الرضاعة الطبيعية .. لا تتسبب في ترهل الثدي

نفى الباحثون من جامعة كنتاكي الأميركية أن يكون حرص الأم على تقديم رضاعة طبيعية لمولودها Breastfeeding سبباً في الإصابة بحالات ترهل الثدي Breast ptosis، وذلك وفق نتائج الدراسة التي تم طرحها ضمن الفعاليات العلمية للمؤتمر السنوي للمجمع الأميركي لجراحي التجميل الذي عُقد أواخر شهر أكتوبر الماضي.


وقال الدكتور براين رينكر، جراح التجميل والباحث الرئيس في الدراسة، إنه يجب طمأنة الأمهات بأن إرضاع الطفل من الثدي ليس ذا آثار سلبية على مظهره.

ولا تزال كثيرات من الأمهات يرين أن إرضاع الطفل من الثدي هو السبب في حصول حالة ترهله، ما يدفع بعضهن إلى إرضاع الطفل بالحليب المُصنع للحفاظ على قوام الثدي. وتلجأ كثيرات منهن إلى الوسائل الجراحية، أو ما تُسمى عملية شد الثدي mastopexy ، لتعديل قوام الثدي. وذلك دون إدراك أن ثمة نجاحاً متفاوتاً في تحقيق العملية تحسيناً لشكل الثدي، ومحدودية زمنية لجدوى هذه الوسيلة العلاجية في استمرارها تحسين منظر وشكل الثدي.

وتشير المصادر الطبية في الولايات المتحدة إلى أن أكثر من 100 ألف عملية شد ثدي تُجرى فيها سنوياً.

والملاحظ أن ترهل الثدي يُصيب غالبية النساء في مرحلة ما من العمر، خاصة مع التقدم في العمر أو نتيجة للحمل. لكن ثمة مؤشرات قوية على أن التغذية الطبيعية الجيدة، والمحتوية على الخضار والفواكه الطازجة، والمحافظة على وزن معتدل للجسم وتجنب تكرار الارتفاعات والانخفاضات الشديدة فيه، خاصة لدى الفتيات الصغار والشابات، عوامل مهمة في تقليل احتمالات الإصابة بالترهل في الثدي. كما أن المصادر الطبية لا ترى أهمية بالذات لارتداء حمالات الصدر أو لنوعية الأقمشة المستخدمة فيها، في تخفيف احتمالات الإصابة بترهل الثدي.

دراسة اميركية
وشملت الدراسة أكثر من 130 امرأة، ممن راجعن عيادات جراحة التجميل ابتغاء إجراء عملية تكبير للثدي أو عملية جراحية لرفع الثدي المترهل. وكان متوسط أعمار السيدات أولئك حوالي 39 سنة. وغالبيتهن، حوالي 93%، سبق لهن الحمل مرة واحدة على أقل تقدير. كما كان حوالي 60% منهن ممن سبق لهن إرضاع واحد من أطفالهن على الأقل.

وأخذ الباحثون بعين الرصد التاريخ المرضي للمشاركات في الدراسة، ومقدار مؤشر كتلة الجسم BMI ، كمقياس أدق لوزن الجسم بالنسبة لطوله. كما تمت ملاحظة المقاس المعتاد لحمالة الصدر bra cup size فيما قبل الحمل، والتدخين، إضافة إلى عوامل أخرى.

وتوصل الباحثون إلى أن إرضاع الطفل لا يتسبب بتغيير شكل الثدي إضافة إلى تلك التغيرات التي يُحدثها الحمل وحده. وهو ما يعني أن الباحثين يرون أن الحمل وليس الإرضاع من الثدي بعده، هو ما يُمكن أن يكون سبباً في تغير شكل الثدي.

وإضافة إلى الحمل، لاحظ الباحثون أن ثمة عوامل أخرى ترفع من احتمالات ترهل الثدي. وذكروا في دراستهم أن منها التقدم في العمر، والتدخين، وكبر حجم الثدي في فترة ما قبل الحمل، وكثرة عدد مرات الحمل. وعلل الباحثون تأثير التقدم في العمر والتدخين، بتأثيرهما السلبي على درجة مرونة الجلد والأربطة، وقدرتهما على التماسك لحمل الثدي ضمن شكل وهيئة منتصبة.

مراحل العمر وتأثيراتها وحالة السقوط أو الترهل
تختلف أسبابها بحسب مقدار عمر المرأة حين حصوله. إذْ ان الصغيرات في السن قد يُصبن بالترهل في الثدي جراء إما زيادة كتلة حجم الثدي، خاصة حينما يكون جلد الجسم رقيقاً وضعيفاً، وبالتالي غير قادر على حفظ هيئة منتصبة للثدي، أو جراء التقلبات في زيادة وزن الجسم ثم نقص ذلك، خاصة مع الحميات الغذائية الشديدة وغير المحتوية على العناصر الغذائية المُقوية للأنسجة الضامة والأربطة التي تُحافظ على قوام الثدي وشكله.

أما لدى متوسطات العمر فإن الحمل يصاحبه امتلاء وزيادة في حجم الثدي، والتي غالبها ناتجة عن انتفاخ حجم الغدد الثديية بفعل هورمون برولاكتين. ومع عودة الجسم بعد الولادة إلى سابق حجمه، فإن الغدد الثديية الموجودة داخله تبدأ بالضمور، ما يدع جلد الثدي مرتخياً. وبالتالي يبدو الثدي مترهلاً. وثمة عامل آخر يُساعد على الترهل، وهو الارتخاء الطبيعي في أربطة الجسم، المكونة من الأنسجة الضامة، أثناء فترة الحمل.

وتختلط تأثيرات عوامل شتى لدى المتقدمات في العمر في حصول الترهل. ولعل الجاذبية الأرضية هي أقوى العوامل آنذاك في التسبب بترهل الثدي. وكذلك تلعب عمليات الضمور في مكونات الثدي دوراً مهماً آخر عند التقدم في العمر، إضافة إلى ذلك فإن التغيرات الطبيعية في بنية الجلد وتلاشي المواد اللازمة لإكسابه مرونة الشد، تُضيف مزيداً من الترهل للثدي. وتتسبب السمنة لدى المتقدمات في العمر، خاصة حينما تكون موجودة قبل بلوغ سن اليأس، في زيادة غير متناسقة لأجزاء الثدي، ما يجعل من السهل حصول زيادة ثقل في الأجزاء الأمامية من الثدي. وهو ما يُساعد على ترهل شكل الثدي حينما يقوى تأثير ضعف الجلد والجاذبية الأرضية عليه.

درجات الترهل
هناك ما يُسمى «خط ثنية أسفل الثدي»، وهو أحد تراكيب الجزء السفلي من الثدي، والناشئة عن الالتحام ما بين الجلد والأنسجة الضامة في الثدي. وهذه الثنية السفلية قد تكون كبيرة لدرجة إمكان أن يُلامس جلد الثدي الجلد للأجزاء الأمامية السفلية من الصدر لدى بعض النساء، وقد لا يحدث ذلك لدى غيرهن.

وأهمية «خط ثنية أسفل الثدي» هي في علاقته بالحلمة، وهي العلاقة التي تُحدد مدى وجود الترهل أو السقوط، من عدم وجود ذلك. ونتيجة لعوامل الوزن وتأثره بالجاذبية الأرضية، وأيضاً لعوامل الارتخاء في الأربطة والأنسجة الضامة للثدي وللعضلات ولأغلفة العضلات، فإن الحلمة والأنسجة الثديية المُحيطة بها تُصبح موجودة تحت خط ثنية أسفل الثدي بدرجات مختلفة.

وهناك تقسيم لبعض الأطباء حول ثلاث درجات للترهل، وذلك بالنظر إلى موقع الحلمة من خط ثنية أسفل الثدي. والدرجة الأولى هي حينما تُصبح الحلمة واقعة مباشرة فوق خط ثنية أسفل الثدي. والدرجة الثانية حينما تسقط الحلمة أكثر من ذلك بحوالي 2 سم تحت الخط. والدرجة الثالثة حينما تُصبح الحلمة مشيرة إلى أسفل وتحت الخط.

وهناك أيضاً ما يُسمى بالترهل الكاذب للثدي Pseudoptosis، أي أن الحلمة لا تكون تحت الخط، بل هو الجزء السفلي من الثدي الذي يُصبح مرتخياً وساقطاً بينما الحلمة في موضعها الطبيعي.

عملية شد الثدي
عملية شد الثدي تُحاول تكوين شكل أكثر اتزاناً لهيئة الثدي وموضع الحلمة فيه. ويرى كثير من الجراحين أن طريقة العملية تختلف على حسب درجة الترهل، أي إما شدا جزئيا partial Mastopexy أو شدا كاملا full Mastopexy.

والأساس أن الشد لتصحيح شكل الثدي يُمكن أن يُجرى مع زراعة الثدي الصناعي لتكبير حجمه، أو أن يتم من دون ذلك. وما يُحدد ذلك درجة الترهل ومدى وجود أنسجة مالئة في الثدي.

وعملية الشد ببساطة تتكون من إعادة وضع الحلمة في مكان طبيعي أعلى، وإزالة مساحة من جلد الثدي، وإعادة خياطة أطراف جلد الثدي بما يُكسبه قواما أكبر. وعلى حسب مكان إجراء فتحة شق الجلد، حول الحلمة فقط أو حول الحلمة وتحتها، تكون الندبات التي تُخلفها العملية.

وإذا ما جرت الأمور بشكل مُرض للمرأة وجيد من ناحية مضاعفات العملية الجراحية وما بعدها، فإنه في كثير من الحالات تختلف النتائج فيما بعد العملية مع مرور الوقت والتقدم في العمر.

ومما يجدر التنبه إليه أن عملية الشد هذه من أكثر عمليات تجميل الثدي احتياجاً إلى خبرة ومهارة الجراح الذي يقوم بها.

تركيب الثدي ودعائم شكله
اختلاف ظاهره باختلاف أنظمة الدعم فيه وحوله ، ويعتبر الثدي في الأصل غدة عرقية تحورت إلى غدة لإنتاج الحليب. وتنتشر في داخل كل الثدي مجموعات من الغدد الثديية Mammary Glands، المنتجة للحليب. وعلى وجه الخصوص، فإن غالبها موجود في المنطقة المحيطة بحلمة الثدي Nipple وثمة شبكة معقدة من القنوات الصغيرة التي تجمع ما تفرزه الغدد الثديية من حليب، لتتجمع القنوات تلك في ما بين 6 إلى 18 قناة حليبية Lactiferous Ducts أكبر حجماً لتخرج من حلمة الثدي.

أما بقية مكونات الثدي فهي أولاً أنسجة ضامة Connective Tissue مكونة من مواد الكولاجين Collagen والإلاستين Elastin. وثانياً أنسجة شحمية Adipose Tissue، وثالثاً ما يُسمى أربطة كوبر Cooper"s Ligaments. وأربطة كوبر هي عبارة عن أربطة مُعلقة للثدي، ومكونة من أنسجة ضامة تُساعد على الحفاظ على تماسك تركيبة هيئته. ولأنها أنسجة ضامة، فهي عُرضة، بسبب عوامل شتى، لكي يعتريها الضعف في القوة والتركيب. وهو ضعف يُفقد هذه الأربطة قدرتها على حفظ هيئة قوام الثدي.

وتشير مصادر علم التشريح إلى أن نسبة جزء الغدد الثديية الحليبية إلى جزء الأنسجة الشحمية في الثدي تختلف حسب الحاجة إلى إنتاج وإدرار الحليب. بمعنى أن حجم الغدد الثديية، وبالتالي نسبتها إلى الأنسجة الشحمية، يزيد حال الحمل والإرضاع ويقل حال عدمهما. بينما تبقى نسبة حجم كتلة الأنسجة الشحمية على ما هي عليه. وتحديداً تبلغ النسبة 1 إلى 1 لدى المرأة العادية غير الحامل والمُرضعة، أو بنسبة 2 إلى 1 لدى المرأة الحامل والمُرضعة.

ويقع الثدي فوق عضلة الصدر الأمامية الكبيرة، التي تُدعى بكتورالس ميجور Pectoralis Major. ليُغطي الثدي في العادة ما بين مستوى الضلع الثاني إلى الضلع السادس. وثمة امتداد جانبي علوي للثدي يصل إلى منطقة الإبط، يُسمى ذيل سبينس Tail of Spence. من المعلوم أن الثدي لدى النساء يختلف في الحجم وفي الشكل. والأساس في تحديد الشكل الظاهر والنهائي للثدي هو أنظمة الدعم الموجودة فيه وفيما حوله. والمكونة بدرجة رئيسية من أربطة كوبر، ومن أيضاً تركيبة القفص الصدري الذي يلتصق به الثدي نفسه، ومن درجة التماسك والشد لمكونات الجلد.

وشكل الثدي أشبه بالهرم الذي رأسه هو حلمة الثدي وقاعدته المساحة الملتصقة على جدار الصدر الأمامي. ويلتصق الجزء السفلي من الثدي على جدار القفص الصدري بواسطة تعلقه على الأنسجة العميقة للغلاف الخارجي لعضلة الصدر الأمامية الكبيرة. وهذا الغلاف مكون من أنسجة ضامة قوية. أما في الجزء العلوي منه، فإن الدعم لهيئة الثدي وتعليقه يأتي من ذلك الشد الذي يُحدثه امتداد التصاق الجلد الخارجي للثدي بالأنسجة الضامة الموجودة في أعلى منطقة الصدر. وبهذا الدعم يتكون شكل الثدي.

وهناك نوعان من أشكال الثدي، وذلك بناءً على ما إذا كان استقرار الثدي ناشئا عن مجرد التصاقه على الجدار الأمامي للصدر، أو أن استقرار الثدي لا يعتمد على ذلك. والأول هو النوع العالي المستدير الذي ينمو بشكل أفقي من سطح جدار الصدر. أي مثل النوع العادي لدى الفتيات الصغار والشابات. وهنا يعتمد تثبيت الثدي وتكوين شكله البارز على التصاق قاعدته بجدار الصدر. ولذا فإن الثقل يتوزع على مساحة واسعة بالتساوي.

والنوع الثاني هو النوع المنخفض. وفيه يستقر جزء كبير من ثقل الثدي في الأجزاء السفلى منه، ما يجعل الدعم الحقيقي لهيئة الثدي يأتي من التصاق وتماسك تلك الأجزاء السفلى للثدي بالجدار الأمامي للصدر، إضافة إلى الدعم الذي يُقدمه التصاق قاعدته بجدار الصدر.