تطعيم وقائي يعزز المناعة ضد «الروتا فيروس»

لقاح يعزز المناعة ضد الفيروس المسبب للإسهال الشديد لدى الأطفال
لقاح يعزز المناعة ضد الفيروس المسبب للإسهال الشديد لدى الأطفال

ومع تكرار الإصابة يتكون لدى الأطفال نوع من أنواع المناعة ضد الفيروس. والمناعة التي تنشأ من تكرار الإصابة هي مناعة غير مكتملة ولا تمنع الإصابة بالمرض، لكنها تجعل الأعراض أقل حدة، ويمكن أن يصيب المرض الأطفال الكبار وكذلك البالغين، لكن لا يكون بمثل حدته في الأطفال.
مرض عالمي 
ومن المعروف أن أعراض المرض تبدأ في الظهور بعد فترة حضانة نحو يومين من الإصابة، وهذه الأعراض عبارة عن ارتفاع في درجة الحرارة وقيء وأحيانا آلام بالبطن وإسهال متكرر يمكن أن يصل إلى 7 أو 10 مرات يوميا.
ويكون الإسهال مائيا في معظمه ويمكن حدوث جفاف نتيجة لفقدان السوائل من الجسم، وهو الأمر الذي يمكن أن يؤدي إلى حدوث الوفاة، إذا لم تتم معالجته بشكل جيد. 
وتستمر هذه الأعراض من 3 إلى 9 أيام وينتقل المرض عن طريق ملامسة البراز للفم، إذا لم يغسل الأطفال أيديهم بشكل جيد بعد دخول الحمام. ويتم التأكد من التشخيص بعد أخذ عينة من البراز، ولا يوجد علاج محدد للمرض، لكن يوجد علاج للأعراض المختلفة من قيء أو إسهال أو ارتفاع في درجة الحرارة.
وفي الأغلب يتم العلاج بالمنزل إذا لم يحدث جفاف؛ لذلك يراعى إعطاء الطفل كمية كافية من السوائل، ويختفي المرض من تلقاء نفسه في خلال أسبوع (إذا لم تحدث مضاعفات مثل الجفاف) وذلك بالنسبة للأطفال الذين يتمتعون بمناعة قوية.
لكي نعرف حجم المشاكل التي يسببها «الروتا فيروس» في بلد يمتلك أعلى معدلات الرعاية الطبية مثل الولايات المتحدة الأميركية، فإنه يشهد سنويا نحو 55 ألف حالة يتم حجزها بالمستشفيات و200 ألف حالة زيارة إلى غرفة الطوارئ و400 ألف حالة تردد على العيادة الخارجية ونحو 60 حالة وفاة من مضاعفات المرض.
ويصيب المرض كل الطبقات الاجتماعية، وكذلك ينتشر في البلدان الصناعية والبلدان النامية؛ لذلك يعتبر التقدم في الرعاية الطبية والمياه النقية عاملا غير مؤثر في الإصابة بالمرض، لكن بالطبع يزداد حدوث المضاعفات واحتماليات الوفاة في الدول النامية عنها في الدول المتقدمة، ويمكن أن تحدث الإصابة في أي وقت من العام.
تطعيم وقائي 
كانت هناك محاولات لإيجاد تطعيم خاص بالفيروس منذ عام 1998، وظهر مصل للتطعيم بالفعل، لكن هذا التطعيم تسبب في حدوث عرض يجعل الأمعاء تدخل في داخل بعضها intussusception (مثل التلسكوب) مما يؤدي أحيانا إلى انسداد في الأمعاء، خاصة أن مرض «الروتا فيروس» نفسه يمكن أن يسبب هذا العرض، مما أدى إلى سحب هذا التطعيم من الأسواق في عام 1999.
لكن تبين أن التطعيم الجديد الذي ظهر عام 2006 أكثر أمانا من السابق 10 أضعاف، وهو فعال في الوقاية من الإصابة وتفوق فوائده مخاطره، وهو عبارة عن الفيروس بعد أن يتم إضعافه، وقد حاز موافقة إدارة الغذاء والدواء الأميركية (FDA).
ويوجد نوعان من التطعيم (الخماسي) RotaTeq أو (RV5) وهو يغطي 5 سلالات من الفيروس، ويتم تناوله عن طريق الفم للأطفال في 3 جرعات، بداية من الشهر الثاني والشهر الرابع وحتى الشهر السادس من عمر الطفل، في الوقت المعتاد للتطعيمات الإجبارية بالنسبة للأطفال، وأحيانا يتم إعطاء التطعيم مبكرا في نحو الأسبوع السادس، وفي هذه الحالة يتم أخذ الجرعة الثانية في الأسبوع الـ14، ويجب أن يتم إعطاء الجرعة الثالثة قبل بلوغ الطفل شهره الثامن.
ويوجد أيضا التطعيم «الأحادي» Rotarix أو (RV1) ويتم إعطاؤه عن طريق الفم على جرعتين في المدة نفسها، ومن المهم توضيح أن تطعيم «الروتا فيروس» لن يمنع الإسهال الناتج عن أي سبب آخر للعدوى سواء أكانت بكتيرية أم طفيلية.
ومنذ تطبيق التطعيم ضد «الروتا فيروس» بشكل روتيني بداية من عام 2006 انخفضت حالات الحجز بالمستشفيات في الولايات المتحدة نحو 65 ألف حالة، أو تقريبا نحو 89% بالنسبة للأطفال الذين أخذوا التطعيم مقارنة بالأطفال الذين لم يأخذوا التطعيم. وكذلك تم توفير ما يقرب من 278 مليون دولار من نفقات الرعاية الطبية التي كانت تنفق للرعاية، سواء التردد على العيادات أو تكاليف الفحوصات والعلاج.
ويقلل التطعيم من حدة المرض بنسبة تتراوح بين 85% و98%، وهذه المعلومات أشارت إليها دراسة جديدة قام بها فريق من مركز مكافحة الأمراض والسيطرة عليها بالولايات المتحدة الأميركيةCenters for Disease Control and Prevention.
تأثيرات جانبية واحتياطات 
التطعيم آمن عموما، ومعظم الأطفال يمكنهم تناوله ولا يسبب أعراضا جانبية، لكن مثل أي عقار يمكن حدوث حساسية بسيطة بعد تناول التطعيم، وكذلك يمكن حدوث قيء وإسهال بشكل مؤقت بعد الجرعة الأولى، وفي أحيان نادرة جدا يمكن حدوث انسداد معوي، لكن نسبته بسيطة جدا، نحو حالة في كل 100 ألف طفل، وفي حالة حدوث هذا العرض يجب الذهاب فورا إلى المستشفى؛ حيث إنها حالة طوارئ طبية ويمكن معرفة أعراضها إذا كان الطفل تنتابه نوبات من الألم الشديد في المعدة ويعقبها بكاء شديد، وكذلك يحدث قيء مستمر ويوجد دم في البراز. 
وفي بعض الأطفال تحدث حساسية شديدة جدا لمكونات التطعيم بعد تناول التطعيم بنحو من دقيقة إلى ساعة، وتتمثل في صعوبة بالتنفس وسرعة التنفس والصفير وسرعة ضربات القلب وضعف عام.
وهناك أطفال لا يمكنهم تناول التطعيم (أو تناوله بعد استشارة الطبيب) مثل الحالات الآتية:
- إذا حدثت حساسية شديدة لأي من مكونات اللقاح بعد تناول الجرعة الأولى من التطعيم يجب عدم إعطاء الطفل الجرعة الثانية، ويجب إخبار الطبيب إذا كان الطفل يعاني حساسية شديدة بشكل عام.
- الأطفال الذين يعانون إصابة شديدة بأي مرض مثل الالتهاب الشعبي أو التهاب باللوزتين أو حتى نزلة معوية، يجب الانتظار حتى يتم شفاؤهم (يمكن إعطاء اللقاح في حالة الإصابة البسيطة).
- الأطفال الذين يعانون مرضا يؤثر بشدة على الجهاز المناعي للجسم، مثل الأطفال المصابين بمرض نقص المناعة المكتسبة (الإيدز HIV - AIDS)، خاصة أن الفيروس يكون حيا.
- الأطفال الذين يتناولون عقار الكورتيزون لمدة طويلة.
- الأطفال مرضى السرطان حتى في مراحل علاجهم بالإشعاع والأدوية.
- الأطفال الذين سبق لهم التعرض لعرض الانسداد المعوي intussusception.