مشكلات العمود الفقري .. ما أعراضها وطرق علاجها؟
02:13 م - الخميس 31 يناير 2013
التقدم في العمر سبب في حصول بعض من التغيرات في بنية فقرات العمود الفقري، وفي بنية الأقراص الليفية فيما بين الفقرات. وقد يؤدي بعض هذه التغيرات إلى نشوء أنواع متعددة من الاضطرابات الوظيفية للعمود الفقري والأعراض المرافقة لها.
كما أن بعض أنواع الأمراض، التي أصابت في السابق العمود الفقري ومكوناته والتي ربما قد تمت معالجتها، قد تزداد سوءا بسبب التغيرات المصاحبة للتقدم في العمر.
أعراض مؤلمة
الألم أحد الأعراض المهمة والمزعجة جدا للمريض، ولكن تحصل أيضا اضطرابات عصبية، مثل التنميل وفقد الإحساس، أو الشعور بالوخز، أو حصول اضطرابات في التحكم بالتبول أو التبرز، هي أيضا أعراض مهمة لدى الأطباء عند مراجعة المريض لهم.
وهذه المشكلات العصبية تحتاج من الطبيب تقييما دقيقا وبصفة عاجلة، وذلك لأنها قد تتسبب، حال إهمالها، بحصول فقد وظيفي دائم ذي تأثيرات مهمة على حركات الأطراف وقدرات المشي والحفاظ على التوازن وغيرها.
أشكال الوقاية
وتعتبر الوقاية من العوامل المهمة في الحفاظ على قوام العمود الفقري ومكوناته والحفاظ على قدرات أداء العمود الفقري لوظائفه المهمة.
ومن أهم أشكال الوقاية، الحفاظ على قوة بنية أنسجة العظم وحمايتها من الهشاشة، وكذا استدامة المحافظة على أعلى درجات ممكنة من الكفاءة الوظيفة للحركة والتوازن والقوة العضلية، عبر ممارسة الحركة والمشي وأداء تمارين حفظ التوازن وتمارين تقوية العضلات.
وقد لاحظت التجارب أن اهتمام المرء بعموده الفقري أساس في جعله نافعا ومفيدا في المراحل المتقدمة من العمر، وحمايته من أن يكون مصدرا للإزعاج والإصابة بالأمراض، أي إن الاستثمار في صحة العمود الفقري هو استثمار رابح وذو مردود طيب وجيد على المدى الطويل الأجل.
العمود الفقري
من الناحية التشريحية والوظيفية، فإن الظهر لدى الإنسان هو شبكة معقدة مكونة من العظام والأربطة والعضلات والأعصاب، وتترتب ضمن نظام معقد جدا، وبشكل متجانس فيما بين تلك المكونات، وذلك لكي يمكن للإنسان أن يحافظ على توازن جسمه، والقيام بمدى واسع من الحركات، ويزود الأطراف السفلى وتراكيب الحوض والبطن بالشبكة العصبية المنظمة والمسيطرة على أداء حركاتها ووظائفها.
والعمود الفقري هو عمود الجسم وأساس تشكيل هيئته.
وتلتصق بهذا العمود أجزاء الجسم، أي الأطراف والصدر والبطن والحوض والرأس.
ويتكون العمود الفقري من قطع عظمية موضوعة الواحدة فوق الأخرى، وتثبّت أربطة ليفية صلبة ترابطها مع بعضها البعض. ويتكون العمود الفقري من 7 فقرات في الرقبة تليها 12 فقرة في منطقة الصدر، ثم 5 فقرات كبيرة في منطقة البطن، وتحتها قطعة واحدة طويلة مكونة ملتحمة.
ويمتد من الدماغ حبل عصبي يمر من خلال تجويف أنبوبي كبير داخل الفقرات.
وتتفرع من هذا الحبل العصبي أعصاب طرفية تغذي أجزاء مختلفة في الصدر والبطن والحوض والأطراف العلوية والسفلية.
وهذه الأعصاب تخرج من تجويف قناة العمود الفقري من خلال فتحات جانبية، تقع بين العظم والأربطة، وذلك بمعدل عصب في كل جهة، أي على الجانبين لكل فقرة. وعدد الأعصاب هو 31 زوجا.
وبين كل فقرة والأخرى التي فوقها أو تحتها توجد وسادة أو قرص ليفي يمنع احتكاك عظام الفقرات ويعطي لأجزاء العمود مرونة تمكنها من الحركة. أي إن بوجودها يصبح بمقدور العمود العظمي الصلب أن ينحني إلى الأمام بشكل كبير، وإلى الخلف بشكل يسير وكذا على الجانبين.
فتق القرص
وأساس فهم الفتق في القرص، أو ما يسمى عاميا بالانزلاق الغضروفي، وخروج سوائل لبه ونواته، والتداعيات الناجمة عنه، هو تصور تركيب بنية القرص.
فالقرص الليفي مكون من جزأين، الجزء الخارجي عبارة عن حلقة ليفية صلبة تشكل إطارا يحفظ محتويات القرص الداخلية.
والجزء الداخلي أو نواة القرص عبارة عن مادة هلامية كالجيلي. ويتكون القرص من الماء بنسبة 80%، ولا تتم تغذيته بالدم بشكل مباشر.
وكلما تقدم أحدنا في العمر كلما أصبحت مكونات القرص أشد صلابة وأكثر جفافا.
وتبدأ عملية التغير في كمية الماء هذه في سن الثلاثين، وببلوغ الخمسين تجف نواة القرص وتغدو ليفية مثل الإطار أو الحلقة الخارجية له.
وحول العمود الفقري تتوزع العضلات بأشكال مختلفة لإعطاء دعم وثبات لوضعية الفقرات فوق بعضها البعض ولتخفيف عبء الضغط على الأقراص فيما بينها وللتمكين أيضا من حركات جذع الجسم.
هشاشة عظم الفقرات
هشاشة العظم هو أحد الأمراض التي تتميز بفقد العظم لكتلته الطبيعية وبالتالي تصبح بنية نسيج العظم متخلخلة وهشة، ما يعني ضعف قوة تحمل العظم لثقل وزن الجسم وأعضائه، وضعف قوة العظم عن تحمل الصدمات وبالتالي سهولة إصابة العظم بالكسور، وخاصة في فقرات العمود الفقري أو الورك أو الفخذ أو المعصم.
وهشاشة العظم من الأمراض الشائعة عالميا، في الشرق والغرب.
وفي الولايات المتحدة، تشير الإحصائيات إلى أن هناك نحو 34 مليون شخص بدرجة من درجات هشاشة العظم، والنسبة الأعلى هي بين النساء.
وثمة عدة عوامل تلعب أدوارا مختلفة في ارتفاع احتمالات الإصابة بهشاشة العظم، كالوراثة والجنس والهرمونات وبلوغ سن اليأس ونوعية ومكونات الغذاء اليومي، إلا أن مقدار ونوعية ومستوى الحركة البدنية أساس في احتمالات الإصابة بالهشاشة في العظم، أي في ارتفاع أو انخفاض الإصابات بهشاشة العظم.
وما تنصح به الهيئات الطبية العالمية، المعنية بصحة العظم، كوسيلة للوقاية وللمعالجة من الهشاشة هو الحرص على أداء التمارين الرياضية البدنية.
ذلك أن بذل المجهود البدني له تأثيرات إيجابية تدفع إلى مزيد من ترسيخ كتلة وثبات مكونات المعادن في العظم، وكذلك في حماية العظم من تسريب تلك المعادن إلى خارج النسيج العظمي.
كما أن التمارين الرياضية تُكسب المرء قدرات حفظ التوازن لأجزاء الجسم، وقدرات أداء الحركات المتنوعة بكفاءة تقلل من احتمالات الإصابة بحالات الكسور أو السقوط حتى لو كان لديه هشاشة في العظم.
كسور العظام
وحال الإصابة بهشاشة العظم في فقرات الظهر، فإن أكثر الأعراض شيوعا هو شعور المريض بألم في الظهر، وقد تظهر صور الأشعة كسورا انضغاطية في بنية بعض الفقرات.
وحينها قد يكون من الضروري إجراء تصوير بالأشعة المقطعية أو الرنين المغناطيسي لتقييم هذه الكسور بشكل أوضح.
ومن المهم جدا تأكيد أن ثمة بالفعل هشاشة في العظم مع هذه الكسور الانضغاطية في الفقرات، أي تأكيد تشخيص هشاشة العظام، ذلك أن هناك حالات أخرى تحدث معها أعراض مشابهة وتظهر صور الأشعة كسورا انضغاطية، ومع ذلك يكون السبب إما التهابات ميكروبية أو أورام إما حميدة أو خبيثة في عظم الفقرات.
ومعظم كسور العمود الفقري الناجمة عن هشاشة العظام يتم علاجها بنجاح من خلال تناول بعض الأدوية التي تخفف وتسكن الألم، إضافة إلى معالجة هشاشة العظام.
وهناك برامج علاجية للهشاشة تشمل تزويد الجسم بالعناصر اللازمة لبناء العظم، مثل الكالسيوم وفيتامين دال، إضافة إلى عقاقير هرمونية وعقاقير من فئة بيسفوسفنات وهرمون كالسيتونين وغيرهم.
وإضافة إلى العقاقير، يمكن الاستعانة بأحزمة الظهر أن تساعد في السيطرة علي الألم وأن تمنع ازدياد التشوه في قوام العمود الفقري. وتجدر ملاحظة أنه على الرغم من أن الأحزمة في العادة لا تعدل انضغاط العظم، فإنها تسند العمود الفقري وقد تقلل من تقلص العضلات الناتج عن اختلال قوام العمود الفقري بفعل الكسور تلك.
وفي بعض الحالات، قد تكون الجراحة ضرورية للسيطرة علي الألم، أو لتحسين التشوه في بنية قوام العمود الفقري، أو في إزالة الضغط عن جذور الأعصاب أو عن الحبل الشكوى.
وهناك تقنيات جديدة لعلاج مشكلة الفقرات المنضغطة تشمل تكميل الفقرات وتعديل الحدب الناجم عنها.
في تكميل الفقرات يتم حقن الفقرات بمواد «إسمنت عظمي» لتحسين قوة العظم، وفي تعديل الحدب يتم حقن الإسمنت العظمي بعد تحسين الانضغاط بنفخ بالون داخل جسم الفقرة وملء الفراغ بالإسمنت.
ضيق القناة الفقارية
مع ازدياد خشونة المفاصل الصغيرة واضمحلال الغضاريف، ربما ينشأ تضيق في القناة الفقرية.
والقناة الفقرية هي ذلك الأنبوب من الفراغ على طول العمود الفقري الذي يحتوي على الحبل الشوكي وجذور الأعصاب.
ويحصل الضيق حينما يحدث قصر في طول الأربطة الكبيرة التي تعبر الفراغ بين كل فقرتين، وقد يصاحب ذلك كبر في سمك الأربطة. وعندئذ يضيق مجرى القناة وتضغط هذه التراكيب على الأعصاب في القناة الفقرية.
ويمكن لهذا التضيق أن يؤدي إلى الشعور بألم في الساق أثناء السير وأثناء الوقوف، ويرتاح ويخف الألم عادة حال الجلوس أو الاستلقاء على الظهر.
وتعرف هذه الأعراض بلغة الطب بـ«العرج عصبي المنشأ»، ومن المهم طبيا تفرقتها عن نوع مماثل ومشابهة من الألم الذي ينتقل ويشع في أسفل الساق وينتج عن مشكلات في الدورة الدموية، أو الآلام الناتجة عن خشونة مفصل الورك أو الناجمة عن اضطرابات الأعصاب لدى مرضى السكري.
وعادة يتم تشخيص ضيق القناة الفقارية بشكل دقيق عبر صور المسح بالأشعة المقطعية أو بالرنين المغناطيسي. ويتم في بعض الأحيان استخدام اختبار رسم كهرباء العضلات واختبار تقييم سرعة ودرجة توصيل العصب، وذلك التفرقة بين هذه الحالة وإصابة العصب في مرضى السكر.
العلاج غير الجراحي يكون بتناول أنواع من الأدوية المسكنة للألم والمضادة للالتهاب، وأداء التمرينات الرياضية، وإجراء العلاج الطبيعي لتقوية العضلات.
وأحيانا، يتم حقن مادة مخدر موضعي أو عقار كورتيزون في الأنسجة اللينة والرخوة، أي العضلات والأربطة، أو في القناة الفقرية وتحديدا في منطقة «فوق الجافية» المغلفة للحبل الشوكي وذلك قرب جذور أعصاب معينة لها علاقة بالتسبب بالألم.
وإذا لم تقد هذه الإجراءات العلاجية إلى تخفيف أو إزالة الأعراض لدى المريض، فحينئذ قد يكون من اللازم إزالة الضغط والضيق عبر الجراحة في الفقرة المصابة.
وهذه الجراحة فعالة جدا وتسمح للمرضى أن يسيروا لمسافات أبعد وأفضل وأن يقفوا لفترات أطول من دون ألم.
والجراحة تشمل إزالة الضغط عن جذور الأعصاب عن طريق إزالة سقف القناة الفقارية، أي استئصال ما يُعرف طبيا بالصفيحة الفقرية، ومن ثم وتوسيع الفراغات التي يخرج منها جذر العصب من تلك القناة، أي توسيع القناة العصبية.
وقد يرى الجراح خلال العملية أنه من الضروري كذلك القيام بدمج الفقرات المصابة إذا كان هناك عدم ثبات في موقعها ضمن قوام العمود الفقري.
ولكن من المهم تذكر أن عملية دمج وتثبيت الفقرات هي إجراء يؤدي إلى التئام القِطع الفقرية والتحامها مع بعضها باستخدام قطع من العظم المأخوذ إما من الحوض أو من بنك العظام.
وفي كثير من الأحيان تستخدم شرائح معدنية، أي مسامير وأعمدة، وذلك للمساعدة في الحفاظ على استقرار قوام الفقرات تلك خلال التئام دمج الفقرات.
ومدة إقامة المريض بالمستشفى تكون أطول إذا تم إجراء عملية دمج الفقرات، وأقصر إن لم تُجر.
وبالعموم في كلتا الحالتين، يلزم البقاء بالمستشفى لتلقي معالجة من قسم التأهيل للمساعدة في استعادة القوة والحركة للعضلات والمفاصل، وعلى وجه الخصوص إذا كان المريض لديه بعض الضعف والهزال قبل الجراحة أو متقدما جدا في العمر.
الانزلاق الغضروفي
مصطلح الانزلاق الغضروفي غير دقيق في وصف ما يجري لدى المرضى المُصابين به، والأدق هو وصف «فتق القرص بين الفقرات».
والأكثر شيوعا أن يحصل هذا الانزلاق الغضروفي في المرضى الذين تتراوح أعمارهم بين 20 إلى 50 عاما، ولكنه يمكن أن يحدث في أي عمر. وفي حال إصابة المرضى كبار السن، قد يكون هناك خشونة مصاحبة في مفاصل الفقرات وانضغاط لجذر العصب.
وفي الغالب يصاب معظم المرضى بنوبة أو نوبتين من ألم في أسفل الظهر، وليس شرطا أن يكون نتيجة لإصابة مباشرة في الظهر أو نتيجة لرفع شيء ثقيل. وقد يحدث ألم بالساق، وهو ما يعرف عادة بعرق النسا.
ويحدث الانزلاق الغضروفي نتيجة اضمحلال في إطار حلقة القرص بين الفقرات، وبالتالي نشوء تمزقات به وفتق يؤدي إلى خروج وبزوغ لمحتواه، وفي أجزاء متعددة من القرص.
وفي حالة المرضى الذين تستمر الأعراض لديهم مدة أطول من عدة أسابيع، أو الذين يعانون من ضعف ظاهر أو متزايد في قوة عضلات الساق أو خلل في التحكم في التبرز أو التبول، يجب إجراء أشعة مقطعية أو بالرنين المغناطيسي لاكتشاف مكمن الخلل الموجود.
وكثيرا ما تتحسن الأعراض من تلقاء نفسها وتستجيب لتقليل الحركة، ولتناول الأدوية المسكنة للألم والمضادة للالتهابات، مع الالتزام بفترات قصيرة من الراحة بالسرير. وبالتالي يتعافى معظم المرضى دون اللجوء إلى العلاج الجراحي. وتستغرق العودة التدريجية للأنشطة الكاملة حوالي أربعة أسابيع.
وإذا لم يحدث تحسن خلال شهر إلى ثلاثة أشهر مع العلاجات غير الجراحية أو إذا استمر أو زاد ألم الساق أو ضعفها، فقد ينصح الطبيب بالعلاج الجراحي. وأكثر العمليات التي يتم إجراؤها شيوعا في هذه الحالة هي إزالة وقطع الغضروف وفيها يتم إحداث جرح صغير في الظهر وتتم إزالة الجزء المتفتق والبارز من الغضروف.
وغالبا ما يحدث تحسن واضح في الأعراض. ويختلف الوقت المستغرق للعودة إلى العمل والأنشطة الرياضية من مريض لآخر، ويجب مناقشة هذا الأمر مع الجراح المعالج.
اضمحلال الغضروف
يعتبر اضمحلال أو تلف الغضاريف وخشونة المفاصل الصغيرة للعمود الفقري، أي المفاصل السطحية، أمرا متوقعا وجزءا طبيعيا من عملية التقدم في العمر.
وعادة يتم تشخيص وجود هذا الاضمحلال عبر صور الأشعة السينية، وربما لا يكون ثمة أي أعراض يشكو منها المرء. ولكن لدى البعض، ربما يكون هناك ألم في الظهر أو في الظهر والساق.
وتعتمد المعالجة على تقوية وتحسين دعم العضلات في الظهر لقوام العمود الفقري، وذلك بتقوية العضلات الساندة تلك بالتمارين الرياضية.
كما يُمكن استخدام الأدوية المسكنة للألم والمضادة للالتهاب، وربما يستفيد البعض من ارتداء الأحزمة ولكن يجب أن يكون ذلك تحت الإشراف الطبي. وقد يُفيد قضاء وقت من الراحة إذا كان الألم عنيفا، ثم العودة التدريجية للأنشطة مبكرا ما أمكن.