لورانس نيكولا المسئولة عن قسم المجوهرات والساعات في «ديور» : لدينا ثروة لا يمتلكها غيرنا
12:29 م - الثلاثاء 23 أبريل 2013
عندما دخلت «ديور» مجال الساعات في السبعينات، لم يكن يخطر ببالها أن هذه الساعات التي كانت مجرد إكسسوارات تكمل الأزياء، يمكن أن تصبح صناعة قائمة بحد ذاتها، يصل سعر بعضها إلى مليون يورو.
وليس أدل على هذا من ساعة فريدة طرحتها مؤخرا في «هارودز» كانت أقرب إلى التحفة الفنية بأحجارها المختلفة، وتقول لورانس نيكولاس رئيسة قسم المجوهرات والساعات في الدار، إن تنفيذها استغرق عامين، وإنه «كان مخاضا طويلا».
وعلى الرغم من النجاحات التي حققتها ساعات الدار الفرنسية العريقة في العقد الأخير، لا تنكر لورانس في لقائها مع جريدة «الشرق الأوسط» أن اسم «ديور» لا يزال يرتبط في الأذهان بصور الفساتين الفخمة بتفاصيلها السخية وأقمشتها المترفة، وكذلك البدلات المفصلة التي يقبل عليها رؤساء الدول ورجال الأعمال.
وتشير إلى أن ساعات «ديور»، وإلى عهد قريب، لم تكن أول ما يخطر بالبال، الأمر الذي تنوي أن تعكسه. وتؤكد بحماس أن تصاميم هذه الساعات لها الحق في أن تلهب الخيال وتشعل الرغبة فيها من دون أي محاولة لإلغاء أهمية «ديور» كدار أزياء و«هوت كوتير» متخصصة. بل على العكس، فهي تطمح أن تبني على هذا التاريخ والإرث المرتبط بالأزياء، لتقديم مجموعات مبتكرة شكلا ومضمونا.
فحركاتها مصنوعة في أحسن معامل سويسرا، وترصيعاتها وفنيتها وتفاصيلها منفذة في ورشات الدار الخاصة تحت إشراف مباشر من كبار مصمميها، سواء كريس فان آش، مصمم «ديور أوم»، أو راف سيمون، مصمم الجانب النسائي، أو فكتوار كاستيلان المصممة الفنية للمجوهرات.
في لقاء معها في باريس استعرضت أمامنا لورانس، بدينامكيتها وقناعتها التامة بإرث الدار، جديد الدار، الذي يتمثل في ساعة «شيفر روج» CHIFFRE ROUGE الرجالية ومجموعة DIOR VIII النسائية، التي زادت ترصيعاتها وتنوعت أشكالها الفنية، مثل واحدة تراقصت فيها الأحجار اللازودية الخضراء في صورة طاووس نافش ريشه.
كم من الوقت استغرق تنفيذ هذه التحفة مثلا؟
- من نقطة البداية إلى هذه اللحظة، استغرق عامين بالتمام والكمال، ولو لم أتدخل لتذكير المصممين بأن هناك جانبا آخر علينا مراعاته، وهو التسويق، لما انتهوا أبدا. هناك دائما رغبة من قبلهم للتحسين والتجويد والتغيير أيضا، مما يضطرني أن أكون صارمة معهم لكي يضعوا نقطة النهاية على أي قطعة يعملون عليها.
ما يثيرني في هذه الساعة أنها واحدة من 7 ساعات، كل واحدة بـ7 ألوان مختلفة، أو بالأحرى بدرجات مختلفة من اللون نفسه. وطبعا لعبنا على إرث الدار، مثل الورود، لأن الراحل كريستيان ديور كان يعشق حديقته، ومنها استقينا بعض الألوان، مثل الأبيض والأخضر.
الملاحظ في السنوات الأخيرة أن ساعات «ديور» أصبحت أقرب إلى المجوهرات، هل توافقين على هذا؟
- بالفعل لأننا اكتشفنا أن الأحجار الملونة بأحجام متنوعة يمكن أن تحاكي ألوان الطبيعة التي عشقها السيد ديور، كما أن المصممة الفنية لقسم المجوهرات فكتوار دي كاستيلان تعشق الأحجار الكريمة، إلى حد القول إنها مدمنة لألوانها المتوهجة وتتعامل معها وكأنها حلويات شهية. فالأخضر النعناعي يتحول على يدها إلى خاتم ترصعه حجرة باللون الأخضر المشع، ونكهة الفراولة تتجسد في قطعة مرصعة بالياقوت، وهكذا.
«ديور» معروفة كدار أزياء، كيف كانت النقلة إلى الساعات، خصوصا أن المنافسة في هذا المجال على أشدها؟
- هل تعرفين أن دار «ديور» هي أول دار أزياء متخصصة في الـ«هوت كوتير» دخلت مجال الساعات في السبعينات؟ هذا أمر لا يعرفه الجميع، لكنه متماشٍ مع توجهنا نحو مواكبة الجديد في كل المجالات مع الحفاظ على شخصيتنا كدار «أزياء رفيعة» أولا وأخيرا.
عندما تذكرين ساعات «ديور» في السبعينات أو حتى الثمانينات، فهي حتما مختلفة عما هي عليه اليوم. فالإمكانيات أصبحت ضخمة، كما أن صناعة الساعات تطورت بشكل كبير.
- في البداية، كانت ساعات الدار عبارة عن إكسسوارات موضة ترافق الأزياء وتكملها من ناحية ألوانها وأشكالها، لكن منذ عام 2000، بدأ أسلوبنا يتغير ويتطور لمواكبة تطورات هذه الصناعة ومتطلبات الزمن.
كانت استراتيجيتنا أن نقدم ساعات تتمتع بأناقة الدار الفرنسية وبدقة التقنيات السويسرية التي توفرها معامل «لاشو دو فون»، مما يفسر كيف تغيرت التفاصيل. فحتى ظهر الساعة يجري العمل عليه تماما مثل الوجه، أو بالأحرى كما نعمل على فستان «هوت كوتير» بكل تفاصيله من الداخل والخارج، وفي بعض الأحيان، نستعمل الساتان كأسورة لنُذكر بجذورنا وعراقتنا في عالم الأزياء.
صناعة الساعات تختلف عن صناعة الأزياء، إذ من الصعب على كثير من صناع الساعات أن يطرحوا في كل موسم جديدا بالمعنى الجديد، هل هذا ينطبق عليكم أيضا؟
- إلى حد ما، لأن تركيزنا ينصب أكثر على الجانب الجمالي والوظيفي للساعة.
فنحن لا ننسى أننا دار أزياء في المقام الأول، وبالتالي فإن الشكل الحسن مهم ثم تأتي الوظائف المعقدة والمميزة. فعنصر التميز لا بد منه في كل ما نطرحه، بدليل مجموعة «ديور كريستال» Dior Christal التي جمعنا فيها أجمل أنوع الأحجار والتصميم المبتكر لتأتي وكأنها تحف، كذلك ساعة «لا دي» La Di الأيقونية، وغيرها.
فكل ساعة من هذه الساعات يمكن أن ترافق صاحبتها في أجمل المناسبات. وللرجل هناك ساعة «شيفر روج» Chiffre Rouge التي لا تقل تميزا، لأننا نريد من الرجل أن يأخذنا بجدية أكبر من الناحية التقنية، وبالتالي نولي التقنيات والشكل الاهتمام نفسه.
ما الساعة الأكثر مبيعا في الشرق الأوسط؟
- تشهد مجموعة Dior VIII إقبالا كبيرا، لكن ساعة «لا دي» La Di الأيقونية لا تزال تحافظ على مكانتها كواحدة من أجمل الساعات التي تجمع الكلاسيكية التي لا تعترف بزمن مع جمال التصميم وأناقته.
ماذا عن الرجل، فنحن ما زلنا نسمع كل عام عن جديد يدخل في ساعة «شيفر روج «Chiffre Rouge»؟
- صحيح، مع العلم أن المرأة أيضا تقبل عليها على الرغم من حجمها الكبير وشكلها الذكوري، والسبب تصميمها الذي يحترم معايير الدار وإرثها الذي تحدثت عنه. هي أيضا تحترم إرث الدار باستقائها كثيرا من فن الهندسة التي كان السيد ديور يعشقها وتجسدت في كثير من تصاميمه.
وربما هذه الحرية في التعبير عن إرث الدار وما تمنحه من إمكانات هائلة للعب عليها في كل ما نطرحه هو الذي يعزز قوتنا، ليس كدار أزياء فحسب، بل أيضا كدار مجوهرات وساعات أيضا. ساعة «شيفر روج» بلا شك تتمتع بخطوط سلسة والنقطة الحمراء تجعلها مميزة، فضلا عن سوارها الذي يتمتع بانحناءات خاصة، وظهرها الملون بالرمادي.
لكن ما يفرق ساعة «شيفر روج» اليوم عن تلك التي طرحت أول مرة في عام 2004؟
- في عام 2004، لم نكن نتمتع بالخبرة نفسها التي نتمتع بها اليوم. نعم كانت متوازنة وتلعب على كل رموز الدار فيما يخص الشكل والأناقة. أما فيما يتعلق بالتقنيات والوظائف والحركات، فإنها لم تكن بالأولوية نفسها، لهذا قررنا أن نطورها من الناحية التقنية والوظائف المعقدة، حتى نجعلها أكثر كلاسيكية لا تؤثر عليها تغيرات الموضة الموسمية. غيرنا الطريقة التي كان يتراص بها السوار وكيف يرتبط بالعلبة، وجعلنا أكثر نعومة في الملمس، فضلا عن تفاصيل أخرى دقيقة جدا لا يمكن رؤيتها بسهولة لكن يقدرها الرجل العارف، مثل الزجاج الذي نستعمله كغطاء للعلبة، والذي تمت معالجته بمضاد للانعكاسات الضوء وغيرها من التفاصيل التي يستهدف منها الرفع من قيمة ساعات «ديور» ومكانتها.
لكن فيما يتعلق بالوظائف والحركات المعقدة فإن المنافسة على أشدها بين الشركات المتخصصة التي تتمتع بخبرة عمرها قرون، مقارنة بكم?
- نحن لا نريد أن نُعتبر صناع ساعات، فنحن، كما قلت، دار «أزياء رفيعة» باريسية. وهذا لا يعني أنه ليس لزاما علينا أن نقدم ساعات بجودة عالية من ناحية التقنيات وبأناقة من الصعب مضاهاتها. نحن الآن نستعمل تقنيات مثل التوربيون، وحركات خفية لكن ينصب دورها على الجانب الفني أكثر من الجانب الوظيفي.
هل هذا يعني أنها ثمرة تعاون بين قسم المجوهرات الذي يهتم بوضع الأحجار والريش والمتخصصين في الجانب التقني؟
- بالفعل، لأننا نتعاون أيضا مع الاستوديو الفني للدار، لأنه تشرب رؤية السيد ديور وأكثر من يفهمها، بدءا من كيفية تعامله مع الألوان، إلى استعماله الخامات والمواد المختلفة، فهناك ساعات مثلا تمتزج فيها أكثر من 7 مواد مختلفة.
وهنا تكمن أهمية الاستوديو، فهو يذكرنا دائما بأن السيد كريستيان ديور قال في إحدى المرات إن «(الكوتير) هي أولا وأخيرا زواج الشكل والمواد». لقد كان مصمما سابقا لأوانه، يعشق الفن، ويرعى الفنانين ويقتني لوحاتهم، كما كان منفتحا على كل المدارس والألوان، وأيضا مهووس بالحدائق. كل هذه الأمر ثروة لا تقدر بثمن ولا يمتلكها غيرنا، بمن في ذلك الورش السويسرية المتخصصة في صناعة أدق التقنيات.