ويليام ألكسندر .. أول رجل يتولى عرش هولندا منذ 123 عام .. بعد احتكار نسائي لعقود
04:44 م - الثلاثاء 30 أبريل 2013
«شرف كبير لي أن أكون في خدمة الشعب الهولندي» بهذه العبارة ابتدر الأمير ويليام ألكسندر ابن ملكة هولندا تعليقه أمام وسائل الإعلام، بعد دقائق من إعلان الملكة بياتريكس في فبراير (شباط) الماضي عن نيتها التنازل عن العرش لابنها. وهو الحدث الذي ينتظره الهولنديون، والمرتقب في 30 أبريل (نيسان) الجاري.
وأعلنت الملكة بياتريكس ملكة هولندا في فبراير الماضي في كلمة بثها التلفزيون العمومي عن تخليها عن العرش لصالح نجلها الأكبر الأمير ويليام. وقالت «بياتريكس» التي توجت ملكة في 30 أبريل 1980 أن عام 2013، يوافق الذكرى الـ 200 للملكية الهولندية.
وقالت الملكة إن ابنها أصبح جاهزا للجلوس على العرش، في كلمة لتطمين الهولنديين. وإنه لن يكون هناك يوم عيد للملكة في هولندا، وإنما سيصبح عيد الملك، وسيكون يوم السابع والعشرين من أبريل كل عام وهو عيد ميلاد الأمير ويليام الذي ولد في اليوم نفسه عام 1967. وصدر طابع بريدي هولندي جديد يتضمن بشكل مؤقت صورة الملكة بياتريكس وابنها ويليام ألكسندر ولي الذي سيصبح بعد 3 أيام 46 عاما.
وبعد أن يصبح الأخير ملكا للبلاد سيحمل طابع البريد صورته فقط، وستصبح الأميرة أماليا، 9 سنوات، الابنة الكبرى للأمير ويليام الوريث الشرعي للعرش، وأول من يحمل لقب «ولية عهد» في تاريخ هولندا، وذلك تنفيذا للتعديلات التي أدخلت على الدستور الهولندي عام 1983 التي نصت على السماح للفتيات بتولي هذا المنصب، حتى لو كان لها شقيق أصغر منها. وكان الدستور يحظر ذلك في الماضي. ولدى الأمير ويليام ثلاث بنات مما يعنى أن العرش سيعود للنساء بعد جيل واحد.
والأمير ويليام هو أكبر أبناء الملكة بياتريكس وزوجها الأمير كلاوس، تعلم في المدرسة الثانوية البروتستانتية في مدينة لاهاي وبعدها أدى الخدمة العسكرية في البحرية الملكية الهولندية من أغسطس (آب) 1985 إلى يناير (كانون الثاني) 1987 وبعدها انضم إلى جامعة لايدن الهولندية ودرس التاريخ وحصل على الشهادة الأكاديمية.
وتقول وسائل الإعلام الهولندية إن الأمير ويليام حصل على لقب «الأمير بيلس» أثناء فترة الدراسة بسبب حماسه الزائد الذي أظهره كطالب في مجال التحصيل العلمي وفي هذه المرحلة كان الأمير يردد أنه لا يوجد لديه رغبة قوية في أن يصبح ملكا.
وكان ينظر إلى الأمير في شبابه على أنه شاب طائش غير قادر على تولي مهام الملكية قبل أن يكتسب تدريجيا شرعية لدى الشعب الهولندي. وقبل أيام قليلة من تولية العرش، قال في تصريحات «لست مولعا بالبروتوكول ولا يعنيني بما سيخاطبني الناس سواء بالملك ويليام ألكسندر أو أي تسمية أخرى، ويمكن أن يخاطبوني بالطريقة التي يرغبون فيها والتي تكون سهلة بالنسبة لهم، وسواء نادوني أنا أو زوجتي ماكسيما بأي لقب سواء ملك أو أمير، لا يفرق الأمر معنا كثيرا».
وسيحمل ويليام بعد تولية العرش لقب جلالة الملك وزوجته ماكسيما ستحمل لقب جلالة الملكة بينما ستحمل إلام بياتريكس لقب صاحبة السمو الملكي الأميرة بياتريكس. ويقول دورين هرمانس الذي يكتب سيرة العائلة المالكة في تعليق على هذا الأمر إن «الملكة بياتريكس كانت تفضل مناداتها بجلالة الملكة، أما تصريحات الأمير وزوجته فإنها تدل على هبوب رياح جديدة»، وأشار إلى أن الملكة الأم جوليانا، والدة بياتريكس كانت تسمح بمخاطبتها باستخدام كلمة السيدة جوليانا.
ويعتبر الأمير ويليام، وهو طيار حاصل على شهادة في التاريخ وخبير في إدارة المياه وحماية البيئة وعضو في اللجنة الوطنية الأولمبية، أكثر تقدمية وقربا من الناس من والدته التي أدخلت مع ذلك الحداثة إلى القصر الملكي من خلال عرض زياراتها الرسمية للخارج في مدونة على الإنترنت.
ويقول الباحث في شؤون الأقليات في هولندا نور الدين العمراني، لـ«الشرق الأوسط»، إن الأمير كان شديد الإعجاب بالبرامج التكوينية التي تخلق فرص عمل للشباب بمن فيهم المغاربة والأتراك كما زار وزوجته كلا من المغرب وتركيا، مرات كثيرة، بهدف تحفيز الهولنديين من أصول مغربية وتركية على الاستثمار في مشاريع تكوينية تقدم فرص عمل للشباب.
لكن الأمير وزوجته كانا يثيران الجدل من حين لآخر، ففي نوفمبر (تشرين الثاني)، 2009 اضطر إلى بيع منزله الصيفي في منتجع راق على شواطئ موزمبيق تحت ضغط رأي عام رافض، بسبب الفقر الشديد الذي يعيشه هذا البلد الأفريقي.
ويقول الكثير من المراقبين في هولندا إن زواج الأمير، من ماكسيما ثوريغيتا، التي تصغره بأربعة أعوام، (أرجنتينية من أصل إسباني) عام 2002، كان عن علاقة حب وقعت في أبريل 1999 حينما التقاها الأمير في حفل بإشبيلية. وفي أغسطس من العام نفسه استضافها مع أسرتها في عطلة نهاية الأسبوع، وكتبت بعدها الصحف الهولندية عن توقعاتها بوجود علاقة بينهما وأنهما ربما يتزوجان.
وأثارت الصحف وقتها معلومات عن والدها، وأنه كان وزيرا للزراعة في عهد الديكتاتور الأرجنتيني الأسبق خورخي فيديلا، الذي اختفى خلاله آلاف الناس عن الأنظار في السجون وغيرها، كما أن الصحف اكتشفت أيضا إن والديها كانا يساندان الديكتاتور بشكل علني.
وحدثت احتجاجات بهولندا على زواج وريث العرش بهذه الفتاة كون أن الشك كان يدور حول إن والدها على الأقل كان يعلم بالإعدامات التي ارتكبت أثناء وجوده في السلطة. ومن خلال بحث سري قامت به هولندا برئاسة رئيس الوزراء اتضح فيه أن والدها كان على علم بالإعدامات لكنه لم يشترك شخصيا في ذلك، ولذلك تقرر منعه من حضور مراسم الزواج.
وفي يوم عيد ميلادها الثلاثين في 17 مايو (أيار) 2001 منحت ماكسيما الجنسية الهولندية، بعد قرار من البيت الملكي كي تتمكن من الزواج به، وتصبح عضوة في العائلة المالكة. وفي يوليو (تموز) من نفس العام منحه البرلمان الموافقة على الزواج بها، وتم الزواج في 2 فبراير 2002.
وبينما كان زواج الأمير ويليام، سلسا، ومر دون عقبات كثير، كان زواج شقيقه الأصغر، الأمير يوهان فريزو، 43 عاما، كارثيا، حيث تم زواجه بـ«ميبل ويس سميث» في عام 2004 دون الحصول على أذن من الحكومة أو البرلمان الهولندي، الأمر الذي أفقده حقه في أن يدرج ضمن التراتبية الخاصة بوراثة العرش الهولندي.
ولا يحسب الأمير فريزو رسميا ضمن البيت الملكي، لكنه يعتبر فردا من الأسرة المالكة. واضطر للتخلي من لقب الوريث الثاني لعرش هولندا قائلا إنه سيتزوج الفتاة التي يحبها رغم عدم حصوله على موافقة الحكومة على ذلك.
وقال يان بيتر بالكنده رئيس وزراء هولندا وقتها إنه لا يستطيع تأييد هذا الزواج بعد أن اعترف الأمير يوهان وخطيبته ميبل ويس سميث وكلاهما عمره 35 عاما وقتها بأن علاقة ميبل سميث بأحد المجرمين كانت أعمق مما ذكرته هي أصلا.
ويقضي القانون الهولندي بضرورة أن يحصل أفراد العائلة المالكة الذين يطمحون في اعتلاء العرش على إذن من الحكومة والبرلمان بالزواج لأن مجلس الوزراء سيتحمل المسؤولية عن أعمالهم. وفي رسالة إلى رئيس الوزراء، قال الأمير يوهان إنه قرر الزواج بويس سميث متخليا عن حقه في عرش البلاد.
وبعد شهرين من خطبتهما، أصدرت ويس سميث بيانا قالت فيه إنها تعرفت على المجرم كلاس برينسما لبضعة أشهر عندما كانت طالبة وإنها انفصلت عنه عندما علمت «بالأعمال التي يقوم بها».
ولكن علاقتها ببرينسما الذي قتل بالرصاص في صراع بين عصابات عام 1991، عادت إلى الأضواء، عندما قال أحد حراسه الشخصيين السابقين إن الاثنين كانت تربطهما علاقة حب.
وعقب إعلان الملكة بياتريكس نيتها التخلي عن العرش لابنها الأكبر ويليام ألكسندر جاءت ردود الأفعال من اليمين إلى اليسار تحمل كلمات دافئة وتتباهى بالطريقة النموذجية لكيفية انتقال قيادة الدولة بعد فترة من الوفاء في الالتزامات.
وقال حزب الحرية الذي يقوده اليميني المتشدد خيرت فيلدرز، إن الملكة عملت 33 عاما في خدمة الشعب الهولندي وتعتبر مثالا عظيما للكثيرين، من جانبه تعهد رئيس الوزراء الهولندي مارك روتا بأن يكون الاحتفال بتولي الأمير ويليام لعرش هولندا، تاريخيا لا ينسى ووصف الملكة بأنها أيقونة هولندا وأنها أصبحت رمزا وشدد على ثقته بقدرة وجاهزية ملك المستقبل ويليام ألكسندر وزوجته ماكسيما، على القيادة.
وارتفع سعر الإعلان لمدة نصف دقيقة في وسائل الإعلام الهولندية، في يوم الاحتفال بتنازل الملكة بياتريكس عن العرش الهولندي إلى ابنها ولي العهد، إلى 45 ألف يورو، حسب مؤسسات الإعلان الهولندية. وقالت هذه المصادر إن لحظة تسليم الملكة العصا لابنها كإشارة عن تسلم العرش، ستكون أغلى لحظة إعلانية في وسائل الإعلام وتتراوح ما بين 35 إلى 45 ألف يورو.
وذكرت وكالة الأنباء الهولندية نقلا عن متحدثة باسم إحدى شركات الإعلان (شركة «ستار») قولها «إنها لحظة تاريخية، وهي من اللحظات القليلة التي يمكن أن يراها المواطن في حياته، وسيكون الأمر من خلال بث حي وليس من خلال أخبار في نشرة وبالتالي سيزداد عدد المشاهدين، مما يشكل فرصة كبيرة للمعلنين».
ومن المقرر أن تنتقل الملكة بياتريكس للعيش في منزل سبق أن اشترته في عام 1963 بمدينة أوترخت، وقضت فيه عدة سنوات وظهرت منه لأول مرة ومعها كلاوس، الذي أصبح فيما بعد زوجها. ولم يكن معروفا للعامة في ذلك الوقت.
ومنذ جلوسها على العرش، أظهرت الملكة بياتريكس انخراطا في الحياة العامة بهولندا خلافا للنموذج البعيد عن الأضواء الذي اتبعته والدتها جوليانا. كما أنها اختارت خصوصا تحويل قصر لاهاي المدينة التي تحتضن مقري الحكومة والبرلمان، «قصر عمل» حيث اعتادت على استقبال وزراء وسفراء وممثلين عن المجتمع المدني. وكان مشهد تنازل الملكة الأم جوليانا لابنتها بياتريكس قبل ثلاثة عقود شاهده 7 ملايين شخص.
وبعد توقيع الملكة في قصر أمستردام على التنازل عن العرش، سيخرج الملك الجديد وزوجته من شرفة القصر لتحية الجماهير، ثم يقام احتفال رسمي، وبعدها سيتراجع ثمن الإعلان ليصل إلى 20 ألف يورو، لكل نصف دقيقة ومع مرور الوقت وخلال ساعات المساء سينخفض الثمن ليصل إلى 7 آلاف يورو.
وستقوم محطة «إن إو إس» الهولندية بتصوير الحفل ونقله إلى وسائل الإعلام الأخرى. وقد حظرت سلطات بلدية أمستردام تصوير المناسبة، وسيطبق حظرا على استخدام الكاميرات المتحركة أو ما يطلق عليها الكاميرات الطائرة، فوق ميدان «الدام» المواجه للقصر الملكي، ومن يخالف ذلك سيتعرض لعقوبة الحبس لمدة ستة أشهر، والغرامة المالية لما يقرب من 8 آلاف يورو ومصادرة الكاميرا، حسب ما ذكرت وسائل الإعلام المحلية.
كما أعلنت بلدية أمستردام أنه خلال الأيام الثلاثة ابتداء من 30 أبريل وحتى الأول من مايو سيطبق الحظر على تحليق الطائرات الصغيرة التي يتم التحكم فيها عن بعد أو التي تستغل للتصوير وذلك لتفادي مثل هذه الطائرات في تنفيذ أي عملية هجومية خلال الاحتفال. كما سينتشر عدد من القناصة فوق أسطح المباني القريبة من مكان الاحتفال لمراقبة هذا الأمر.
وسيكون هناك عشرة آلاف جندي موزعون في عدة أماكن بالعاصمة أمستردام حسب ما ذكر ابرهارد فاندرلان عمدة أمستردام خلال اجتماع لمجلس المدينة وأكد على العمل المشترك بين البلدية والشرطة بنسبة 100%.
وتقول جانبت نمور، في إذاعة هولندا العالمية «لن تشهد شوارع أمستردام في 30 أبريل 2013 أعمال الشغب مثل تلك التي شهدتها في نفس اليوم من عام 1980. ولن يتعرض الابن لما تعرضت له والدته بياتريكس في حفل تتويجها ملكة على هولندا. الجو العام الذي جاءت به بياتريكس إلى العرش كان أكثر صعوبة ومختلفا عن الجو الذي ستتنحى فيه عن العرش».
ولقيت المقابلة التلفزيونية التي أجراها التلفزيون الهولندي مع ولي العهد وزوجته مؤخرا حفاوة واسعة، وقُدر عدد المشاهدين بما يقارب أربعة ملايين ونصف المليون. وتحدث خلالها ملك المستقبل بكل ثقة وارتياح عن دوره وأهميته حتى ولو كان مقتصرا على المراسم الاحتفالية. وقال «إذا قرر مجلس النواب أن يكون دوري كملك محصورا فقط بالمراسم الاحتفالية والرسمية، سأوقع بكل بساطة على هذا القانون. حتى ولو اقتصر عملي على قص الشرائط الاحتفالية، سيحمل هذا الدور مضمونا كبيرا».
وأثارت هذه المقابلة الكثير من التعليقات وردود الفعل المرحبة والسعيدة بالزوجين الملكيين، خاصة على شبكة الإنترنت، وعلق أحدهم بالقول «كان ويليام ألكسندر في المقابلة حيويا وناضجا وجادا ومرحا.. لقد استمتعت بالاستماع إليه.
كانت مقابلة جيدة.. من الواضح أن هذا الرجل ينضج ويصبح قوة واضحة.. وهو ما أدهشني ولم أكن أتوقعه». وقال آخر «أناس رائعون ومقابلة جيدة.. لقد تحققت أمنيتي.. ويليام وماكسيما يتحدثان باسترخاء وبمضمون جيد». وأضاف «رأيت ملكا أمامي يتحدث بثقة وهدوء».
لكن هذه المقابلة حركت من جديد الجدل نفسه الذي يدور من وقت لآخر بين المغردين الهولنديين وعلى صفحات «فيس بوك». تقول الصحافية الهولندية «يمكن تلخيصه على الشكل التالي: الأعباء المالية التي تترتب على الخزينة الهولندية هي الحجة الأبرز للمطالبين بإلغاء هذه المراسم، فيما يقول المدافعون إن هذا البيت كان وما زال رمزا لوحدة البلاد.. ولا يعنينا أبدا كم تكلف هذه الإجراءات».
ويقول الصحافي الهولندي ستيفنن دي يونغ إن الإيمان أو المعتقد الوحيد المتبقي لدينا.. في 30 أبريل هو أننا سنحتفل ليس فقط بانتقال التاج ولكن سنظهر هولندا بأبهى حلتها. ويضيف «العالم كله سيرى كم نحن سعداء بالزوجين الملكيين، وسنرقص في الشوارع فرحا».
مراسم التسليم والتسلم
- بعد توقيع الملكة في قصر أمستردام على التنازل عن العرش في 30 ابريل الحالي، سيخرج الملك الجديد وزوجته من شرفة القصر لتحية الجماهير، ثم يقام احتفال رسمي.
- حظرت سلطات بلدية أمستردام تصوير المناسبة، وسيطبق حظر على استخدام الكاميرات المتحركة أو ما يطلق عليها الكاميرات الطائرة، فوق ميدان «الدام» المواجه للقصر الملكي
- سيطبق حظر تحليق الطائرات الصغيرة التي يتم التحكم فيها عن بعد أو التي تستغل للتصوير وذلك لتفادي مثل هذه الطائرات في تنفيذ أي عملية هجومية خلال الاحتفال
- كما سينتشر عدد من القناصة فوق أسطح المباني القريبة من مكان الاحتفال لمراقبة هذا الأمر
- سيكون هناك عشرة آلاف جندي موزعون في عدة أماكن بالعاصمة أمستردام
- ارتفعت شعبية الملك الجديد قبل أيام من تنصيبه
- 45 ألف يورو ثمن الإعلان لنصف دقيقة خلال وقت الاحتفال وشركات الإعلان تقول إنها لحظة تاريخية