وسط جدل أخلاقي .. الهند تصبح من الدول البارزة في مجال استئجار الأرحام

12 مليار دولار حجم سوق الإخصاب خارج الجسم واستخدام أم بديلة
12 مليار دولار حجم سوق الإخصاب خارج الجسم واستخدام أم بديلة

وضعت راجو ديفي، 70عاما، وتعيش في قرية أليوا بولاية هاريانا بشمال الهند، مولودها في الثامن والعشرين من نوفمبر (تشرين الثاني) 2008 بعد 50 عاما من الزواج، وذلك بعد أن لجأت إلى إخصاب خارج الجسم.


وبذلك أصبحت راجو ديفي أكبر امرأة في العالم تضع مولودا باستخدام الإخصاب خارج الجسم، علما بأن زوجها بالارام، يبلغ من العمر 72 عاما. وكانت أدريانا إليسكو، وهي امرأة رومانية، أكبر امرأة تضع طفلا بهذه الطريقة حتى عام 2006، حين أنجبت بعد أن بلغت 67 عاما.

ويقول الدكتور أنوراج بيشنوي، من مركز التخصيب الوطني التابع لمستشفى بيشانوي: «جاء راجو ديفي وبالا رام إلى المركز طلباً للعلاج، وتم نقل الجنين في 19 أبريل (نيسان)».

 بعد ستة أعوام من الزواج، قرر جيمس سيروس، وهو مصرفي يعيش في كاليفورنيا، وزوجته كريستين، السعي للحصول على طفل عن طريق الأم البديلة، ولذا لجأ الاثنان إلى مؤسسة أميركية خاصة، وكان ذلك سيكلف 150.000 دولار.

وقبل أن يوقع الزوجان على العقد، قرأ جيمس خبرا في الصفحة الأولى من صحيفة «لوس أنجليس تايمز» عن نسوة هنود يؤجرن أرحامهن إلى الأزواج الذين لا ينجبون في مدينة أناند، بولاية غوغارات الغربية.

ذهب الزوجان إلى الهند، ووضعت سورخا، وهي زوجة موظف بأحد المصانع وتبلغ من العمر 29 عاما، طفلا لهما، مقابل 12.000 دولار.

ويظهر نجم الهند في قطاع التناسل، حيث يمكن هناك القيام بعملية الإخصاب خارج الجسم أو استخدام أم بديلة.

وتشير التقديرات الرسمية إلى أن «القطاع التناسلي» الذي يشمل الإخصاب خارج الجسم واستخدام أم بديلة، سوف تبلغ قيمته 12 مليار دولار خلال العام الجاري.

 أما الأم البديلة (أو استئجار الرحم) فهي طريقة أخرى للإنجاب. وقد تكون هذه الأم هي الأم الجينية للطفل وقد تحمل حتى تضع المولود بعد زراعة جنين داخلها.

وقد أصبحت عملية استئجار الرحم قانونية في الهند منذ عام 2002، وحسب القواعد التي أصدرها المجلس الهندي للأبحاث الطبية، فإن الأم البديلة توقع على تنازلها عن حقوقها في أي طفل، ولا يذكر حتى اسم الأم البديلة في شهادة الميلاد.

وتعد الهند من الدول البارزة في مجال استئجار الأرحام. وأصبحت الأمهات البديلات في الهند مشهورات بصورة كبيرة بالنسبة للأزواج الذين يعانون من العقم في الدول الصناعية بسبب التكلفة المنخفضة نسبيا.

وقد احتدم التنافس بين العيادات الطبية في الهند، في عروض الأسعار وعملية استئجار النسوة اللاتي يرغبن في القيام بدور الأم البديلة.

ويتكلف المريض ما بين 10.000 دولار و20.000 دولار للعملية برمتها، بما فيها عملية التخصيب، وما تحصل عليه الأم البديلة ووضع الطفل في المستشفى.

وقد أضحت عملية استئجار الأرحام في الهند أكثر سهولة بدرجة كبيرة ومنخفضة التكاليف مقارنة بأي مكان آخر في العالم، وثمة تزايد مطرد في أعداد الآباء الذي يقصدون الهند لاستئجار الأرحام.

وفي الواقع، لقد أصبحت مدينة أناند في غوغارات غرب الهند، بؤرة مهمة لعمليات استئجار الأرحام في الهند، ويعود الفضل في ذلك إلى أكانكشا باتل، المتخصصة في عملية الإخصاب خارج الجسم، حيث ساعدت على إنجاب 45 طفلا باستخدام أم بديلة في عيادتها منذ عام 2003، وهو العام الذي أنجب فيه أول مولود عن طريق استئجار رحم.

ولدى المدينة العدد الأكبر على مستوى العالم من العمليات الناجحة للإنجاب باستخدام أم بديلة. وفي الوقت الحالي تحمل 42 أماً بديلة أجنة لأزواج يعانون من العقم، من بينهم أميركيون وألمان وتايوانيون وكوريون وإسرائيليون، بالإضافة إلى أزواج هنود يعيشون في أماكن أخرى في الهند.

وتتبع عيادة أكانكشا باتل، التي أسست عام 1999، نظاما بسيطا، حيث يسجل الأزواج الذين يريدون الحصول على طفل أسماءهم، وكذا تقوم النسوة اللاتي يرغبن في لعب دور الأم البديلة.

وبمجرد أن يختار الزوجان مرشحا، يقومان بتوقيع عقد قانوني، وتغطي فيها أكانكشا تفاصيل عملية الدفع. ويجري الحصول على بويضات وسائل منوي من الزوجين، وتخصيبها في معمل العيادة، وبعد ذلك يتم وضعها في رحم الأم البديلة.

ويتبين بعد مرور 15 يوما ما إذا كانت الأم البديلة سوف تحمل أم لا. وإذا لم تنجح، علما بأن نسبة النجاح في هذه العمليات تبلغ 50 في المائة، تحصل المرأة المرشحة على مبلغ من الزوجين طبقا لبنود العقد.

 وبمجرد الحمل، تحصل على 250.000 روبية، بالإضافة على مبلغ شهري يبلغ 3.000 روبية ينفقه الزوجان على عملية الحمل للحفاظ على صحة الطفل.

وتفيد العيادات في الهند بأن حالات استئجار الأرحام قد تضاعفت خلال الأعوام الثلاثة الماضية، بسبب الطلب المتنامي من الخارج ورغبة بعض النسوة العاملات في تأخير الحمل حتى نهاية الثلاثينات.

ويقول الدكتور أنوب غوبتا، خبير العقم الذي يدير مركز أبحاث الخصوبة والإخصاب خارج الجسم في دلهي، إنه بالإضافة إلى مئات الأزواج الذين يأتون إليه من جميع أنحاء الهند، يأتي إلى عيادته حوالي خمسة أو ستة أزواج من الأجانب شهريا من أجل العلاج بالإخصاب خارج الجسم.

وتقول ماريا دي ميلر القادمة من سريلانكا، والتي تخطط لأن تحمل بعد أن أجرت خمس دورات في عيادة غوبتا للخصوبة في نيودلهي: «لقد استنفدت جميع مواردي في إجراء عدة اختبارات في لندن قبل أن آتي إلى الهند.

هنا يمكنني أن أجري عمليات الإخصاب خارج الجسم بأي مال تبقى معي وأن أحصل على نتيجة إيجابية».

وتتكلف دورة الإخصاب خارج الجسم في الولايات المتحدة 15.000 دولار مقارنة بـ2.000 دولار في الهند.

ويحظى علاج الإخصاب خارج الجسم في الهند بشعبية لأنه يوجد اثنان على الأقل بين كل عشرة أزواج في الهند يعانون من مشاكل العقم.

وتواجه الهند أزمة عقم، مع توقع تضاعف أعداد الأزواج الذين يواجهون مشاكل في حدوث الحمل في الأعوام العشرة المقبلة.

ولكن تثير الأمومة البديلة أيضا شكوكا أخلاقية واجتماعية وقانونية حول كل من المرأة و«الطفل المطلوب». ومن أجل استيعاب القضايا المتعلقة بالأمر، دعونا ننظر في قصة مانجي يامادا الطفلة التي ولدت لأم بديلة هندية في عام 2008، لصالح زوجين يابانيين.

 ولدت مانجي في 25 يوليو (تموز) في أناد، وهي بلدة قريبة من أحمد أباد في غوغارات، في عيادة للخصوبة عقدت اتفاقا مع إيكوفومي يامادا (45 عاما)، وزوجته في ذلك الوقت يوكي يامادا (41 عاما)، من أجل حمل وولادة الطفل بمساعدة الأم البديلة بريدي باتل.

 ولكن انفصل الزوجان قبل ولادة الطفلة، ولم تعد يوكي راغبة في تبنيها. وتخلت باتيل أيضا عن الطفلة بعد الولادة، قائلة إنها أدت المهمة التي حصلت على مقابل من أجلها.

ويريد إيكوفومي يامادا، الطبيب من طوكيو أن يتبنى مانجي، ولكن القوانين الهندية لا تسمح بتبني أب أعزب لابنة، لتصبح الطفلة مهملة.

ولكن بعد أشهر من الإهمال القانوني، منحت المحكمة العليا الهندية حضانة الطفلة إلى جدتها1 لأنها ولدت في الهند.

 ويشعر طبيب الطفلة سانجاي أريا بالذهول من القضية، حيث يقول: «عندما تحمل الطفلة 50 في المائة من مادة والدها الوراثية، ما هي أهمية أن يكون عليه تبنيها؟ إنه والدها الطبيعي».

ومن الضروري مناقشة قوانين جديدة من أجل «حماية حقوق الأطفال والحقوق العاطفية للأمهات». ومن بين القضايا التي يجب مناقشتها ما إذا كان من الواجب السماح للمثليين والأمهات الوحيدات بالاستعانة ببدائل وما إذا كان من الواجب فرض حد أقصى لسن العملاء ومن يحملون أبناءهم.

ومن بين المناطق الرمادية أيضا جنسيات وآباء الأطفال الذين يولدون باستخدام بويضات وحيوانات منوية من أزواج غربيين، ولكن تحملهم سيدات هنديات.

ولكن لا تفعل جميع الأمهات البديلات هذا الأمر بسهولة. وعلى سبيل المثال، أجبر الخوف من مقاطعة المجتمع، عمرانة سليمان (ليس اسمها الحقيقي)، زوجة سائق توك توك، إلى التكتم الشديد على حملها بالإنابة.

وهي حامل في جنين لزوجين مسلمين من عمان. ويعتقد أطفالها الأربع أنها ذهبت إلى دبي من أجل العمل كمربية في عقد يستمر لمدة عام.

 ولكن في الحقيقة، هي تعيش في شقة في أحمد أباد بمساعدة طبية ومعها سبع سيدات أخريات يحتفظن بأمر حملهن بالإنابة سرا.

وتقول عمرانة: «سأحصل على 250.000 روبية، أولا سأتخلص بها من دين يبلغ 100.000 روبية اقترضه زوجي، وسأشتري أيضا توك توك جديدا من أجله».

وتحمل بوشابا بانديا (27 عاما)، والتي أنجبت طفلا لصالح زوجين من لندن في العام الماضي، في الوقت الحالي جنينا لزوجين آخرين من الولايات المتحدة.

لقد حصلت على 200.000 روبية في الولادة الأولى، مما ساعدها وزوجها جاديش، الذي يعمل في توصيل الطلبات في شركة أعمال معاونة، على بناء منزل صغير لهم.

وتقول بوشبا إنها ستستخدم عائدات الولادة الثانية من أجل تعليم ابنتها التي تريد أن تصبح طبيبة. وهي تحظى بدعم من زوجها. وتقول: «لقد مللنا من الفقر، وهذه أفضل طريقة لعيش حياة كريمة».