يمكن أن تحل محل استطلاع الرأي العميق والاختبار، الذي تقوم به هيئات فيدرالية وهيئات داخل الولايات والمدن، مثل هيئة المراكز الأميركية للسيطرة على الأمراض والوقاية منها.

وتقول أشلي فوكس، وهي عالمة أوبئة لدى الهيئة: «يجب أن يكون لديك هذا مع نظام يعتمد على الطبيب، حيث سيكون ذلك مساعدا لطيفا لنظم الاستطلاع الحالية، وربما يعمل كنظام إنذار مبكر».

ولدى المراكز الأميركية للسيطرة على الأمراض والوقاية منها شبكة تضم 2.500 طبيبا في مختلف أنحاء البلاد يوردون تقارير عن أمراض تشبه الإنفلونزا بصورة يومية وأسبوعية، حسب ما تقوله «فوكس»، وتصدر الهيئة تقريرا عاما أسبوعيا على الإنترنت يطلق عليه «فلوفيو».

وعلى الرغم من المزايا التي توجد في نظم الاستطلاع عبر الإنترنت، فإنها تطرح قضايا ذات صلة بالخصوصية.

ويقول فيسبيجناني: «يمثل الإنترنت ثورة عملية كبرى» مضيفا أنه مع «جميع الثورات العملية الكبرى، هناك أخطار محتملة متعددة، وربما تكون السرية والخصوصية من أوائل القضايا التي تواجه مخاطر هنا»، ويضيف: «يشبه هذا القوة النووية، حيث يمكنك أن تصنع قنبلة ذرية عن طريقها أو يمكن أن تصنع أدوية نووية، وتستهدف معالجة أمراض السرطان».