هل هناك علاقة بين الأكل واقفا وعسر الهضم؟

تتسم الحياة هذه الأيام بالسرعة في كل شيء لضيق الوقت الذي لا يعطينا فرصة حتى لتناول وجبة طعام، لكن ما يهمنا الآن هو هل تناول الطعام ونحن سائرون في الطريق ضار بعملية الهضم ؟ لتكتشف الحقيقة يجب أن تدخل عالم مسابقات الأكل السريعة.
 
(كشفت دراسة حديثة أن الأطفال الذين يأكلون نفس الطعام مع والديهم يتمتعون بنظام غذائي أكثر صحة).
 
بما أن الوقت الذي لدينا يقل ويقل كلما مرت الأيام ولم يعد هناك ما كنا نقول عليه وقت الغداء في الأسرة الواحدة حيث تم استبدالها بتناول الساندوتشات أو الوجبات السريعة نظرا لضيق الوقت.
 
فإذا كنت في عجلة من أمرك وتناولتِ شيئاً ما بسرعة يكون لديك ميل للتفكير أنك على الأقل يجب أن تجلس وأنت تتناوله، حتى لو كان المعنى جلوسك في الأتوبيس وأنت ذاهب إلى موعدك الثاني، وإلا فإن إصابتك بعسر الهضم تصبح شيئاً متوقعاً.
 
لكن هل هذا حقيقي ؟ عند النظر في أسباب عسر الهضم أو عسر الهضم الوظيفي، كما يطلق عليه في المحاضرات الطبية، فإن تناول الطعام وأنت واقف لا يظهر على القائمة.
 
عند استبعاد الأسباب المشابهة مثل قرحة المعدة والتهاب المعدة فإن التحكم في عسر الهضم يمكن أن يشتمل تغيرات في نمط الحياة، لكن هذا يعني تناول نظام غذائي صحي، الإقلاع عن التدخين وتقليل تناول الكحوليات والقهوة، ولا يعني ذلك الجلوس وأنت تأكل.
 
في الحقيقة، يوصي الأطباء بالعكس، فإذا كان الألم ناتجاً عن الارتجاع، عندما يرتد الحمض من المعدة إلى المريء، هذا حيث يكون للجاذبية دور في حدوثه، فالبقاء في وضع مستقيم أثناء وبعد تناول الطعام يحافظ على بقاء الحمض داخل المعدة في مكانه الصحيح، ولنفس السبب ينصح المرضى الذين يعانون من ارتجاع بالنوم على رأس السرير بحيث يكون الجسم مائلاً.
 
لكن يمكن أن يكون هناك مشكلة أخرى من تناول الطعام والشخص واقف، فنحن عندما نقف نفعل الأشياء بشكل أسرع، ومن هنا كشفوا أن الشركات العصرية وجدت أن إجراء اجتماعات العمل والعاملون جالسون تستمر لفترة أطول من غيرها بنسبة 34%، لذلك ربما يكون خطر تناول الطعام واقفا يغري الشخص لالتهام الطعام بسرعة مما يؤدي إلى عسر الهضم. 
 
هناك عدد قليل جدا من الدراسات التي تقارن بين من يأكلون بسرعة ومن يأكلون ببطء، فلن يكون من السهل توزيع الناس عشوائيا لتناول الطعام بسرعة معينة ثم نجبرهم على ذلك في كل مكان.
 
تضمنت دراسة تم إجراؤها عام 1994 أسئلة عن سرعة تناول الطعام في استطلاع شامل للعادات الغذائية وكشفت أن السرعة التي تعتقد أنك تأكل بها ليس لها علاقة بتردد عملية عسر الهضم.
 
وهنا بحث آخر تم عام 2010 كشف نفس النتيجة، لكن اعتمدت هاتان الدراستان على قدرتنا على كل من الحكم على سرعة تناولنا للطعام بدقة والتصريح عنها بصراحة.
 
تم التغلب على هذه المشكلة في دراسة أجريت في جنوب كوريا، حددت خلالها الوقت الذي أخذه تدريب مجموعة من الطلاب من أكاديمية التمريض بالقوات المسلحة بشكل فعلي لإنهاء وجباتهم.
 
ومع نظام حياتهم حيث يستيقظون جميعا، تناولوا الطعام ومارسوا الرياضة في نفس الوقت، كانوا هم المجموعة النموذجية من الناس لدراستها، وكان الفرق الوحيد في روتينهم اليومي هو السرعة التي اختاروها لتناول الطعام، لكن حتى الآن مرة أخرى، إذا ختبرت الدراسة بالتفصيل، يبدو أن لسرعة تناول الطعام تأثيراً قليلاً على عسر الهضم.
 
إذن ماذا عن الخبراء الحقيقيين لتناول الطعام بسرعة، المتنافسين في سرعة تناول الطعام ؟ يعرف الأمريكان بأنهم يأكلون بسرعة رهيبة من أجل العيش وحصلوا على أربع تسجيلات في موسوعة جينيس، حيث تضمن أحدث تسجيل التهام بيتزا بحجم 12 بوصة في  وقت 41.31 ثانية.
 
وغيرها من النماذج التي يعتقد أنها تسبب عسر الهضم لأي شخص، لكنها في الحقيقة لا تسبب ذلك، حيث أظهرت أشعة إكس أن هؤلاء المتسابقين في سرعة الأكل دربوا معدتهم على التمدد لمثل هذا الحد لذا لا يشعر الشخص بالامتلاء عندما ينتهي من الأكل.
 
الأطفال الذين يتناولون نفس الطعام مثل والديهم يتمتعون بأنظمة غذائية أكثر صحة، هذا بناء على دراسة جديدة، وهذا يقودنا إلى ما يمكن أن يكون المشكلة من تناول الطعام بسرعة وبالطبع ليس عسر الهضم، إنما هو اختلال الآلية المعتادة التي تجعلك تشعر بالشبع، وحتى هنا الدليل معارض.
 
أظهرت بعض الدراسات أن تناول الطعام بسرعة يزيد من شعورك بالشبع، مما يجعلك تأكل المزيد، وأظهرت دراسات أخرى العكس، لذلك في المرة القادمة حين لا يكون لديك وقت للجلوس وتناول طعامك لا تشعر بالاستياء إذا لاحظت أنك تلتهم الطعام بسرعة، وما دمت لا تشعر بأي مرض فلا يبدو أن هناك أي ضرر بهذا.