في منتصف الثمانينات من عمري، وقد أصبت بعدوى بكتريا «هليكوباكتر بايلوري» المسماة «بكتريا القرحة»، ولم تظهر علي أي أعراض بسببها. إلا أني سمعت أن نصف الذين تتجاوز أعمارهم 60 سنة يصابون بها، وأن غالبيتهم
إن «هليكوباكتر بايلوري» (Helicobacter pylori)، أو «إتش بايلوري» (H. pylori) باختصار، هي نوع من البكتريا الذي يتعايش مع الإنسان منذ فجر نشأة الجنس البشري في أفريقيا.
وفي سنوات الثمانينات من القرن الماضي اكتشف باحثان أستراليان، وهما: باري مارشال، وروبن وارين، هذه البكتريا لدى الكثيرين من المصابين بقرحة الجهاز الهضمي، التي تظهر في المعدة والاثنا عشر، وهو الجزء الأول من الأمعاء الدقيقة. وكانت القرحة شائعة الانتشار في تلك الأيام.
سبب القرحة
وقبل اكتشاف العالمين تلك البكتريا، كان الاعتقاد السائد هو أن القرحة تنجم عن الحمض في المعدة، وأن البكتريا لا يمكنها الحياة في غالب الاحتمالات، في ذلك الحمض. ولذا، فإن افتراض العالمين أن هذه البكتريا ربما تكون هي السبب في حدوث قرحة الجهاز الهضمي، قوبل بالاستهزاء حينذاك.
إلا أن العالمين أصرا مع علماء آخرين، على افتراضهما الذي قبله كل العلماء لاحقا، وهو أن «إتش بايلوري» لا تتسبب في حدوث الكثير من القرح الهضمية فحسب، بل إنها تتسبب في حدوث سرطان المعدة أيضا.
وقد حصل كل من مارشال ووارين على جائزة نوبل عام 2005 لاكتشافهما الكبير ذاك.
إلا أن الإصابة ببكتريا «إتش بايلوري» تتسبب في حدوث مشكلات القرحة لدى بعض الأشخاص فقط.
وفي الواقع، فإن الأطباء لا يجرون فحوصا للكشف عليها لدى أي شخص إلا إذا ظهرت أعراضها عليه.
ولذا، فإني مستغرب لأنك خضعت لمثل هذا الفحص. ربما، لأن الكثير من أقاربك قد عانوا القرحة أو سرطان المعدة، أو أنك تنحدر في أصولك العرقية من شعوب أوروبا الشرقية أو شعوب شرق آسيا - وهي الشعوب التي تزداد فيها أعداد الإصابة بسرطان المعدة، أكثر من غيرها من الشعوب الأخرى.
الإصابة بالعدوى
يصاب غالبية الناس بعدوى بكتريا «إتش بايلوري» في مرحلة الطفولة المبكرة، ولذا فإن كنت الآن في منتصف الثمانينات من عمرك، فإنك وعلى الأغلب كنت تتعايش معها خلال كل حياتك! إذ إنها لم تسبب لك أي متاعب.
وفي رأيي، فإن هذا يزيد من احتمال ألا تتسبب هذه البكتريا في أي مشكلات مقبلة لك طيلة عمرك المتبقي.
والأمر الذي أقوله باستمرار للكثير من مرضاي هو: إن كنت تعرف أنك مصاب بعدوى يمكنها أن تؤدي إلى الإصابة بالسرطان - حتى وإن كان احتمال ذلك نادرا - وكانت هذه الإصابة تثير القلق والمخاوف لديك، فتعال لنعالجك لكي نجعل الخطر الضئيل أقل فأقل.
والعلاج هنا فعال وبسيط جدا:
تناول الكثير من المضادات الحيوية لمدة أسبوع إلى أسبوعين. وقد يصاحب هذا العلاج ظهور أعراض جانبية له.
بخلاف ذلك، فإن كنت متفائلا بـأن وجود تلك العدوى ببكتريا «إتش بايلوري» لم تقد إلى ظهور قرحة أو إصابة بالسرطان لديك حتى الآن، وأنك لا تريد العلاج والمعاناة من الأعراض الجانبية للأدوية المعالجة لها.. فإنني لن أختلف معك في قرارك هذا.