للغموض سحر خاص .. فكيف نغلف حياتنا به؟

بما أن الإنسان بطبعه فضولي يبحث دائما عن المجهول ويبذل الكثير لكشف المستور، لا يهدأ له بال ولا تغمض له عين حتى يفتش في أسرار الغير وفك ألغاز الحياة والمحيطين به مهما كانت النتائج مفيدة أو مؤذية له، فنرى الرحالة الذين يقطعون أميالاً لاستكشاف مكان جديد ولا يأبهون ماذا قد يصيبهم فقد يضلون الطريق ولا يتمكنون من العودة إلى ديارهم وأهليهم مرة أخرى، ونجد رائد الفضاء لا تكفيه الحياة على كوكب الأرض بما يحمل من معجزات وكنوز ويقوده فضوله إلى عالم الفضاء حيث لا حياة، لا هواء، ولا ماء إلا صحراء جرداء، لكن السر في الفضول وما أدراك ما الفضول، إنه مرض بشري ليس له علاج.. لذلك:


يجد الناس جاذبية خاصة وسحراً لا يقاوم لكل شخص يغلف الغموض حياته، حيث يتجمع الجميع حوله كما تتجمع قطع المعدن حول مغناطيس قوي، يميلون إليه، يقعون في حبه، والسبب ليس في جمال طلعته، أو أناقة مظهره، أو سيارته باهظة الثمن، لكن السر في "الغموض" الذي يغلف حياته.

فهل ترغب -عزيزي القارئ- أن تشبه ذلك الشخص الذي يجلس أمامك ويثير غموضه انتباهك، الأمر بسيط فهناك العديد من الصفات الدقيقة التي يمكن أن تجعل منك شخصاً غامضاً، منها ثلاثة عوامل أساسية؛ فبتطبيق هذه الخدع الثلاثة ستغير نظرة الآخرين إليك وفكرتهم عنك.

كن هادئاً:الهدوء هي أول سمة يتصف بها الشخص الغامض وتجعله يختلف عن الآخرين، هذا لأن معظم الناس لا يستطيعون السيطرة على ألسنتهم حيث يبوحون بأي شيء داخل قلوبهم أو ما تفكر فيه عقولهم، كما لو كان سجينا يكافح من أجل الخروج للحياة.

فنجدهم يشركونك في خطتهم المستقبلية، وإذا كنت مستمعا جيدا لهم يستمرون في الحديث حتى تشعر بالملل ثم يبحثون عن شخص غيرك أكثر اهتماما بما يقولون، يحدث ذلك لأنه من السهل والطبيعي جدا أن تقول كل ما يدور في عقلك، كما هو سهل وطبيعي أن تتخذ ما هو مسلم به وما هو متاح وما لا يتطلب جهداً للحصول عليه.

كيف تتميز بالهدوء المغلف بالغموض؟قبل أن تتعرف على السبل لتتسم بالهدوء ومنه إلى مرحلة الغموض، اعلم أن كونك صامتاً سيبدو في البداية شيئاً غير معتاد أو غير طبيعي، لكن عليك بذل الجهد وتدريب نفسك حتى يصبح جزءاً لا يتجزأ من طبيعة شخصيتك.

- اجعل حديثك أقل دائما من الضروري.

- إذا وجه أحدهم لك سؤالاً، اجعل ردودك مختصرة.

- لا تعرض كل شيء للعيان واحتفظ بخصوصياتك لنفسك.

- لا تتسرع في الحكم على الأمور.

- احتفظ بصمتك لفترة أطول.

- لا تخشَ أن يظن الغير أن صمتك ضعف؛ لأن الزمن سيوضح لمن حولك مدى القوة الخفية التي تملكها.

- بهذا ستكسب احترام الآخرين مما يحثهم على طلب نصيحتك.

ما الملامح التي سيضفيها عليك الهدوء؟- سيخلق الهدوء حولك هالة من الغموض.

- سيتأكد الجميع أنك شخص حكيم قوي.

- على الفور ستبدو أكثر جاذبية.

- سيرغب الجميع في صحبتك.

- سينظر الناس إليك على أنك شخص نادر وفريد.

- يزداد احترام الآخرين لك.

- الهدوء يبعدك عن المتاعب.

- الصمت يمنحك الفرصة للتفكير العميق والتوصل لأفكار مفيدة.

- لن يعلم أحد كيف يدخل إليك وما هو حد التعامل معك، مما يثير تعلقهم بك والتفكير المستمر في كيفية فك شفرة شخصيتك.

- الصمت والهدوء يكسبك بعض الوقت لنفسك، مما يمنحك القدرة على إعادة التفكير في كل شيء والتوصل لوسيلة لتغيير أي وضع تكون فيه لصالحك.

- سيقتنع شركاؤك أنك بالنسبة لهم كجائزة رائعة عليهم بذل كل ما يستطيعون للحفاظ عليها.

تذكر والتزم بقانون الندرة:كما قلنا من قبل إنه من السهل استغلال كل ما هو سهل ومتاح ولا يتطلب جهداً في الحصول عليه، لذلك يجب عليك الإيمان بالنتيجة الآتية:

(لا تكن دائما متاحاً، مهما كان لهذا التصرف من مشاعر مؤثرة عليك احتفظ بقانون الندرة بعقلك)، فأنت عندما تكشف للجميع عن كل خصوصياتك تدمر مفتاح الشخصية الحقيقية مما يترتب عليه النتائج السلبية التالية:

- فقدان اهتمام الآخرين بك.

- تراجعهم عنك.

- تخسر احترامهم لك.

- يتبخر ولعهم بك.

- ستتساءل أين ذهبت مشاعرهم تجاهك.

لذا احرص على المغادرة مبكرا لتجعل من حولك يتوسلون إليك في البقاء معهم لمزيد من الوقت، فحاول التغيب بين الحين والآخر خاصة عندما تشعر أن حبهم لك بدأ يقل، فغيابك عنهم سيجعلهم يتركون كل شيء وراءهم لاستعادتك، وبمجرد أن تتأكد من استعادتهم للمستوى الذي تبغاه منهم كن لطيفا معهم بدرجة متحفظة واستمر على مبدأ (قانون الندرة).

اكسر الأسلوب النمطي: المبدأ الثالث أن تكسر أنماطك التقليدية، فعندما كنت طفلاً كان يتوقع الجميع منك التصرف في إطار حدود معينة، وبالفعل بعدها تعلمت أن عدم المثول لقواعد معينة تدفع نتيجة له ثمناً اجتماعياً، ومع ذلك من المهم أن تكون شخصاً لا يمكن التنبؤ بردود أفعاله في بعض المواقف.

وهذا يمنحك نوعاً من التنافس المادي والعمل، وقد تسبب بعض الصراع المادي والنفسي لكن بدون شك تعتبر أبعاداً هامة جدا في حياتك، وهذا هو السبب الذي يجعلك لا تريد تجاهل هذه الأداة المحورية.

لكن كيف تكسر النمط التقليدي للحياة؟- عليك ممارسة عشوائية التخطيط.

- أولا حدد الأنماط التي ستسير عليها.

- كافح من أجل الوصول لهدف غير متوقع.

- فاجيء الجميع بتصرف غير معتاد منك.

- اعتمد على الموقف وهذا سيثير جاذبية وإثارة هؤلاء الذين ينظرون لك بإيجابية، ويجعلهم يفقدون توازنهم وحضورهم العقلي وهذه ستكون الضربة القاضية.

- لا تبالغ في الخروج عن المألوف وإلا ستبدو للجميع كمن فقد عقله، فيجب أن تكون عشوائيتك مخطط لها بحرص ومصممة خصيصا لتحقيق هدفك.

كونك شخصية لا يمكن التنبؤ بها يترك أثراً قوياً على الناس؛ لأن ما تفعله خارج نطاق خبرتهم، فهم يدركون أنهم بحاجة للتعامل الفوري مع ما تفعل لكنهم غير قادرين على ذلك ببساطة لأنهم لم يجهزوا أنفسهم لهذه المهمة المفاجئة.

وكنتيجة لذلك سوف تسقط كل الأقنعة التي يرتدونها ويتصرفون معك بتلقائية وتعني الصراحة والصدق، فلا يمكنهم إخفاء حقيقتهم أكثر من ذلك حينها سيسهل عليك قراءة ما بداخلهم.

تحذير هام:عندما تخرج عن المألوف.. انتبه للنقاط التالية:

- لاتفعل نفس الشيء كل مرة.

- يجب أن تكون مفاجآتك متنوعة فلا تكرر نفس المفاجأة مرارا وتكرارا.

- فقد تعتقد أن تكرار تصرف ما كسبت من ورائه بعض الفرص سوف يمنحك المزيد، لكنه على العكس سيبدو أمراً مملاً ومتوقعاً وهذا سوف يدمر ما نبنيه.

- يجب ممارسة سلوك المفاجأة بإتقان إذا كنت في موقف المرؤوس؛ لأن تصرفك بغرابة قد يثير حولك الشكوك، فما زالت هناك حاجة لإيجاد هذا التوازن الدقيق بين اثنين من السلوكيات المختلفة بحيث تكسب ثقة الغير ولا يعتبرونك شخصاً تصرفاته مسلم بها.

فائدة إضافية:بالإضافة إلى الفوائد الاجتماعية التي ذكرناها سابقا عن كسر التقليدي والتجديد الغير متوقع، ستكتشف فوائد أخرى ومنها إنعاش، تنشيط وتحديث صحتك العقلية والجسدية، وهذه من اللمسات الأساسية لروح الشباب؛ فعندما يتقدم الشخص في العمر يصبح كالكتاب المفتوح لغيره لكن مقاومة هذه المشكلة تقاوم عملية التقدم في العمر وتشعرك بأنك ما زلت على قيد الحياة.

كلمة أخيرة:ستشعر في البداية عند تطبيق هذه النصائح كما لو كنت تمارس بعض الألعاب، وسيبدو الأمر صعباً ومع ذلك بالممارسة المستمرة سيصبح تدريجيا جزءاً من كينونتك، فإذا استخدمت هذه النصائح بحكمة ستحقق مزيدا من النجاح في جميع علاقاتك؛ خاصة ما يتعلق بجانب الرومانسية أو إدارة المرؤوسين.