أدوية للوقاية من سرطان الثدي .. مالها وما عليها
10:02 ص - الأحد 3 أغسطس 2014
هناك كثير من الأدوية الحديثة والفعالة التي تساعد على الوقاية من سرطان الثدي والتي أصبحت متاحة وفي متناول الجميع خلال الـ20 عاما الماضية. لكن المثير للدهشة أن الكثير من النساء، بمن فيهن اللاتي يتعرضن لدرجة عالية من خطر الإصابة بذلك المرض، لا يستفدن من تلك الأدوية.
فوائد ومساوئ
يمكن لبعض أنواع الأدوية، مثل «تاموكسيفين» tamoxifen (الاسم التجاري «نولفاديكس» Nolvadex)/ و«رالوكسيفين» raloxifene (إفيستا Evista)، و«إكزميستين» exemestane (أروماسين Aromasin)، أن تقلل من احتمال إصابة كثير من النساء بالسرطان، لا سيما اللاتي يدخلن دائرة خطر الإصابة بذلك المرض.
ويقول الدكتور بول غوس، مدير أبحاث سرطان الثدي في مركز السرطان بمستشفى ماساتشوستس العام، إن «تلك الأدوية أظهرت فاعليتها في الوقاية من حدوث إصابة بسرطان الثدي الغازي للمناطق القريبة «invasive أو سرطان الثدي (قبل الغازي) pre-invasive».
ويضيف الدكتور غوس أن تلك الأدوية «لا تساعد فقط في الحماية من السرطان، بل إنها تحمي من مقدمات السرطان وتؤدي دورا غير عادي، حيث إنها تعمل كأنها أشعة لاكتشاف الإصابة المبكرة بالسرطان، مما يقلل من إجراء مزيد من فحوصات الأنسجة. وتمثل تلك النتائج فوائد فرعية لتلك الأدوية لم تكن في الحسبان».
وعلى الرغم من هذه الفوائد، فإن الغالبية العظمى من النساء، المرشحات لتناول الأدوية التي تحمي من الإصابة بسرطان الثدي، تعزف عن استخدام تلك الأدوية. ويرجع جزء من إحجام النساء عن تناول تلك الأدوية، وكذلك إحجام الأطباء عن إعطائهم تلك الأدوية، إلى القلق من الآثار الجانبية مثل التعرض للإصابة بجلطات الدم، بالإضافة إلى تزايد خطر الإصابة بسرطان الرحم.
يقول الدكتور غوس إنه على عكس الآثار الجانبية التي تنشأ من تناول الأدوية التي تعالج ضغط الدم المرتفع أو الكولسترول، يبدو أمر إثبات المخاطر التي تحدث بسبب تناول أدوية الوقاية من سرطان الثدي أكثر صعوبة، لأن فوائد تلك الأدوية لا تظهر بالوضوح نفسه الذي تظهر به أدوية ضغط الدم والكولسترول. ويضيف أنه «عندما يفحص طبيب مريضا ويخبره بأن ضغط دمه قد انخفض عن اليوم السابق، فإن هذا يعد نصرا كبيرا، ولهذا يتعايش المريض مع الآثار الجانبية. أعتقد أن عدم توفر ذلك لأدوية الوقاية من السرطان هو السبب الوحيد والرئيس وراء عدم انتشار تلك الأدوية».
ويشير الدكتور غوس إلى أنه يتوفر لتلك الأدوية تاريخ طويل من الأمان والفاعلية، حيث أجرى الباحثون دراسات تفصيلية عن تأثيرها على السيدات اللاتي يعانين بالفعل من سرطان الثدي قبل أن ينصحوا باستخدامها بوصفها علاجا يقي من السرطان، مضيفا أن «عشرات الآلاف من النساء في شتى أنحاء العالم تناولوا هذه العلاجات، وبالتالي فقد جرى إعداد كثير من صور الأوضاع الصحية المفصلة تفصيلا دقيقا عن الآثار الجانبية لتلك العلاجات».
وفي الوقت الحالي، يوصي الأطباء باستخدام ثلاثة أنواع من الأدوية للوقاية من سرطان الثدي لدى النساء في مرحلة ما بعد انقطاع الطمث: منها اثنان من معدلات «مستقبِل الاستروجين» النوعية SERMs) selective estrogen receptor modulators) هما «تاموكسيفين» (نولفاديكس) و«رالوكسيفين (إفيستا)، وواحد يعمل مثبطا لإنزيم الأروماتاز Aromatase inhibitor هو «إكزميستين» (أروماسين). وتعالج الأدوية الثلاثة أكثر أنواع سرطان الثدي شيوعا، وهي «مستقبِل الاستروجين» وسرطان الثدي الإيجابي، التي تحتاج إلى هرمون الاستروجين لتبقى نشيطة وفاعلة.
مَن النساء اللائي ينبغي عليهن تناول تلك الأدوية؟
ينبغي على قطاع محدد من النساء، وهن اللاتي يدخلن دائرة الخطر الشديد للإصابة بسرطان الثدي، أن يأخذن بعين الاعتبار نصائح تناول أدوية الوقاية.
ويشمل ذلك القطاع:
- النساء اللاتي لديهن عامل وراثي خاص بطفرة جينية في الجين الخاص بسرطان الثدي (BRCA).
- النساء اللاتي لديهن تاريخ طبي في العلاج بالإشعاع في الصدر بسبب نوع آخر من السرطان (مثل ورم «هودجكن» اللمفاوي أو الورم الليمفاوي «غير الهودجكن»).
- النساء اللاتي لديهن تاريخ شخصي من الإصابة بسرطان الثدي.
- النساء اللاتي أجرين فحصا نسيجيا أظهر وجود فَرْط تنَسّج قنوي غير نمطي أو سرطان فصيصي، أو ظروف سابقة لعملية التسرطن التي تزيد من خطر الإصابة بسرطان الثدي المنتشر.
- إلا أن هناك فئات أخرى من النساء - مثل أولئك اللائي لديهن تاريخ صحي عائلي في الإصابة بالسرطان - من الصعب اكتشاف أنهن مرشحات للإصابة بالسرطان. ويوصي الخبراء بتناول أدوية معدلات «مستقبِل الاستروجين» النوعية ومثبطات إنزيم الأروماتاز لجميع النساء اللائي يتعرضن لمستويات عالية من خطر الإصابة بسرطان الثدي بناء على النقاط المسجلة لهن على مقياس تقييم مخاطر الإصابة بسرطان الثدي التابع للمعهد الوطني للسرطان (لتقييم خطر إصابتك يمكن زيارة موقع المعهد التالي: www.cancer.gov/bcrisktool. غير أن مقياس مستوى النقاط يختلف من مؤسسة صحية لأخرى:
- فريق عمل الخدمات الوقائية الأميركية يعد أن المرأة دخلت مرحلة الخطورة العالية للإصابة بالسرطان إذا وصلت النقاط الخاصة بها إلى 3 في المائة فما فوق.
- الجمعية الأميركية لعلم الأورام السريرية تعد أن خطر الإصابة الشديد بالسرطان يحدث عند تسجيل 1.66 في المائة على الأقل.
وعلى الرغم من نمو معرفتنا بالعوامل التي تؤدي إلى تعرض النساء لمخاطر الإصابة بسرطان الثدي، والعلاجات التي تساعد على وقاية النساء اللائي يدخلن في دائرة الخطورة العالية للإصابة، فإنه لا يوجد إجماع كامل على تعريف من هن اللاتي ينبغي عليهن السعي لاستخدام أدوية الوقاية.
علاجات وقائية
يقول الدكتور غوس: «إنني أؤمن بأهمية علاجات الوقاية من سرطان الثدي، لكني غير متأكد من أين تبدأ وأين تنتهي حدود تناول تلك الأدوية»، مضيفا أنه بسبب عدم اليقين، فإن من الأهمية بمكان لكل امرأة أن تناقش قضية ما إذا كانت أدوية الوقاية من سرطان الثدي آمنة ويمكن تناولها، مع طبيبها الخاص.
وينبغي على النساء المعرضات بالفعل للإصابة بجلطات الدم أو سرطان الرحم عدم تناول تلك الأدوية. ومن المهم أيضا الأخذ في الاعتبار نوعية الظروف الحياتية التي ستمر بها المرأة أثناء تناول أدوية الوقاية من سرطان الثدي، حيث يشير الدكتور غوس إلى أنه «مع تناول أدوية الوقاية من سرطان الثدي، ينبغي أن تضع المرأة في الحسبان طول مدة العلاج الذي ربما يستغرق عدة سنوات وليس بضعة أشهر. لذلك، من المهم النظر في تلك الأحاسيس والمشاعر التي ستمر بها المرأة طوال تلك المدة».
وتؤدي تلك الأدوية إلى إيقاف تأثير هرمون الاستروجين، مما يسبب أعراضا غير مريحة تشبه تلك الأعراض التي تظهر بعد انقطاع الطمث، بما فيها الهبات الساخنة وجفاف المهبل. كما تؤدي مثبطات إنزيم الأروماتاز إلى هشاشة العظام (وهو الأثر الجانبي الذي يمكن مواجهته من خلال تناول أدوية بايوفسفونيت).
وإذا ما قررت يا سيدتي تناول أي من تلك الأدوية، فسوف تتوفر لك ميزة مهمة، وهي أن فوائد الوقاية من سرطان الثدي سوف تستمر لفترة طويلة حتى بعد الإقلاع عن تناول تلك الأدوية. يقول الدكتور غوس: «إذا ما تناولت يا سيدتي علاجات الوقاية من سرطان الثدي لمدة خمسة أعوام، فسوف تحصلين على وقاية دائمة من خطر الإصابة بسرطان الثدي، وهو ما يبدو كأنه بوليصة تأمين».