الجوز واللوز .. عدو الكوليسترول ومكمن ضعفه
لو قال الكولسترول شعراً يفضح به نفسه ويكشف مكمن ضعفه، لنهج طريق المتنبي في قول الشعر! لكن ليس على سبيل التفاخر بمن يشهد له بالقوة، بل حسرة ممن يتسبب بضعف قوته وزوال تأثيره الضار.
وبدلاً من ترديد قول المتنبي: "الخيل والليل والبيداء تعرفني"، لقال الكولسترول: "الجوز واللوز والزيتون تغلبني".
وهذا بالضبط ما تؤكده المصادر الطبية حين حديثها عن المنتجات الغذائية المفيدة في العمل على خفض نسبة كولسترول الدم، خاصة منها ما تحتوي في مكوناتها على زيوت نباتية طازجة وغير معالجة صناعياً، كالمكسرات والزيتون وزيته وغيرهم.
وتذكر الجوز، أو ما يُسمى في بعض المناطق العربية "عين الجمل"، كأحد ما أثبتت الدراسات الطبية التي أشار إليها الباحثون من مايو كلينك، أن تناول كمية ثلث كوب منه، يومياً، يُخفّض من نسبة كولسترول الدم بمقدار 12%. وأن الكمية تلك تحمل في طياتها حوالي 240 سعر حراري (كالورى) من الطاقة.
وما يُميز الجوز، احتوائه على كميات عالية من الزيوت النباتية عالية المحتوى من الدهون غير المشبعة العديدة.
والمعلوم أن الدهون غير المشبعة تنقسم إلى نوعين رئيسيين، دهون عديدة غير مشبعة، كما في كثير من المكسرات وزيت السمسم ودوار الشمس والذرة. ودهون أحادية غير مشبعة، كما في زيت الزيتون.
ولذا من الحكمة إدخال المكسرات إلى غذائنا اليومي، كثمار جافة كاملة للتسلية، بدلاً من المقرمشات والمقليات، وللإضافة إلى السلطات وأطباق الأطعمة المطبوخة. أو كمعجون مسحوقها للشطائر (السندوتشات) بدلاً من الزبدة أو غيرها.
ونفس النظرية تنطبق على زيت السمك الغني بدهون أوميغا-3. وكانت بدايات معرفتنا أن للغذاء دور في خفض الكولسترول، وبالتالي في تقليل الإصابات بأمراض شرايين القلب، هو مما لاحظه الباحثون في قلة إصابات شعب الإسكيمو بتلك الأمراض مقارنة بغيرهم من سكان باقي مناطق الأرض.
وكان أن وجد الباحثون أن الفارق ناشئ عن اختلاف نوعية غذائهم، وعلى وجه الخصوص احتواء وجباتهم الغذائية على كميات من زيت السمك.
والنصيحة الطبية اليوم لعموم الناس، دون الحوامل والأطفال، تناول وجبتين من الأسماك أسبوعياً.
وخاصة أنواع الأسماك الدهنية، مثل السلمون والتونا البيضاء والساردين والماكاريل وغيرها.
لكن من المهم جداً التنبه إلى أن بلوغ فوائد الأسماك يكون بطهيها مشوية أو في الفرن دون إضافة أي سمن أو زبدة إليها. وأن الفائدة تتلاشى حال قلي السمك في الزيوت النباتية المُهدرجة غير الطبيعية.
والفكرة أن تناول الزيوت والدهون غير المشبعة، فوق أنه يُقلل من تناولنا الدهون المشبعة، يعمل على تخفيف وتيرة إنتاج الكبد للكولسترول.
بيد أن جدوى هذه الدهون غير المشبعة لا يقتصر على شأن خفض نسبة كولسترول الدم في جانب حماية الشرايين والقلب، بل يتعداها إلى خفض نسبة الدهون الثلاثية في الدم، وخفض ضغط الدم داخل الشرايين، وتخفيف نشاط وحدة عمليات الالتهابات، وتقليل شراهة الصفائح الدموية في الالتصاق على بعضها البعض، وتخمد نشاط اضطرابات إيقاع النبض من أنواعها الخطرة. وكلها جوانب تخدم صحة القلب وسلامة شرايينه.