«تمارا ميلون» .. المرأة التي حولت شركة أحذية عادية إلى ماركة عالمية مسجلة

لم يكن يتوقع أحد النجاح الذي حققته شركة أحذية صغيرة تحولت على يدها إلى ماركة عالمية اسمها «جيمي شو»، حيث تركها لشركة «جيمي شو» لا يعني نهاية تمارا ميلون .. التي تخطط لإنجازات مستقبلية
لم يكن يتوقع أحد النجاح الذي حققته شركة أحذية صغيرة تحولت على يدها إلى ماركة عالمية اسمها «جيمي شو»، حيث تركها لشركة «جيمي شو» لا يعني نهاية تمارا ميلون .. التي تخطط لإنجازات مستقبلية

في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، عندما تركت تمارا ميلون، «جيمي تشو»، شركة الأحذية التي أسهمت في تحويلها إلى دار عالمية، محققة صافي ربح مسجل تقدر قيمته بـ 135 مليون دولار، لم تذكر السبب الذي جعلها تأخذ هذه الخطوة. كل ما قامت به هو رسالة بعثت بها إلى متابعيها على موقع «تويتر»، شاكرة لهم دعمهم وموقعة بعبارة: «سوف أبقى على تواصل معكم».
 
مرت فترة صمت، ومع ذلك لم تغب ميلون، البالغة من العمر 45 عاما، عن الأضواء تماما. فهي من الوجوه المألوفة في الكثير من المناسبات الكبيرة، بحكم صداقاتها الكثيرة في مجالات تصميم الأزياء والفن والسينما. ويمكن القول إن جدولها اليومي ماراثوني في الكثير من الأحيان، خصوصا منذ أن انتقلت من بريطانيا إلى الولايات المتحدة.
 
«ثمة كثير من الأمور التي علي متابعتها مما يصيبني بالإنهاك» هكذا تحدثت تمارا مؤخرا وهي تتناول الغداء في «فريدز»، المطعم الكائن بالطابق التاسع في بارنيز نيويورك. كانت ترتدي بنطلون جينز ضيقا وسترة سوداء ذات ياقة ضيقة.
 
تقول: «عندما تنتقل لأول مرة، يكون الإبهار لا يقاوم. تتلقى كما هائلا من الدعوات، قد تصل إلى أربعة في أماكن مختلفة في أمسية واحدة، على العكس من لندن».
 
يعد هذا أيضا انعكاسا لحياة يلتحم فيها الماضي بالمستقبل، غير أن السؤال المطروح هو: ماذا يحمل المستقبل ما بعد «جيمي شو» لها؟ تجيب أنها تعكف على تأليف كتاب، تصفه بأنه «قصة واقعية عن منظم مشاريع رائد» من المفترض أن تنشره دار «بينغوين بريس» العام المقبل.
 
تشرح: «أنه ليس كتابا تجاريا بحتا أو مجرد سيرة ذاتية، بل يجمع بين النوعين من الكتب».
 
وأكدت أنه لن يكون ردا على «العالم الجامح لجيمي تشو: قصة مثيرة عن السلطة والأرباح والبحث عن الحذاء المثالي» الذي ألفه لورين غولدشتاين كرو وساغرا ماكيرا دي روزين، عن تاريخ الشركة غير المصرح بنشره؛ لأنها ليست على دراية بالمحتوى الفعلي لذلك الكتاب.
 
تقول: «لم أقرأه وليست لدي أي نية لقراءته، إذ ليست لديهم إمكانية الوصول لأي شخص للتأكد من معلوماتهم. ثمة معلومات خاطئة في الكتاب، لذلك، سيكون من الواجب أن أوضح ذلك حتى أطوي صفحة ذلك الفصل من حياتي من خلال كتاب».
 
هناك أيضا حديث عن تطرقها إلى مجالات أخرى في قطاع الموضة، مثل تأسيس علامة جديدة، على الرغم من أن آخر مغامرة لها في هذه المجال باءت بالفشل، حين تعاونت مع هارفي وينشتاين وسارة جيسيكا باركر لإعادة إطلاق خط «هالستون»، الذي عرف أوجه في السبعينات لكن عملية إحيائه على يد المصمم ماريوس شواب لم تكن بالنجاح الذي كان متوقعا.
 
ولدت تمارا ييرداي في لندن، وهي الابنة الكبرى لثلاثة أطفال لآن ديفيز، العارضة السابقة لدار «شانيل» وتومي ييرداي، الدوبلير المدهش للنجم روك هادسون الذي أسس لاحقا سلسلة صالونات «فيدال ساسون» مع مصفف الشعر الشهير.
 
في عام 1976، انتقلت عائلة ييرداي إلى بيفرلي هيلز بولاية كاليفورنيا، بجوار نانسي سيناترا، وتمارا، في التاسعة من العمر. تشرح قائلة: «في السبعينات، كانت هناك ضرائب مرتفعة في المملكة المتحدة، مما جعل الكثير من الناس يغادرونها».
 
لكنها مع ذلك عادت لإنجلترا للالتحاق بهيثفيلد، مدرسة داخلية راقية للفتيات في منطقة أسكوت.
 
بعد تخرجها من المدرسة الثانوية، حصلت على درجة مقبول في اللغة الفرنسية، بينما سجلت في معهد «ألبين فيدمانيت» السويسري الذي أغلق لاحقا، وهو نفس المعهد الذي أنهت فيه الراحلة ديانا سبنسر تعليمها، في مجال الإتيكيت والسلوكيات. لم تكمل تمارا دراستها الجامعية؛ لأنه حسب قولها: «لم يكن متوقعا من الفتيات في تلك الفترة الذهاب إلى الكلية في المملكة المتحدة، وبالتالي لم أبل بلاء حسنا في المدرسة. 
 
في العشرينات من عمرها، بدأت تجرب حظها في المجال التجاري من خلال كشك في بورتوبيلو رود في لندن لبيع قمصان مطبوعة بوجوه باسمة تماشيا مع الاتجاه السائد. عملت بعدها لفترات قصيرة في متجر «براونز» في مجال العلاقات العامة، قبل أن تصبح محررة لقسم الإكسسوارات بمجلة «فوغ» البريطانية. في هذه الفترة التقت بجيمي تشو، الإسكافي المولود في ماليزيا. آمنت بعمله ودعمته ماديا بسلفة من والدها لتكون البداية افتتاح محل بمنطقة نايتسبريدج.
 
تشرح: لقد أقرضني والدي مبلغا قيمته 150 ألف جنيه، وقال لي: «فقط تأكدي من أن العائد الذي تجنينه أكبر من نفقاتك» ولاحقا، عندما وجد العمل ناجحا، أقرضني مليون جنيه أخرى وافتتحنا متاجر في نيويورك. حققنا أرباحا طائلة، لكن كل شيء أملكه اليوم هو ثمرة ما جنيته من أرباح. لم أرث شيئا.
 
مع تنامي نجاح «جيمي تشو»، اتسعت دائرة علاقات العمل الخاصة بتمارا. التقى رونالد بيريلمان، الذي يعتبر الآن صديقا حميما، بتمارا لأول مرة في حفلات في نيويورك ولندن. وقام بتعيينها في مجلس إدارة «ريفلون» في عام 2008، وما زالت مديرة فيها.
 
تحدث بيريلمان عن تمارا قائلا: «إنها تتمتع بشخصية مميزة على الرغم من أن مشكلتها أنها ليست ناجحة في إبراز شخصيتها؛ لأنها ليست من النوع الذي يفرض نفسه عليك أو يحاول التفوق عليك».
 
في عام 2010، عينها رئيس الوزراء ديفيد كاميرون في منصب سفيرة لقطاع الأعمال، للقيام بالترويج لبريطانيا بالخارج، بموجب ترشيح من جوناثان مارلاند، عضو مجلس اللوردات وزميل عمل سابق لتمارا. وفي العام نفسه، كرمت من قبل الملكة إليزابيث الثانية على الخدمات التي قدمتها لقطاع الموضة. لكن الصورة التي رسمها البعض عنها هي لسيدة أعمال ماكيافيلية. 
 
ففي عام 2001، عندما باع تشو أسهمه في الشركة وظلت قريبته ساندرا تشوي المصممة الرئيسية، تم وصف تمارا بالانتهازية والعدوانية؛ لأنها نحت جانبا تدريجيا الرجل الذي كان اسمه على شعار الشركة.
 
وجاء في كتاب «العالم الجامح لجيمي شو» أنه «على نحو صحيح أو خاطئ، شعر (جيمي شو) بأنه قد تمت الاستفادة منه وأن اسمه قد استغل من دون موافقته». طبعا نفت تمارا فكرة أنها قد تصرفت على نحو غير ملائم: «لا يمكن لأحد أن يجبر أي شخص على بيع أسهمه. كان هذا قرار جيمي».
 
وبسؤالها عن سبب عدم ردها على منتقديها، أجابت: «لا أهتم كثيرا بأحاديث النميمة، ويتركز اهتمامي على تنفيذ مشاريع عمل مهمة».
 
وعندما تعلق الأمر بالنميمة، لم يكن من المفيد كشف تفاصيل حياة تمارا الشخصية الصاخبة، فقد تزوجت عام 2000 من ماثيو ميلون، المنتمي إلى عائلة مصرفية عريقة، في حفل زفاف مهيب في قصر بلاينهيم. 
 
وأنجبا ابنة تسمى أرامينتا واسم التدليل الخلاص بها هو مينتي. تعرض الزواج إلى مشاكل، بسبب تلقى تمارا علاجا من المخدرات، وذكرت صحف بريطانية أنها كانت على علاقة برجل أصغر منها سنا هو أوسكار هامفريز، على الرغم من أنها قالت إن علاقتها به لم تبدأ سوى عقب انفصالها عن زوجها. وطلقت تمارا عام 2005، لكنها ظلت على وفاق مع طليقها، الذي حضرت عرسه على زوجته الحالية، نيكول هانلي في جزر البهاماس في عام 2010.
 
حياتها في نيويورك حاليا تتمحور حول مينتي، التي تبلغ من العمر الآن 10 سنوات. ولا تبعد شقتها في آبر إيست سايد سوى ثلاث بنايات عن مدرسة ابنتها. كذلك اشترت منزلا في بريدجهامبتون بنيوجيرسي بالأساس لهوس ابنتها مينتي بركوب الخيل والفروسية.
 
فالشقة لا تبعد سوى دقيقتين عن الأسطبلات. لكن بعيدا عن «جيمي شو» التي اشتهرت بها، لتمارا اهتمامات أخرى، فقد فتحت، مثلا، أبواب شقتها لأصدقائها ومعارفها لحضور جلسات نقاش يديرها المحلل النفسي مارك سولمز عن كتاب «The Brain in Love» «المخ وهو يحب». 
 
وقالت إنها ستستضيف المزيد من النقاشات مع مؤسسة «التحليل النفسي العصبي»، من بينها نقاش عن تطور مخ الأطفال لأنها كما تقول: «لو لم أدخل عالم الموضة والأزياء، لكنت اخترت أن أصبح طبيبة نفسية». كما تعتزم إقامة مؤسسة لحقوق المرأة، مبدية إعجابها بجمعية صديقتها المصممة توري بيرش الخيرية، التي تدعم المشاريع الصغيرة التي تقوم بها النساء، بتمويل محدود. 
 
أما فيما يتعلق بمشروعها التجاري المقبل، بعد أن ينتهي عقد الاحتكار الذي أبرمته مع «جيمي شو» في فبراير (شباط)، فتقول: «إن أفضل شيء بالنسبة لي هو التمتع براحة إجبارية».
 
وأضافت أن عدم الاستمرار في وظيفتها ليس فقط بسبب عدم اتفاقها مع شكل الإدارة الجديد الذي اشترى «جيمي شو» عام 2011 مقابل 800 مليون دولار، بل أيضا لرغبتها في التوقف مبكرا ليصبح في مقدورها إقامة مشروع جديد: بمجرد استقالتي من «جيمي شو»، تلقيت رسائل كثيرة عبر البريد الإلكتروني تطلب الاستثمار في مشروعي الجديد.
 
وتدرس تمارا الخيارات المتاحة أمامها، لكن المطمئن أن المشروع الجديد سيكون في مجال الموضة، وربما يحمل اسمها؛ لأنها حسبما تقول: «لا أعرف سوى عالم الموضة».
 
أما اللورد مارلاند، فيعبر عن إعجابه بها قائلا: «يمكن أن تكتفي تمارا بإنجازاتها السابقة، لكنها ليست كذلك. وهذا أكثر ما يعجبني في الأميركيين: فهم لا يريدون العمل من أجل جني مليون دولار، بل يسعون إلى جني مليار».