«أسبوع ميلانو» لربيع وصيف 2009 .. سحر الإكسسوارات يزداد قوة
ما ان انتهى «أسبوع لندن للموضة» مودعا آخر موسم طويل له يتكون من ستة أيام يوم الجمعة الماضي، حتى بدأ «اسبوع ميلانو» يوم السبت، بمفاجأة لذيذة للغاية، تمثلت في ظهور عارضات بمقاسات كبيرة في عرض إلينا ميرو، الأمر الذي أثلج صدور الكثير من النساء.
الموضوع الذي لعبت عليه المصممة، كان حفلة في حديقة ترجمتها من خلال مطبوعات أزهار وورود متفتحة طبعت على فساتين منسابة من الحرير تلامس الركبة بالكاد، ولا تتعداها.
كما كانت هناك قمصان من الشيفون مع بنطلونات وجاكيتات قصيرة مع كورسيهات. الورود والأزهار لم تكن على شكل نقوشات فحسب، بل قدمتها ايضا عن طريق «الشك» والدانتيل.
وتعتبر ماركة «إلينا ميرو» التي تأسست في أواخر السبعينات، من الماركات التي تخاطب كل المقاسات، ولا تخص النحيفات فقط، مما يجعلها تحظى بشعبية كبيرة.
ورغم ان الأسبوع الميلاني يضم كل أبناء البلد من جيورجيو أرماني، وغوتشي، وروبرتو كافالي إلى ميسوني ودولتشي إي غابانا وغيرهم من الأسماء العالمية، فإن المصممين البريطانيين ماثيو ويليامسون، من خلال تشكيلته لإميليو بوتشي (قد تكون تشكيلته الأخيرة للدار) وكريستوفر بايلي من خلال تشكيلته لدار «بيربيري» منحاها جرعة من الذوق البريطاني العريق.
هذا الأخير مثلا أحضر معه رمادية سماء لندن، وقدم تشكيلة قاتمة لا تخترقها سوى خيوط قليلة من الألوان.
على العكس من الثنائي دولتشي إي غابانا، اللذين كان البحر هو محور تشكيلتهما لربيع وصيف 2009. كل قطعة في تشكيلتهما كانت موجهة لأنيقة ستقضي إجازاتها على يخت يرسو في دوفيل أو نيس أو كان أو سانت تروبيز، وهي الأماكن التي يفضل المصممان قضاء إجازة الصيف بها على متن يختهما.
كل ما في هذه التشكيلة ينطق بالأناقة من الجاكيتات المطرزة بالأحجار، إلى الصنادل العالية أو حقائب اليد المصنوعة من جلد الأفاعي والتماسيح.
وحتى لا يكون هناك ادنى شك بأنهما وجها انظارهما إلى أجواء البحار والمحيطات، فقد طرزا على جوانب بعض القمصان المصنوعة من الشيفون والإيشاربات، رايات مثل تلك التي تعلق فوق البواخر.
وكانت هناك ايضا تحية خفيفة وخفية للآنسة كوكو شانيل، التي عشقت في بدايتها منطقة دوفيل، وهي منطقة كانت في العشرينات والثلاثينات من القرن الماضي، محجا للأثرياء والطبقات المخملية الأوروبية، من خلال قطع منفصلة تتكون من شورتات من التويد أو كنزات على شكل جاكيتات وقبعات شمسية ضخمة تبدو وكأنها مظلات أو مناشف.
وللمساء قدما تشكيلة كل ما فيها يلمع ذهبا، مثل الكورسيهات المذهبة التي تعانق الخصر بحميمة شديدة أو الفساتين الطويلة والمعاطف الخفيفة التي تلبس فوقها.
من جهته قدم المخضرم جيورجيو أرماني مجموعة أطلق عليها «أ نجوي تو وير» أي أنها تمنح السعادة عند ارتدائها، وكانت كذلك فعلا. ركز فيها هذه المرة على الأقمشة الناعمة والألوان الهادئة، فيما كانت التصاميم في غاية الاناقة، خصوصا تلك الموجهة لمناسبات الكوكتيل، التي نحتها على شكل اوراق الشجر، وربما ما زاد من سحرها انها كانت معدودة مقارنة بالتنورات التي كانت سائدة.
الألوان هنا جاءت تتباين بين لون الرمال والبني. ولم تقل مجموعته الموجهة للمساء والسهرة عن مجموعة النهار من ناحيتي الهدوء والرقي.
فهي، كما شرح أرماني، تنطلق من فكرة «تحويل الأناقة الراقية إلى اسلوب ممتع يتناسب ومتطلبات الحياة اليومية».
تجدر الإشارة إلى أنه سبق وقدم خطه «إمبوريو أرماني» الموجه للشابات وصغيرات السن، أيضا بنفس الاتجاه الذي يلعب على خفة الاقمشة وعدم تكلف التصاميم.
وإذا كان هناك أي نقص في الألوان البراقة، فإن دار «ميسوني» ملأته بتشكيلتها المتفتحة بالالوان والنقوشات، كذلك الامر بالنسبة لـ«مارني».
وإذا كانت الأزياء هي الغالبة في عاصمة تشتهر بتقديم اجمل الأزياء الجاهزة واكثرها رومانسية وعملية، فإن الاكسسوارات كانت ايضا طبقا دسما هنا، حيث لم يخل عرض منها، سواء تعلق الأمر بالقبعات أو النظارات الشمسية أو حقائب اليد أو الأحذية، بل وحتى الاكسسوارات الضخمة التي زينت الأعناق ومعاصم اليد، وكأن المصممين يريدون ان يؤكدوا لنا ان الزمن القادم هو للاكسسوارات بلا منازع، وأنها لن تتوقف عن در الملايين لجيوبهم، بل ربما هم في أمس الحاجة إليها اليوم، وأكثر من أي وقت سابق، في ظل ما يمر به العالم من تذبذبات اقتصادية.
وطبعا لا يمكن الحديث عن الاكسسوارات من دون ذكر اسماء متمكنة في هذا المجال، مثل دور «برادا»، «دولتشي آند غابانا»، «سلفاتوري فيراغامو»، «موسكينو» و«كريتزيا» وهلم جرا.
ولا شك انها اكسسوارات رائعة في معظمها، لكنها لا تخلو من مطبات ومخاطر، لاسيما الأحذية التي أدت في عرض «برادا» إلى سقوط عارضة بسبب حذاء بكعب عال جدا أفقدها التوازن، الشيء الذي لم يثر إعجاب الحضور بقدر ما أثار الاستهجان، وطرح عدة تساؤلات حول مدى عملية هذه الاحذية وواقعية مصمميها.
وقد يكون تعثر العارضة ما هو إلا رمز على تعثر السوق المالي العالمي الحالي، فقد سقطت فجأة على قفاها وهي تبتسم خجلا، لكن الجمهور، الذي خشي أن تصاب بالإغماء ناشدها بأن تخلع الحذاء، لكنها مثل الجندي الذي أوكلت له مهمة يجب ان يقوم بها على أحسن وجه، تماسكت بشجاعة وبعد لحظات خرجت من المنصة مصحوبة بتصفيق الحاضرين وتعاطفهم.
فاجأتنا ميوتشا برادا بتغيير واضح في اتجاهها، حيث قدمت تصميمات تبدو بدائية نوعا ما من حيث الاقمشة المكرمشة، والتصاميم المثيرة للغريزة وكأنها تقول ان الذوق الحديث يعني اظهار المفاتن في وقت ينقص فيه القماش اللازم لتغطية الجسم.
التصميم بسيط ويتميز بالانوثة سواء في الفساتين والبدلات والتنورات أو في الجاكيتات الضيقة، وإن كانت مكرمشة ومجعدة، بينما تتباين الألوان من الأبيض الى الأسود والذهبي الى البرونزي الغامق. ما يؤخذ على ميوتشا في هذه التشكيلة أنها بدأت تميل إلى السريالي اكثر.
فمما لا شك فيه انها تصميمات رائعة وذكية، لكنها لا تناسب ارض الواقع كثيرا. بدورها نجحت الاسبانية الأصل كريستينا اوريتز، المصممة الفنية في دار فيراغامو الفلورنسية العريقة في تقديم احذية نسائية تتمنى كل امرأة لو امتلكت واحدا منها.
فالكعب يشبه قطعة فنية منحوتة، وهذا ليس غريبا على دار تخصصت اصلا في صنع الأحذية ونقلتها إلى مصاف التحف.
الأزياء ايضا كانت حافلة بالقماش البليسيه والحرير الذي غلبت عليه ألوان الشمس وزينته الاحزمة الجلدية.
الحرير كان حاضرا ايضا، وبقوة، في مجموعة دار «إيترو»، لكن بألوان واضحة ومتضاربة بتنسيق رائع، حتى تلك الموجهة إلى الملابس البحرية.
وكالعادة نجحت الدار في مزج النمط الغربي بالشرقي، خاصة في الفساتين الطويلة المستوحاة من الثقافة الهندية أو القفطان المغربي.
ومما لا شك فيه ان كل من يحضر عروض ميلانو لربيع وصيف 2009 يخرج منها وقد نسي كل شيء يتعلق بالأزمة المالية التى تعصف بالعالم، وكأن كل شيء على أحسن ما يرام.
وأكبر مثال على هذا ما قدمته دار «تودز» للاحذية والحقائب الجلدية من اكسسوارات يسيل لها اللعاب، خصوصا ان من تروج لها وقدمتها للجمهور هي النجمة الاميركية غوينيث بالترو.
وفي هذا الصدد صرح مالك الدار دييغو ديلا فالي بأن «مستقبل المنتجات الفاخرة يكمن في النوعية العالية أي ما يصنع في ايطاليا».
ولاثبات نظريته قدم حقيبة بلون بنفسجي صنعت من أجود أنواع جلد التمساح، إلى جانب مجموعة من الأحذية النسائية ذات الكعوب العالية بدرجة تصيب بالدوار، وإن كانت على أقدام بالترو تثير الإعجاب وستزيد من حجم الإقبال عليها، لا محالة. وبالطبع لا يكتمل أي اسبوع عالمي من دون نجمات السينما والرياضة اللواتي يزين الصف الأول، هدفهن تكحيل عيونهن بالأناقة والجمال، من جهة، ودعم مصمميهن المفضلين، أو ربما كسب ودهم، من جهة ثانية.
هذا الموسم كانت نجمة الاوسكار كيت بلانشيت وبطلة السباحة الايطالية في اولمبياد بكين فيديريكا بيليغريني من أوائل الحضور.