رغم موافقة الأزهر .. حذف مواد النسب للأم وسن الزواج من القانون بمصر

الغى مجلس الشعب المصري مواد مثيرة للجدل في مشروع قانون الطفل الذي وافق عليه في وقت سابق مجلس الشورى، وهي المواد الخاصة بحق الأم في نسب الطفل لها، ورفع سن الزواج للفتاة لـ18 عاما، وتجريم الختان بالنسبة للأبوين.


واعتبر هذا الإلغاء المفاجئ الذي اتخذه البرلمان المصري الخميس 15-5-2008 بمثابة انتصار للتيار المحافظ الذي عارض هذه المواد بشدة واعتبرها مخالفة للشريعة الاسلامية ولتقاليد وقيم المجتمع المصري.

وكان معارضة شديدة لقيها تمرير القانون من مجلس الشورى الذي يمثل الشعبة الثانية من البرلمان، حيث اعتبرت هذه المواد التي حظيت بموافقة شيخ الأزهر د.محمد سيد طنطاوي بمثابة استجابة لأجندة دولية مفروضة على مصر.

اقتراح مفاجئ بالإلغاء
فقد فاجئ قطبا الحزب الوطني الحاكم، وهما رئيس ديوان رئيس الجمهورية والنائب زكريا عزمي، والوزير السابق كمال الشاذلي، أعضاء المجلس بالاقتراح إلى لجنة الشؤون الدستورية، وبحضور 30 عضواً من اللجنة، بحذف هذه المواد، على اعتبار انها لا تلقى قبولاً لدى الرأي العام المصري، وتخالف الشريعة الإسلامية.

وبشأن مادة تجريم الأب أو الأم اللذين يقومان بختان ابنتهما، أبقت اللجنة على جزئية تجريم الطبيب الذي يجري هذه العملية، كما رفضت المادة الخاصة بابلاغ الجيران للشرطة ضد الأب أو الأم اللذين يقومان بضرب ابنيهما لتعارض هذا الأمر مع الأعراف والقيم السائدة فى المجتمع المصرى.

وحذفت اللجنة من مشروع القانون حق الأم في نسب الطفل لها، مع الابقاء على حقها فى استخراج شهادة ميلاد لابنها ووضع اسم الوالد.

وأثناء المناقشات، اعترض النائب مصطفى بكرى على هذه المادة بمجملها معتبرا أنه ترويج للزنا.

واعتبر النائب الإخواني علي لبن أن المواد "الملغاة" تتعارض مع المادة الثانية من الدستور التى تنص على أن الشريعة الاسلامية هى مصدر السلطات. وأضاف: اذا تعارضت مواد أى قانون مع الشريعة الاسلامية فتعتبر باطلة قانوناً. وهذه المواد تتعارض مع القانون 103 لسنة 1961 الذى ينص فى احدى مواده على مرجعية مجمع البحوث الاسلامية لبيان الرأي، في ما يستجد من مشكلات اجتماعية ومذهبية ذات صلة بالعقيدة، مشيرا إلى أن معظم المواد التى تم الاعتراض عليها رفضها مجمع البحوث الاسلامية.

وقال النائب محمد العمدة أن رفع سن زواج الفتاة لـ18 عاما كان سيفتح الباب للزواج العرفي ، وأن تجريم الختان "كارثة كبيرة".

مخالفة للاتفاقيات الدولية
من جانبه أكد رئيس محكمة استئناف القاهرة المسشار القانوني لمجلس الأمومة والطفولة، مقدم القانون، خليل مصطفى لـ"العربية نت" ان حذف هذه المواد يتعارض مع الاتفاقيات الدولية التى وقعت عليها مصر والتى تنص على أن سن الطفولة ينتهى عند 18 عاما وبالتالى فان الزواج لا يجب أن يتم قبل هذه السن، لأنه فى نظر القانون والاتفاقيات الدولية يكون الأب قد زوج طفلة.

وأضاف أن الزواج فى سن مبكر ليس له سند فى الشرع الاسلامى، ويصيب الفتاة الطفلة بأضرار صحية واجتماعية تتمثل فى عدم قدرتها على التجاوب مع الحياة الأسرية، ولا يتحمل تكوينها الجسمانى مشاق الحمل أو الولادة.

وأوضح أن زواج الفتاة، إذا كانت أقل من 18 عاما، سيحرمها من فرص التعليم العالى والتكوين الثقافي الذى نحن فى أمس الحاجة اليه. وتابع: سنعقد اجتماعا صباح غد (الجمعة) لمناقشة هذه التطورات والبحث عن بدائل قانونية لا تلقى مثل هذه الاعتراضات.

وكانت لجنة الشؤون الدستورية بمجلس الشعب استأنفت مناقشاتها لقانون الطفل، وطلبت حضور مفتي الديار المصرية علي جمعة لحسم الخلافات حول هذه المواد إلا أن المفتى لم يحضر بنفسه وحضر نيابة عنه د. محمد سالم، الذى أقر مادة نسب الطفل لأمه رغم اعتراضات علماء الأزهر فى مجمع البحوث الاسلامية.

وطبقا للقانون تعد موافقة لجنة الشؤون الدستورية فى البرلمان المصري على حذف هذه المواد موافقة نهائية، وبالتالي سيعرض مشروع القانون بدونها على الجلسة العامة للمجلس الاسبوع القادم لاقراره النهائي.