تسويق «الساري» الهندي التقليدي للجيل الصاعد

تصميمات عصرية .. جيوب عملية .. بنطلونات مرنة تخرجه من الكلاسيكية
تصميمات عصرية .. جيوب عملية .. بنطلونات مرنة تخرجه من الكلاسيكية

عاد الساري الساحر ليلهب الخيال من جديد، حيث تعكف جحافل من مصممي الأزياء ومريديهم على إعادة ابتكار صور جديدة من هذا الزي الهندي التقليدي.


وفي إطار محاولات التجديد، عمدوا إلى تقصيره أو الجمع بينه وبين الجينز أحيانا، أو مزجه بعناصر من التصميم المميز لـ«البنش» و«الكيمونو»، علاوة على إضافة جيوب وتفاصيل أخرى إليه، الأمر الذي يجعل من المتعذر في بعض الأحيان التعرف على الزي الأصلي.

تعود محاولات التجريب في تحديث شكل الساري إلى ثمانينات القرن الماضي، عندما زارت المصممة البريطانية زاندرا رودز الهند للمشاركة في لجنة التحكيم المعنية باختيار ملكة جمال الهند.

وسعيا منها لتجنب الظهور بمظهر غير أنيق، أحدثت رودز تغييرا هائلا في شكل الساري، حيث زينته بعناصر لامعة براقة وزودته بزمام منزلق وجمعت بينه وبين تنورة تحمل تصميما فيكتوريا.

وفي تصميم آخر من ابتكارها، صنعت فتحات في «بالو»، وهو الطرف المنسدل للساري، الذي تخرج منه الذراعان، ثم لفت الساري حول الرأس على نحو شبيه بالحجاب.

أثار التصميم ردود فعل هندية كانت مزيجا من الصدمة والانبهار، نظرا إلى أن المصممين بوجه عام كانوا لفترة طويلة ينظرون إلى الساري نظرة توقير بالغ باعتباره حلة كلاسيكية لا يمكن المساس بها أو محاولة تعديلها.

ومع ذلك، لم يقدم المصممون داخل الهند على إضافة ابتكارات جديدة إليه إلا منذ فترة قريبة. وبالفعل، صمموا فساتين وبذلة من قطعة واحدة من الساري، إضافة إلى مزجه بفساتين عادية وبـ«الكيمونو»، إلى جانب ما أطلق عليه المصمم الشهير سابياساتشي مخرجي «تشوهوتو ساري» أو «ميني ساري».

وكانت دار أزياء «ساتيا بول» من بين أوائل من أقدموا على التجريب في الساري، عندما قدمت خلال عرض أزياء أقيم في الولايات المتحدة عام 2007 سراويل «ساري» و«ساري» جاهز الطيات مع سروال تحته.

من جانبه، قال ساجاي كابور، المدير الإداري لـ«ساتيا بول»، إن الساري السروال جرى ابتكاره بغية منح المرأة مرونة الحركة. ويرى كابور أن «تدويل» الساري يشكل عاملا محوريا على هذا الصعيد، حيث قال: «إن جوهر هذا الساري نابع من المظهر الغربي من دون الإخلال بالطابع الهندي التقليدي»، يذكر أن من بين العملاء المنتظمين لدى دار «ساتيا بول» المطربة مادونا.

بدوره اعترف ويندل رودريكس، الذي ابتكر الساري المصنوع من قماش الجيرسيه والفستان الساري عاري الظهر، بأنه يضع دوما الشكل القديم نصب عينيه، لأنه الرداء الوحيد في العالم الذي لا يتطلب أي جهد تقريبا كي يبدو فاتنا وخلابا.

وأضاف: «أحب أن أمزج بين جماليات الساري الهندي ونمط الفساتين الغربية التي يرتديها المشاهير في الحفلات والمهرجانات الكبيرة، لأنهما معا يتركان بصمة عالمية واضحة».

جدير بالذكر أن الفستان الساري المتميز بأكمام شبيهة بتلك الخاصة بـ«الكيمونو» الذي صممه رودريكس، وطرح خلال عرض أزياء ربيع وصيف 2010، أثار ضجة كبيرة، حيث قدمه عاري الظهر بشكل خادع، مع وجود بلوزة تشكل جزءا لا يتجزأ منه.

كما ينقسم الطرف المنسدل من الساري قسمين؛ أحدهما يجتمع ملتفا حول الرقبة، بينما يأخذ الآخر شكل كم «الكيمونو»، ويعد هذا الساري المبتكر مناسبا للمرأة العصرية.

شرح المصمم وينديل أنه دوما يستقي أفكاره من هذا الزي، «فهو يخفي جميع عيوب الجسد، وبالتالي يعد مناسبا لمختلف الأنماط الجسدية».

من ناحية أخرى، قال فيجاي سنغ كاتيار، من «المعهد الوطني للتصميم»، ومؤلف كتاب «الساري الهندي.. التقاليد ووجهات النظر والتصميم»، إنه يتمتع «بالمغامرات الحماسية التي يخوضها كبار مصممي الأزياء مع الساري»، لكنه أعرب عن اعتقاده بأن الإبداعات الجديدة عليها دعم الخصائص الأساسية المميزة له.

وأضاف سنغ أن «الساري يعد أكثر أنماط الملابس أناقة وجمالا. وما يفعله هؤلاء المصممون هو العمل على إحياء الاهتمام بالساري وتصميمه على نحو يلائم أذواق الأجيال الأصغر.

وتعمل هذه التجارب على صعيدين؛ فهي تأتي بنتائج طيبة على الصعيد المحلي وكذلك فيما يخص المشترين الأجانب.

في الهند، ربما ترغب الأجيال الأصغر سنا في تجريب صور جديدة منه، ذلك أن الشابات اللائي يفتقدن القدرة على لف الساري أو غير معتادات على ارتدائه بمقدورهن خوض تجربة ارتداء (ساري) قصير أو بسروال. ومع ذلك، لن تتخلى غالبية النساء عن الثنيات الكلاسيكية للساري».

الملاحظ أنه على مدار الأعوام القليلة الماضية، شهدت الساحة العالمية تناميا في الاهتمام بالساري. مثلا، عام 2008، كشف جون بول غولتييه أثناء عمله لصالح دار «هيرميس» عن خط من فساتين الساري في مجموعته للربيع والصيف التي لاقت استقبالا رائعا في الأسواق الغربية.

وفي عام 2009، عاود الساري الظهور من خلال عرض الربيع والصيف لدار أزياء «إترو».

وخلال «أسبوع ويلز لايف ستايل للموضة» في الهند، قدمت المصممة الشابة ندا محمود عارضات يرتدين سراويل جينز وأحذية خفيفة مطاطية مع وجود (ساري) ملفوف على الجسم من الأعلى.

وكان النسيج المصنوع منه الساري ممتازا على نحو أتاح اختلاس نظرات على البنطال الجينز، إضافة إلى أنه لم يكن مفرط الطول مما جعل الحذاء ظاهرا.

وعن هذا العرض، قالت ندا: «رغبت في عرض هذا العنصر الهندي من الملابس في إطار معاصر».

وشهدت عروض صيف وربيع 2010 مجموعة من البيجامات الساري من تصميم أناميكا خانا، وهي فكرة بسيطة للغاية ويكمن جمالها في بساطتها.

ومن خلال الاعتماد على قماش موسلين مجعد، عمدت من خلاله خانا إلى الجمع بين طيات الساري والبيجاما الكلاسيكية، مع وجود تنورة قصيرة بين الاثنين. وبألوانها الليمونية البراقة، بدت البيجامات الساري أنيقة ومريحة في الوقت ذاته.

تقول خانا: «تطلعت إلى الكثير من أنماط الرقص الهندية المتنوعة، ثم شرعت في التفكير في كيفية تصميم (ساري) مرن. أعتقد أن الساري من الملابس التي يمكن استخدامها على أوجه متنوعة، وهناك الكثير من الصور التي يمكن أن تجعله يبدو عليها.

وهذه التصميمات مجرد وجه واحد من أوجه استخداماته»، حتى الآن، لم تطرح تصميمات خانا في الأسواق، لكنها أشارت إلى أنها تلقت بالفعل استفسارات بشأنها من الكثير من الجهات التي أبدت اهتمامها بها.

أما الـ«ميني ساري» الذي ابتكره المصمم سابياساتشي فعبارة عن (ساري) ينتهي فوق الكاحل مباشرة ويكشف عن جزء من الحذاء.

وليست هناك حاجة إلى لفه نظرا إلى وجود «كشكشات» عليه من الأمام. وعلى الرغم من أن المظهر العام ربما يبدو غربيا، فإن النسيج هندي خالص.

ويعد هذا الساري حلا مناسبا لمن يفتقرن إلى القدرة على لفه. يشرح سابياساتشي: «من الممكن أن يعوق الساري القدرة على الحركة بعض الشيء حال ارتدائه يوميا.

 ومع ذلك، يبقى الرداء الأفضل في العالم. وما حاولت عمله هو مجرد الابتكار وإضفاء طابع معاصر عليه يجعله أكثر عملية».

وأضاف: «الساري هو البديل الذي أطرحه للفساتين»، مشيرا إلى أن الطابع الهندي بات مهيمنا على موسم الموضة الجديدة، ويعد الساري رمزا لهذا.

في المقابل، لا يزال هناك فريق من أنصار الإبقاء على الساري من دون تغيير، حيث يبدون قناعتهم بأن الابتكارات التي أدخلت عليه مؤخرا لن تدوم طويلا.

من بين هؤلاء المصممة أندورادها فاكيل، التي تتخذ من أحمد آباد مقرا لها، حيث قالت: «تساعد الابتكارات الارتجالية في اجتذاب قطاع عريض من العملاء، لكنني أشك في قدرتها على البقاء».

في الوقت الذي ربما يصب التقليديون جام غضبهم على التنويعات الجديدة للساري، تبقى الحقيقة أن هذا الرداء يحمل إمكانية استخدامه في صور متنوعة ويحق للمصممين الابتكار في صوره كيفما شاءوا.

خلال عرض ربيع وصيف 2009 الذي قدمه في لوس أنجليس، قرر المصمم رافي باجاج المزج بين الساري وتصميمات يابانية تقليدية، وربما يكون أول مصمم ينتهج هذا النهج.

وأوضح رافي أن التصميمات التي ابتكرها موجهة بصورة أساسية نحو الأسواق الأجنبية، بما فيها الهنديات اللواتي يعشن في الخارج وغير معتادات على لف الساري.

من جانبهما، قدم كل من تارون تاهيلياني وماسابا غوبتا خلال «أسبوع ويلز لايف ستايل للموضة» في الهند مؤخرا تصميمات شبابية للساري، قال عنها تاهيلياني: «يمكن استخدام أحزمة فوق الساري حتى يبرز الخصر ويبدو جذابا ويضفي على المظهر أناقة وشبابا وإطلالة يونانية».

واستطرد تاهيلياني الذي تولى تصميم فستان زفاف نجمة بوليوود شيلبا شيتي، قائلا إن «أنماط الملبس الهندية واليونانية متشابهة للغاية.

وعادة ما كانت اليونانيات ترتدين أحزمة حول الخصر. وعليه، فإن إضافة الأحزمة إلى الساري تجعله يبدو مزيجا من تصميم هندي – غربي».

بدورها، قدمت المصممة ماسابا غوبتا تصميمات من الساري بدت ملائمة تماما للحياة اليومية بالنسبة إلى الشابات أو النساء العاشقات للمغامرة.

 وتميزت بشرائط سوداء وبيضاء وأطراف خضراء اللون، علاوة على إضافة جيوب إلى الساري مما زاد من سمكه على نحو ملحوظ.

وقالت غوبتا: «في معظم الوقت، يتمنى النساء اللائي يرتدين الساري وجود جيب له للاحتفاظ بأحمر شفاه فيه.

لذا رأيت أنها فكرة مثيرة وشرعت في تنفيذها. وعليه، أضفت إلى تصميم الساري جيبا للاحتفاظ بالأمور الأساسية التي تحتاج إليها المرأة، مثل الهاتف الجوال والحافظة وأحمر الشفاه».