دراسة حديثة : هناك علاقة بين محتوى الوجبات الغذائية للمريض وسرعة شفائه
03:17 م - السبت 6 أبريل 2013
كشفت دراسة أميركية حديثة عن وجود رابط مؤثر بين محتوى الوجبات الغذائية الأخيرة التي يتناولها المريض في ما قبل إجراء الجراحات، وبين المضاعفات التي قد تحدث في فترة النقاهة والاستشفاء، مرجحة أن الإكثار من تناول الوجبات الغذائية عالية الدهون في تلك المرحلة يفاقم من فرص التعرض لتلك المضاعفات.
ويؤكد الجراحون دائما أن الأنسجة الدهنية في الجسم البشري، التي تمثل جزءا هاما من التكوين البدني بشكل عام، هي الأكثر عرضة للإيذاء العرضي خلال الجراحات على وجه العموم. ورغم محاولة تفادي ذلك بأكبر قدر ممكن - وخصوصا خلال التعامل مع العضو المستهدف في الجراحة، مثل القلب في جراحات القلب على سبيل المثال - فإن الأنسجة الدهنية الأخرى (الموجودة في مكونات الجلد والعضلات... إلخ) تتعرض للإيذاء بشكل لا يمكن تجنبه.
ويمثل إيذاء الأنسجة الدهنية خلال العمليات الجراحية أحد أهم مسببات مضاعفات ما بعد الجراحة، مثل النزيف والتقيح والالتهاب النسيجي والحمى وعدم التئام الجروح وغيرها. وطالما بحث العلماء عن عوامل من شأنها الإقلال من تلك المضاعفات، سواء عبر ابتكار وسائل جديدة للتدخل الجراحي أو إجراء مزيد من الأبحاث حول العوامل المؤثرة التي قد تسهم في تفاقم تلك المضاعفات.
وجبات عالية الدهون
وفي مسعى ذي صلة، أجرى الباحثون في مستشفى «Brigham and Women›s Hospital» التعليمي بمدينة بوسطن (عاصمة ولاية ماساتشوستس) الأميركية، التابع لجامعة هارفارد، تجاربهم على فئران تجارب لاستكشاف أثر استهلاك الوجبات عالية الدهون على الجراحات اللاحقة.
وقام الباحثون بتقسيم تلك الفئران إلى مجموعتين، قدمت لإحداهما عدة وجبات عالية الدهون، بينما قدمت للأخرى وجبات أكثر توازنا من حيث المحتوى. كما تم تحويل تغذية جزء من المجموعة الأولى إلى الوجبات المتوازنة، بهدف المقارنة، قبل ثلاثة أسابيع من إجراء جراحات لكل الفئران، حسب الدراسة التي ستنشر لاحقا في عدد أبريل (نيسان) المقبل لدورية الجراحة الأميركية «Surgery».
وخلال الجراحات، تم تعريض الفئران لمختلف العوامل المتوقعة (التي من شأنها إيذاء الأنسجة الدهنية) خلال العمليات. وبالمقارنة بين المجموعتين الأوليين وجد فريق الباحثين أن المجموعة الأولى من الفئران شهدت نسبا أكبر من مضاعفات ما بعد الجراحة مقارنة بالمجموعة الثانية، بينما كانت نتائج الفئة التي تم تحويل تغذيتها أفضل من الأولى، وأقرب إلى الثانية. ويقول الباحثون إن هذه الوجبات العالية الدهون تزيد من محتوى الدهون في الأنسجة عموما ومنها الأنسجة الدهنية.
وبينما يسعى الباحثون إلى اختبار هذه النتائج على البشر، رجحوا أن مجرد الإقلال من استهلاك الوجبات عالية المحتوى من الدهون قبيل إجراء العمليات الجراحية ببضعة أسابيع، دون الدخول إلى مراحل سوء التغذية، قد يسهم في تقليص مضاعفات ما بعد الجراحة بصورة كبيرة، وبطريقة سهلة وعالية الكفاءة.
البدانة ومضاعفات الجراحة
ويشير العلماء دائما إلى وجود روابط قوية بين البدانة وارتفاع معدلات الإصابة بمضاعفات ما بعد الجراحة، إضافة إلى مخاطر السمنة على الصحة على وجه العموم، مثل زيادة معدلات الإصابة بأمراض القلب والشرايين والسكري وارتفاع ضغط الدم والسكتة الدماغية.
وتفيد دراسات جادة حول العالم بأن مضاعفات الجراحة وما بعدها (خلال فترة النقاهة) تتناسب طرديا مع زيادة الوزن عن معدلاته الطبيعية، وأن نسبة تعرض البدناء لتلك المخاطر تجاوز 12 ضعفا لأقرانهم من أصحاب الوزن المعتدل، بداية من المخاطر الناجمة عن التخدير في بداية العمليات، إذ تختزن الأنسجة الدهنية نسبة أكبر من عقاقير التخدير، مما يستوجب إعطاء جرعات أكبر للمرضى الأكثر بدانة للوصول إلى مرحلة التخدير الكلي. كما أن مخاطر السمنة العامة التي تؤثر على القلب والشرايين والدماغ وغيرها تفاقم من مخاطر إجراء العمليات، وقد تشكل عائقا أمام إجراء الجراحات، ما يجعلها تقع في تصنيف العمليات فائقة الخطورة على المريض.
وخلال إجراء العمليات الجراحية لمرضى السمنة تشكل الأنسجة الدهنية الزائدة عائقا إضافيا أمام الجراحين، كما أن تلك الأنسجة قد تتسبب في الإصابة بما يعرف بـ«الانسداد الوعائي الدهني - Fat embolism»، الذي ينتج عن انسداد بعض الأوعية الدموية الدقيقة بأجزاء من الأنسجة الدهنية التي تدخل مجرى الدم، والتي تحدث غاليا كأحد مضاعفات كسور العظام، لكنها قد تحدث أيضا خلال الجراحات، وقد تتسبب في وفاة المريض إذا أصابت الأوعية الدموية الخاصة بالرئة بشكل موسع.