تجنبي أن تكوني مثالية حفاظا على صحتك النفسية
01:47 م - الإثنين 19 أغسطس 2013
خاص الجمال - إيناس مسعود
إذا كنت إنسانة تسعى دائما لتكون مثالية في كل شيء فهذا نوع من العبث الذي يمكن أن يؤدي إلى الإضرار بصحتك النفسية وعلاقاتك الاجتماعية بكل أنواعها، فأنت في مجتمع ناقص لذا لا تحاولي أبدا الوصول للكمال لأنك لن تجديه، فالكمال لله وحده، وهنا بعض النصائح لتساعدك على أن تكوني إنسانة واقعية لا مثالية.
هل للمثالية معنى واضح؟
الكمال والمثالية من المفاهيم التي يستحيل تحديد تعريف واضح لها، ومع ذلك نسعى جاهدين لتحقيقها كما نوبخ أنفسنا كثيرا عندما نعجز عن ذلك، من الجيد الوصول إلى مستويات حياتية راقية والرغبة في تحقيق النجاح، لكن عندما تبدأ فكرة الكمال في التأثير على علاقاتك أو تصبح حالة فوبيا من الوقوع في الخطأ حينها تظهر المشكلة.
تفرق الطريقة التي تتفاعلين بها مع أخطائك وما تفشلين به في كثير من الأحيان بين الطموح الصحي والكمالية غير الصحية، فقد أثبت الباحثون أن المثالية المتطرفة يمكن أن تصبح عادة مشابهة لسلوكيات قهرية غير سوية مثل التدخين والشرب ولعب القمار.
وأوضحت لورا ألبير الأخصائية الاجتماعية الإكلينيكة في الممارسة العملية على مدى 30 عاما أنه رغم أن تلك المعايير التي تدفع الشخص للبحث عن الكمال قد تؤدي إلى خلق حالة مؤقتة من التفوق ثم تتركه في النهاية في شعور من الانشقاق.
المشكلات النفسية والجسمانية للباحثين عن الكمال:
ترتبط هذه الحالة أيضا بأعراض نفسية وجسمانية خطيرة وهي:
- الاكتئاب.
- القلق.
- مشكلات في النوم.
- مشكلات في الهضم.
- اضطرابات في تناول الطعام.
- أفكار انتحارية.
وتقول آن دبيلو سميث -مستشارة رسمية لمشكلات الأسرة ومؤلفة كتاب "التغلب على الكمالية، والحصول على مفتاح لتحقيق التوازن وقبول الذات"- إنه مثل الإدمان، وللكمال أو المثالية تأثيرات سلبية على علاقاتك.
ويعاني من يسعون إلى المثالية والكمال من مشكلات في العمل مع الآخرين حيث ينظرون إلى زملائهم على أنهم أناس غير منضبطين ويصعب التعامل معهم، مما يجعلهم يتركون لهم كثيراً من الأعمال بحجة عدم القدرة على التعايش معهم والسير بطريقتهم الغير راضيين عنها.
بالإضافة أن هؤلاء الأشخاص يكون لهم ردود أفعال دفاعية قاسية ضد أي نقد بناء يتعرضون له، كما يجدون صعوبة في طلب المساعدة، وهنا بعض الأمثلة على هذه الحالة:
- في البيت مع شريك الحياة يبذلون أقصى ما عندهم في ممارسة العلاقة الحميمية خوفا من الظهور في حالة من الضعف.
- لا يشعرون بالرضا في أغلب الأحيان عن الأشخاص المهمين في حياتهم مما يدفعهم إلى تحميل أطفالهم الكثير من الضغوطات والأعباء معتقدين أنهم بذلك يصلون بهم إلى مرحلة الكمال.
اختبري نفسك:
الأخبار الجيدة هي أنك بإمكانك تحديد ميول المثالية التي تريدينها وعمل ما يلزم من الاحتياطات اللازمة كالآتي:
- أولا عليك تقييم مدى المثالية في حياتك وكيف تؤثر عليها?
- هل تقف معاييرك عن المثالية عائقا في تواصلك مع الآخرين?
- هل تعتقدين أن ارتكاب أبسط الأخطاء يجعلك من وجهة نظرك إنسانة فاشلة?
- هل تماطلين في القيام بأشياء معينة خوفا من ظهورك بشكل يعيب عليه الآخرون?
- هل يخبرك الناس أنك إنسانة يصعب إسعادها؟
إذا كانت هذه الأسئلة تدور بعقلك كثيرا فقد يكون هذا هو الوقت المناسب لمعالجة سلوكك الكمالي، وهنا بعض النصائح اللازمة للتغلب على فكرة الكمالية أو المثالية بداخلك:
حددي أهدافاً واقعية:
يميل أصحاب السلوك المثالي أو من يسعون له إلى وضع أهداف ومستويات عالية جدا غالبا لا يمكنهم الوصول لها، حيث ترتبط فكرة الأهداف مستحيلة التحقيق بمبدأ كل شيء أو لا شيء، كما يركزون فقط على خط النهاية وهذا لا يقود إلا إلى حالة من خيبة الأمل، الفشل وحتى الاكتئاب.
لذا يوصي ألبير بأن وجود الأهداف في حياة الإنسان أمر جيد، لكن لابد أن تكون ممكنة التحقيق بالإضافة إلى أهداف صغيرة سهلة المنال مما يشعرك بالرضا عن نفسك تذوق طعم الشعور بالإنجاز المستمر.
تحدي حديث نفسك السلبي:
تقترح سميث بخفض صوت الأفكار الناقدة بدلا من غلقه تماما، والاعتراف بوجود الأفكار السلبية، لكن إذا لم تتمكني من التخلي تماما عنها وإيقافها، على الأقل قلليها لحد معين حتى لا يمكنها إعاقة إنجازات حياتك، وحاولي التركيز على إيجابيات ما تفعلينه والجيد في مظهرك بدلا من النظر إلى العيوب لأن الأبحاث أثبتت أن وجهة نظرك عن نفسك هي ما يراه الناس ويقتنعون به.
كوني أكثر وعيا:
ركزي كل انتباهك ووعيك على الحاضر الذي تعيشين به، أو اللحظة، ولا تفكري في موضوعات من الماضي أو مشكلات محتلمة الحدوث في المستقبل، فقط كوني حيث أنت وافعلي ما تفعلين المهم أن يكون شيئاً واحداً في المرة الواحدة بحيث لا تشغلين بالك بأكثر من شيء في وقت واحد.
افعلي كل شيء بإتقان، فكلي جيدا عند وقت الأكل، وقومي بعملك على أكمل وجه في وقت العمل، والعبي واستمتعي بوقتك، وإذا وجدت نفسك في حالة من الهوس بشيء ما عليك اتخاذ خطوات عقلانية.
وحتى تشعري بالواقع المحيط ركزي على الطريقة التي تمشين بها، المشاهد من حولك، الروائح، الطقس أو أي شيء يخرجك من الأفكار السلبية التي تدور في رأسك إلى البيئة المادية من حولك وعيشي اللحظة.
وينصح ألبير بأنك يمكنك استخدام التأمل الواعي لإبعاد محرك العقل الداخلي عن الانقياد نحو مثالية أو كمال صعب المنال.
ضعي الآخرين أولا:
بدلا من التركيز على نفسك ورغبتك في المثالية والكمال، أعيدي توجيه محركاتك على التواصل مع الأشخاص المقربين من قلبك واقبليهم كما هم ولا تحكمي عليهم على أساس قدراتهم المحدودة، مع الاعتراف بما بهم من عيوب وبما بك أنت أيضا، فمن أجل التواصل الحقيقي عليك الاعتراف بالواقع حتى لو كان يشعرك بالخوف أو الارتباك.
باستخدامك لهذه الأدوات يمكنك البدء بالتخلص من الأفكار الغير عقلانية ووضع توقعات وأهداف أكثر واقعية وقبول نفسك والرضا عنها، وعلى الجميع العلم بأن ما به من عيوب هي ما يميزه ويجعله فريداً عن غيره، لذا حاولي الاقتناع بذلك وتبنيه والسعادة بما نملك من صفات، فنحن لسنا مضطرين أن نكون أشخاصاً مثاليين إنما علينا أن نكون أنفسنا.