«بوجاتي» تتفرع من السيارات إلى الأزياء
03:32 م - الثلاثاء 3 فبراير 2015
إلى الأمس القريب كان الكل تقريبا يعرفون «أزرق كلاين»، الذي يرتبط بالفنان إيف كلاين، والآن، أصبح هناك أيضا «أزرق بوجاتي».
نعم، المقصود هنا «بوجاتي» للسيارات الفارهة والسريعة، وحتى لا تختلط عليك الأمور، فإن المحل الجديد ليس معرضا للسيارات بل محلا للأزياء والإكسسوارات، التي تطمح من ورائها شركة «بوجاتي» مخاطبة زبائنها الأوفياء، مع رغبة واضحة في استقطاب زبائن جدد، ربما ليست لديهم الإمكانيات لاقتناء واحدة من سياراتها الفارهة، لكنهم حتما يقدرون أن يشبعوا رغبتهم بتذوق الترف باقتناء بدلة أو ربطة عنق أو حقيبة يد تحمل توقيعها.
من هذا المنطلق، قررت دخول عالم الأزياء والإكسسوارات مستندة على اسمها الرنان، الذي يكفي لكي يشد الانتباه وعلى إرثها الغني الذي يمكنها الغرف منه بلا هوادة. في الأسبوع الماضي، افتتحت محلها الأول في العاصمة البريطانية، وتحديدا في منطقة نايتسبردج، على بعد خطوات من كل من متاجر «هارودز» وفندق «بلجاري».
الشركة لم تخف أهمية الزبون العربي بالنسبة لها، بل يدخل ضمن استراتيجياتها وأولوياتها، وهو ما يؤكده اختيارها لـ «نايتسبريدج» كعنوان لها، كونها المنطقة التي يتسوق منها 80 في المائة من العرب تقريبا.
في هذا الصدد، قال وولفغانغ دورهايمر، رئيس بوجاتي أوتوموبيل: «كانت لندن خيارنا الأول عندما قررنا التوسع، لأنها مركز تجاري وسوق مهم لسياراتنا من جهة، ولأنها أيضا تتمتع بمكانة مهمة كمركز للفن والتصميم والموضة على المستوى العالمي، من جهة ثانية، مما يجعلها مثالية بالنسبة لنا».
وأضاف: «ثم نحن نتبع زبوننا أينما كان».
الخطوة الثانية لـ «بوجاتي» ستكون افتتاح محل في الدوحة وآخر في دبي في عام 2015 قبل أن تتوجه الشركة إلى باريس والولايات المتحدة وغيرها من الوجهات العالمية التي حصرتها فيما لا يقل عن 30 وجهة خلال الخمس سنوات المقبلة.
وبمناسبة الافتتاح، طرحت الشركة مجموعة جديدة من الأزياء والإكسسوارات أطلقت عليها «أزرق لندن» The Blue of London، وإن كان في الحقيقة يعكس اللون الأزرق الذي يدخل ضمن جيناتها الوراثية، ويصبغ الكثير من سياراتها، وهو أزرق بدرجات كلاسيكية ظهرت في معظم البدلات وربطات العنق وحقائب اليد وغيرها من المعروضات التي ستروق لرجل لا يقبل بالحلول الوسط عندما يتعلق الأمر بأناقته، سواء كان يتوخى تصاميم رسمية، ظهرت هنا في بدلات مفصلة بأسلوب إيطالي، أو ربطات عنق بنكهة فرنسية، أو يريد تصاميم «سبور» تناسب أيامه العادية.
خلال الافتتاح، قال وولفغانغ دورهايمر: «اسم بوجاتي ليس مرادفا للتكنولوجيا العالية أو الأداء الهائل للسيارات فحسب، بل أيضا يرادف أسلوب حياة خاص، تربطه بالفنون علاقة وطيدة تعود إلى الجذور وإلى عائلة بوجاتي نفسها».
وأضاف وكأنه يطمئن زبائنه المخلصين: «طبعا ستبقى صناعة السيارات الفريدة والعالية الأداء هي الأولوية بالنسبة لنا، لكننا ننوي أن يشمل سحر الماركة مجالات أخرى منها الموضة نظرا لأهميتها».
المثير أن لقاءات كثيرة جمعت صناع السيارات الفارهة بصناع الموضة الراقية في السابق. وهي لقاءات تُرجمت في تعاونات بين مصممين كبار وشركات سيارات مهمة مثل فيراري وغيرها.
ووصلت هذه التعاونات إلى حد كبير في السنوات الأخيرة ودفعت مصمم شركة فورد، أنطوني بروزي، الذي سبق له العمل مع المصممة دونا كاران منذ نحو 8 سنوات تقريبا، إلى الاعتراف بأن هذه العلاقة توطدت وأصبحت تتعدى المغازلة من بعيد.
نفس الأمر أكده عدد من المصممين من أمثال، بول سميث وجوليان مكدونالد وجيورجيو أرماني وإيلي صعب وغيرهم ممن ساهموا في إضافة لمساتهم الفنية إما بتصميم إكسسوارات سيارات، أو بطرح قطع أزياء تكملها من قفازات وحقائب سفر وما شابهها.
لكن هذه العلاقة بين السيارات والموضة لم تبلغ هذه الدرجة من الحميمية والتزاوج قبل الآن. تبرير «بوجاتي» دخولها هذا المجال بكل ثقلها أنه يعود إلى أن الفن يتجذر فيها، بدليل أن كارلو بوغاتي، والد مؤسسها، إيتوري، كان مصمم قطع أثاث، بينما كان عمه رامبرانت بوغاتي كان نحاتا معروفا.
وقد نجح إيتوري، الذي تشكل الأحرف الأولى من اسمه «EB لوجو الدار حاليا، في المزج بين النظرة الفنية والابتكارات التقنية منذ البداية، وهو ما نتج عنه خلق لغة خاصة بالشركة، ترجمها في سيارات كلاسيكية لا مثيل لها في العالم، من حيث التصميم والتكنولوجيا.
ولحد الآن لا تزال فلسفة الدار تتلخص في 3 كلمات: الفن، الشكل والتقنية، وما تجدر الإشارة إليه أنه على الرغم من أن عائلة بوغاتي إيطالية حتى الصميم، فإن الشركة تأسست في منطقة الألزاس الفرنسية منذ أكثر من 100 عام ولا تزال موجودة فيها، حتى بعد انضوائها تحت جناحي مجموعة «فولكس فاجن» الألمانية، الأمر الذي يجعلها تتمتع بثلاث جنسيات، وشخصيات، أخذت من كل واحدة منها أجمل ما فيها: الفن الإيطالي، الأناقة الفرنسية المترفة والدقة الألمانية.
هذه الميزات الثلاث تجعل من الصعب على أي أحد منافستها في سوق السيارات الفارهة، الذي تتسلطن فيه وتخاطب فيه النخبة أولا وأخيرا وتطمح إلى تكراره في مجال الموضة، لا سيما وأن توسعها في مجال الأزياء والإكسسوارات، جزء من استراتيجية بعيدة المدى، تتوخى منها توفير كل ما هو مترف لزبونها الثري، الذي لا يقبل بالعادي، وفي الوقت ذاته التوسع في أسواق جديدة للوصول إلى زبائن جدد، قد يكون بعضهم من المتطلعين إلى الانضمام إلى نادي النخبة بأي ثمن لكن ليست له بالضرورة الإمكانيات لاقتناء سيارة.
بيد أن هذا لا يعني أن هذه الأزياء والإكسسوارات ستكون في متناول أي كان، فكل من تتحدث معه من العاملين في «بوجاتي» يردد بحماس، إنهم يصنفون أنفسهم في مستوى دار «هيرميس» الفرنسية، من حيث الأناقة والحرفية والاهتمام بالتفاصيل.
فالحرير الذي تستعمله بوغاتي من أجود ما تجود به معامل مدينة كومو، والجلديات من فلورنسا وهكذا.
كل هذا يؤكد أن أسعارها ستعكس كل هذه الأمور لأنها تريد أن تحافظ على مكانتها في القمة وسمعتها، وفي الوقت ذاته تريد أن تلعب مع الكبار فقط.
ستطرح بوجاتي في محلها الجديد خط «إيتوري بوجاتي» الذي يركز على الأزياء الكلاسيكية، وخط «إي.بي» الذي يتمتع بنكهة «سبور»، ستتوفر أيضا خدمة التفصيل على المقاس، لكنها ستكون حصرية لزبائنها الأوفياء والمهمين فقط.