كوشة العروس في السعودية .. أصبحت أكثر فنا وجنونا
لا حصر لتقليعات العرائس في السعودية، فبعد أن كانت العروس تدخل إلى قاعة الزفاف على إيقاع أغنية أو قصيدة شعرية تتغزل بجمالها، أصبحت الموسيقى الكلاسيكية تزف العروس إلى «الكوشة» (مكان جلوسها بالحفل)، مما جعلها تصبح اليوم المؤشر الأول على بذخ وتميز حفل الزفاف من عدمه، خصوصا مع تعدد تصاميمها.
فقد تشبه بحرا مليئا بالأصداف، وأحيانا تتمثل بعربة تجرها الخيول، فيما تأتي بعض الكوش بتصاميم هندية وأخرى رومانية.
وتمتاز كل كوشة بأسماء لافتة، كما يوضح محمد دقدوق، مدير الحفلات بقاعة الأندلس بالدمام، فهناك كوشة «ماوكلي» التي تسطع بلون أخضر وتضم الورود وشلالات المياه وبعض المؤثرات الصوتية، ومن الطريف أن اسمها جاء من أجواء مسلسل الأطفال الكارتوني (ماوكلي فتى الأدغال)، وهناك أيضا كوشة «اللؤلؤ» التي تسطع بحبيبات اللؤلؤ البراقة، وكوشة «المربعات» بحسب الأشكال التي تطغى عليها.
وأوضح دقدوق أنهم يعتمدون هذه الأسماء للتمييز بين كوشة وأخرى ويحرصون على اختيار اسم يعبر عن التصميم ذاته.
ومن المؤكد أن هذه الكوش تحتاج لميزانية سخية، حيث يفيد دقدوق بأن متوسط أسعار الكوشة الواحدة في السعودية يأتي بين 20 إلى 25 ألف ريال (5300 إلى 6600 دولار)، وعن آلية التسعير، أوضح أن ذلك يعتمد على حداثة تصميم الكوشة وما تتضمنه من خامات وكريستال وورد طبيعي، مؤكدا أن السعر يتضاعف كلما كانت الكوشة حصرية للعروس التي ترغب بأن تصمم خصيصا لها، وبسؤاله عن أغلى كوشة، أفصح بأنها بلغت 500 ألف ريال (133 ألف دولار)، متحفظا عن ذكر تفاصيل صنعها.
إلا أن هشام النجار، مدير معرض «زهرة اللوتس» لتنظيم الأعراس بالخبر، أفاد بوجود كوش يتراوح سعرها بحدود الألف ريال فقط (267 دولارا) وتشهد إقبالا من الفتيات، وحول هذا التفاوت الكبير في الأسعار، برر ذلك بكون الكوش الفاخرة تحتاج وقتا طويلا في الإعداد وأحيانا تتطلب أكثر من 10 عمال وكمية كبيرة من الورد الطبيعي لذا يرتفع سعرها. وعن تأثير الوضع الاقتصادي على أسعار الكوش، أكد أنه لا يوجد أي تأثير، مشيرا لكون العروس لن تفكر بهذه الأمور عند تخطيطها لليلة العمر.
وأوضح النجار أن العرائس يركزن على شكل الكوشة قبل السؤال عن اسمها وسعرها، لكنه لم ينكر أن لاسم الكوشة وقعا مميزا عليهن، وتابع بأن خامات تصنيع الكوشة لا حصر لها، فقد يدخل فيها الفلين والخشب والمخامل والشموع والورد والكريستال وأقمشة الشيفون، في حين نفى صحة أن يكون لكوش الأفراح موضة سنوية معينة، مؤكدا أن ذلك يرجع أولا وأخيرا لذوق العميلة، وأفاد بأن الورد هو الموضة الدائمة باختلاف أنواعه (الروز، الليلك، الأوركيد).
وصناعة الكوش رغم حداثتها النسبية في السعودية إلا أنها فتحت بابا واسعا لعدد كبير من الفتيات السعوديات اللائي وجدن في هذا المجال فرصة للتجارة واستثمار مواهبهن، كما فعلت أزهار محمد، وهي متخصصة بتصميم الكوش وزينة الأعراس، حيث أوضحت أن خبرتها بهذا المجال التي تأتي بحدود الـ5 سنوات جعلتها تدرك ذوق العروس والكوشة الأنسب لها من خلال مقابلتها للمرة الأولى ومعرفة شخصيتها، وهو أمر على الرغم من غرابته إلا أنها تستند إليه بقولها «لا يفهم المرأة سوى المرأة».
وأوضحت أزهار أن الكوش التقليدية لا يخرج لونها عن الأبيض والزهري والفضي، أما الألوان الأخرى فاعتبرتها تقليعات تخص كل عروس ترغب بالتميز، وأفادت بأنها تنجز الكوشة خلال يومين، وبخصوص السعر، بينت أنه يختلف حسب التصميم وتكلفة الخامات، في حين أشارت إلى أن عرائس اليوم أصبحن حريصات على توحيد لون الكوشة مع كافة ألوان قاعة الزفاف من الكراسي ومفارش الطاولات وصواني الحلويات وغيرها، الأمر الذي يدعوها لسؤال العروس مسبقا عن كافة تفاصيل القاعة للخروج بكوشة منسجمة مع بقية التجهيزات.
في المقابل، لا تستجيب بعض العرائس لهذه التقليعات، كما قررت مها عبد الله، التي تستعد لحفل زفافها في شهر يوليو (تموز) المقبل، واختارت كوشة يغلب عليها اللونان الذهبي والبيج، قائلة «كوشتي اسمها (قوس الورد) وبسيطة جدا، تضم ورد الأوركيد وورد كازابلانكا»، وتابعت شرحها لتفاصيل الكوشة التي كلفتها 8 آلاف ريال (2100 دولار) موضحة أنها كلاسيكية وبعيدة عن التكلف، وهو ما تراه راجعا لكون حفل زفافها بسيطا ومقتصرا على الأهل وبعض المعارف.
ومع بدء العد التنازلي للإجازة الصيفية التي تعتبر موسم الأعراس الأول في السعودية، دخلت بعض معارض تغليف الهدايا ومراكز التصوير النسائية على خط المنافسة مع معارض تنظيم المناسبات، في محاولة منها لاقتسام حصة من الكعكة الدسمة، حيث نشرت إعلاناتها التي تعد بتصميم أجمل الكوش تحت شعار «عروض التميز»، ليس ذلك فقط، بل تضمنت عروضها أيضا التكفل بتزيين طاولات قاعة الزفاف وتقديم الهدايا التذكارية وعمل مسكة العروس الخاصة، الأمر الذي يرفع درجة المنافسة السنوية في السعودية على جذب أكبر عدد من العرائس.