جهاز «ماموجرام» ثلاثي الأبعاد .. خيار جديد للكشف عن سرطان الثدي
04:22 م - الخميس 3 يناير 2013
اتخذت أجهزة الماموجرام بعدًا جديدًا بالمعنى الحرفي للكلمة، ففي بعض مراكز الفحص بالأشعة تتوفر للنساء حاليا تكنولوجيا ثلاثية الأبعاد بتكلفة أكبر وتحتوي على قدر أكبر من الأشعة، لكنها قد تقدم لهن شكلا أفضل. وقد وافقت إدارة الغذاء والدواء على هذا الجهاز ثلاثي الأبعاد عام 2011 وانتشرت هذه التقنية في واشنطن.
أشعة مجسمة
يقول اختصاصيو الأشعة الذين يستخدمون هذا الجهاز الثلاثي الأبعاد إن دقته تطغى على عيوبه. ويصدر الجهاز القدر نفسه من الأشعة التي يصدرها جهاز الماموجرام الرقمي ثنائي الأبعاد، لكن عندما وافقت إدارة الغذاء والدواء على الجهاز الجديد، قالت إن التقنية ثلاثية الأبعاد يمكن أن تستخدم فقط مضافة إلى أجهزة الماموجرام التقليدية مما يؤدي حتما إلى مضاعفة جرعة الأشعة القليلة.
وجعلت الإدارة هذه التقنية ملحقة لعدم توافر معلومات كافية تؤكد ما إذا كانت قادرة على اكتشاف السرطان كما تفعل أجهزة الماموغرام ثنائية الأبعاد.
لذا تظل الأجهزة ثنائية الأبعاد هي التي تقدم رعاية مثلى وفوائد فريدة بالنسبة للأطباء، فهم يألفون التعامل معها وتستطيع المقارنة بين الصور الحديثة وبين تلك التي التقطت منذ أعوام سابقة.
وتقول جوليان غرينبيرغ، اختصاصية أشعة في مؤسسة «واشنطن أسوسييتس للتصوير بالأشعة: «الصورة ثلاثية الأبعاد ليست بديلا عن الماموجرام ثنائي الأبعاد»، وبدأت المؤسسة بإخبار النساء اللاتي يسألن عن الجهاز ثنائي الأبعاد بإمكانية إضافة التقنية ثلاثية الأبعاد مقابل 50 دولار».
ويوضح قائلا:«تمثل التقنية ثلاثية الأبعاد قيمة مضافة إلى شيء موجود بالفعل. إنها تكنولوجيا رائعة حقا».
تحسن التشخيص
في جهاز الماموجرام التقليدي، يتم ضغط الثدي داخل الجهاز وفحصه بأشعة «إكس» أربع مرات من طرف إلى طرف ومن أعلى لأسفل ويحدث هذا للثديين.
أما عند التقاط صور ثلاثية الأبعاد، فتتحرك ذراع الآلة لتقوم بالمسح الضوئي حول الثدي على شكل قوس لتخرج لنا في النهاية بصور يتراوح عددها بين 20 و60 حتى نحصل على صورة ثلاثية الأبعاد للثدي.
وتبدو هذه الصور ثلاثية الأبعاد، حيث يمكن لاختصاصي الأشعة لفها وتقليبها على شاشة كومبيوتر بحثًا عن أي خلايا سرطانية في النسيج والعقد اللمفاوية.
عندما ننظر إلى صورة ثنائية الأبعاد وأخرى ثلاثية الأبعاد في وقت واحد، يشعر اختصاصي الأشعة بتحسن نسبته 7 في المائة في قدرته على التمييز بين الحالة المصابة بالسرطان وغير المصابة وذلك بحسب ما أوضحت دراستان نظرت فيهما إدارة الغذاء والدواء قبل الموافقة على هذه التقنية.
إن زيادة القدرة على كشف السرطان تقلل معدل الخطأ في التشخيص.
في الولايات المتحدة يتم فحص نحو 10 في المائة من السيدات، اللاتي خضعن للفحص بجهاز الماموجرام، مرة أخرى سواء بجهاز السونوجرام أو بالماموجرام بحسب إدارة الغذاء والدواء.
ولا تعاني الغالبية العظمى من هؤلاء النساء من السرطان، حيث يبلغ عدد الحالات المصابة 4 من بين كل ألف خضعن للفحص بالماموجرام على حد قول غرينبيرغ.
مع ذلك عليهن التأقلم مع الخوف والقلق من أجهزة الماموغرام غير التقليدية أو ربما الخضوع إلى اختبارات بها تدخل جراحي.
وتقول جوليان: «إن هذا أمر مرعب ومقلق للمريضة وغير مناسب بالنسبة إليها، فهو يتضمن قدرا أكبر من الأشعة وتعد بمثابة تشريح لورم قد يكون حميدا».
مؤشرات مبكرة
بدأت مؤسسة «واشنطن أسوسييتس للتصوير بالأشعة» توفير جهاز الماموجرام ثلاثي الأبعاد في أغسطس (آب) عام 2011. واختار نحو نصف المريضات دفع 50 دولارا إضافية من أجل هذه التقنية التي لا تحظى بتغطية التأمين على حد قول جوليان.
على سبيل المثال يعتقد البعض أن هذا الجهاز «تجريبي» و«تحت التحقيق» لعدم وجود أدلة كافية على فعاليته.
وتقول جوليان إنه بالجمع بين الصور ثنائية الأبعاد وثلاثية الأبعاد، اكتشفت المؤسسة انخفاض بنسبة 20 في المائة في معدل إعادة الفحوص وزيادة نسبتها 31 في المائة في معدل اكتشاف السرطان مقارنة بالصور ثنائية الأبعاد.
وتتوافر أجهزة الماموجرام ثلاثية الأبعاد في «فيرفاكس راديولوجي كونسالتنتس» ومؤسسة التصوير بالأشعة فضلا عن أماكن أخرى.
وتقول جوليان:«لقد ساعد حقًا في اكتشاف سرطانات دقيقة في الثدي وأدى إلى تراجع معدل إعادة الفحوص لدى كافة المريضات سواء كانت أثدائهن كبيرة أو متوسطة. وسواء كن في الخامسة والسبعين أو الأربعين».
تقنية غير مجربة
إضافة إلى عدم توافر المعلومات التي توضح ما إذا كانت التقنية ثلاثية الأبعاد فعّالة دون الجهاز ثنائي الأبعاد، لا تتوافر بيانات توضح أي مجموعات من النساء تستفيد من هذه التقنية وتصنفها بحسب العمر أو حجم الثدي أو كثافته أو تاريخ السرطان.
واهتمت كارول لي، رئيسة لجنة اتصالات الصور في الكلية الأميركية للتصوير بالأشعة، التي تقول إن الهيئة لم تحسم بعد ما إذا كانت فعالية التقنية جديرة بتعريض النساء إلى مزيد من الأشعة لتقليل معدل إعادة الفحوص اللازم لبعضهن.
وتقول لي، اختصاصية الأشعة في مركز السرطان «سولان كيترينغ» التذكاري في نيويورك: «نميل في هذا البلد إلى تبني تعديلات جديدة قبل إقرارها تماما لأنها جديدة، ونحب أن نعتقد أنها تمثل تقدما ، إنها لا تستخدم الجهاز ثلاثي الأبعاد».
جرعات الأشعة
وقال روبرت أوتشس، الفيزيائي وكبير المراجعين في هيئة إدارة الغذاء والدواء التي أصدرت موافقة على الجهاز ثلاثي الأبعاد، إن ضعف الكمية من الأشعة لا تزال قليلة جدًا.
وينتج الجهاز الذي يجمع بين التقنية ثنائية الأبعاد والثلاثية الأبعاد نحو عشر الأشعة الصادرة من جهاز الأشعة المقطعية أو أكبر بمقدار 160 مرة من الكمية «الضئيلة» التي تصدر من جهاز الكشف على الأسنان بأشعة «إكس» بحسب الكلية الأميركية للتصوير بالأشعة.
ويقول أوتشس:«تفوق الفائدة الفورية المحتملة لكشف السرطان احتمال الإصابة بالسرطان بسبب الإشعاع الذي قد يحدث بعد سنوات كثيرة. إن الخضوع إلى الفحص ثنائي وثلاثي الأبعاد سنويًا يزيد احتمال إصابة السيدات خلال حياتهن بنسبة تقل عن واحد في المائة مقارنة باحتمال الإصابة به عند الفحص بالجهاز ثنائي الأبعاد وحده».
ويوصي المعهد القومي للسرطان النساء اللاتي تتجاوز أعمارهن الأربعين الخضوع لفحص بجهاز الماموغرام كل عام أو عامين.
وأوصت وحدة المهام التابعة لهيئة الوقاية الأميركية، وهي هيئة مستقلة معينة من قبل الحكومة تصدر توصيات لصناع السياسة والأطباء وآخرين، النساء عام 2009 بالانتظار حتى يبلغن الخمسين قبل الخضوع إلى الفحوص الروتينية بجهاز الماموغرام.
تقول ليلي شوكني، المسؤولة الإدارية بمركز «جونز هوبكنز للسرطان»، وإحدى المتعافيات من المرض، إنها تتلقى نحو 1400 رسالة بالبريد الإلكتروني أسبوعيًا متعلقة بسرطان الثدي عبر الموقع الإلكتروني للمركز وأحيانا يكون من ضمن تلك الاستفسارات استفسار عن جهاز الماموجرام.
وتقول: «عادة ما يسألون ما إذا كان الماموجرام ثلاثي الأبعاد يضغط على الثدي بقوة مما يمثل سببا قويا لعدم اختياره. ناهيك عن أن الاضطرار إلى الضغط على الثدي داخل الجهاز ثلاثي الأبعاد أمر مثير للإحباط».
وليس لدى مركز «هوبكنز» وحدة ثلاثية الأبعاد بعد، لكن لديه غرفة مخصصة لاستقباله على حد قول شوكني.
وتتولى شركة «هولوجيك» الترويج للجهاز الذي يسمى نظام «سيلينيا ثلاثي الأبعاد» وتم ابتكاره في مستشفى ماساتشوستس العام في بوسطن.
وتوضح شوكني قائلة إن التقنية ثلاثية الأبعاد ليست أهم شيء بالنسبة للنساء، لكن الأهم هو توفير أماكن لفحصهن في المقام الأول.
وتضيف:«نستطيع إنقاذ حياتهن وأثدائهن إذا اكتشفنا وجود السرطان مبكرا».