اليرقان (الصفرة) يصيب أكثر من نصف المواليد و80% من الرضع

اليرقان (الصفرة) .. سببه قد يكون فسيولوجيًا أو مرضيًا
اليرقان (الصفرة) .. سببه قد يكون فسيولوجيًا أو مرضيًا

يعد اليرقان (الصفرة) لدى حديثي الولادة من الظواهر الشائعة جدًا والشائكة في نفس الوقت، إذ إن الانطباع السائد لدى الغالبية أنه مجرد استجابة فسيولوجية طبيعية للتغيرات التي تحدث للمولود في أيام عمره الأولى.
 
ومن ناحية التفسير العلمي، فهذا الاعتقاد صحيح لفئة معينة فقط من المواليد ولكنه في المقابل غير صحيح لدى فئات أخرى.
 
واليرقان (الصفرة) لا يحدث بالضرورة لأسباب فسيولوجية فحسب وإنما يحدث أيضا لأسباب مرضية قد تستدعي تدخلات علاجية متقدمة. ونحو 50 إلى 60 في المائة من المواليد يصابون باليرقان (الصفرة) وترتفع النسبة حسب الدراسات إلى 80 في المائة في الخدج منهم.
 
اليرقان (الصفرة) الفسيولوجي
اليرقان (الصفرة) الفسيولوجي يحدث عادةً في اليوم الثاني من الولادة، ويرجع السبب فيه إلى عاملين رئيسين، أولهما هو التغير الجذري في الدورة الدموية بعد الولادة حيث يكون عدد خلايا الدم الحمراء أثناء الحمل للجنين عاليًا وبالتالي خضاب الدم، إلا أن الجسم بعد الولادة يصبح في غنى عن هذا الكم من الخلايا التي تبدأ تتحلل وتنتج كميات عالية من خضاب الدم الذي يتحلل بدوره منتجًا للمادة الصفراء التي تسمى علميا مادة «بيليروبين (Bilirubin)» التي تتطلب لإخراجها جاهزية وظائف الكبد حتى يتم طردها في البول والبراز، وإذ إن الكبد في حديثي الولادة غير مستعد وظيفيًا لاستيعاب هذا الكم من الخضاب فإننا نجد هذه النسبة العالية من اليرقان (الصفرة) تحدث لدى حديثي الولادة.
 
أسباب أخرى
وما يجدر ذكره هنا أنّ هذه التغيرات الفسيولوجية ليست بالضرورة سببًا مباشرًا لحدوث اليرقان (الصفرة)، إذ يمكن أن يحدث اليرقان (الصفرة) لأسباب مرضية أخرى منها: تكسر خلايا الدم لأي سبب كان على مستويات عدة منها ما يتعلق بغشاء الخلية نفسها ومنها ما يتعلق ببعض الإنزيمات التي تفتقر إليها هذه الخلايا كما في حالات أنيميا الفول على سبيل المثال، أو أن يكون بسبب تكوين مضادات تعمل على تكسير خلايا الدم الحمراء بسبب عدم تطابق فصائل الدم بين الجنين والأم. 
 
وهنا تجدر الإشارة أيضا إلى سببين شائعين، هما:
- السبب الأول: يحدث كون فصيلة دم الأم O وفصيلة الجنين A أو B بغض النظر أكانت سالبة أو موجبة. وهنا تجدر الإشارة إلى أن هذه الحالة الأولى لا تحدث بالضرورة في جميع المواليد المنطبقة عليهم شروط حدوث المرض إذ تحدث في 20 إلى 30 في المائة فقط منهم.
 
- السبب الثاني: يحدث كون فصيلة دم الأم سالبة في حين أن فصيلة دم الجنين موجبة. وهذه الحالة الثانية لا تحدث في المولود الأول على الإطلاق.
 
ومن أهم ما يجب التنويه عنه أن اليرقان (الصفرة) الذي يحدث في اليوم الأول من الولادة لا يعد من النوع الفسيولوجي، بل إنه إجراء مزيد من الفحوصات لتحديد السبب وقد يستدعي تدخلات علاجية قد تصل إلى تغيير الدم للمولود بشكل كامل.
 
وهنالك أخطاء شائعة لدى أفراد المجتمع ومعتقدات سائدة وخاطئة أيضا لدى فئة كبيرة منهم، نذكر منها على سبيل المثال الآتي: أن الغالبية العظمى يتهاونون في علاج اليرقان (الصفرة) عند حديثي الولادة لحد الإهمال إذ إنهم يجهلون الأنواع المرضية منه. 
 
كما يعتقد البعض أن مجرد تعريض المولود لأشعة الشمس أو للإضاءة المنزلية كاف لعلاجه، وأنه يقوم مقام العلاج الضوئي المقنن بالمستشفيات، وكذلك قد يعمد البعض إلى إرضاع المولود كميات من محلول السكر معتقدين بأنها تقوم على طرد المادة الصفراء من الجسم.
 
توصيات علاجية للوالدين
- أولاً: عدم التهاون بوجود أعراض اليرقان (الصفرة) لدى المولود خاصة وإن ظهرت في اليوم الأول من الولادة.
 
- ننصح ثانيًا باستمرار الرضاعة بل ننصح بالإكثار منها للمساعدة على طرد المادة الصفراء من الجسم.
 
- وأخيرا لا يوجد أي خيار آخر للتأكد من مستوى المادة الصفراء دون إجراء فحص الدم للتأكد من مستوى المادة الصفراء بنوعيها المباشر وغير المباشر.
 
والرسالة هنا للوالدين، أنه يجب عليهما تفهم قلق الأطباء وإعطاء المولود فرصة للتأكد من عدم وجود أي عامل خطورة مرضي لدى المولود وراء ظهور علامات اليرقان (الصفرة) عليه رغم أن اليرقان (الصفرة) الفسيولوجي هو السائد في الغالبية العظمى ولا يستدعي التدخل العلاجي. وقد يستمر اليرقان (الصفرة) لمدة أسبوعين كحد أقصى.
 
وفي حال استمرت الأعراض لفترات أطول، فإنه يجب استشارة طبيب أطفال مختص للتأكد من التشخيص الدقيق.
 
المضاعفات 
من أهم المضاعفات التي يجب الإشارة إليها أنه عند ارتفاع مستوى المادة الصفراء بالجسم، قد تصل هذه المادة إلى مناطق معينة من الدماغ مما يؤدي إلى إعاقات حركية مستديمة فضلاً عن فقدان السمع بشكل نهائي.
 
ونحن هنا إذ نطمئن الجميع بأن اليرقان (الصفرة) الفسيولوجي هو السائد إلا أننا في الوقت ذاته نهيب بهم بضرورة التأكد من عدم وجود أي عوامل خطورة قد تؤدي إلى المضاعفات الوخيمة آنفة الذكر وذلك بعرض المولود على طبيب مختص وإجراء تحاليل الدم حسب ما يراه الطبيب.