اليوجا .. رياضة فكرية تقدم فوائد جمة للياقة البدنية

حذر الدكتور تيموثي مكول المحرر الطبي في مجلة «يوعا جورنال» من تصوير اليوجا وكأنها وحدها شكل من أشكال الرياضة
حذر الدكتور تيموثي مكول المحرر الطبي في مجلة «يوعا جورنال» من تصوير اليوجا وكأنها وحدها شكل من أشكال الرياضة

لقد انطلقت اليوجا من مدرسة شرقية تقتصر على فئة صغيرة من الناس، إلى رياضة تدرس في صفوف خاصة في الكثير من الأحياء السكنية في الولايات المتحدة: فمنذ عام 1980 تحولت اليوغا إلى أحد أشكال الرياضات الأميركية.


وبخلاف الادعاءات بأن اليوجا هي نوع من التفاخر بين صفوف الأغنياء، فإنها قد شقت طريقها نحو شتى المراكز الموجودة في الأحياء السكنية والمراكز المخصصة لكبار السن وغيرها، ووفقا لبعض التقديرات فإن صفوف اليوجا توجد في 75 في المائة من كل مراكز الألعاب الرياضية (الجيمنازيوم) الأميركية، وحتى الأشخاص من الرياضيين يجدون الوقت لممارستها.

ويندمج في اليوغا، أو بالأحرى في نوعها الصارم، الـتأمل مع الحركة. وهي وسيلة لتقليل التوتر والقلق، تقود إلى توفير فوائد عقلية وعاطفية، إلا أن اليوغا هي نوع من التمارين الرياضية أيضا.

ولكن هل اليوغا تمرين جيد من النوع الذي يفيد بشكل ملموس القلب والأوعية الدموية؟

الجواب: نعم، لأغلب الناس من مختلف مشارب الحياة.

أنواع رقيقة
يمارس في غالبية صفوف الولايات المتحدة شكل من اليوجا يطلق عليه اسم «يوجا هاذا» hatha yoga، التي تشمل اتخاذ هيئات معينة لوضعية الجسم، وتمارين للتحكم بالتنفس، وقد تزداد اليوغا شعبية جزئيا لأن من السهل تعديلها، دون المساس بأساسياتها، لتتواءم مع مختلف الاحتياجات البشرية.

وعلى سبيل المثال فإن «يوجا آينغار» Iyengar yoga - التي تمارس على نطاق واسع في الولايات المتحدة - تركز على الضبط الدقيق لوضعية الجسم، بحيث يمكن للمدرسين من ذوي المعرفة القيام بعمليات ضبط لبعض مواضعه، من تعديل الكتفين إلى تعديل أطراف أصابع الرجلين.

كما أنها تعتمد على استخدام الكثير من المستلزمات (الوسائد الخاصة والبطانيات وما شابه) لمساعدة ممارسيها على الحركة بسهولة عند الانتقال من وضعية إلى أخرى للجسم.

إن رقة «يوجا آينغار» تجعلها شكلا جيدا من أشكال النشاطات الموجهة إلى الأشخاص الذين يعانون من محدودية في القدرات البدنية، ومنهم أصحاب الإعاقات وكبار السن الذين لا يمارسون تمارين رياضية.

وتركز الإرشادات حول النشاط البدني للكبار من البالغين على ضرورة تحسين التوازن والمرونة، إضافة إلى تعزيز القوة وكذلك تعزيز صحة القلب والأوعية الدموية. وقد يساعد الانخراط في صفوف ممارسة اليوجا الكثير من الناس في تطبيق هذه الإرشادات.

وقد دققت إحدى الدراسات في تأثيرات برنامج استغرق 9 أسابيع لممارسة «يوغا آينغار»، شاركت فيه 24 امرأة تراوحت أعمارهن بين 59 و76 سنة، لم تمارس أي منهن اليوغا من قبل.

وقامت النساء بتنفيذ وضعيات «آينجار» تقليدية بسيطة لأجسامهن، وبنهاية البرنامج أخذت النساء في المشي أسرع من قبل، وبثقة أكبر، كما تمتعن بتوازن ومرونة أفضل.

وعلى نفس المنوال ظهر أن الأنواع الرقيقة من اليوغا تقدم فوائد للمصابين بالتصلب المتعدد وهشاشة العظام، بل حتى المصابين بأمراض القلب والأوعية الدموية وعجز القلب.

أنواع شاقة
كما يمكن لليوجا مساعدة الناس للوصول إلى أهدافهم في تنفيذ النشاطات البدنية، إذ إن الكثير من وضعيات الجسم في أثناء ممارسة اليوغا تتطلب تحمل الثقل، ولذلك فبالإضافة إلى مساعدة اليوجا على زيادة المرونة والتوازن فإنها تعزز قوة العضلات والعظام، كما تعمل اليوجا على حرق السعرات الحرارية.

وفي أثناء المراحل الابتدائية من ممارستها فإنها ستسهلك السعرات مثل استهلاكها في أثناء المشي البطيء، ولكن، وبعد تدرب الأفراد على ممارستها، فإن جلسات اليوجا تصبح أكثر شدة. وقد وجد الباحثون أن اليوجا تقدم لممارسيها ما يريده أكثر الناس من ممارسة التمارين الرياضية: انخفاضا في ضغط الدم، بطئا في ضربات القلب، ومستويات أفضل للكولسترول.

ويقدم نوع أقوى من اليوجا يسمى «أشتانغا» Ashtanga فوائد آيروبيكية جمة، وتشمل هذه اليوغا اتخاذ سلسلة من الوضعيات الجسدية تسمى «الحلول الشمسية»، الواحدة تلو الأخرى، بتنفيذ حركات انسيابية سريعة. وتمثل «يوجا فينياسا» Vinyasa واليوجا الانسيابية واليوجا القوية، كلها أسماء للرياضة المنتسبة إلى «يوجا أشتانغا».

وقد أفاد باحثون من جامعة كولومبيا عام 2007 في دراسة لهم قارنوا فيها بين فترة ساعة كاملة من ممارسة «يوجا أشتانغا»، وبين المشي على آلة سير كهربائية (تريدميل) لمدة 20 دقيقة، ببطء في البداية ثم بسرعة.

وقد ظهر أن جلسة اليوجا أدت إلى حدوث تأثير على معدل التمثيل الغذائي (الأيض) للمتطوعين، قارب في المتوسط تأثير المشي ببطء على آلة السير الكهربائية، إلا أن جزء اليوغا المتعلق بـ«الحلول الشمسية» الذي دام 25 دقيقة في جلسة اليوجا تلك، كان مماثلا للتمارين الخاصة بالقلب والأوعية الدموية، إذ جعلت قلب المتطوعين يدق بشكل أسرع (55 في المائة من معدل النبضات الأقصى)، كما تغير معدل التمثيل الغذائي لهم إلى مستوى يعادل المشي بسرعة معتدلة. وقال الباحثون إن الصفوف المتوسطة والمتقدمة لليوغا قد توفر مزايا مماثلة للتمارين الشديدة.

وقد قارنت دراسة نشرت عام 2008 بين اليوجا وممارسة الآيروبيك من جهة وبين الحياة الخاملة من جهة أخرى، وظهر تقارب في قراءات ضغط الدم ومعدل نبضات القلب لدى مجموعتي اليوجا والمشاركين في النشاطات الآيروبيكية، مما يعني توصل أفراد المجموعتين إلى مستوى عال من اللياقة البدنية.

وكان متوسط ضغط الدم 108/65 ملم زئبق لدى مجموعة اليوغا، و115/71 ملم زئبق لدى مجموعة الآيروبيك، فيما كان معدل نبضات القلب لدى مجموعة اليوجا 63 دقة في الدقيقة، مقابل 60 دقة في الدقيقة لدى مجموعة الآيروبيك.

وحذر الدكتور تيموثي مكول المحرر الطبي في مجلة «يوجا جورنال» من تصوير اليوجا وكأنها وحدها شكل من أشكال الرياضة، إلا أنه يتفق مع الرأي بأنها، وعند ممارستها بقوة، تقدم فوائد لصحة القلب والأوعية الدموية، وأضاف: «إن كنت تقفز لمدة 15 دقيقة في الحلول الشمسية فإنك ستحصل على تمارين آيروبيكية بالتأكيد».